شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أنا والشيخ عثمان (1)
بقلم: أ.د. محمّد بن سعد بن حسَين
عندما يقرأ القارئ هذا العنوان سيرقب حديثاً مني عما يربطنا بالشيخ عثمان الصالح من روابط طيبة وما نلتقي فيه وما قد نفترق فيه إن وجد. لكني لن أتحدث عن شيء من ذلك لا استهانة به ولا عن عدم اعتزاز به لكوني قد أكون ادخرت ذلك لحديث عن السيرة التربوية للشيخ عثمان.
أما حديثي هذا فعن تلك الإلتفافة الكريمة التي وردت في كلمة للشيخ عثمان في صحيفة المسائية في عدد سلف منذ أيام.
وإني إذ أنقل لك أيها القارئ بعضاً من عبارات الشيخ التي وصفني فيها بما أرجو أن يكون قد تحقق لي ولو يسير منه، والتي أشكر حسن ظنه فيها، إنما أنقلها لك لتتبين ما أوجب علي التعليق عليها شاكراً للشيخ حسن ظنه مقدراً نبل ما يدعو إليه، وهو رجل التربية والتعليم والمعالجات الاجتماعية التي يطالعنا بها كل حين على صفحات الصحف والمجلات إسهاماً منه في خدمة هذا المجتمع.
يقول الشيخ عثمان (((والحسين)) كأديب وناقد ومؤلف ـ أيضاً ـ له مجالات في الأدب تذكر له، وصوت مسموع في النوادي يشكر عليه، وحضور فعّال في المجتمعات الأدبية والمؤتمرات التجمعية يجب أن نشكره ونذكره، وهو في كل هذا عامل، وفي كل مجتمع قائل.. هذا قبل وصوله إلى المعاش، إذن فالمطلوب منه الآن كثير، بل مضاعف والأمل فيه كبيراً أن يكون مع أدبه ونقده رائداً في مجتمعاتنا، ذلك أن العلم المحمول يجب أن يكون مبذولاً وعلى أديبنا ـ الحسين ـ أن يكون ناقداً أديباً كناثر وشاعر له في هذين أقوال وأفعال فهذا دوره، والعلم لا يفيد ولا يجدي إذا لم يبذل ومن مثل الحسين الذي تفرغ للكلمة المقولة المعقولة والفكرة المقبولة، والانتقادات العادلة، وليته يكون محيياً لسابقيه وأوليه من أدبائنا وعلمائنا السالفين ليجعل من يومه ساعة يجلس فيها ويخصصها للبحث والتنقيب والإرشاد والتوجيه ليكون مرشداً في تخصصه ومعلماً في نقده وأدبه، معطياً كل طالب للأدب، أو خائض فيه جل طلبه، فله في الشعر بيان، وفي النثر لسان، وشبابه واضح فكراً وجسماً، ناضج وعياً وعلماً، فهل لهذا الاقتراح لدى أديبنا الناقد قبول وهو المتخصص كان وما زال أديباً وناقداً وشاعراً بارعاً.. هذا ما سننتظره يا أديبنا الدكتور).
ومع تأكيدي ما وعدت به من وجوب تلبيتي هذه الدعوة من الشيخ، وإن شئت فسمِّها أمراً، مع تأكيدي وجوب ذلك وعزمي عليه، إلا أني أود التنبيه أولاً على أني لم أبرح ميدان العمل في الجامعة. وهو عمل مع ضخامة مسؤولياته لم يحجب ـ والحمد لله ـ القدرة على القيام بواجب الإسهام في حياتنا الفكرية خارج الجامعة.
ثم أجدها فرصة مواتية للحديث عن بعض الندوات التي تقام في مجتمعنا بخاصة الندوات التي دعيت إلى حضورها، فأسعدني حضور بعض أمسياتها وذلك لما لها علينا من واجب الذكر والثناء لكونها تقدم إسهامات جليلة وتسد ثغرات طالما ألمنا وجودها. وأعترف ـ بادئ ذي بدء ـ أني مقصر في حق تلك الندوات من ناحية المداومة على حضورها. ولكن هل كانت هناك ندوات قبل هذا الزمن؟
في الماضي كانت مجالس أسلافنا الأدبية أشبه بما نسميه الآن الندوات أو المنتديات سمِّها ما شئت، فلقد كانت لهم لقاءات بعد المغرب يتذاكرون فيها ما يقرؤون، وقد يفضي بهم الحديث إلى مذاكرة بعض الأشعار وإن كانت في الغالب من العامي، إلى ما يطرقونه من حديث عن أخبار الأولين والآخرين.
ثم انطوت تلك المجالس نتيجة التحولات الاجتماعية التي غشيت مجتمعنا وأكثرها تأثيراً على تلك المجالس: الحركة السريعة في التنقلات بين المدن والقرى إلى ما كان من اتساع سريع متصل في المدن وارتحال من حي إلى حي إلى ما صحب ذلك من حركة دائمة دائبة في كل اتجاه نتيجة للطفرة المفاجئة.
ثم بدأ إحياء تلك المجالس من جديد وإن لم تكن على النحو الذي كانت عليه مجالس الآباء والأجداد على أن لكل من الأسلوبين تميزه.. وإني لمشير هنا إلى بعض من تلك الندوات التي قامت في أخريات هذا العصر، أي في أواخر القرن الرابع عشر للهجرة، وفي مطلع هذا القرن الخامس عشر للهجرة.
1 ـ وأولى تلك الندوات التي دعيت إلى حضورها ندوة الأستاذ عبد العزيز الرفاعي وأحسبها أقدم ما أقيم في مدينة الرياض من ندوات، وهي ندوة تجمع لفيفاً من رجال الفكر في بلادنا، ويغشاها كثيرون من الوافدين على هذه البلاد للعمل أو الزيارة.
وتدور في جلسات هذه الندوة أحاديث منوّعة في أشتات من أبواب المعرفة، غير أن الأدب هو صاحب النصيب الأوفر، وللإبداع في هذا النصيب (حظ الأسد) كما يقولون.
ومن سمات أهل الإبداع في هذه الندوة رحابة الصدور لما قد يوجه من نقد لأعمالهم. وهذا ما أكسب الندوة مزيداً من الاحترام والإقبال. ومن مميزات هذه الندوة ـ أيضاً ـ أن صاحبها الأستاذ عبد العزيز يعمد دائماً إلى فتح باب النقاش في قضية ما، ثم يدع الحديث لغيره حتى إذا أخذت القضية نصيبها وكفى، بل يعلّق ويوجه ويستدرك مسهماً فيما يدور من نقاش، لكنه لا يحاول فرض رأي أو مصادرته بل يحترم آراء الآخرين ويطرح رأيه تاركاً لرواد الندوة الحكم؛ حتى إذا أزف الترحل استنهض الشعراء وهكذا.
وترحل الندوة مع صاحبها إلى حيث يرحل إلى جدة أو إلى غيرها ولا تزال قائمة..
2 ـ ندوة الأستاذ عبد المقصود خوجه.
تتميز هذه الندوة بطابع خاص أراده لها صاحبها وهو أن كل أمسية منها تقوم على موضوع واحد هو الحديث عن شخصية واحدة تكون المكرمة في تلك الأمسية. فيفتتح صاحب الندوة الحديث عن المحتفى به، وقد يطرق من الموضوعات ما له صلة بالفكر بعامة، ثم يدع مكبر الصوت للمعرف بالمحتفى به، ثم للمتحدثين، وتسجل تلك الأحاديث التي بدأ في تفريغها ثم طباعتها، وقد صدر منها المجلد الأول ومنها أربعة مجلدات في الطريق، وقد أسند مهمة تفريغها ومراجعتها حتى صدورها إلى شاعر من أبرز روّاد الندوة وهو الأستاذ أحمد باعطب الذي كان من شعراء ندوة الرفاعي قبل أن ينتقل إلى جدة، وأحسب مجلدات هذه الندوة ستكون مرجعاً جيداً لمن يبحث في فكر أمتنا وبخاصة في سير أولئك المحتفى بهم، وما يتصل بتخصصهم وإسهاماتهم العلمية والعملية.. ولم تقصر اثنينية الأستاذ عبد المقصود خوجه احتفاءها على أبناء هذه البلاد، بل طعَّمتها باستضافة بعض من رجال الفكر من خارج البلاد ولا تزال هذه الاثنينية متصلة.
3 ـ ندوة اللواء الدكتور أنور ماجد عشقي.
تتميز هذه الندوة بطابع فكري ذي صبغة دينية حيث تفتتح بتلاوة من الكتاب العزيز، ثم يتبع ذلك حديث من صاحبها يدور حول قضية دينية ليسري الحديث بعد ذلك في رياض تلك القضية وحواشيها، وقد ينتقل إلى قضايا أخرى، بل إن الأحاديث تجر إلى كثير من القضايا الدينية بخاصة والفكرية بعامة وقد تعرج على الأدب.
وروّاد هذه الندوة جماعة من رجال الفكر من ذوي الاهتمامات الدينية بخاصة.
4 ـ ندوة الأستاذ تركي بن خالد السديري أحسبها حديثة الوجود إذا قيست بندوة الأستاذ عبد العزيز الرفاعي، وفيها تطرق موضوعات فكرية منوّعة، غير أنها تتسم بالطابع السياسي في الغالب ولصاحبها في الحديث سهم توجيهي حسن، ويغشاها لفيف من ذوي الثقافات المنوّعة.
5 ـ ندوة الطيب: وهي ندوة يقيمها محمد الطيب، وهي ذات طابع عام، وإن كان للتجارة والاقتصاد فيها السهم الأوفر بحسب ما بدا لي وإن كانت تأخذ نصيبها من القضايا الأخرى ولكن بقدر.
هذه بعض من الندوات الفكرية التي تقام في بلادنا، وقد تجر مناسبة أخرى للحديث عن الندوات الأخرى إن شاء الله.
ثم إني لم أتحدث عن أصحاب تلك الندوات، وهذا تقصير مني في حقهم وحق إسهاماتهم في حركة الفكر في بلادنا، غير أن مثل هذا الحديث قد تكون له مناسبة يحسن فيها وإن كان حسناً في كل مناسبة ثم إنهم من الناحية الأخرى معروفون عند كل متابع لحركة الفكر في هذه البلاد وكما يقولون (المعرفة لا تعرف).
وأعود إلى حيث بدأت الحديث إلى الشيخ عثمان الصالح فأقول له مجدداً ومؤكداً ـ حباً وكرامة ـ يا شيخنا ستقوم الندوة التي أمليت رغبتها، ولكن لظروف شخصية تأخرت بعضاً من الوقت إلا أنه لن يطول، إن شاء الله وأرجو أن يكون ذلك بعد أشهر معدودة، فليس لنا بد من الاستجابة لدعوة الشيخ، إلى كونها رغبة في النفس تكاسلت عن تحقيقها ولم أنم.
أخيراً أجدد تحيتي للشيخ عثمان الصالح الذي أسهم بعمله التربوي والاجتماعي في نهضة بلادنا التي لا يعفي أي واحد منا من أن يضرب بسهمه في خدمتها إخلاصاً ووفاء وأداء للواجب الذي لا يعذر في أدائه أحد.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :433  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 13 من 203
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج