شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ـ 9 ـ (1)
ومن مزايا المؤمن الصادق الصبر على المكاره.. والجلد عند الشدائد.. والاستعانة بذكر الله.. وبالإيمان به على ما تأتي به الأيام من فقد مؤلم.. أو حادث مكرب.. أو مصيبة لا تطاق..
ولقد قيل من قبل إن الهموم التي تعرض للقلوب كفارات للذنوب.. وسمع حكيم رجلاً يقول لآخر.. لا رأيت مكروهاً.. فقال كأنك دعوت عليه بالموت.. فإن صاحب الدنيا لا بد وأن يرى مكروهاً فيها..
وتقول العرب.. ويل أهون من ويلين.
ومما يسلي في هذا الباب رغم اسوداد إطاره.. أن مغنياً تزوّج بنائحة.. فسمعها يوماً تقول.. اللَّهم أوسع لنا في الرزق.. فقال لها.. يا هذه.. إنما الدنيا فرح وحزن.. وقد أخذنا بطرفيْ ذلك.. فإن كان فرح دعوني له.. وإن كان حزن دعوك إليه..
ولا شك أن الحوادث الممضّة مكسبة لحظوظ جليلة.. إما ثواب مدخر.. أو تطهير من ذنب.. أو تنبيه من غفلة.. أو تعريف لقدر النعمة.. وقال أبو بكر الخوارزمي.. لمعزول.. الحمد لله الذي ابتلى في الصغير.. وهو الحال.. وعافى في الكبير.. وهو الحال.. وأنشد:
ولا عار إن زالت عن الحر نعمة
ولكن عاراً أن يزول التحمل
والحياة كما يقول شوقي.. في عجز بيت له.. على جانبها الأسى والطرب.. وفي ذلك كله من جانب تصويراً لجلد المؤمن الصادق الصابر الصبور.. ومن جانب تأييداً لمثلنا الشعبي القائل.. مين شاف بلاوي غيره هانت عليه بلواه.. يحكى:
يحكى أن عروة بن الزبير عندما خرج إلى الوليد بن يزيد وطئ عظماً وهو في طريقه إليه.. فما إن وصل إلى دمشق حتى بلغ به الألم كل مذهب.. فجمع له الوليد الأطباء.. فاجتمع رأيهم على قطع رجله.. وقالوا له اشرب مرقداً ـ ما مقابل البنج الآن ـ فقال ما أحب أن أغفل عن ذكر الله تعالى.. فأحمي له المنشار وقطعت رجله.. فقال ضعوها بين يدي.. ولم يتوجع.. ثم قال.. لئن كنت قد ابتليت في عضو.. فقد عوفيت في أعضاء.. فبينما هو كذلك إذ أتاه خبر ولده أنه اطلع من سطح على دواب الوليد فسقط بينها.. فمات.. فقال الحمد لله على كل حال لئن أخذت واحداً لقد أبقيت جماعة..
وصادف في هذه الأثناء أن قدم على الوليد وفد من عبس.. وفيهم شيخ ضرير.. فسأله عن حاله وسبب ذهاب بصره.. فقال خرجت مع رفقة مسافرين ومعي مال وعيال.. ولا أعلم عبسياً يزيد ماله عن مالي.. ففرشنا في بطن واد.. فطرقنا سيل فذهب ما كان لي من أهل ومال وولد غير صبي صغير وبعير.. فشرد البعير فوضعت الصغير على الأرض ومضيت فرجعت إليه فإذا رأس الذئب في بطنه وهو يأكل فيه.. فرجعت إلى البعير فحطم وجهي برجليه فذهبت عيناي.. فأصبحت.. كما ترى بلا عينين.. وبلا ولد.. وبلا مال.. وبلا أهل..
فقال الوليد عند ذلك:
اذهبوا به إلى عروة.. ليعلم أن في الدنيا من هو أعظم مصيبة منه!!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :834  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 62 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

زمن لصباح القلب

[( شعر ): 1998]

الأربعون

[( شعر ): 2000]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج