شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الأستاذ الكاتب المعروف ورئيس النادي الأدبي بجدة،
الأستاذ عبد الفتاح أبو مدين ))
أخي الأعز.. أبا رائد
أرجو أن تأذني لي، وأنت العزيز المكرم، أن أقول: إنك حقيق بهذا الاحتفاء، وبهذا التقدير، لأنك ذو فضل، ولأنك ذو وفاء وصدق وتقدير لإخوتك وأصدقائك ومن تحب، ومن يحبوك، لأن فيك أدب نفس، وهو عندي مقدم على أدب الدرس. ولأنك على خلق.. يحبب الناس فيك، والحق سبحانه وتعالى، حين امتدح رسوله الخاتم، صلى الله عليه وسلم، قال له: وإنك لعلى خلق عظيم.
وليس غير ذلك ما يستحق أن يرتقى به في التكريم والثناء، ولذلك.. يقول الأمين صلى الله عليه وسلم "إنكم لن تسعوا الناس بأ موالكم، فليسعهم منكم الخلق الحسن".
وإنك لرجل من أخلاقك الكرم والطيبة، وقد يخدعك أصدقاؤك وغيرهم، لأنك متسامح ولعلك تؤثر أن تكون مغلوباً لا غالباً، ولعل بعض طيبة الأدباء أنهم سريعو الانقياد، لأن عواطفهم جياشة، فيغلبون راضين أو كارهين. !.
لقد عرفتك منذ ربع قرن تقريباً، فأنت أنت، لم يتغير فيك شيء.. كما أظن، حتى السن، فأنت بفضل الله تتمتع بحيوية شباب - ما شاء الله -، ولقد مددت يدي حين جئت على ذكر الشباب والحيوية، مددتها لألمس شيئاً من خشب.. كما يقولون، حتى لا أكون أو الذين يستمعون إلى هذه الكلمة.. ممن جاءوا إلى هذه الدار العامرة، ليشاركوا صاحبها الكريم المتفضل باحتفائك، لأنه يقدر الرجال ويحتفي بهم، حتى انه يعتبرهم متفضلين، لأنهم استجابوا لما يصنع، من هذه الحفاوة.. التي أستطيع أن أقول في غير احتياط إنها اختفت من الحياة، حتى لا يصيبك لا سمح الله ما نكره وتكره. فهنيئاً لكم برجل يكبر الرجال، وأمامي قول أمير الشعراء رحمه الله، وأنا أحب أن أردد هذه الجوانب المضيئة، في مثل هذه المناسبات، لأنها تعبير عما في النفس من مشاعر، مردها الإيثار والعناية وحب الخير للآخرين، وإشاعته بين الناس، يقول الشاعر الكبير أحمد شوقي رحمه الله:
إنما يَقدُرُ الكرام كريم
وُيقيم الرجالُ وزن الرجال
وهذا كلام صادق من شاعر كبير، يعرف قدر الرجال، ويحسن التعبير عما في النفوس التي تؤثر الخير وتعمل له ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً.
وكم أنا سعيد أن أكون متحدثاً في هذا المحفل الكريم الذي يكرم فيه أديب بارز، تقديراً لأدبه ووفائه. ولو أتيح لي أن أكون الليلة خطيباً أمامك، لأرد إليك بعض فضلك، وأتحدث عن أدب نفسك، وعن أدب درسك، غير أن باعي يقصر عن أفضالك ومحامدك.
وكم أحب أن أقول بأبلغ لسان، وأصدق بيان لأوفيك بعض دَينك وبعض حقك، لأصل إلى ما تريده نفسي، ولأنال شرف المشاركة المباشرة وسط هذا الجمع، في بيت رجل كريم عزيز.
ومثلي إذا أراد الحديث، أو إذا أراد أن يدير الحديث عما يحب، وهو حديث صادق لا زيف فيه ولا تصنع ولا رياء، فإنه يطول.. حين يجنح إلى الأفضال والمروءة وسماحة النفس والإيثار والوفاء. وإني أشهد الله: أن هذه الخصال الحميدة من صفاتك، لأن فيك أدب نفس، ليس فيه ممالاة ولا ريبة، وإنما هو صادق، وأنك تعرف أصدقاءك وغير الأصدقاء، فأنت إن صح التعبير – جوهري ماهر – ولكن أدب نفسك وحياءك يحولان دون المجابهة في أحيان كثيرة، فتظلم نفسك، لأنك ذو كرامة وإباء وشمم وحياء. وقليل أولئك الذين ينعمون بهذه الخصال والأفضال، ذلك أنها صفات الكبار، ورحم الله أبا الطيب.. الذي يقول:
وإذا كانـت النفـوس كبـارا
تعبـت فـي مرادهـا الأجسام
أما الحديث عن أدب درسك، فحدث عن البحر ولا حرج، فأنت الناقد البصير، والكاتب القدير، والصحافي اللماح، والقاص، وكاتب السير، وقارئ التاريخ ومستوعبه. إنك ذو ملكات، قلما اجتمعت في فرد، وإنه لفضل الله عليك. ولعل هذه الملكات والكفايات التي تصاحبك قد جنت عليك، أو جنى عليك صدقك، ولعله بعض اسمك، والجنايات في الحياة كثر. والذين يجنحون إلى الإستقامة كمسلك يدركهم الأين من صلابة التوجه، غير أن الذين يهادنون ينالون الحظوة والارتقاء، ولا يهمهم درب مسارهم، لأن لهم غاياتهم. التي تبررها وسائل الحياة الكثيرة والمختلفة. فأنتظر وأنت الواعي المدرك،"أنظر إلى الألف استقام فحرم العجمة وفاز بالأعجام نون".
وأعتذر إليك وإلى صاحب الاثنينية العزيز أنني مضطر أن ألتزم فأقصر من حديثي، وفق رجاء المكرم ليتاح للمشاركين أن يتحدثوا عن الضيف ويحاورونه، ولولا ذلك لآثرت الليلة أن أحاضر عن دلائلك الكثير والغزير، لأن عطاءك يستحق الدرس الطويل، ويستحق أن يتحدث عنه، وأن يكون محور حديث طويل، لأنه جامع ومتعدد الجوانب، ومرد ذلك مواهب، وليست موهبة واحدة فيك، ليلم بها الدارس المامة سريعة عجلي. أما أنت فالحديث عنك، والحديث إليك، والحديث معك، ضروب من المعرفة والثقافة العريضة المتعددة.
وإخال أن بياني يضيق عن الإحاطة بمعطيات أدبك وثقافتك، التي ألممت بأطراف منها، وسمعتك تحاور الكبار، مصححاً ومعترضاً وناقداً، فكان المائرون يضيقون من مداخلاتك، ويحتدون في الرد عليك ليسكتوك، وهذا سلاح عاجز، وليس منهج عالم، والذي يشعر في نفسه قصوراً، يؤثر العافية بالصمت أو التراجع، لأنه لم يتقن درسه، وإنما أقحم نفسه فيما لا يستطيع فكبا، ولأنك حافظ ما قرأت ودرست، فأنت تملك الحجة والبرهان والدليل، فنراك تصول وتجول، وحين أستمع إلى حديثك ومداخلاتك، أخالك تحاضر وأنت تناظر، لأنك ذو معارف وثقافات، من سعة إطلاعك وتثقيف نفسك، ومع ذلك فأنت بعيد عن الأضواء، لأنك مهضوم التقدير، ويبقى شممك وأنفتك وكرامتك، لأنك لا تداجي، ولا تتداني، ولا تتزلف، ولا تلبّس، ولا تدنّس، وتلك سمات الأديب الحق، وطبع النفوس الكبار، التي تتعب في مرادها الأجسام، كما يقول أبو الطيب.
وكم وددت، وما تغنى الودادة كما يقول ذو البيان أحمد حسن الزيات، كم وددت أن أصطنع معك كما اصطنع الجاحظ مع أبي دؤاد، واصطنع طه حسين مع توفيق الحكيم، مع أولئك الرجال الكبار في علومهم، ليكون الحديث مفعما عنك، لأنك أهل لأن يطول الحديث عن محامدك وخلقك وأدبك وسماحتك.
فجوانبك المشرقة كثيرة يا أخي، وأنا لا أستطيع أن آتي عليها، فأعذر تقصيري، لأنها بعيدة عن المقايضة والمقايلة، والمصالح التي ترخص فيها النفوس، وهي عروض زائلة. وكم أنا مدين لهذا الرجل الذي على يسارك في ليلة الاحتفاء بك، لأنه حقق لي ما يشبه الحلم الجميل، حين أقف خطيباً أمامك. وبين يديك، وسط هذا الجمع العزيز لكريم، أعلن بعض خصالك الحميدة، أمام هذا الملأ، ولعل أكثرهم يعرفونك، ويقرؤونك ويقدرونك، لأن أدبك وخلقك واعتزازك بنفسك قربك منهم، ولعل الخلق الدمث في مقدمة هذه الخصال الكريمة.
فأفضل لتتقبل من أخيك كما يقولون جهد المقل، وقد صح مني العزم، ولا أريد أن أستأثر بالحديث دون سواي، وهم فيما أقدر أطول باعاً مني، وأفصح لساناً، وأشرق بياناً، وأبلغ في الحجاج والثناء عليك بما أنت أهل له، لأنك ذو فضل، وفي بيت فضل، ومع جمع من الفضلاء، فأنعم بهذا التقدير، وهو من فضل الله عليك وعلى الناس.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1028  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 22 من 146
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.