(ليَتْ الذِّي بَيْني وبَيْنَكِ عَامِرٌ) |
حَتَّى تَرَيْ لَفْحَ الهَوَى الحَرَّاقِ |
وَتَرَيّ هَزَارَاً كَانْ أَمْسِ مُغَرِّدَاً |
يُشْدو بِلَحْنِ الحُبِّ وَالأَشْوَاقِ |
قَدْ بَاتَ يَشْكو مِنْ جَفَاءِ ألِيفِهِ |
شَكْوَى المُعَنَّى مِنْ أَسَىً وَفِرَاقِ |
يَقْضِي اللَّيَالِي سَاهِرَاً مَتَأَمِّلاً |
طَيْفَاً يَراهُ.. يَحِنُّ فِي إِشْفَاقِ |
فَإذا بِهِ يَلْقَى الحَيَاةَ تَبَرُّمَاً |
وَتَرَهُّلاً في الحِسِّ والأَعْمَاقِ |
فَالحُبُّ بَيْنَ النَّاسِ أَمْسَى حُلةً |
لِلزَّيْفِ والتَّطْبِيلِ والإِمْلاَقِ |
لا تسمعُ الصَّوتَ الجَميلَ لِعَنْدَلٍ |
يُشْجي الفُؤادَ بِصَوْتِه الرَّقْرَاقِ |
أَوْ تَجْتَلي في الرَّوْضِ نَفْحَةَ زَهْرَةٍ |
تَنْثُو عَبِيرَ الأُنْسِ لِلطُّرَّاقِ |
أو تَحْلُمَنَّ بِمَوْجَةٍ في رَكْضِهَا |
تَسْتَلْهِمَنَّ الحِسَّ في الآفَاقِ |
أو زَوْرَقاً لِلْحُبِّ يَطْفو حَالِمَاً |
واللَّيْلُ يَحْضُنُهُ بِحَرِّ عِنَاقِ |
ما للحياةِ بَدَتْ تُعَفِّرُ وَجْهَهَا |
وَتَسيرُ نَحْوَ الكَدْمِ والإِزْهَاقِ؟ |
هل غَالَها جَوْرُ الزَّمَانِ فَلَمْ تَعُدْ |
تَرْعَى نَقِيَّ الحُبِّ دُونَ نِفَاقِ |
أَمْ أَنَّ حُبَّ النَّاسَ بَاتَ مُخَثَّرَاً |
مِنْ وَكْسَةٍ حَلَّتْ وَمِنْ إِمْحَاقِ |
فَتَرَى الإِخَاءَ مُزَيَّفَاً في أَنْفُسٍ |
جُبِلَتْ على التَّدْليسِ والإِطْرَاقِ |
فَمَضَتْ تُبَدِّلُ كُلَّ هَمْسٍ نَاعمٍ |
بِالجَفْو والتَّنْفير والإِعْقَاقِ |
ما كَانَ أحَرى أن تَفِيقَ لِصَحْوِهَا |
حَتَّى تَجِيشَ بِنَبْضِهَا الدَّفَاقِ |
وَتَعودَ بَيْنَ النَّاسِ حُبَّاً طَاهِرَاً |
لا يُقْطَعَنَّ بِنَزْوَةٍ وَشِقَاقِ |
فَتَعُمَّ آدَابُ الحَيَاءِ ثرِيَّةً |
بَيْنَ الأنَامِ بِهَمْسِهَا العَبَّاقِ |
تِلْكُمْ لِعَمْري خَصْلَةٌ مَحْمُودَةٌ |
كَانَتْ لأَبَاءٍ لَنَا وَرِفَاقِ |
وَبَدا بِهَا سَيْرُ الأَوَائِلِ فَي الدُّنَا |
وَصْلاً حَمِيمَاً سَاطِعَ الإِشْرَاقِ |
نَهَلوا مِنْ الدِّينِ الحَنَيفِ سُلاَفَةً |
كَانَتْ خُلاصَةَ مُرْتَجٍ لِوِفَاقِ |
قَامُوا كَمَا البُنْيَانِ جِسْمَاً وَاحِدَاً |
إِمَّا شَكَا عُضْوٌ تَلاَهُ البَاقي |
لا يَحْلَمُونَ بِنَفْرَةٍ وَتَقَاطُعِ |
يُلْقِيهمُو في زُمْرَةٍ النُّزَّاقِ |
مَلأَوا الحَيَاةَ مَحَبَّةً وتَعَاطُفَاً |
مُتَوَسِّدِينَ النُّورَ فِي الأَحْدَاقِ |
لا يَعْرِفُونَ الكَيْدَ والمَكْرَ الذي |
قَدْ بَاتَ يُوثِقُنَا.. بِشَرِّ وِثَاقِ |
يَا حَسّرةً لوْ جَفَّ نَبْضُ حَيائِنَا |
وَغَدَتْ أَمَانِينَا بِلاَ أَخْلاَقِ |