شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الرواية العربية
الذين يحاولون التشكيك في الرواية العربية، في تصورهم أنهم يصلون إلى مكانة، يوصفون بالذكاء والتفطن إلى خبايا الأمور، حتى وصل بهم الشطط إلى إنكار الكثير من الحقائق. وليتهم على يقين فيما وصلوا إليه. ولقد أثار الدكتور طه حسين يرحمه الله ثائرة عليه حينما انتهج أول أمره هذا النهج في التشكيك. وقد اقتصر ذلك على الشعر الجاهلي، فلم يصل به الحد إلى أن يتخطى الشعر الجاهلي وما إليه إلى المساس بالحقائق. فالتشكك في الشعر أحرجه، ولو تخطى ذلك إلى غيره لأخرجه. وانتقده رجال أربعة فيما عرفنا حين ذلك: أديب وعالم أزهري ومحامٍ وعالم كيمائي. والنظرة العاجلة تعطي التفوق والانتصار للأديب بليغ الأسلوب ثم للعالم الأزهري ثم للمحامي وبلأي نضع العالم الكيماوي أخيراً. ولكن العكس قد وقع. فالرافعي في كتابه ((تحت راية القرآن)) قد هجا طه حسين: ((خنفساء ذات لون أبيض)) فعلى إجلال الرافعي رحمه الله فإنه لم يأت بشيء. والشيخ الخضر حسين، شيخ الأزهر فيما بعد وهو تونسي تمصر، لم ينل من طه حسين فرصة الانتصار عليه في كتابه ((نقد كتاب في الشعر الجاهلي)) وجاء المحامي الأستاذ لطفي جمعة في كتابه ((الشهاب الراصد)) فنال الكثير من الانتصار. أما الذي حاز النصر كله فهو الدكتور الأستاذ العميد لكلية العلوم ((عبد الرحمن الغمراوي)) فقد انتصر كتابه ((النقد التحليلي)) كل الانتصار. زانته مقدمة أمير البيان شكيب أرسلان.
ولكن المازني (إبراهيم عبد القادر) صنو العقاد قد أعطانا صورة عن فشل التشكيك في مقال نشره ونقله الأستاذ محب الدين الخطيب في أحد أعداد ((السلسلة اللطيفة)) التي سماها ((الحديقة)).
ولعلّي إن لم أنس ففي الجزء الخامس منها. وكان عنوان مقال المزني ((طه حسين في ميزان التشكيك)) تقرأه فإذا الحقيقة لابسة من الظرف الملاحة مكسوة بالتفكه كساء يحببها إلى ملابسة القارىء لها.. والخلاصة لهذا المقال، أعني مقال المازني، هي أن طه حسين طالب علم أزهري، يقول بعض الشعر. ثم نرى في طه حسين آخر طالباً جامعياً، لم يعرف منه قول الشعر. كان معمماً حين كان أزهرياً، وإذا طه حسين آخر لم يكن معمماً ولا شيخاً، يحوز لقب الدكتور. وأخذ يعدد بأسلوب من التشكيك الأحوال والصفات التي جرت واتصف بها طه حسين. إنه غير واحد لتكون الحصيلة التي أمتعنا بها المازني أن الدكتور طه حسين وهو شخص واحد لو انتهج كاتب منهج التشكيك واتخذ من ذلك قانوناً لقال إن طه حسين غير موجود أو إنه أكثر من شخص واحد.
وعلى صورة أخرى، فقد أنكر الدكتور طه الارتجال على الكثيرين وعلى الحارث بن حلزة في معلقته:
آذنتنا ببينها أسماءُ
ربَّ ثاوٍ يُملُّ منه الثَّواءُ
فإذا الواقع يبتلي الدكتور طه باثنين بصيرين فقدا نعمة النظر كما فقدها أثبتا أمامه أن الارتجال موجود. وهما: الشاعر العراقي المتمصر الشيخ عبد المحسن الكاظمي والشيخ المصري واسمه ((عقل)) فقد كانا يسحان سحاً بالارتجال. أشرف كل منهما على الناس يرتجل القصيدة والقصائد في لحظة واحدة، لا يمل سماعها حين يرتجل الواحد منهما المائة بيت واقفاً. فإذا الدكتور طه يشك في التشكيك. ويعترف بالارتجال. رحم الله الجميع.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :827  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 372 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الخامس - حياتي مع الجوع والحب والحرب: 2005]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج