شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ـ 15 ـ (1)
اشتهرت بعض الحيوانات الأليفة ببعض الخلال النادرة المفتقدة.. ومن زمن ما عرف عن وفاء الكلب لصاحبه صفة ممتازة لاصقة به.. حتى لقد ضرب المثل بها كقولهم أوفى من الكلب لسيده.. وكقول الشاعر ابن الرومي يخاطب ممدوحه.. بصدر بيته المعروف.
أنت كالكلب في الوفاء!
وعناية العرب بكلاب الحراسة.. وبكلاب الصيد حفلت بها المسير.. واستفاض بها التاريخ.. استئناساً وألفة تشرق بهما العلاقة معنى إنسانياً.. حيوانياً رائع الصفحات عميق الأثر والمغزى..
ويحكى أن بعض الكتّاب الرحالين مر بمقبرة.. فإذا قبر مكتوب عليه.. هذا قبر الكلب فمن أحب أن يعلم خبره فليمض إلى قرية كذا.. وكذا.. فإن فيها من يخبره.. فسأل الرجل عن القرية فدلوه عليها.. فقصدها.. فقيل له ما يعلم ذلك إلا شيخ هنا قد جاوز المائة سنة.. فسأله.. فقال: كان هنا والٍ عظيم الشأن.. وكان يحب التنزه والصبر.. وكان له كلب قد رثاه لا يفارقه أبداً..
وخرج الوالي يوماً إلى بعض منتزهاته وقال لبعض غلمانه.. قل للطباخ يصلح لنا ثريدة بلبن.. فجاؤوا باللبن إلى الطباخ.. وقد نسي أن يغطيه بشيء.. واشتغل بالطبخ.. فخرجت من بعض الشقوق أفعى فكرعت في ذلك اللبن ومجته في الثريدة.. هذا.. والكلب رابض يرى ذلك ولكنه لم يجد له حيلة يصل بها إلى الأفعى.. وكانت هناك.. كذلك.. جارية زمنية خرساء قد رأت أيضاً ما صنعته الأفعى!..
ووافى الوالي من الصيد آخر النهار.. فقال: يا غلمان أدركوني بالثريدة.. فلما وضعت بين يديه أومأت الجارية الخرساء فلم يفهم ما تقول.. ونبح الكلب.. وصاح.. فلم يلتفت إليه.. ولكن الكلب بح في الصياح والنباح.. فلم يعلم مراده.. بل قال صاحبه الوالي للغلمان.. نحوه عني.. ومد يده إلى اللبن بعدما رمى إلى الكلب ما كان يرمي إليه عادة.. فلم يلتفت الكلب إلى شيء من ذلك.. ولم يلتفت إلى غير سيده.. فلما رآه يريد أن يضع اللقمة من اللبن في فمه.. وثب الكلب إلى وسط المائدة وأدخل فمه.. وكرع في اللبن.. فسقط ميتاً وتناثر لحمه.. وبقي سيده متعجباً من الكلب ومن فعله.. فأومأت الخرساء إليهم.. فعرفوا حينذاك مرادها.. وفهموا صنيع الكلب.. ومقدار تضحيته النبيلة..
حينذاك.. قال سيده لحاشيته.. هذا الكلب فداني بنفسه وقد وجب أن أكافئه بنفسي.. فما يحمله ويدفنه غيري.. أنا..
فدفنه.. ها هنا.. ووضع تذكار التقدير الذي تراه.. ويراه سواك!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :834  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 68 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

محمد عبد الصمد فدا

[سابق عصره: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج