شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحالة الفكرية في الحجاز في القرن الثاني عشر الهجري (1) (3)
الحلقة الأولى
لا يمكننا تقييم الحركة الفكرية والأدبية، في الحجاز، في القرن الثاني عشر الهجري بعيداً عن البيئة الثقافية السائدة في معظم أنحاء العالم العربي والإسلامي أو الجزيرة العربية على نطاق أقرب؛ وذلك لعاملين أساسيين:
أحدهما: إن الحجاز كان يعتبر بالنسبة للخلافة العثمانية مركز الثقل الذي تستمد منه سلطتها الروحية - على تلك البقاع المترامية، والتي يوحد الدين بين منازعها واتجاهاتها، حتى في تلك الظروف السيئة التي انساقت إليها الخلافة؛ بسبب التصرفات غير المسؤولة من بعض سلاطين آل عثمان، أو حكام الولايات الذين يحكمون البلاد بعقول ضيقة، وشهوات واسعة؛ ترف في المظهر، سخف في المخبر، لا يفيدهم قانون، ولا يردعهم عدل، ولا يرون للشعوب حقاً - إلا أن تؤمر فتطيع، وتنتهب فتصير، بل لا يكفيهم الصبر على المصيبة، وإنما يتطلبون المدح والثناء عليهم في ظلمهم وطريقة حكمهم، فمن امتعض من ذلك فهو ثائر، ومن شكا فهو كافر (2) .
وثاني هذين العاملين؛ هو أن الرحلة لطلب العلم لم تنقطع عن المدينة المنورة، ومكة المكرمة، فيما يتصل بعلوم الدين واللغة العربية، فينشأ من ذلك التقاء فكري لا تخلو أوجهه من الأخذ والعطاء بين علماء الحجاز وأدبائه، وبين علماء وأدباء الأقطار العربية والإسلامية الأخرى.
لقد نظر مؤرخو الأدب لتلك الفترة نظرة فيها كثير من التعميم الذي يحتاج إلى بيان وتوضيح وتفصيل، وخصوصاً فيما يتصل بالبيئة الثقافية للحجاز، في تلك الفترة التي ظلت - حتى الآن - مجهولة المصادر لدى كثير من الباحثين الذين انصبت اهتماماتهم على ما توافر لديهم من مصادر مطبوعة لا تكفي لتكون مقياساً عاماً يمكن - من خلاله - دراسة جوانب الفكر والأدب المختلفة التي تتباين مكوناتها ومؤثراتها من بيئة إلى أخرى.
وممن اتسمت دراساتهم - عن هذه الفترة - بالأحكام الصارمة التي لم تأخذ بعين الاعتبار أنه في أي عصر يمكن أن يوجد الإنسان ذو الموهبة والقدرة على التجديد، والتخلص من الرسوم البالية - من هؤلاء الدكتور شوقي ضيف: يقول في فصل خاص عقده عن العصر العثماني والعقم والجمود في كتابه ((الفن ومذاهبه)): ((وكأنما جفت في هذا العصر كل الينابيع الممكنة التي كانت تمد الشعر بأسباب الحياة؛ فشاعت فيه الألفاظ العامية والتركية، ويحس الإنسان كأنما أصيبت الأداة الفنية التي رأيناها في العصور السابقة بعطل شديد؛ فقد عم الظلام، وعمت الكآبة، ولم يعد هناك إلا جو خانق يشمل كل شيء)) (3) .
وتبع شوقي ضيف كثير من الباحثين لم يكلفوا أنفسهم عناء البحث الذاتي: فجاءت أقوالهم صدى لتلك الأحكام المطلقة التي يرفضها ميزان النقد العلمي الذي بدأ يأخذ دوره - تدريجياً - فيما يصدر من دراسات عن هذه الفترة.
فمن الذين جاءت دراساتهم صورة ممسوخة لآراء شوقي ضيف النقدية تلك الدراسة التي حاول الأستاذ - عمر كحالة أن يرصد فيها الحركة الشعرية في العصر العثماني في سطور قليلة لا تفي لبحث فترة تمتد بين 923 هـ - 1220هـ وعندما أقول سطور - فإني أعني سبعة سطور فقط خلت من الشواهد والإثباتات التي يسند بها الباحث ما يذهب إليه من رأي، أو يدعيه من قضية، يقول في السطور الأولى من هذه الدراسة: "أما الشعر في العصر العثماني، فقد وقف عند أغراض التسلية، كالألغاز، أو تحقيق مثال لنوع بديعي، ووصف الأمور الهينة الحقيرة كالمروحة، والسبحة، والسجادة، وغير ذلك)) (4) .
إلا أن هناك دراسات أخرى شذت عن التعميم الذي أجحف - من خلال أحكامه المطلقة - بالبيئة الثقافية للجزيرة العربية، في العصر العثماني.
وفي مقدمة الدارسين المنصفين لفكر وأدب هذه البيئة الدكتور طه حسين الذي اطلع على بعض نماذج من قصائد شعراء منطقة نجد في القرنين الثاني والثالث عشر الهجري لتلك الفترة التي اتسمت بالصراعات السياسية والفكرية - من جراء حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب (5) الإصلاحية.
يقول الدكتور طه حسين معبراً عن رأيه في ذلك الإنتاج الشعري ((وفي أثناء هذه الحركة العنيفة ظهر حول الأمراء المجاهدين من أهل نجد جماعة من الشعراء أخذوا يفتخرون بانتصارهم في المواقع ويعتذرون عما يصيبهم من الهزائم وليس من الممكن أن يقال إنهم جددوا في الشعر، وأحدثوا فيه ما لم يكن، ولكنهم على كل حالة عادوا به إلى الأسلوب القديم، وأسمعونا في القرن الثاني عشر والثالث عشر في لغة عربية فصيحة هذه النغمة العربية الحلوة التي لم تكن تسمع من قبل... هذه النغمة التي لا يقلد صاحبها فيها أهل الحضر، ولا يتكلف فيها البديع، وإنما يبعثها حرة، ويحملها كل ما تجيش به نفسه من عزة وطموح إلى المثل الأعلى، ورغبة قوية في إحياء المجد القديم)) (6) .
ويستدرك الأستاذ عبد الله بن إدريس على رأي الدكتور طه حسين بما يضيف جديداً للموضوع الذي نحن بصدده؛ فيقول ((ولعل الدكتور طه حسين قد فاته أن يذكر أهم العوامل التي واكبت بعث الشعر من جديد - آنذاك - في ربوع نجد، تلكم هي التفاعلات الشعبية، والنوازع النفسانية التي اضطرم أوراها، بعد ظهور دعوة الشيخ المجدد فيما بين فئات شايعت الدعوة الإصلاحية هذه، وناصرتها بالسيف واليد واللسان، وبين فئات عارضتها وناصبتها العداء، ولكن باللسان واليراع فقط)) (7) .
وإذا وجهنا اهتمامنا لبعض مناطق الجزيرة العربية؛ كالساحل الشرقي منها - فإننا نجد بعض الباحثين يجزم بوجود ذلك الشذوذ الذي لا تنطبق عليه قاعدة المألوف من الشعر، في تلك الفترة، فهو شعر تتوافر فيه العاطفة المتوهجة، والعبارة التي تبتعد - في صياغتها - عن التكلف في قصائد بعض شعراء تلك المنطقة...
يقول الدكتور عبد الله الحامد في بحث له عن الشعر، في وسط الجزيرة، في القرن الحادي عشر الهجري: "ولم يكن الحكم على هذا العصر وشعره بالرداءة حكماً صارماً؛ ففي أي عصر يمكن أن يوجد الإنسان والموهبة والقدرة على التجديد، والتخلص من الرسوم البالية، وقد وجد - في هذا العصر - بعض الشعراء الذين نظموا بعض شعرهم قوياً متوهجاً يفيض بالأصالة والجودة، ولعل شعراء هجر والخط ((الساحل الشرقي)) أقوى شعراً، وأقوى عبارة، وأقل احتفالاً بالصياغة)) (8) .
الحلقة الثانية (9)
كما أسهمت الحجاز بنصيب وافر في ازدهار الشعر في عصوره الذهبية، فهي لم تسلم - كذلك - من هذا التراجع الذي حلق بالبلاد العربية، ولكننا نرى - في خلال القرن الثاني عشر الهجري، ومن بين ركامات تلك الظلمة القاتمة - شعاعاً يومض بين شعرائها، أو نخبة منهم ليرشدنا إلى بروز ظاهرة تجتذب الأنظار، وتستحق الدراسة.
فقد جنح هؤلاء الشعراء إلى تسجيل كبريات الأحداث التي كانت تقع في المدينة المنورة، في قصائد مطولة؛ يلتزمون فيها بحراً واحداً، وقافية واحدة، وتتسم بالإيضاح والشمول، حتى إنك تستطيع - بكل سهولة ويسر - أن تلم بكل حادثة منها، بعد قراءة القصيدة الموضوعة فيها؛ كأنك تقرأ قصتها نثراً؛ فتعلم دوافعها، ومثيريها، وتطوراتها، وعقابيلها، وتاريخ وقوعها بالسنة، والشهر، ومدة مكثها؛ فهي - إذاً - ملاحم قائمة بذاتها.
ولكل حادثة قصيدة مستقلة، أو قصائد؛ إذ تعدد الشعراء في وصفها، ويتخلل سرد الوقائع أبيات تتناول موضوعات شتى ذات صلة وشيجة بنطاق الغرض المعنىّ؛ كالالتفات إلى صفحات الماضي القريب، أو البعيد مما فيه عظة ونصيحة المسؤولين، والتحذير من مغبة اطراد الفتن للإمعان في إضفاء الروعة عليها، ولينفذ تأثيرها إلى النفوس)) (10) .
لقد تخلص شعراء هذه الملاحم من المقدمات الغزلية التقليدية التي ترتمي في أحضان ذكريات الأدب القديم، أو ترديد أسمائها وأعلامها، فهذا السيد جعفر البيتي؛ أحد أعلام هذا الفن في تلك الفترة؛ يفتتح إحدى ملاحمه قائلاً (11) :
المجد تحت ظلال سمر الذبل
وظبا القواضب والجياد القفل
الموريات العاديات ضوابحا
الصافنات الزافرات الجفل
والخوض في غمرات بطنان النوى
يوم التصادم في القتال المسبل
وتوتر العزمات في طلب العلا
والفوز في أقصى فيافي الهوجل
والفخر ما ترك الأعادي خشعاً
رفل المحازم كالجياد العزل
بين الفتى وورود أحواض الردى
لقوا العلاقم في تراقي الحوصل
لا عاش من ترضى المذلة نفسه
طوعاً وعن شاو المفاخر يأتلي
تعست حياة لا تشاب بعزة
غبراء بين مهابة وتذلل
العز أجمل ما اقتناه أولي النهي
والذل بالأحرار ليس بمجمل ((أ))
إن من يقرأ هذا الاستهلال الشعري، دون أن يعلم مسبقاً عن الفترة الزمنية التي ينتمي إليها هذا الشعر - ليكاد يجزم بأنه شعر يتوافر له من عناصر القوة المتمثلة في صدق الشعور، وجزالة العبارة، والبعد عن الزخارف اللفظية، ما يسلكه ضمن المراحل القوية للشعر العربي؛ إنه ذلك الشعر الذي لا تكاد تصافح عيناك مقاطعه حتى ترتسم في مخيلتك ما يريد صاحبه التعبير عنه.
فهذا الروح الشعري الذي يسري في كلماته يعطيه سمة الحركة التي تعد العامل الأساسي في خلود الكلمة في عالم الشعر، وللتدليل على ما ذكرناه من توافر هذا العنصر الهام في شعر السيد البيتي المتفاعل مع البيئة المحلية، وما يتم على ساحتها من أحداث - نورد جملة أبيات أخرى من هذه الملحمة نفسها (12) :.
وهناك صبت للمنون صواعقاً
وتسعرت للموت نار القسطل
يوماً أشد من الحديد قساوة
وأمر طعماً من مذاق الحنظل
تركوا النواصي شيباً فكأنه
وقعات جساس بقوم مهلهل
نقبوا عليهم كل دار عنوة
واستخرجوهم منزلاً عن منزل
وتداركوهم بالردى فتفجرت
أحش اؤهم مثل انفجار الدمل
فتصاغرت أرواحهم مما جرى
وجرت دماؤهم كجري الجدول
وتحققوا الموت الزؤوم وسلموا
للأمر طوعاً خضعاً بتذلل
ومنها (13) :
لو تسأل القبر الشريف غداتنا
رجفوه بالفعل الفظيع المشكل
لأجاب أن محمداً في طيه متوجع
من فعلهم بتململ
حاشا لمختلف الملائك أن يرى
مأوى البغاة وكل وغد مضلل
اللَّه أكبر إنها لمصيبة
تبدو لغير المبصر المتأمل
تاللَّه ما جعل المساجد معكفاً
إلا لمثل القانت المتبتل
أف لقلب مؤمن لا يمتلي
غضباً وطرف جامد لا يهمل
وهذه ليست القصيدة الوحيدة للسيد البيتي التي يخرج فيها على تقاليد الشعر التي سنها الأوائل؛ تماشيا مع ظروفهم الاجتماعية والثقافية، وترسمها الآخرون صناعة لفظية ينعدم معها الإبداع، وتوأد بين ألاعيبها الموهبة؛ وإنما هناك مجموعة زاخرة بروح الشعر وجوهره خلفها لنا السيد البيتي، مع عدد آخر من شعراء تلك الفترة في الحجاز.
فهذه مطولة أخرى أنشأها في فتنة عبد الرحمن آغا الكبير سنة 1555هـ - يدخل إلى غرضها الأساسي دون مقدمة غزلية مزوقة:
تقول (14) :
تبكي على الدار لما غاب حاميها
وجر حكامها فيها أعاديها
تبكي لطيبة إذ ضاعت رعيتها
وراعها بكلاب البر راعيها
تبكي لمن هاجروا بالكره واحتملوا
عنها وكانوا قديماً هاجروا فيها
واها لكربتها واها لغربتها
واها لجائعها واها لعاريها
واها لحالي لما أقمت أنشدها
الدار أطبق إخراس على فيها
يا دمنة سلبت منها بشاشتها
وألبست من ثياب المحل باقيها
وقفت فيها أعزيها لكربتها
أعجب على جلدي - إني أعزيها
فمن معيني بأحزان يضاعفها
على من لعيوني من يواسيها
ويمضي الشاعر في وصف مأساة المدينة، باستطراد لا يشعر معه القارىء بملل مشيراً إلى عجزه عن التأثير في سير الأحداث، ولكن هذا لا يعفيه أمام ضميره من أقل الواجب، وهو المشاركة الوجدانية المتجسدة في هذا التراث الشعري الذي لم تقو عوامل الفناء على النيل منه؛ لخلود الكلمة الشاعرة فيه؛ وهي تنير أمام الباحثين السبيل لمعرفة الحقائق التي دأب حكام تلك الفترة على إغماض أعينهم عنها؛ انشغالاً بما انغمست فيه أنفسهم من ملذات، وتجاهلاً بتبعات المسؤولية التي فقدت وجودها الحقيقي من قاموس ذلك العصر.
يقول السيد البيتي: (15)
وأصبحت الدار قفرا لا أنيس بها
الجن تندبها والإنس ترثيها
أباحها البدو نهبا ثم حرقها
وراح يشقى بها حقاً ويشقيها
أباحها وهو يرجو من حماقته
ثواب أصحاب بدر في مغازيها
إن عظم المأساة لتدفع الشاعر للكشف عن صفحات التاريخ الماضي؛ يستلهم منه القوة، ويدعو بعرض أحداثه للعظمة والاعتبار:
يقول: (16)
يا للكبائر من أدعو فيسمعني
حتى أصرح عنها أو أكنيها
من للمدينة إذا غصت بريقتها
ومن يجيب نداها من يلبيها
عادت لنا سيرة تيمور في حلب
أيام صبيانها شابت نواصيها
ويومه وهو في بغداد يهتكها
يوم جنكيز بالتتار يرميها
وبختنصر من قبل الذي ذكروا
في مصر والقدس تقريباً وتشبيها
شأن عظيم مضى في الجور أعظمه
شأن المدينة من أيدي شوانيها
حوادث ما رآها دنيال ولا
قصت ملاحمه شيئاً يساويها
إن بعض الباحثين الذين تعرضوا - في بحوثهم - لجهود السيد البيتي في الحفاظ على وجود الفن الشعري في بيئة الحجاز ترفدهم - في ذلك - بعض الوسائل أو الوسائط الثقافية المطولات الشعرية؛ ولم تمتد أيديهم إلى هذه المطولات الشعرية؛ فأصدروا أحكاماً تعميمية لا تشمل كل إنتاج السيد البيتي.
فالأستاذ عبد الرحيم أو بكر يعلق على قصيدة لشاعرنا يمدح بها الشريف مسعود (17) قائلاً:
((ثم نجد الشاعر قد افتتح قصيدته بالغزل، واستطرد فيه، وهذه طريقة في إنشاء الشعر لم يشذ فيها عن سيرة معاصريه)) (18) .
لقد شذ شاعرنا عن هذه الطريقة، في عدد من القصائد، وفي أغراض مختلفة؛ فمن قصيدة يجسد - من خلالها - معاناته من ظروف بيئية جديدة في مدينة ((ينبع)) التي انتقل إليها، لفترة محدودة، للعمل بها كنائب عن حاكم المدينة، ويستهلها بقوله (19) .
رأى البق من كل الجهات فراعه
فلا تنكروا إعراضه وامتناعه
ولا تسألوني كيف بت فإنني
لقيت عذاباً لا أطيق دفاعه
نزلنا بمرسى ينبع البحر مرة
على غير رأي ما علمنا طباعه
نقارع من جند البعوض كتائباً
وفرسان ناموس عندما قراعه
فلو عاينت عيناك ميدان ركضه
جريت جري القلب فيه شجاعه
فهذه إحدى تجاربه الشعرية - من غير مطولاته في أحداث المدينة تكسر فيها القاعدة المتداولة في افتتاح القصيدة بالغزل المتكلف الذي تبارى - في حلبة ميدانه - معظم شعراء تلك الفترة.
على أن شاعرنا نفسه يقود حملة موجهة ضد شعراء تلك الفترة، لما انصرفوا له من أغراض معينة لا يتجاوزونها ويشير إلى تجرد تجاربهم الشعرية من العاطفة الصادقة التي تنشأ من الالتحام مع التجربة نفسها...
إن شاعرنا يتحسس - عن طريق ثقافته الخاصة، وموهبته المتفردة - ذلك الداء الذي استشرى في معظم الإنتاج الشعري لتلك الفترة...
إن كلماته لتعكس مدى إدراكه لظروف العصر الثقافية، ليس في البيئة الحجازية وحدها، ولكن على نطاق عام؛ يشمل البلاد العربية التي تلتقي مع بيئته في مكونات ومؤثرات فكرية واحدة.
يقول شاعرنا معرياً حقيقة أدباء تلك الفترة بوعي وإدراك عميقين: (20)
أدباء هذا الوقت بله
في جلود الأذكياء
يتعاظمون نفوسهم
وهم أدق من الهباء
لو صورت أشعارهم
ما جئن إلا كالنساء
فعقولهم فصل الخريف
وشعرهم فصل الشتاء
جمع الركاكة والبرودة
في نسيب كالعزاء
مرضى المسامع والفؤاد
كأنه زمن الوباء
تخشى على الممدوح يقضي
منه برد الثناء
يا غربة الآداب ضاعت
بين أظهر هؤلاء
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1619  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 484 من 482

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.