شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
شمعة مضيئة
(أديب) في ميزان (البيان) (1)
بقلم: حسين عاتق الغريبي
ـ ما يكتبه صديقي الأستاذ الأديب (معيض البخيتان) ـ نثراً ـ لا يقلُّ، جودة وإتقاناً، عما يبدعه من قصائد شعرية، تدهشنا في صورها الجمالية، وموسيقاها العذبة.
ـ وتعامل (البخيتان) مع (الكلمة) يحكمه الحرص على ثوابتها الموروثة، والتي خلَّفها صناع مهرة، وعليها شيَّدوا قوامها الجميل الزاهي بمبادئ (الحق والخير الجمال).
ـ قد نجده (حاداً) في نقده لبعض الأعمال الأدبية، لكن ذلك لا يتجاوز حدود الأسلوب (الراشد) الذي يوصله للهدف النبيل، فالعبرة عنده: (في تدبر الحق والامتثال به)، ومحاولة إظهار (الحقيقة) بأدلة واضحة.
ـ في شعره ونثره سعى إلى إحداث تمازج لطيف بين الأصالة والحداثة.. لم تجرفه (الحداثة) إلى تيارها الأهوج، وإنما استقبلها بهدوء وتأمل، لكونها اتجاه حظي بالترحيب من الآخر (المنبهر) بخروجها عن المألوف.
ـ وبعد البحث والتقصي صرح أديبنا (البخيتان) بهذه الحقيقة: أجد نفسي مؤمناً حضارياً، تزحمه الأضواء الثرارة من ذاته المؤمنة، ومن موروثه الفكري والتاريخي الضخم، ومن هنا لا آخذ إلا بقدر من هذه المستوردات بعد أن أطوِّعها وأصهرها في ثقافتي ومعرفتي اليقينية بالوجود الموحد، أما أن أهدر شيئاً من موروثي أو أتحلل عن مشروعيتي الأصلية وما تميزت به من السحنة والرؤية، فهذا تسليم للذات المغايرة لطبيعتي تماماً، أو قل تشويه لخلفية لمستها بالفطرة، وورثتها امتداداً وضخامة سارت عليها أمم وولدت عليها وبها أقوام ملأت الأرض ذكراً أو خبراً، ولا أعتقد أنني سأجد نفسي، ولن أجدها، إلا مع تفرُّدها العربي المسلم، أما تلك السقطات الموبوءة فلها من يبحث عنها وسيجد نفسه حيث يريد..).
ـ هذه الرؤية الواعية الصادرة عن أديب محنك، تكشف عن النهاية (الخاسرة) التي آل إليها بعض المقلدين، الذين سلَّموا وجدانهم للذات المغايرة لطبيعة الفكر النقي فغمرتهم (الموجة)، ونسيهم الناس!!
ـ وفي زحمة (سوق الأدب)، التي قسمها الناقد الشهير (مارون عبود) إلى طبقات وأدوار، تتباين في مستوى جودة سلعها، وأثمانها، لاحتوائها على (النفيس) و (الرديء)، راح الأديب (الناقد) معيض البخيتان يبحث عن (الوجه المشرق) الذي يستحق أن نطلق عليه مسمَّى (الأديب).
لقد صدم الناقد بمشهد لم يعجبه.. وجد (أن الأدب بصرحائه ومواليه ـ أي الموهوبين والمتشعلقين على الفتات، قد استووا في الظاهر على جيفة، وافترقوا على أن يعودوا إليها)!
ـ و (الأديب) ـ في الواقع وكما يراه الناقد الحصيف ـ: (هو الإنسان الذي وُلد ولديه موهبة مغايرة، إذا تحدَّث أراك نفسك وقرب منك إلى حد المناط الذي يركض بحياتك كلها، هذا هو الأديب بشخصياته العمومية، أما ماذا يتناول وماذا يدفع فهو إما أن يكون شاعراً وهذا رأس الزاوية في الفن على الإطلاق أو قاصاً أو روائياً أو مسرحياً أو باحثاً يعني بما ذكرنا تبييناً وإعجازاً وقف على علوم لغته فأتقنها ودرس كل ما يتعلق بالروائع ممارساً ومجارياً، ولهذا لا يحيد عن النظام ولا ينكر الخلق المبدع وفق ما حذقه ومثل هذا الإنسان لا يحاكي إلاّ المبهر ولا ينتج إلا الجميل.. إن شعر أو نص أو بحث، فإنما يعكس العلم والوعي وهموم الأمة، فالأديب هو المؤرخ الحقيقي والصوت الوحيد الذي يبقى في أي شعب ومع كل جيل، ولا يهمنا سواء أكان هذا الصوت منبعثاً من قصر وارف الشرفات والحدائق أو من كوخ في عمق الريف البائس، المهم أنه صوت الأدب وتهدُّج القادرين..).
ـ قال صاحبي، وقد اطَّلع على هذا المقال قبل نشره: (إذا كان هذا ما تقوله أو تنقله عن الشاعر معيض البخيتان.. فلماذا لم تكرِّمه (الاثنينية) المعروفة بالاحتفاء بالروَّاد والمبدعين؟!
ـ قلت له: لعلّك يا صاحبي تدرك مدى حرص صاحب الاثنينية الشيخ عبد المقصود خوجه على هذا التوجه النبيل الذي يسعى إليه دائماً.. وإنني أعلم أنه قد وجَّه ـ مراراً ـ الدعوة إلى الأديب (معيض البخيتان) لنسعد جميعاً بتكريمه، لكنه يعتذر، أو يؤجل الموعد لظروف تخصه.. وعسانا نشرف بلقائه في رحاب الاثنينية قريباً ـ إن شاء الله ـ تحية إعجاب وتقدير لهذا الشاعر القدير.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :523  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 167 من 203
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.