شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
توضيح ((النبطي)) فيما كتب عني جلال أبو زيد (1)
بقلم: أبو تراب الظاهري
قال أبو تراب:
من مزايا (( اثنينية )) (خوجه) أن هذا الفتى الشيخ عبد المقصود يُحسن مرى الأضياف فيها، وبوأها كنفاً رحباً، وجعل لها من الفرش الأوطأ، ومن الطعام الأهنأ، ومن الشراب الأعذب والأمرأ، وينزل الروَّاد في أمرع جناب، وأمرج إخصاب.
وما عساه يبتغي من وراء ذلك إلا أن يرتفع حيث العلم والأدب، يستشعر المتأدبون بأنهم ليسوا زبداً رابياً يطفو ثم يضمحل، ولا فقاقيع سيل تريك حجماً وهي خواء.
وفي إحدى هذه (( الاثنينيات )) سأل سائل بالشعر النبطي، بمصدره أباً للعراق أم بالشام، وكان للصديق الفاضل الأديب اللامع الأستاذ عاتق البلادي كلام حول المسالة، وللمسائل كلام آخر، وحسن بي التدخل في صلب المناقشة، فكان أن قلت:
الشعر النبطي لا يختص به قوم دون آخرين، فهو عراقي شامي تهامي نجدي يمني وهلُمَّ جرّا، لأنه من نبط الركية وأنبطها واستنبطها وتنبطها بمعنى أماهها، وكل ما أظهر بعد خفاء فقد أنبط واستنبط، على صيغة المجهول.
والأنباط هم أهل الفلاحة والزراعة والحراثة، يستخرجون المياه ويزاولون مهنهم، وأطلق هذا اللفظ على جيل من العراقين لهذه المناسبة ولا يختصون به، لأن النبط هو الظهور والنبوع، لذلك أطلق على ماء البئر أول ما يظهر، والذين يزاولون أنباطه نبيط في أي بقاع الأرض كانوا، والنسبة إليهم نبطي ونباط، ومن تشبه بهم قيل له: تنبط أي تنسب إليهم، وإذا استخرج المرء الكلام قيل: انتبط كما قال رؤوبة:
يكفيك أثري القول وانتباطي
عوار ما لم ترم بالإسقاط
والشعر النبطي من هذا الاشتقاق ومنسوب إلى أهل البادية حيثما كان!
قال أبو تراب:
دندنت حول هذا الكلام، وكأنه أعجب صحافياً بارعاً ذا نكتة وأملوحة، هو الأستاذ جلال أبو زيد، ربطتني به الزمالة في الصحافة، منذ قديم، وهو فيها وجه مسفر، فرأيته يحرر ما قلت بأسلوبه، ثم نشره في ((الندوة)) فخرج كلامي من سنة قلمه ملوى المعجر، كأنه ليس لي، وإن كان أراد صاحبه أن يكون وشياً مخيفاً، وبرداً مفوفاً، فأحببت أن أحرره ببراعتي لعلّه يقع موقع الاصطفاء والاجتباء، لاشتماله على تصحيح مفهوم لاث في تضاعيف معارف كثير من الناس، يظنون الشعر النبطي منسوباً إلى نبط العراقين، وليس كذلك، ففي العراق كان نبط، وفي البحرين أيضاً كان نبط، وكل أهل البادية يصح أن يقال لهم: نبط، فالشعر النبطي هو شعر أهل البادية الذي يدخله اللحن وهو موزون مقفى بالشعر البدوي. وزعم أن تسميته بالشعر النبطي لا أصل لها، وسألني ماذا تعني كلمة ((النبط))؟
وكان في المجلس الشاعر المفلق المبدع البارع مؤرج عبير القريض الأستاذ محمد حسن فقي، فقال: الظاهر أنهم عرب البادية، والأنباط منهم. فقلت: نعم، هم أخلاط من العرب، عملهم الفلاحة، ومساكنهم مضارب البدو، لا ينتمون إلى قبيلة معينة، فهم قبائل شتى، فكل شعر جاء على غير نهج الفصحى نسب إلى هذه اللفظة، لأنها تعني الظهور بعد الخفاء في أصل اشتقاق الكلمة، وكذلك الشعر العربي الفصيح مختلط ظاهر نابع نبوع ماء البئر بعد الخفاء، منسوب إلى كل من يمارس هذا العمل منهم، وهم نبيط ومنسوبه نبطي إلى نبط أو نبيط لأن فعيلا نسبته فعلى كما قال ابن مالك في الألفية في فعيلة (وفعلى في فعيلة التزم).
قال أبو تراب:
ويدلك على ما ذهب إليه نص المعجم الوسيط الذي أخرجه مجمع اللغة العربية بالقاهرة، وهو: الأنباط المشتغلون بالزراعة. واستعمل الأنباط أخيراً في أخلاط الناس من غير العرب. وكلمة نبطية أي عامية. قال أبو تراب: وهذا هو الذي نقوله، فالنبط يطلق على الأخلاط والعامة من الناس وأهل البادية وهم عوام الناس المختلطون، فالشعر النبطي ومأتاه منهم يعني الشعر العامي المختلط بين التقيد بالوزن والقافية وبين التفلت من الأعراب وتصريف الصيغ.
وفي معجم متن اللغة لأحمد رضا: استعمل هذا اللفظ في أخلاط الناس وعامتهم؛ وفي محيط المحيط للبستاني: النبط جيل من العجم سموا بذلك لكثرة النبط عندهم وهو الماء، لأنهم نزلوا هناك، هذا أصله ثم استعمل هذا اللفظ في أخلاط الناس وعوامهم، وفيه قيل: كلمة نبطية أي عامية.
في أساس البلاغة للزمخشري: قال خالد لابن تعبيلة: أعربٌ أنتم أم نبيط فقال: عرب استنبطنا، ونبيط استعربنا، ومنه قول أبي العلاء:
استنبط العرب في المواعي
بعدك واستغرب النبيط
وبذلك ثبت أن الاستنباط ليس مخصوصاً يقوم ولا ضبط وبالله المستعان.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :377  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 12 من 203
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

سوانح وآراء

[في الأدب والأدباء: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج