شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(19) ابنتي الحبيبة شيرين
سررت بخطابك وبمقالك ووضعت عليه إشارات وعلامات.. كنت أريد الارتكاز عليهما كمحور لإلقاء بعض الفقهيات الخاصة بالأسلوب وبالصحيح المهجور والفاسد المشهور..
وأدرت الحديث بيني وبين نفسي ليلتين حتى تكونت حولي تلال من الملاحظات وما تجر إليه من ثقيل وخفيف وطويل وقصير..
وحدث المعتاد حدوثه دائماً في حياتنا وهو باختصار: كل شيء موجود في متناول اليد والنظر حتى نحتاج إليه فيختفي إلى الأبد، وهذه حتمية كحتمية الوجود والفناء.. المضحك فيها حتى البكاء أنها تنطبق على كل شيء مما ينفع أو يفيد أو يعين على أي غرض من أغراض الحياة..
لماذا يكون الأمر هكذا؟ وهل هو قانون ينطبق علينا وحدنا دون كل البشر؟؟ (محدش) يعرف.. ومحدش هو كنز المعرفة المسحور في بيتنا منذ قدر له أن يستقبل أول أطفاله.. هكذا قد أدركت وبلا شك أن الظرف والخطاب الوارد منك وأيضاً الخطاب الوارد من غازي وخطاباتك لشقيقاتك والدبابيس والكلبسات التي ربطت بها هذه المجموعة كلاً وأجزاء -كل هذا موجود.. اختفى فقط ما نحن بحاجة إليه...
ليس سهلاً استرجاع ما فات..
صفحتك الأخيرة برهان جديد على أنك تتقدمين تفكيراً وجاذبية وخفة دم.. هناك رنة "حزايني" أخشى أن تستحيل بإدمان استعمالها إلى لون قاتم.. إنك تعرفين أن الناس يحبون ما يضيء الظلمة الدامسة وما يبددها لا العكس.. يجوز أن يكونوا أكثر انقباضاً وأكثر استهداماً لمرارة الشعور بالتعاسة.. لكنهم مع هذا ليسوا أصحاب أمزجة تشاؤمية تبدأ من الحزن وتنتهي إليه.
هل قرأت قصة آلام فيرتر؟ كانت أقوى صرخة تردى على أثرها العصر الحديث في مهاوي الرومانسية المفعمة بدوافع الحزن وما أكثرها في حياة الإنسان الحساس المرهف.
فاتحة صفحتك هذه ذات ثقل محسوس.. إنها دلالة عقل يفكر ويبتعد رويداً رويداً عن الساحل.. اتجاهاً إلى العمق والغور.. لكن لماذا يتمشى فيها الحزن؟! مرة أخرى ومرات "الحزن" إنه عادة ترسخ وتنمو وتتأصل بالاستعمال والإدمان.. وهي ليست أقل خطورة من المكيفات الخفيفة التدخين.. القهوة.. الكسل والاسترخاء.. إلخ.
أخرجي من الماء فوراً قبل أن يتشبع جسدك بالملح.. اذكري أن الحزن مكيف لذيذ ولكن ليس دائماً.. ليس بعد أن يتحول مزاجاً ثابتاً وإدماناً..
أطلت عليك.. فإلى اللقاء في صفحة لا تفوح منها رائحة الحزن ولا رائحة القلق.. ولا رائحة التوتر.. تعلمي الانتصار تصنعيه لك وللقراء.. هم أيضاً بحاجة إلى الانتصار ولو تخيلاً..
الانتصار على مآزق الحياة وضنكها.
قبلاتي وتمنياتي لك.
والدك

حمزة شحاتة يقف في أقصى اليسار وعن يساره الأساتذة عبد الله عبد الجبار وإبراهيم فلالي بينما الشريفة دينا عبد الحميد في المقدمة، في إحدى المناسبات بالقاهرة.

* * *

 
طباعة

تعليق

 القراءات :459  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 21 من 99
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج