شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 16 ـ
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى القافلة تختلط بصهيل الخيل ووقع حوافرها وأصوات المشاة نسمع بعدها صوت مكرز يقول):
مكرز: وفشل قائدنا أبو سفيان حيث انتصر محمد.. وصدقت نبوءتك يا أبا يزيد في أبي سفيان وشكك في قدرته على قيادة هذا الجيش الجرار..
سهيل:والشيء المؤسف جداً يا مكرز أن لا يتبرقع أبو سفيان من الخجل بعد ارتحاله الفجائي بل أراد أن يكفن سمعته المتردية برسالة بعث بها إلى محمد مع أبي سلمة الخشني..
مكرز: أتعرف فحوى الرسالة يا سهيل بن عمرو..
سهيل:لا ولكنها هذر كلام ومحاولة لتبرير انسحابه المخزي مدعياً أن مكيدة الخندق فرار محمد من سيوف قريش ولقائها وتوعد منه بيوم كيوم أحد..
مكرز: ولا شك أن محمداً أجاب على هذه الرسالة..
سهيل:بلى يا مكرز بلى.. لقد اتهم أبا سفيان بالغرور والسعة وقال له: ليأتين عليك يوم أكسر فيه اللات والعزى وأساف ونائلة وهبل وقال إن مكيدة الخندق إلهام من ربه أراد به غيظ أبي سفيان وغيظ أصحابه..
مكرز: يا له من جواب رائع مفحم أملاه انتصار محمد المؤزر على الأحزاب..
سهيل:وبعد حصار دام حوالي الشهر لم تفعل فيه هذه الجموع الغفيرة أي شيء يذكر سوى أن نكتب هذا النصر الساحق لمحمد دون أن يتكبد المسلمون فيه خسارة من الرجال تذكر.
مكرز: أجل يا أبا يزيد أجل.. وما أظن قريشاً ستستطيع مستقبلاً غزو محمد بعد فشلها الذريع وارتدادها خاسرة أمام أسوار الخندق..
سهيل:يلوح لي يا مكرز أن نقطة التحول في ميزان الحرب قد بدأت بهزيمتنا في معركة الخندق وأن علينا أن ننتظر غزو محمد لنا في عقر دارنا..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى حزينة نسمع بعدها صوت هند بنت عتبة تقول):
هند: (صائحة) لا يمكن أن أصدق.. مستحيل.. جيش قوامه أحد عشر ألف رجل بكامل عتاده وسلاحه يتسمر شهراً أمام حفرة حفرها محمد..
صفوان: هذا الخندق يا هند برهن على أن محمداً ساحر فظيع.. لقد صمد الألوف المؤلفة أمام هذه الحفرة وجعلها واقفة لا تستطيع القيام بأي حركة..
هند: ليس من المعقول.. ولا أقدر على تصوره ألاَّ يبتكر الأحزاب خلال شهر شهر.. ثلاثين يوماً تقريباً.. خطة أو وسيلة لاختراق هذا الخندق..
صفوان: إنه سحر محمد يا هند.. شل تفكير قادة الأحزاب.. وجعل بزهو وإكبار فرسان قريش أمثال خالد بن الوليد وضرار بن الخطاب وهبيرة بن وهب يعجزون عن اقتحام هذا الخندق..
هند: بل من هؤلاء الفرسان من رمى سيفه ورمحه وهرب لا يلوي على شيء كعكرمة بن أبي جهل الذي فر حين رأى عمرو بن عبد ود العامري يسقط مضرجاً بدمائه تحت ضربة علي بن أبي طالب..
صفوان: إنها القوة الخارقة التي يتمتع محمد هي التي سيطرت على المعركة وقلبتها من نصر ساحق إلى هزيمة منكرة.. أخشى أن لا تقوم لقريش بعدها قائمة..
هند: إنني لا أعتقد أن محمداً ساحر يا صفوان.. وإنما هو عبقرية لماحة خارقة الذكاء فذة في المقدرة.. محمد صاحب عقيدة يحارب ويناضل في سبيلها وهذا الإيمان وهذه العقيدة هما أسباب نصره..
صفوان: أتظنين أنه نبي يا هند..
هند: وهل عندك شك في نبوءة محمد يا صفوان؟..
صفوان: إذا تجردت عن بغضي وحقدي على محمد لأنه فتك بأبي وصفوة من أقاربي أقول إذا تجردت عن كل ذلك فلن يخامرني شك في نبوءته..
هند: وقريش التي لا تقاتل في سبيل عقيدة بل وراء شهرة كاذبة ومكانة وهمية أتراها تستطيع الصمود طويلاً أمام المد المحمدي يا صفوان..
صفوان: والله لا أدري يا هند.. بعد ضربة الخندق القاصمة.. هل نستطيع الصمود أو يجرفنا المد المحمدي كما جرف غيرنا..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى صاخبة تختلط بهمهمات وغمغمات وأصوات تعلو وتنخفض مما يدل على اجتماع هام نسمع بعده صوت عمرو بن سُعْدَى يقول):
عمرو: يا قوم دعوتكم إلى هذا الاجتماع العاجل بعد انسحاب قريش وغطفان وتركنا وحدنا في مواجهة محمد..
حيي: يا ويحهم لقد خانوا وانسحبوا إلى بلادهم بعد أن كانوا عاهدوني وعاقدوني على أن لا يعودوا إلى بلادهم إلا بعد القضاء على محمد ودين محمد..
عمرو: أنت لا تعرف العرب كما أعرفهم أنا يا حيي ولذلك رأيتني حين أغريت بني قريظة بنقض العهد قاومتك وطلبت من قومي التمسك بما عاهدوا محمداً عليه..
حيي: ما كنت أحسب.. بل أتصور أن هذه القوة الهائلة من قريش وغطفان واليهود ترتد خاسرة أمام حفرة حفرها محمد..
عمرو: ليست الحفرة يا حيي هي التي حطمت هذه الجموع الجرارة بل العقيدة التي تملأ قلوب من حفروا هذه الحفرة وطوقوها بسياج من إيمانها الثابت الصامد المستبسل في سبيل الدفاع عن هذه العقيدة..
حيي: والآن ماذا ترى محمداً فاعلاً بنا يا عمرو؟..
عمرو: هل هنالك غير تأديبنا جزاءً لخيانتنا التي لم يسجل التاريخ أحط ولا أخس منها..
حيي: ولكننا سنقاوم محمداً حتى آخر قطرة من دمائنا يا عمرو..
عمرو: إن سياستك المتهورة هي التي رمت بنا في هذا المأزق الذي يتهدد مصيرنا ووجودنا..
حيي: حسناً.. يا عمرو.. قل لنا لم دعوتنا إلى هذا الاجتماع العاجل..
عمرو: يا بن قريظة.. لقد رأيت عيراً.. رأيت دار إخواننا بني النضير خالية بعد ذلك العز الباذخ والمجد الشامخ.. تركوا أموالهم قد تملكها غيرهم وخرجوا خروج ذل..
أصوات: لقد بغى محمد وطغى علينا وأخرج قومنا من ديارهم ظلماً وعدواناً..
عمرو: لا والتوراة.. إنه لا يعادي أحد محمداً إلا كان مصيره الخسران وما سلط محمد على قوم قط ولله بهم حاجة وقد أوقع ببني قينقاع وكانوا أهل عدة وسلاح ونخوة..
أصوات: بلى.. بلى.. يا عمرو..
عمرو: فلم يخرج أحد منهم رأسه حتى سباهم فكلّم فيهم فتركهم على أن يخلوا من يثرب..
أصوات: ويخربون بيوتهم بأيديهم ويتركون أراضيهم لمحمد وأصحاب محمد..
عمرو: يا قوم! قد رأيتم ما رأيتم فأطيعوني وتعالوا نتبع محمداً فوالله إنكم لتعلمون إنه نبي وقد بشرنا به علماؤنا..
أصوات: لا.. يا عمرو بن سعدى لا..
عمرو: يا كعب بن أسد يا سيد بني قريظة.. والتوراة التي أنزلت على موسى يوم طور سينا، إن في دخولكم الإسلام للعز والشرف في الدنيا..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى حربية وأصوات تهليل وتكبير وصهيل خيل وقعقعة سلاح نسمع بعدها أصواتاً تقول):
أصوات: طلائع جيش محمد.. طلائع جيش محمد..
(موسيقى حربية تختلط بأصوات التهليل والتكبير نسمع بعدها صوت عمرو بن سعدى يقول):
عمرو: هذا الذي قلته لكم يا بني قريظة وحذرتكم من وقوعه..
أصوات: ما العمل يا عمرو.. قل ما العمل؟..
عمرو: لقد خالفتم محمداً ولم أشرككم في غدركم.. فإن أبيتم أن تدخلوا معه في دينه فاثبتوا على اليهودية وأعطوا الجزية فوالله ما أدري أيقبلها منكم أم لا؟
أصوات: نحن لا نقر للعرب بخراج في رقابنا يأخذونه. القتل خير من ذلك..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مكرز بن حفص يقول):
مكرز: ما رأيت أقوى ولا أثبت من هذا الرجل؟..
سهيل:من تعني يا مكرز؟
مكرز: محمد بن عبد الله نبي المسلمين..
سهيل:هل كان يخامرك شك في رجولته وقوته وثباته..
مكرز: لا يا أبا يزيد لا ولكن محمداً وجيشه في طريقهم إلى قتال بني قريظة وغبار معركة الخندق ما يزال يعفر جباههم..
سهيل:أيترك بني قريظة وشيطان بني النضير حيي بن أخطب بينهم يسرح ويمرح ليدبر مؤامرات جديدة للإطاحة بمحمد كمؤامرة الأحزاب..
مكرز: ولكن محمداً وجيشه متعب.. منهوك القوى مما لاقى من الأحزاب واليهود في معركة الخندق.. ومع ذلك يسوقهم محمد إلى قتال جديد..
سهيل:يا مكرز! إن محمداً قائد عبقري فذ ومعركة الخندق خلقت في قلوب أعدائه رهبة وخشية منه ولذلك فهو ينتهز هذه الرهبة ليضربهم ضربة قاصمة قبل أن تزول هذه الرهبة من قلوبهم.. ثم..
مكرز: ثم ماذا يا أبا يزيد؟..
سهيل:بنو قريظة يهود جبناء ولا أدل على جبنهم من أنهم لم يقوموا بأي عمل عسكري خلال شهر معركة الخندق.. مع أن الجهة التي كانوا يهاجمونها ليس فيها إلاّ النساء والأطفال والشيوخ والعجزة..
مكرز: وماذا ترى محمداً فاعلاً ببني قريظة إن ظفر بهم..
سهيل:لو أكون أنا في مقام محمد فلن أترك أحداً من رجالهم أو من فتيانهم على قيد الحياة فغدرهم بمحمد في أحلك الساعات دناءة وخسة ما سمعنا بمثلها..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت هند بنت عتبة تقول):
هند: ما قلت لك يا أبا سفيان ألاّ تغتر بالجموع التي كنت تقود..
أبو سفيان: المسألة ليست مسألة غرور أو اعتزاز وافتخار يا هند.. وإنما هي مكيدة دبرها محمد ما عرفت بمثلها العرب من قبل..
هند: وهذه المكيدة هي سر عظمة محمد كقائد بارع يأمر هذه الجموع وأنه إن لاقاها وجهاً لوجه طحنته هو ومن معه ففكر في مكيدة الخندق وعطل تلك الجيوش الجرارة وجعلها عديمة الفائدة..
أبو سفيان: بلى يا هند بلى.. ما جبنا في لقاء كالذي جبناه في معركة الخندق بالرغم من محاولات فردية قام بها فرسان قريش باءت جميعها بالفشل الذريع..
هند: صمود محمد وأصحابه كسر حدة هذه الهجمات وحطمها وبددها أخيراً على صخور صموده..
أبو سفيان: والشيء الذي أغاظني وأحرق دمي هو..
هند: هو ماذا يا أبا سفيان..
أبو سفيان: وقوف قبائل غطفان موقف المتفرج أمام الخندق كان الموضوع لا يهمهم في كثير أو قليل وكلما أثرناهم للقتال تحمسوا أمامنا ثم ما لبثوا أن عادوا إلى سيرتهم الأولى وكأنهم ما جاءوا إلا ليرعوا إبلهم ويملأوا جيوبهم وبطونهم من المؤن التي أغدقها عليهم اليهود..
هند: ألا تظن أن هناك أيدٍ خفية خططت هذا الموقف الذي أتخذه الأعراب..
أبو سفيان: من مثلاً يا هند..
هند: لا أدري.. ولكن أكاد أميل إلى الاعتقاد بأن هؤلاء الأعراب ما وقفوا هذا الموقف المائع عبثاً..
أبو سفيان: والله لا أدري يا هند كيف أوفق بين موقف الأعراب المائع وما تقاضوه من ثمن مسبق من اليهود مقابل اشتراكهم في قتال محمد..
هند: يلوح لي أن هؤلاء الأعراب بعد أن أغرقهم اليهود بأموالهم وجدوا أن ما حصلوا عليه بدون خسارة أكثر مما كانوا سيحصلون عليه من احتلال المدينة فآثروا السلامة على المغنم المحفوف بالمخاطر الجسام..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى حربية تختلط بهمسات وهمهمات وغمغمات ما يدل على اجتماع هام نسمع بعدها صوت كعب ابن أسد يقول):
كعب: يا معشر يهود.. قد نزل بكم من الأمر ما ترون.. ولقد كنت كارهاً لنقض العهد.. ولم يكن البلاء المشؤوم الذي ينزل بنا الآن إلا من هذا الجالس..
أصوات: صدقت.. إنه من حيي بن أخطب المشؤوم..
كعب: ولقد أحاط بكم المسلمون إحاطة السوار بالمعصم.. عشرون يوماً ونحن على هذه الحال ولم نستطع دفعهم..
أصوات: لم لا نستنجد بغطفان ويهود خيبر..
كعب: بلونا غطفان في معركة الخندق فكانوا أسوأ من بلونا.. أما يهود خيبر فقد قذف محمد الرعب في قلوبهم فهم أعجز من أن يسارعوا إلى نجدتنا..
أصوات: ما العمل يا كعب.. ما العمل..
كعب: إنقاذ الموقف يتطلب اتباع أمر من ثلاثة:
أصوات: ما هو يا كعب؟.. ما هو؟..
كعب: اتباع النبي محمد والدخول في الإسلام..
أصوات: كيف يكون هذا يا كعب؟
كعب: أتذكرون يا قوم ما قال لكم ابن جرش؟..
أصوات: ماذا قال يا كعب؟
كعب: أنسيتم ما قال الآن؟..
أصوات: قل أنت..
كعب: قال إنه يخرج بهذه القرية نبي فاتبعوه وكونوا له أنصاراً.. يا قوم لقد تبين أنه نبي مرسل وأنه الذي تجدونه في كتابكم وما يمنعنا من الدخول معه إلا الحسد للعرب حيث لم يكن من بني إسرأييل فاتبعوه تأمنوا على دمائكم وأموالكم ونسائكم..
أصوات: لا يا كعب.. لا.. لا نفارق حكم التوراة أبداً ولا نستبدل به غيره..
كعب: يا قوم! رفضتم الأمر الأول فهاكم الأمر الثاني..
أصوات: ما هو يا كعب.. ما هو؟..
كعب: نقتل نساءنا وأطفالنا ونهجم على المسلمين هجوماً انتحارياً نفك به هذا الحصار..
أصوات: نقتل هؤلاء المساكين.. أي خير في العيش بعدهم يا كعب..
كعب: يا قوم أبيتم الأمر الأول والثاني فاسمعوا الأمر الثالث..
أصوات: ما هو.. هاته..
كعب: الليلة ليلة السبت.. وإنه عسى أن يكون محمد وأصحابه أمنونا فيها فأنزلوا لعلّنا نصيب منهم غرَّة..
أصوات: تفسد علينا سبتنا ونحدث فيه ما لم يُحدث من كان قبلنا إلاَّ من قد علمت فأصابه ما لم يخف عليك من المسخ..
كعب: ويحكم يا قوم ما بات منكم رجل منذ ولدته أمه ليلة واحدة من الدهر حازماً..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :641  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 16 من 58
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

يت الفنانين التشكيليين بجدة

الذي لعب دوراً في خارطة العمل الإبداعي، وشجع كثيراً من المواهب الفنية.