شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الناقد والمثقف (حسين بافقيه).. لـ (البلاد)
أحلم بأن تستعيد مكة زمام ((التنوير)) (1)
لتواصل تاريخها الباذخ
حوار: بخيث الزهراني
الناقد والأديب والمفكر الشاب الأستاذ حسين بافقيه واحد من الأسماء التي رسمت اسمها على الساحة الثقافية المحلية خلال السنوات الأخيرة.. عندما تراه حاضراً في مجلس ثقافي تتأكد أن لديه الكثير من الرؤى، الطروحات العميقة، حول ما يدور.. لكنه لا يتحدث إلا قليلاً.. وكنت في كل مرة أراه كذلك، وأنا أرمقه من بعيد، أتساءل: هل المجلس هو الذي لا يدع له الفرصة الكافية للحديث؟.. أم أن هذا الشاب المسكون بالهم الثقافي يريد أن يظل كذلك مقلاً في مداخلاته؟ وشيء آخر لمحته في (حسين بافقيه) أن لغته واثقة، وروآه جرئية، ونظرته استشرافية إلى حدود المدى البعيد، شغوف برموزنا الثقافية المحلية خصوصاً، والعربية والإسلامية عموماً.. ويبدو كثيراً يتوشح أردية الهدوء، ويعاف الانعطاف إلى حيث الانفعال.. ولديه مقدرة هائلة على قبول الآخر، والتعاطي معه داخل أطر حضارية.. وتؤكد كل معطيات وخطوات هذا الشاب.. أننا أمام اسم قادم بقوة نحو الصف الأول ثقافياً.. هنا حاورنا في (البلاد) فكانت هذه المحصلة..
التاريخ المكي الباذخ:
ونحن قبالة مناسبة ثقافية حضارية عريقة بحجم (مكة عاصمة الثقافة الإسلامية) كيف نرى الصورة الأجمل للتعامل مع المناسبة، بحيث يمكن استثمارها على كل الصعد؟
((إن الاستثمار الحقيقي لهذه المناسبة هو تعزيز القيم المكية. فمكة المكرمة أنموذج فذ للتنوع والتعدد الاجتماعي والثقافي. وهي البيئة المثلى لصياغة الأفكار المختلفة. وما تاريخها الثقافي إلا إلماحة إلى هذه الميزة المكية، ودونك أي كتاب من الكتب التي ترجم لعلماء مكة المكرمة أعلامها، فستجد ذلك التنوع الفسيفسائي الذي يصنع في الأخيرة المرايا المكية في قبولها الأفكار المختلفة حد التضارب. ففي أم القرى تجد التنوع المذهبي، والاختلاف الفكري وستدهش حين نعلم أن جزءاً من تاريخها الثقافي اقترن بطائفة من المتصوفة والفلاسفة. فالحقبة المكية من حياة (ابن عربي) ـ المتصوف الكبير ـ تومئ إلى طرف مما أقول. وكذلك المدة الطويلة التي قضاها جار الله الزمخشري وهو من وجوه المعتزلة، في رحابها، وألَّف تفسيره الشهير ((الكشاف)) وفي الجانب الآخر تجد الإمام البخاري الذي دوّن طرفاً من ((الجامع الصحيح)) في مسجدها الشريف. وغيرهم من العلماء الكبار الذين كانوا حلقة من حلقات تاريخها الثقافي الباذخ)).
أما الجوانب الاحتفالية فلي أن أتحدث عن الأمنيات، أن أرى ((مكتبة الحرم)) إلى جوار الحرم الشريف، لتصبح جزءاً من معالم المكان المحيط به. وأن نرى سلسلة من الكتب عن مكة المكرمة، تاريخاً وثقافة ، وأدباً، وفلكلوراً. وأن تخف المؤسسات الثقافة في مكة المكرمة ـ بالذات ـ إلى تعميق هذه المناسبة، وخصوصاً جامعة أم القرى. وأن تستعيد مكة المكرمة زمام ((التنوير)). فمن بطحائها الطاهرة تنادي ثلة من أبنائها قبل ما يزيد على ثمانين عاماً لصياغة الأدب الحديث والثقافة الحديثة في بلادنا.
الكتاب السعودي:
ذات مرة قال الدكتور عبد الله المعطاني ـ الباحث والناقد المعروف ـ أن (( الكاتب العادي يستطيع أن يتقدم بواسطة العلاقات )) في إشارة إلى معضلة تراجع الكتاب السعودي ـ كيف نرى بواعث هذه الإشكالية الفكرية؟
مع أنني لم أفهم ما العلاقة بين ما قاله الدكتور المعطاني وما ذكرته في سؤالك: فإنني لا أرى في المدة الحالية تراجعاً للكتاب السعودي، وبخاصة المطبوع في الخارج. فثمة دور نشر وصلت بالكتاب السعودي إلى آفاق ما كان يحلم بها أدباؤنا في الماضي. ولعلّ الأحداث التي أحاطت بالمنطقة، وألقت بظلالها على واقعنا أسهمت في رواج الكتاب السعودي إلى حدّ ما.
الثقافة الكونية:
هناك من صار يتحدث عن (الثقافة الكونية أو كونية الثقافة) المعاصرة برأيك كيف يستطيع المثقف السعودي أن يتعامل مع هذا المعطى الذي يبدو أنه صار واقعاً؟
الثقافة الكونية من المفهومات الحديثة التي أطلت علينا منذ ما يزيد على العقد من الزمان. وهي إن أمعنا النظر فيها. تخفي في طياتها جر العالم إلى ثقافة بعينها، وأنماط اجتماعية بعينها. وتتعامل مع البلدان والمجتمعات وكأنها قوالب إسمنتية جامدة. ظاهرها الالتقاء والتآلف. وباطنها نفي التنوع والتعدد الذي يعد من سمات الخصب والنمو. أما عن تعامل المثقف السعودي مع هذا الواقع الجديد الذي ألمحت إليه، فلا أملك إجابة محددة. إلا ما كان من دخول ألوان من الثقافة الحديثة إلى أدوات الكتابة والنشر وفتح آفاق غير محدودة للنشر الإلكتروني. والخروج على الوصاية التقليدية للمؤسسة الحكومية. إن كان هذا هو المقصود، فإن هناك معالم حقبة جديدة للثقافة في بلادنا تحرر فيها نفر من المثقفين والناشطين السياسيين من العلائق القديمة للنشر بل لعلّ وسائط النشر الإلكتروني السعودية أصبحت جاذبة، وأكثر حداثة، وأقرب إلى إيقاع العصر.
قضايا النشر:
قضايا النشر والتحاكم بشأنها.. كانت حديث الوسط الثقافي بخاصة، والمجتمعي بعامة.. وفضلاً عن أن المسألة نظرياً محكومة بقرار رسمي.. فإننا نود استطلاع رؤاكم حول مضامينها؟
أولاً نحمد الله أن قراراً حكيماً قد اتخذ لمنع التحاكم حول قضايا النشر في المحاكم الشرعية وإحالة ذلك إلى وزارة الثقافة والإعلام. وكان هذا القرار منصفاً للثقافة والمثقفين، ومراعياً للاختصاص المهني، وإلا كيف يكون حال الثقافة في بلادنا لو سبق كل مثقف أن عبر عن رأيه إلى المحاكم، وصدر في حقه حكم ما؟ إن في ذلك تشويهاً لسمعة بلادنا، وخروجاً عن قيم العصر ومنافاة لحرية الفكر والتعبير. والأدهى أن نعامل المثقف وصاحب الرأي معاملة المجرمين ثم هب أن كاتباً أبدى رأياً وأخطأ، أليس من حقه أن ((يخطئ)) وإلا كيف نصل إلى الحقيقة إن لم يكن هناك ((خطأ)) ثم من الذي يمكنه مجادلة صاحب رأي في رأيه؟ أليس من يشاركه الصناعة نفسها. وأذكر في هذا المقام أنني رددت في صحيفة ((البلاد)) على كاتب وأستاذ جامعي ـ يحتل الآن موقعاً مهماً في إحدى جامعاتنا ـ كان قد دعا إلى أن يرى القضاء الشعري رأيه في من دافع عن رواية ((وليمة لأعشاب البحر)) لحيدر حيدر من الكتّاب السعوديين. وعجبت، حينذاك، من ذلك الأستاذ الجامعي الذي لم يقرأ الرواية، ولم يجد فيمن اختلف معه في الرأي إلا أن يساق إلى المحاكم! فإذا كان أستاذ جامعة يمثل هذا المستوى من التفكير فأي قِيّم في الاستقلال الفكري يمكن أن يبثها في طلابه؟
إن إحالة قضايا النشر إلى وزارة الثقافة والإعلام أنهى حالة الفزع والدهشة التي بدت على وجوه الكتّاب والمثقفين ـ بكل أطيافهم ـ وأدخل مساحة كبيرة من الطمأنينة على قلوب المثقفين والكتّاب.
الشوارعيون!!
ذات مرة قرأت عنواناً عريضاً بإحدى الصحف مؤداه المبدعون الكبار (شوارعية) بامتياز.. ومحفوظ أولهم، من جانبك هل من توصيف أوسع لهذا العنوان؟
لم أقرأ هذا العنوان لكن الذي تستدعيه مخيلتي من كلمة (شوارعية) معنى سلبياً بالغاً في الشتم لا يليق أن يصدر في حق المنتمين إلى الثقافة. ولا أحسب أنه يليق بروائي كبير كنجيب محفوظ. فكلمة ((شوارعية)) ذات دلالات معروفة. ولا تقال إلا لفئة بعينها. أما إذا كانت الكلمة ((شارع)) فقد تعني إنصات المثقف المبدع إلى نبض ((الشارع)) والجماهير التي تكبر قلمه، وتنفخه بحبها وثقتها.
المدينة والصحراء:
ما هي أبعاد نتاجك الأدبي الأخير (( على حافة المدينة وعند حدود الصحراء )) ؟
هذه ورقة كنت قد ألقيتها في جماعة ((حوار)) في النادي الأدبي بجدة، عن كتاب ((ثقافة الصحراء)) للدكتور سعد البازعي، الذي يرى أنه من الضروري لأدبنا وثقافتنا في المملكة، أن تعبر عن ما أسماه ((خصوصية الصحراء)). وهو لم يبسط القول في هذه الخصوصية التي رآها. وكان من المفيد أن أقف عند حدود هذه الصحراء التي تحدَّث عنها لأصل إلى أن المشكلة الحقيقية التي تحيق ببلادنا هي الصحراء واقعاً مادياً يلقي علينا بالجفاف والتصحر وإمكاناً ثقافياً واجتماعياً يتمخض عنهما ((البداوة)) و ((القبيلة)) وحيث كانا تغيب صورة ((الوطن)) وتمَّحي معالم المجتمع المدني ثم إن في الارتداد إلى الصحراء نفياً لمعالم ثقافية واجتماعية ممعنة في المدينية. ولا تمتُّ إلى الصحراء بصلة. إلا ما كان من شأن الجغرافيا والمكان. ولأدلل على ذلك بمكة المكرمة. حيث تحيط بها الصحراء من كل مكان لكنها مدينة تغلبت على الصحراء منذ الجاهلية. فهي مدينة حضرية بامتياز وقس على ذلك مجتمعات الساحل والجبل والوادي.. أما أن تعمم الصحراء وثقافتها ففي ذلك افتئات على التنوع والخصب في بلادنا.
القراءة النقدية:
القراءة النقدية السعودية ما زالت طبقاً لما يراه غير ما ناقد أقل من مستوى الطموح الذي كان يتعين عليها بلوغه. خصوصاً أن أسماء كثيرة مولعة بالفكر النقدي تحفل بها الساحة المحلية؟
أما أن القراءة النقدية في الساحة المحلية أقل من الطموح. فهذا قول صائب. وأما عن الأسباب فثمة أسباب كثيرة ومختلفة. فهناك الولع بالنظريات النقدية التي يتطاول بها كثير من المشتغلين بالنقد. حتى غدا التظاهر بمعرفة أصول النظريات النقدية الغربية حلية لدى طائفة منهم ثم إن هناك الرطانة المصطلحية. فأنا لا أفهم في كثير من الأحيان، ما الذي يقصده ناقد من نقده؟ فليس ثمة إلا تهويمات. وليس ثمة إلا لغة مانعة ركيكة، ما هي بنقد، وإن شبِّه لمن يتخذها ذريعة للوصول إلى القارئ.
الصالونات الأدبية:
الصالونات الأدبية المحلية تحاول أن تصنع شيئاً من جريان المياه في جداول الفكر السعودي غير أنها في نظر البعض ما زالت تكتنز بما يمكن أن يقال عنه الشللية، بحيث يحضر هؤلاء ويغيب المبدعون والمبتدئون ممن يحتاج إلى جرعات معنوية مطلوبة، ما رأيكم؟
المنتديات والصالونات الأدبية الخاصة مظهر من مظاهر المدينة الحديثة. وهي تسهم، إلى حد ما في صياغة الصورة الثقافية للمجتمع الذي تكون فيه والصالونات الأدبية الخاصة في بلادنا تختلف من مكان إلى آخر ولكنها أنموذج جيد للوعي الثقافي المديني، وأظن أنها تحتاج إلى صياغة جديدة. هذا ما أشعر به نحو (( اثنينية عبد المقصود خوجه )) التي تعد شاهداً على العمق المديني، وشاهداً كذلك على المأزق الذي وصلت إليه. وذلك لارتهانها إلى منهج ((التكريم)) الذي لا يتعدى في كثير من الأحيان سمة ((المناقبية)) ويضيع فرصة الحوار مع الأفكار. وأذكر في هذا السياق ليلة تكريم المفكر الكويتي المعروف الدكتور محمد الرميحي فالذين تحدَّثوا عن الدكتور الرميحي لم يكونوا مطَّلعين على تاريخه الفكري والبحثي في حين أن بإمكان (( الاثنينية )) أن تجمع نخبة من العارفين بالشخصية المكرمة وإثارة حوار مفيد لا أن يصل مستوى التكريم إلى ذلك الحد الذي وجهت فيه متحدثة من القسم النسائي سؤالاً إلى الدكتور محمد الرميحي قائلة له: ((ما السؤال الذي كنت تتوقع أن تسأله ولم يوجَّه إليك))؟!! إن المهمة التي يقوم بها الأستاذ عبد المقصود خوجه جليلة لا شك في ذلك، وإن اثنينيته حققت مكانة مهمة في الحياة الثقافية في بلادنا، وهي بما نشرته من وقائع عن حياة الرواد والشخصيات المكرمة تؤلف مادة وثائقية بالغة الأهمية. ولكل تلك المزايا المهمة فيها أصبحت مشفقاً عليها، خصوصاً أنها تملك من مقومات الاستمرار ما لا تملكه مؤسسات ثقافية أخرى.
الأندية الأدبية:
أنديتنا الأدبية قال كاتب يومي مخضرم عن أحدها إنها أشبه بمن مات.. وبدا كأنه يترحم على أحدها. هل في نظركم وصلت إلى هذه الحافة من التواضع الحراكي؟
((بعض الأندية الأدبية)) مات وترحَّمنا عليه من مدة طويلة، وبعضها وهذه مشكلة عصية، لم يمت فيستراح منه. ولم يرج برؤه. فيتجدد فينا الأمل. هذه ليست غائبة فالأندية الأدبية ـ بعضها على الأقل ـ أسهم في بث الحياة في أوصال الثقافة في بلادنا وكانت الصوت الثقافي الوحيد لنا في الخارج. وأنا هنا لا أحب التعميم. إن ما فعله النادي الأدبي بجدة تنوء به وزارة بكاملها. وأينما ذهبت في الوطن العربي لن تدهش حين يحدِّثك المثقفون عن مطبوعات هذا النادي. وإذا ما رجعت إلى وقائع محاضراته فلك أن تعجب لنادٍ استضاف رموز الفكر العربي الحديث، زكي نجيب محمود، وإحسان عباس وعبد الوهاب البياتي، وعزّ الدين إسماعيل، والمهدي بن عبود، وشكري فيصل، ولطفي عبد البديع، وجابر عصفور وكمال أبو ديب وشكري عباد وحمادي صمود.. الخ. إن المسألة يا صديقي، ليست ألغازاً ولا طلاسم فالأندية التي تعمل معروفة. والأندية التي لزمت الصمت معروفة كذلك. إنني أتمنى أن أعرف ما الذي يفعله نادي المنطقة الشرقية، أو نادي الباحة، أو نادي تبوك، أو نادي القصيم؟ إننا نحتاج إلى شيئين: تكريم مجالس إدارات الأندية على ما عملوه وما لم يعملوه وإلى بث دماء شابة فيها، كما أعاد محمد الدبيسي وعيد الحجيلي ونايف فلاح الحيوية والنشاط إلى نادي المدينة المنورة الأدبي.
الرموز الثقافية:
ذات مرة استمعت لكم بفرح عارم وأنتم في مجلس لأمين جدة السابق تطرحون جملة من الرؤى من بينها مقترح يضمن آلية عمل تحتفي برموز الفكر السعودي. ما هي الصورة بالضبط في ذهنك حول هذا المقترح؟
المقترح هو أن نحتفي بذاكرتنا الثقافية، والمسألة يسيرة للغاية أن نضع لوحات تعريفية في جدة القديمة على بيوت أبنائها من الأدباء والفنانين والصحفيين. في القاهرة حدَّثني سائق سيارة أجرة عن البيت الذي سكن فيه الفنان العظيم نجيب الريحاني، ثم ما هي إلا لحظات وكنت أمام العمارة التي سكن فيها تحتل جانباً من مدخلها لوحة كتب عليها هذا الشأن. وفي القاهرة نفسها ليس من العسير أن تتعرف إلى المقهى الذي كان يرتاده أمير الشعراء أحمد شوقي. ولا الشقة التي سكن فيها خليل مطران. ولا الشارع الذي سكنت فيه أم كلثوم أول عهدها بالقاهرة. ألم أقل لك إن المسألة يسيرة. ولكننا بساطة لا نحسن الاحتفاء بذاكرتنا.
الحداثة!!
كتب الدكتور حسن الهويمل مقالاً في (الجزيرة) قبل شهرين تقريباً عنوانه: (دعوا الحداثة فإنها منتنة) كيف تنظر كناقد إلى المشهد الثقافي المحلّي والعربي وسط هذا التجاذب والتنافر؟
هذه لغة لا أحبها، ولا أتمنى أن تروَّج في مشهدنا الثقافي، لأنها لم تنمَّ عن استعلاء و ((تطهرية)) مزعومة، والمسألة ليست في الحداثة أو نقيضها. لكنها في مقاربة الشؤون الثقافية بهذا الوعي الذي يتعمد الإثارة التي تطل علينا من ذلك العنوان. وللدكتور حسن الهويمل الحق كل الحق في أن يعالج المسائل الثقافية. سلباً أو إيجاباً. لكن للعلم حقاً عليه أن يتحرى الإنصاف والحياد فيما يتناوله. وأنني أعجب للدكتور الهويمل كيف يعاف الحداثة وقد احتشدت مقالاته وكتاباته بمصطلحاتها التي يسوقها لطرافتها. وإن كان لا يعرف إلى استعمالها من سبيل ليبدو أمام قرائه وكأنه المتضلع منها العارف لها. ولعلّه يقصد من وراء ذلك كسب فئة من المجتمع ليس له من ذريعة إلى ودّها إلا الإزراء بخصومه والتنقص منهم.
الملاحق الثقافية:
ما الذي يدفع القارئ المثقف إلى التعاطي مع الملاحق الثقافية في مطبوعاتنا المحلية. وفي المقابل ألا تشعر أن ثمة لوناً من انحسار المتابعة والشغف بهذه الملاحق في الوقت ذاته!
غياب المنابر الثقافية أدى إلى هذا الواقع بالملاحق الثقافية في الصحافة المحلية. أما الانحسار الذي أشرت إليه، فمردُّه التكرار في الوجوه وفي الأسماء وفي القضايا. وكل ذلك ناجم عن تأخر معظم صحفنا عن أن تفتح ملاحقها الثقافية على ألوان من الثقافة تختلف عن الثقافة الأدبية. فالمجتمع تغير في السنوات الأخيرة. لكن كثيراً من صحفنا لم تشعر فيما يبدو بهذا التغيير.
رسائل قصيرة:
ما الذي يمكن أن نقوله في عبارات موجزة. كرسائل قصيرة لهؤلاء:
ـ تركي الحمد:
مفكر كبير لم يحسن قومه الإنصات إليه، وروائي متميز حسده السدنة التقليديون للرواية.
ـ عبد الله الغذامي:
أستاذي الذي أعتز بالتلمذة له.
ـ أبو بكر باقادر:
قامة فكرية شامخة، وإنسان رائع، تواضعاً وطيبة ونبلاً، ومواطن صالح يحبه الجميع وينثر الحب أينما حل.
ـ غازي القصيبي:
حينما أطلت علينا موجة الحداثة بخسه بعض الحداثيين حقه لأنه ((رومانسي)). وحين انحسرت تلك الموجة ذهب من ذهب بقي غازي القصيبي برومانسيته، وحين آثر نفر منهم الصمت فتح القصيبي نافذة على الرواية. وعض الصامتون على نواجذهم: إنه ((رومنسي)) إنه ((برجوازي))! وحين خلف من ورائهم خلف ردّدوا المقولات نفسها، ثم صمتوا. وما زال غازي يكتب الشعر والرواية والنقد والفكر وهم يرددون ((رومانسي)).. ((برجوازي))!
ـ عبد الفتاح أبو مدين:
يشهد له التاريخ أنه بينما استكان ثلة من رؤساء الأندية الأدبية إلى الصمت كان أبو مدين بمفرده في نادي جدة الأدبي يضع الصوى في الطريق، لا يأبه بأحد، يعمل وغيره يثرثر، وينجز ولا يلقي بالاً للذين لا يعملون ولا يأنسون لأن يعمل غيرهم.
ـ عبد الله مناع:
علامة مهمة في تاريخ الصحافة السعودية وأحد الأرقام الصعبة فيها.
ـ محمد جبر الحربي:
تذكرني قسوته في مقالاته الأخيرة بقول الشاعر:
فقسا ليزدجروا ومن يك حازماً
فليقس أحياناً على من يرحم
ـ عبد الله الماجد:
صاحب تجربة ثرية في النشر تستحق أن تدوّن، يؤمن بالكتاب ويتتبع أثره شرقاً وغرباً.
ـ محمد منصور الشقحاء:
يا طيب القلب وينك؟ محمد منصور الشقحاء رجل نقي القلب، لا تملك حين تجلس إليه إلا أن تحبه.
ـ جار الله الحميد:
فنان موهوب وصانع ماهر.
ـ ثريا العريض:
شاعرة القصيدة ((المثقفة)) التي لا تنفصل عن همِّ المرأة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :398  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 169 من 203
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الشعرية والنثرية الكاملة للأستاذ محمد إسماعيل جوهرجي

[الجزء الخامس - التقطيع العروضي الحرفي للمعلقات العشر: 2005]

سوانح وآراء

[في الأدب والأدباء: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج