شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
وقفة وحوار مع النقيدان (1)
أريد أن أختم حواري مع الأخ منصور النقيدان - عما ورد في مجمل مقالته (الرياض، 17/5/1424هـ) والتي يمكن وصفها بأنها لا تقل تشدداً وتطرفاً عما يكتبه الآخرون في الضفة المحاذية وهي تزيد على نظرائها أو مناوئيها - على حد سواء - بأن كاتبها يخلط فيها خلطاً عجيباً في أمور يصعب الخلط في شأنها إن كان أخونا الكريم ممن يسعون - حقاً - لإيجاد حوار هادىء وموضوعي - وفيها انتقاص من منزلة نبي الإسلام - عليه صلاة الله وسلامه - وهو أمر مستغرب - إن وجدناه في صحافتنا العربية - فضلاً عن أن نعثر عليه بين سطور مقالة كاتب لم يضاره هو - وقلة معه - الإسلام في شيء، ولكن الذي أدى به - إلى ذلك - كما ذكر صاحب الرؤية الموضوعية والأفق الواسع، واللسان العف والمهذب - الأستاذ (خالد بن حمد السليمان) في صحيفة عكاظ (2/6/1424هـ) بأن حمله لشعلة الإحراق أدى إلى عدم قدرته لحمل شعلة الكلمة، فانضواء أخينا - في الماضي - تحت عباءة التشدد، وارتماؤه في أحضان الفكر الآحادي والمتشدد أدى به إلى عدم قدرته على حيازة ثقة بيئته الأصيلة - في الفكر - فانطلق منها إلى بيئة أكثر تشدداً، تلك البيئة التي ظنها صلبة فإذا هي رخوة تهوي بأقدام من يخطو عليها، فغاصت الأقدام بهم في وحلها، ورمتهم رياحها العاتية وأعاصيرها القاتلة في جزر من الأيدلوجية النائية والغريبة.
يمتلىء القرآن - كتاب الله ووحيه المنزل على خاتم رسله وسيد ولد آدم لا فخر محمد بن عبد الله - عليه صلاة الله وسلامه - بآيات هي أوامر إلهية لأتباع هذا الدين - كافة - فهذا الوحي يطلب من المسلمين ألا ينقضوا عهداً مع المشركين - وهم يا أخي ليسوا كتابيين - حيث أردت عمداً أن توهم - القارىء - بأن الإسلام متسامح فقط مع أهل الديانات الأخرى والمشركون في ذلك العصر وأنت تعرف ذلك - حقاً - لا يتبعون دينا من الأديان.
يقول الله عز وجل بعد أمره بتبرؤ الرسول من المشركين الذين ينقضون العهود إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (التوبة، آية 4). فهذا أمر صريح بأن يوفي الرسول ومن معه - مع المشركين الذين لم ينقضوا العهد، ولم يعينوا عليهم أحداً من أعدائهم، فالله عز وجل يحب المتقين لربهم الموفين لعهودهم، ولو كان هذا الكلام - يا أخي صادراً من مرجعية غربية لهلل له المتشددون من اليساريين العرب ولطاروا به فرحاً، ولترجع إلى عهود (الغرب) مع (العرب) في هذا العصر المكتوب منها والشفهي، الرسمي منها وغير الرسمي، فهل أنت واجد لهم عهداً وذمة أم أننا واجدون الضد والنقيض من ذلك، تاركاً الحكم لك بنزاهة وموضوعية.
وكأن شبهة القول حول مبادىء الإسلام الصحيحة - تجنياً - هو ما يسعى إليه بعضنا سائلين الله لنا ولهم العفو والمغفرة - فهذا حال المؤمن مع إخوانه وكأن الحديث - يا عزيزي - عن نقائص الحضارة الغربية - يدخل في باب المحظورات أو المنكرات، فما الفرق بينهم وبين من ينتقدون في مقالاتهم بمناسبة وغير مناسبة بعض الزعامات السياسية العربية في الماضي والحاضر؟؟
ونسير مع هذه الآيات البينات في هذه السورة القرآنية الكريمة فنجد أن القرآن - أصل التشريع عند المسلمين - يأمر أتباعه على لسان نبيه ومصطفاه - صلى الله عليه وسلم - بتأمين من طلب الأمان (من المشركين)، ثم إيصاله إلى وطنه سالماً آمناً بعد سماعه كلام الله... يقول - عز وجل وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ (التوبة - 6)، واطلب منك يا أخي أن تقارن بين هذا السمو الحقيقي والعظمة الإنسانية المتجسدة في سلوك المسلمين مع من أخرجوهم من ديارهم، وآذوهم في أهلهم، وحاصروهم في بيوتهم، حتى إذا أظهر الله نبيه عليهم - كان النبي في سلوكه محققاً لهذا المنهج القرآني العظيم، حيث خاطب الرسول بني قومه يوم الفتح قائلاً: اذهبوا فأنتم الطلقاء ( ) وأكرم الرجل الذي لاكت زوجته كبد عمه سيدنا حمزة بن عبد المطلب - رضي الله عنه - وهو أبو سفيان - رضي الله عنه - والذي أسلم يوم الفتح، لقد أكرمه - حقاً - فقال في حقه (من دخل دار أبي سفيان فهو آمن) أن تقارن بين هذا السلوك الإنساني وسواه عند الأمم الأخرى؟ ولقد وردت في مقالتك يا أخي عبارات تضج منها السموات والأرضون - فأنت تصف موقف الشريعة الإسلامية وموقف نبيها صلى الله عليه وسلم من حرية التعبير بأنه لم يكن (إلا تزييفاً) وأضع الكلمة الأخيرة بين (قوسين) لأنها وردت هكذا في مقالك ولا يمكن حملها على أنها مما يدخل في باب الخطأ المطبعي، وأما ما هو منثور بين السطور فالله وحده هو المطلع على أسراب القلوب وهو الذي يحاسب عليه ونسأله للجميع الهداية وسواء السبيل.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :582  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 417 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

ترجمة حياة محمد حسن فقي

[السنوات الأولى: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج