شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(18) ابنتي الحبيبة شيرين
لا تذهبي بعيداً في التأثر بالأحداث.. كوني أقل توتراً في تلقي المؤثرات وأقل قابلية لسرعة الاشتعال والانفجار.
أنت تبدئين حياتك الآن.. فماذا يبقى منك للمستقبل إذا بدأت عملية استنزاف لموارد القدرة الذاتية..
غير مجد طبعاً أن تخسري أعصابك لتكسبي معركة وعلى الأصح موقفاً يبدو لك تافهاً في النهاية..
من المخاطر أن تشترك امرأة مع رجل في معركة، فإنه يستطيع دائماً حتى إذا كسبت المعركة ضده أن يؤذيها أذى أكبر من أي كسب ومن أية خسارة..
المجتمع نساءً ورجالاً أمام هذه المعارك يفسر ويحلل ويعلل ويصدر الأحكام خارج دائرة المنطق وخارج دائرة الواقع ومع هذا يقف أمام الخطأ والصواب تماماً كما يقف الأطفال المجردين من التعقل..
هناك إشاعات يرفضها العقل، تتوفر لها القدرة باستمرار على قتل الحقائق وعلى التشكيك في الواقع وتزييفه، وهي ليست أكثر من إشاعات ترفضها كل مقاييس العقل والمنطق والواقع الملموس..
كثير من الانتصارات باهظ التكاليف أكثر كثيراً من أية هزيمة.
إن بعض الظروف تضع الإنسان فجأة أمام مثير من نوع ما فتكون الاستجابة المتسرعة مانعة من صحة التقدير والتروي.. ولا غرابة في هذا..
فإن السيطرة على النفس والأعصاب ليست ممكنة في لحظة الانفعال كما هي ممكنة بعد انقضائها.. أخشى أن تحسي بأن البعض يعالجون المسائل بشعور أقل حدّة.. فهذا سيكون بطبيعة من أسباب انفجار جديد من النوع الذي يسبب الاختناق بالمرارة..
ولكن لماذا هذا التشاؤم ولماذا أخشى وأخشى؟!
أليست هناك حياة لا يخشى الإنسان فيها شيئاً؟ ولكن كيف تكون (الحياة) حياة بلا محذورات؟! بل كيف يكون الإنسان نفسه إنساناً متميز المكانة بين الموجودات والأحياء غير الإنسانية؟
إذا لم يكن هناك ما يخشاه ويحذره واقعاً فيه أو سالماً منه..
إنها ليست فلسفة ولكنها كلام دائري وعلى أحسن الفروض حلزوني يجري فيه الإنسان على طريقة التداعي الحر..
ولقد جاءت -هذه الكلمة -التداعي الحر- في أوانها.. فينبغي أن أستغلها قبل فواته..
احذري جهدك كله من الانطلاق.. ومن التداعي الحر.. بمعنى أكثر تحديداً احذري من توسيع دائرة الاتهامات إلا إذا نجحت في إقامة دعامة ثابتة لشيء منها.. وهذا الشيء يجب أن تتوفر له القوة والبروز والخطورة كلما كان قليلاً.. احذري دائماً يا ابنتي من الحركات المضادة التي يمكن أن يؤلفها من تهاجمينه.. وعندما يحس خصمك بأنه معرض للخطر لا يتورع عن استعمال أفتك وأقذر الأسلحة.. وقد يستعين بالشيطان.. لن يدمر بيديه.. وإنما يدع آخرين يقومون بالمهمة. هؤلاء الآخرون يكونون في الغالب هواة شر، ومحترفي نذالة يأخذون ويعطون كل ما يراد منهم ويكونون أعداء وحساداً لك لم تضعيهم قط في موضع الشك ثقة في صداقتهم واطمئناناً إليهم..
أكثرت عليك أيتها الحبيبة.. أرجو أن لا تكون الإطالة سبباً في التأثير على عزيمتك.. الذي أردته هو أن تقفي على شتى الاحتمالات ومحاولة استيعابها بالنظرة الهادئة المتعمقة..
أحسبت أنك ستخرجين من الموقف موفورة الكرامة بعون الله وتوفيقه..
وإلى اللقاء في رسالة البشرى بخروجك من المعركة ظافرة راضية.
والدك
 
طباعة

تعليق

 القراءات :468  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 20 من 99
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج