يدور الفلك.. والإنسان من موقع وجوده في هذه الحياة، يُحس بالدوران مع اختلاف المتغيرات التي تواكب الإنسان عبْر الأمل والتطلع.
هنا في ديوان "عاصفة الصحراء"، بقايا من شرائح الأمل والتطلع، تعطي التفسيرات لمعاني النبضات والوثبات والهزات، تتحرك في أعماق الإنسان على حساب مشاعره، وهذه المشاعر هي التي تبدع الكلام.. إنْ نثراً وإنْ شعراً.. ومعروف عند أصحاب الوعي، أن الكلام في الفؤاد.. وإنما جُعِل اللسان على الفؤاد دليلاً..
واللسان هو محور الفلك الذي يدور فيه القلم.. لإثبات منطلقاته في وجود الكاتب وحياة الشاعر.. والقلم أداة الكاتب والشاعر.. وهو المساعد على الاستيحاء من واقع الكاتب باستجلاء الحقائق، ومن واقع الشاعر بإبراز مكنون قلبه وعقله في لوحةِ مُبدعةٍ وإنجازٍ مُستحب.. والقلب والعقل يتعاقبان في وصل الشاعر بالخيال، ولا يفيد الخيال بدون إلهامٍ مُحلِّقٍ.. وشعرُ الشاعر بإلهامٍ مُحلِّقٍ يُعطي الإِعجاز..
والمُتنـبي والبحتـري وأبو تمـام والمعـري وابن زيـدون هم طـلائع الشعـر في عصـر الأمويـين والعباسيـين. وفي العصـر الحاضـر نجد أمثالهـم من أصحاب الملكـات المُبدعة. والشعـر في الماضي يعتبر تمهيـداً لما يأتي من الإِصـدارات اللاحقـة. مع فـارق التنويع في الإِبـداع لفظاً ومعنىً وتخريجاً. شاملاً للضرورات التي تتوقع الأفضـل
بالنسبة لمتطلبات الإنسان في الحياة.. والأفضل المتوقع نُحس به في "المزامير" التي تُحلِّق بترانيمها فوق تضاريس "الشاطئ والسَّراة" والتي تتواصل مع جولات القلب فوق "مشارف على الزمن" وحيث تبقى الحقائق في دورات "أيام من العمر": تُصور أحلام الشاعر في "الفردوس الحالم" حيثُ "الروافد" بالحب تفيض من النبع، تسطع "في عيون الليل" كما تسطع النجوم الحالمة، وتداعب في "أرجٍ ووهجٍ" حُلَمَ الصدى الذي يذكرني بعبير الروض في زهرات يانعة، وحين تعبق الأزهارُ ينسى الشاعر الهموم في زمن يتألق بالأفراح في "مدينتي جدة" حيث الشاطئ الجميل، وفي "مشاعر على الضفاف" تصل الأماني وهي رحلة "العُبور" من ماضي العٌمْر.. استعداداً لمواجهة الهدوء والسكينة.. وهذه المواجهة الواعدة. هي "الزحف بعد العبور" وفي مهب الزحف من الماضي عبوراً إلى المستقبل.. تنطلق "عاصفةُ الصحراء" لتؤدي المهمة التاريخية. مُهمة القضاء على العدوان الباغي.. مُسجلةً بأحرفٍ من نور انتصار الحق على الباطل. ذلك الحق الذي هزم بطلان النظام العراقي المعتدي. حيث عادتْ الكويت حُرةً مستقلة..
في حماية المجتمع الدولي، ومظلة الشرعية القانونية، تأتي الحرية لكل من يطلب العدل والأمن والاستقرار، وإن اليوم الثاني من أغسطس 1990م هو رمز عاصفة الصحراء.. وإن هذا الرمز هو موعدُ عيدٍ لكلِّ عربِ الخليج، وبقايا الدول العربية والإِسلامية، ومجتمع دول العالم الحر.