شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
اثنينية الخوجه..
عطاء فكري من أجل الوطن (1) !!
بقلم: أحمد حامد الغامدي
.. قدّر لي أن أكون أحد الذين حضروا اثنينية الوجيه عبد المقصود خوجه التي استضاف فيها عملاق الشعر العربي محمد مهدي الجواهري، وكان ذلك لأول مرة في حياتي، وكان معي الصديق الأستاذ علي بن صالح السلوك الذي كان وجوده في جدة من أجل العناية بكتابه القيّم (الموروث الشعبي لبلاد غامد وزهران) في مطابع دار العلم، ويبدو أننا بكرنا في الحضور، لكن ذلك كان بمثابة الفرصة الذهبية التي تعرَّفنا فيها إلى صاحب الاثنينية، وقد بادرناه بالاعتذار عن الحضور بدون دعوة طمعاً في سماع الجواهري، فما كان منه إلا أن أشعرنا بامتنانه لمجيئنا، مشيراً إلى أن صالونه الأدبي يستمد وهجه وتوهجه من حضور المهتمين بالثقافة، وهو في الأساس منهم ولهم، ولأن حضور الناس لم يكن قد بدأ فقد كانت الساعة التي قضيناها معه عبارة عن مدرسة في الأخلاق الفاضلة، والأريحية المتميزة التي كانت نابعة من تمسُّك الرجل بالقيم والمثل الموروثة عن أسلافنا الذين قامت حياتهم على المروءة والأصالة المؤطرة بتعاليم الإسلام الحنيف!!
.. لقد كان الوجيه عبد المقصود خوجه يتمتع برحابة صدر وطيب معشر لا أجانب الحقيقة عندما أقول إنهما يكادان ينعدمان في هذه الحقبة من الزمن في خضم صخب الحياة واندفاع تيارها إلى الحد الذي يبعث على القلق، وقد استرعى انتباهي أنه شديد الحفاوة بوالدته حيث اتصل بها مرتين خلال ساعة واحدة ليطمئن عليها ويسأل عن مدى راحتها في تعلّق الأبرار وشوق المحبين.. فإذا كان ذلك قد حدث وهو يتصدى لمناسبة تشغله ووالدته على علم بها، فما بالكم برعايته لها في أوقات فراغه ـ مثلاً ـ؟!
ولم لا يكون الخوجه عظيماً موفقاً، وبعض الآباء والأمهات يئنون في الأربطة ودور العجزة على الرغم من مقدرة أبنائهم على الاعتناء الفائق بهم.. فضلاً عن توفير أدنى معدلات العيش الكريم لهم؟!
.. وبعد المقابلة اللطيفة من لدن مضيفنا الكبير، تمكنت في صالونه الأدبي من الالتقاء بنخبة من الأصدقاء القدامى الذين باعدت الحياة بيني وبينهم وهم الأساتذة أحمد محمد محمود، عبد الفتاح أبو مدين، علي محمد الرابغي، أحمد العمير، وكلهم أستاذ وزميل عمل لسنوات طوال من حياتي، وتعرفت على نخبة من رجال الحرف والكلمة، وكلهم يتجلى اللطف من تعاملهم على طريقة: (وكل إناء بالذي فيه ينضح)!!
.. ثم أفضت بنا الاثنينية التي عقدت قبل أسبوع إلى بيت القصيد، أعني الإنصات إلى ذلكم العبقري الذي ألهب أكف الحاضرين بالتصفيق لما ينساب من شفتيه من درر تعد من الإبداع في القمة، حيث عجزت السنون الخمس والتسعون من عمره المديد وما حفلت به من تقلبات ربما وصلت إلى حدود المأساوية تحت وطأة الحكومات الظالمة المستبدة، عن أن توقف تدفق نهر الشعر في داخل الجواهري، وهذا ما استنتجته من متابعي الشاعر الكبير، وقد حق لي أن أشعر بالاعتزاز لأني شهدت هذه المناسبة الفكرية المتميزة.. وأي مناسبة تفوق أمسيات الفكر والثقافة التي ينتظم عقدها في صالون الوجيه عبد المقصود خوجه؟!
.. ولعلّ ما يؤسف له ـ حقيقة ـ أن هناك من تُزكم أنوفهم من توهج اثنينية الوجيه الخوجه، فتطفو رائحة آلامهم على صفحات بعض الصحف التي لا تتورع عن إفساح المجال لأقلام أولئك المرضى لينالوا من الأعمال النبيلة وكأنها من نواقض الوضوء.. وقد نسي هؤلاء أن الوطن العربي قد شهد نماذج مضيئة من الصوالين الفكرية، وفي طليعتها صالون مي زيادة، وصالون الرفاعي وثلوثية الطيب وغيرها.. ولا نجانب الواقع عندما نقول إن صالون الوجيه خوجه لا يعدو أن يكون أحد أوجه التعبير عن حب الوطن الذي يعمر فؤاد عبد المقصود خوجه، ومع أن لمحبته أوجهاً أخرى لا نعلمها ولا يحسن أن نجتهد في البحث عنها إلا أنه أحسن اختيار المجال الذي يترجم من خلاله إخلاصه لوطنه بأسلوب واضح للعيان!!
.. لكم نحن في حاجة لمن يعطي وطن الأمن والأمان والاستقرار شيئاً مماثلاً لما يعطيه عبد المقصود خوجه، لأن للوطن حقاً يفوق الحقوق الذاتية الضيقة للإنسان المتقوقع والمنغلق والأناني!!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :408  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 17 من 203
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.