شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 17 ـ
شاس: ما الرأي يا كعب وقومنا على ما رأيت وسمعت..
كعب: لقد حكم بنو قريظة على أنفسهم بالموت صبراً..
شاس: ولكنك سيد بني قريظة وقائدها فيجب أن تستعمل نفوذك وتوجهنا الطريق السوي..
كعب: جعلت الأمر شورى يا شاس ولكن قدمنا خطوا بأيديهم مصيرهم المظلم..
شاس: المسلمون يا كعب متعبون منهوكون مما كابدوا في معركة الخندق، وهم الآن في العراء يعضهم الجوع والبرد ونحن في حصوننا المنيعة وأسلحتنا القوية ومؤننا الوفيرة، وماء آبارنا الغزيرة عندنا من الأسباب..
كعب: أي أسباب يا شاس..
شاس: قول عندنا من أسباب المقاومة والمطاولة ما يجعلنا نفرض الصلح الذي نريده نحن لا محمد..
كعب: هذا صحيح يا شاس لو أن بني قريظة مستعدون للقتال ولكنهم كما رأيت وسمعت..
شاس: ألا تقوم بمحاولة نهائية في سبيلنا يا كعب..
كعب: لا فائدة يا شاس ترجى فقد رسمنا بأيدينا مصيرنا المحتوم..
شاس: عمرو بن سُعْدَى ذهب إلى معسكر المسلمين ولا ندري ماذا صنع الله به وأولاد ثعلبة جهروا بإسلامهم.. وأخشى أن تتفشى عدواهم بين الآخرين..
كعب: يا ليتنا نصاب بهذه العدوى فنحقن دماءنا على الأقل يا شاس..
شاس: ونترك دين موسى وإله موسى هذا مستحيل يا كعب.. مستحيل.. الموت خير لنا من هذا العار..
كعب: أي عار يا شاس أن ندخل في دين محمد وإله موسى ومحمد واحد ثم هنالك مسالة حياة أو موت ولا سيما ومحمد يخرج ظافراً منتصراً في كل محاولة للقضاء عليه وعلى أصحابه..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مكرز يقول):
مكرز: أعلمت أبا يزيد بالمصير الذي لاقاه بنو قريظة؟..
سهيل:لا.. ولكنك تعلم رأي مسبقاً في بني قريظة لو كنت في مقام محمد..
مكرز: لكأنك تستبق الحوادث يا أبا يزيد..
سهيل:كيف يا مكرز..
مكرز: بعد حصار المسلمين لبني قريظة (25) يوماً، وبعد محاولات منهم للصلح كصلح بني قينقاع وبني النضير أمر محمد على أن يستسلموا بدون قيد أو شرط..
سهيل:إصرار من محمد في محله..
مكرز: وأعلن بنو قريظة الاستسلام والنزول على حكم محمد من دون قيد أو شرط فجاء الأوس إلى محمد وقالوا:
سهيل:قالوا ماذا؟
مكرز: يا رسول الله إنهم كانوا موالينا دون الخزرج وقد فعلت في موالي إخواننا بالأمس ما قد علمت..
سهيل:يقصدون بني قينقاع وبني النضير..
مكرز: بلى يا أبا يزيد بلى..
سهيل:وبعد يا مكرز..
مكرز: فقال لهم محمد: ألا ترضون يا معشر الأوس أن يحكم فيهم رجل منكم؟ قالوا: بلى.. قال محمد فذاك سعد بن معاذ..
سهيل:نعم الحكم.. ولقد أحسن محمد الاختيار فسيد الأوس سعد بن معاذ معروف بنزاهته وثاقب نظره وحكمته ورويته..
مكرز: وارتضى بنو قريظة بحكم سعد بن معاذ حين قال لهم: أترضون بحكمي قالوا بلى..
سهيل:وماذا كان حكمه؟..
مكرز: حكم سعد بن معاذ بأن تقتل الرجال وتقسم الأموال وتسبي الذراري والنساء ومصادرة كل ممتلكاتهم..
سهيل:حكم عادل يستحقه بنو قريظة..
مكرز: ولكن رجال بني قريظة كانوا ثمانمائة وقد أعدموا جميعاً.. ألا ترى أن حكم سعد بن معاذ فظيع وقاسٍ جداً أقسم بالانتقام الوحشي..
سهيل:ولكن غدر بني قريظة كان أفظع وأشنع فقد اتفقوا معنا على أن لا تغادر جيوشنا المحاصرة للمدينة إلاَّ بعد القضاء على المسلمين واستئصال شأفة المسلمين استئصالاً كلياً..
مكرز: صحيح أن غدر اليهود كان في أحلك الساعات الرهيبة التي كان فيها الكيان الإسلامي مهدداً بالزوال إلى الأبد.. ولكن..
سهيل:ولكن ماذا يا مكرز؟..
مكرز: ولكن بني قريظة استسلموا ونزلوا على حكم محمد من دون قيد أو شرط فكانوا أحق بالشفقة والرحمة من هذا الإعدام الجماعي..
سهيل:والخيانة التي ارتكبوها وكادت تقتلع الإسلام من جذوره في الوقت الذي كانت بينهم وبين محمد معاهدة على الوقوف معه ضد من يهاجمه.. إن حكم سعد بن معاذ كان في منتهى العدالة والله لو كنت مكانه لمثلت ببني قريظة أفظع تمثيل جزاء على غدرهم وخيانتهم..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت هند بنت عتبة تقول):
هند: ما أبشع الحكم الذي أصدره محمد علي بني قريظة يا أبا سفيان..
أبو سفيان: ولكن محمداً لم يصدر الحكم وإنما سعد بن معاذ يا هند..
هند: سواء محمد هو الذي أصدر الحكم أم سعد بن معاذ فإنه حكم جائر.. جائر..
أبو سفيان: مع أن بغضي يا هند لمحمد هو كما تعرفين إلاَّ أني أرى أن الحكم الذي صدر بحق بني قريظة هو أقل ما يستحقونه..
هند: وهل هنالك حكم أشد من القتل يا أبا سفيان؟..
أبو سفيان: أقول لو كان هنالك حكم أشد من القتل لحكمت به أنا على بني قريظة..
هند: إنك تحقد على بني قريظة يا أبا سفيان لأنهم أخلفوا وعدهم لك بمهاجمة محمد يوم الخندق فأضاعوا عليك فرصة القضاء النهائي على محمد..
أبو سفيان: قلت لك إني أتكلم وأنا متجرد من كل بغض لمحمد أو حقد على بني قريظة.. إن حكم سعد بن معاذ في محله يا هند..
هند: ولكنه حكم فظيع.. فظيع.. قتل ثمانمائة رجل صبراً..
أبو سفيان: النساء دائماً رقيقات الشعور يكرهن القسوة ومنظر الدماء المهراقة..
هند: على كل حال فما حدث حدث ولا سبيل إلى إعادة الأرواح المزهقة إنما فعل محمد هذا يجب أن تأخذ قريش منه عبرة ودرساً..
أبو سفيان: هذا كلام سليم يا هند.. قريش يجب أن تتعظ بما جرى لبني قريظة وعليها أن تعيد النظر في خططها التي رسمتها لمجابهة محمد..
هند: إن محمداً بعد أن تخلص نهائياً من عدو خطير ملاصق له هم بنو قريظة أصبح مأموناً وما عليه بعد ذلك إلاَّ أن يتطلع إلى ما أمامه من أعداء وفي مقدمتهم عدوه اللدود قريش.. أليس كذلك؟..
أبو سفيان: بلى يا هند بلى.. ولذلك جاءتنا أنباء أن محمداً حين غزا قبل أيام بني لِحيان اندفع بسراياه حتى وصل عسفان..
هند: عسفان.. إنه تهديد مغلف لقريش يا أبا سفيان وهو بادرة تنذر محمد لقريش وعليها أن تحذره..
أبو سفيان: أجل يا هند أجل.. وقد اجتمع قادة قريش عندما بلغنهم هذا النبأ. وتدارسوا الأمر وقرروا إجراء تغيير شامل في خططهم لقتال محمد..
هند: مع أنك يا أبا سفيان قائد قريش وزعيمها إلا أن أشك في جدية أي قرار يتخذه قادة قريش أو نجاح أي خطة يرسمونها..
(نسمع قرعاً على الباب وصوت أبي سفيان يقول):
أبو سفيان: من الطارق؟.. أدخل.. من.. سهيل بن عمرو.. يا مرحبا.. يا مرحبا..
سهيل:أنعمت مساءً يا أبا سفيان وأنت يا بنت عتبة..
أبو سفيان: أنعمت مساءً يا أبا يزيد..
هند: لقد أسعدتنا بهذه الزيارة يا سهيل..
أبو سفيان: زيارة مفاجئة ولكنها سارة..
سهيل:أرجو أن تكون يا أبا سفيان..
أبو سفيان: لعلّ فيها الخير يا سهيل..
سهيل:وأي خير والخطر يتهددنا يا أبا سفيان..
هند: أي خطر يا أبا يزيد.. هل من جديد..
سهيل:أجل يا هند..
هند: ما هو؟
سهيل:أنت تعلم إن مكرز بن حفص يقوم دائماً يترقب حركات المسلمين وأخبارهم..
أبو سفيان: بلى.. بلى..
سهيل:وقد جاءني هذا المساء ليقول لي..
هند: يقول ماذا؟..
سهيل:يقول إن محمداً يريد الخروج للعمرة وأنه يتجهز للسفر معتمراً ومعه ألف وخمسمائة رجل..
هند: إنه غزو متستر بالاعتمار.. هذا ما كنت أتنبأ يا أبا سفيان..
أبو سفيان: أيحملون سلاحاً كاملاً معهم يا أبا يزيد..
سهيل:يقول مكرز: ليس معهم إلا السلاح في القرب..
أبو سفيان: إذن فهو حقيقة ينوي الاعتمار..
هند: هذا إذا صدقت رواية مكرز بن حفص.. من يدري.. ربما يتظاهر محمد بالاعتمار بينما هو يبيت الغزو.. من يدري ربما بعث بقيادة الكامل في طريقة سرية..
أبو سفيان: ليس من المعقول يا هند أن يخرج محمد لغزونا بألف وخمسمائة رجل وهو يعلم قوة قريش وأنه سيهاجمها في عقر دارها..
سهيل:كلام سليم ما يقوله أبو سفيان يا هند.. لو كان مع محمد عشرة آلاف أو خمسة عشر ألف رجل لقلنا إنه غزو أكيد.. ولكن هذه القوة الضئيلة لا تشكل خطراً على قرش..
هند: ما العمل؟.. ما الرأي.. ومحمد يضعكم أمام الأمر الواقع.. إنه يخلق لكم في كل يوم متاعب جديدة..
سهيل:هذا ما جئت من أجله والتحدث فيه مع أبي سفيان قبل أن نعرض الأمر على قادة قريش في الندوة..
أبو سفيان: ما رأيك أنت يا سهيل؟..
سهيل:إن اعتمار محمد عقب ارتدادنا الخاسر من معركة الخندق سيكون له صدى بعيد بين القبائل.. إن فيه امتهاناً لكرامة قريش وسيادتها..
هند: صدقت يا أبا يزيد صدقت.. إنه سيظهر محمداً بمظهر الغالب الذي يملي إرادته فلا يستطيع أحد ردها..
سهيل:بلى يا هند بلى.. هذا ما يفسره الناس..
أبو سفيان: هذا ما لا شك فيه.. وهذا ما يجب أن نزيله من أذهان الناس..
هند: كيف يا أبا سفيان كيف؟..
أبو سفيان: نمنع محمداً من الاعتمار بالقوة إذا لزم الأمر..
سهيل:ألا تخشى سخط الناس يا أبا سفيان أن يقولوا قريش تصد الناس عن زيارة البيت..
أبو سفيان: ولكننا في حالة حرب مع محمد.. لو كانت الحال غير ذلك لما منعناه..
هند: بلى يا أبا يزيد بلى فالاحتراس ضروري ولا سيما وقريش مع محمد في صراع هو الحياة أو الموت بالنسبة لكل منهما..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى تختلط بأصوات المسلمين وهم يلبون):
الأصوات: لبيك اللَّهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك..
(تتكرر التلبية وتختلط بصهيل الخيل وهمسات المشائين ووقع أقدامهم نسمع بعدها صوت عباد بن بشر يقول):
عباد بن بشر: هل عاد بشر بن سفيان العتيكي من المهمة التي أوفدوا من أجلها..
ابن مسلمة: بلى يا عباد بلى..
عباد: ما وراءه يا بن مسلمة من أخبار قريش؟..
ابن مسلمة: لقد قال الرسول الله صلَّى الله عليه وسلم أنه ما سمعت قريش بخروجه حتى استنفرت من أطاعها من الأحابيش، وأجليت معها قبائل ثقيف والنساء والصبيان..
عباد: الأخبار عندي يا بن مسلمة أن خالد بن الوليد يتقدم طليعة جيش قريش في مائتي فارس.
ابن مسلمة: وأنت يا بن عباد قائد فرساننا وقد يأمرك رسول الله بأن تقف أمام خالد..
عباد: يا ليت.. يا ليت يا بن مسلمة.. يوليني رسول الله صلَّى الله عليه وسلم هذه المهمة..
ابن مسلمة: أترى قريشاً عازمة عن صدنا عن زيارة البيت أم تراها تخفى غير ما تظهر..
عباد: لا أرى هنالك أي خفاء فقد هتكت قريش ستر كل شيء وأسفرت عن عدائها وتحفزها لصدنا بالقوة إذا اضطرت لذلك..
ابن مسلمة: ولكننا خرجنا للاعتمار ولم نخرج لنقاتل قريشاً.. إذ لو كنا كذلك لما خرجنا بهذا السلاح البسيط وبهذا العدد الضئيل من الناس..
عباد: وهذا ما يجعل قريشاً تتنمر وتستأسد وتصر على منعنا عن زيارة البيت..
أبو مسلمة: ولكننا سنقاتلهم إذا أمرنا رسول الله وسننتصر بإذن الله لأننا نقاتل في سبيله بينما تقاتل قريش في سبيل الجبت والطاغوت..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة تختلط بأنفاس مكرز بن حفص وهو يلهث وصوت سهيل بن عمرو يقول):
سهيل:ما لك تلهث يا مكرز جئت تركض من مكان بعيد..
مكرز: أجل يا ابا يزيد أجل.. عدوت في طريقي إليك أسابق الريح لأقول لك..
سهيل:تقول ماذا؟
مكرز: أقول.. لقد سلك محمد طريقاً مجهولة ولم نشعر به إلا وهو بالحديبية..
سهيل:الحديبية..!!
مكرز: بلى الحديبية..!!
سهيل:إنه يقترب من مكة وكأنه يحاول أن يدخلها على حين غرة من أهلها..
مكرز: ربما يا أبا يزيد.. ربما..
سهيل:ولكن الحديبية مكان لا عشب فيه ولا ماء..
مكرز: ولكن رأيت العجب يا سهيل..
سهيل:أي عجب يا مكرز..
مكرز: رأيت الماء يتفجر من سهم في قليب الحديبية وكأنه فوار..
سهيل:أساخر أنت يا مكرز أم جاد في ما تقول..
مكرز: واللات والعزى.. لقد شاهدت الماء ينبجس كالفوار بينما كنت مختبئاً في إحدى التلال المطلة على الحديبية..
سهيل:أتراها معجزة من معجزات محمد..
مكرز: ولم لا تقول من سحر محمد..
سهيل:السحر لا يأتي بخوارق الطبيعة بل المعجزة.. حسناً هات ما عندك من هذا الماء؟..
مكرز: سمعت أصحاب محمد يهمسون أنهم اشتكوا إليه قلة الماء فنزع سهماً من كنانته ودفعه إلى أحد أصحابه وقال أغرزه في قليب الحديبية فجاش الماء من هذا السهم وكأنه فوار..
سهيل:إذا صح ما قلته يا مكرز فإنها معجزة والمعجزة لا تكون إلا لنبي.. أترى تستطيع قريش مقاومة هذا النبي..!!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :646  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 17 من 58
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

يت الفنانين التشكيليين بجدة

الذي لعب دوراً في خارطة العمل الإبداعي، وشجع كثيراً من المواهب الفنية.