شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
القمة و.. القاعدة
الدعوة إلى الإسلام شع نورها.. وسطع برهانها من هذه الأرض المقدسة، حين أرسل الله القوي الأمين جبريل أمين الوحي فلا يكون المكان إلا حراء.. ولا يكون الزمان إلا رمضان.. ولا يكون الإنسان النبي الرسول الهادي إلى صراط مستقيم إلا سيدنا محمد بن عبد الله الهاشمي القرشي المكي العربي..
فليس بدعاً أن يكون دين التوحيد.. الشغل الشاغل لأهل هذه الأرض، بحرمها ومسجدها وسياجهما في النجود والتهائم والسروات.. فالرسول العظيم منحه الله أن لا يلحق بالرفيق الأعلى حتى يرى العرب في جزيرتهم بعد أن كانوا قبائل مشركة، يجاورهم شذاذ من اليهود ويحيط بهم عرب نصارى.. منحه الله أن يجدهم أمة مسلمة موحدة النهج.. موحدة العقيدة.. فتولى الأمر بعده رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.. فكان الفتح العظيم بعد الفتح المبين.. والنصر الكبير بعد النصر المؤزَّر.. فلقد كان الرسول قمة رأساً لقاعدة مسلمة.. وكان الخلفاء على مستوى هذه القمة.. قمة القيادة، تنقاد إليهم قاعدة مسلمة.. فحين تصلح القيادة في وحدة مع القاعدة لا ينهزم الإسلام.. وإنما هو بالقمة والقاعدة معاً يرد العاديات.. ويهدي إلى الصالحات.. فلا قمة بلا قاعدة.. ولا قاعدة بدون قمة.. من هنا كان النجاح..
وحين انفرط العقد.. وتشعبت الآراء.. كل فريق يدعو إلى سلطان ليس على مستوى القمة.. كما أن الداعين إلى ذلك السلطان ليسوا في تماسك القاعدة.. تبلبل الأمر وتشعبت الطرق فلم يعد السيف هو الفاتح.. بل ولم يعد السيف في قدرة المدافع لكن الإسلام هذا الدين عجيب.. فالمسلمون الذين دخلوا في دين الله أفواجاً بالدعوة المحمدية أولاً.. وبالفتح المسلم ثانياً.. هم أقل عدداً من الملايين المسلمة التي أسلمت بالدعوة المسلمة تدعو إلى سبيل ربك بالموعظة الحسنة.. فانتشار الإسلام بالفتح قد اتسعت به رقعة الأرض.. والإسلام بالدعوة قد تكاثر في تلبية الإسلام الملايين والملايين.. كان هذا الانتشار من فعل الأفراد كأنهم كانوا قاعدة بدون قمة..
وبدأت جزيرة العرب في كثير من بواديها.. وفي الأكثرين من أهل حاضرتها.. يحتاجون إلى إقامة الدعوة فيهم لإقامة الدعوة بهم..
دخلت عليهم خرافات.. وأدخلوا أنفسهم في شوائب تفسد عليهم عقيدة التوحيد.. فلولا أن أئمة نبغوا فيهم.. صانوا الحوزة وحفظوا كثيراً من الناس لكان الأمر صعباً..
لقد انسلخت الجزيرة عن القيام بما هي أهله.. أرهقها انتقال السلطان إلى مواطن أخرى.. وأرهقت نفسها بمن أرادوا أن يكونوا قمماً فيها.. فما مكنوا من وجود قاعدة لهم.. وما أمكنهم أن يدافعوا سلطاناً لا يحب بقاؤه لأنه يحارب انفصالهم، فمكثت الجزيرة مرتعاً للركود وللحركة غير المقيدة تتبع سلطاناً بعد سلطان.. كل ما تناله الاعتزاز باسمها على التيجان.. والابتزاز لقداستها يقتنصه كل سلطان.. ولا يكون الجزاء إلا صدقات وهبات، مما أرخص قيمة الرجال.. ومما تقاعست به همم الرجال..
وجاء دور جديد.. دور شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، يدعو إلى العقيدة الصافية، فما استجاب لنصرته إلا آل سعود.. فتكونت بهذه الدعوة قمة صنعت بالوسائل الممكنة ترغيباً وترهيباً.. القاعدة.. والسعودية قمة وقاعدة، تكونت في نجد، فطالت واستطالت حروب السلاطين على هذه الدعوة على هذه القمة والقاعدة، فتارة ينتصر السلطان العثماني ومن إليه.. وتارة ينهض السعودي بمن معه.. حتى إذا أتم الله النعمة على البطل المرحوم عبد العزيز بن عبد الرحمن فكان القمة ينتصر بالقاعدة لينتشر سلطانه بها.. حتى أصبحت كل الجزيرة قاعدة كان هو قمتها.. فلما توفاه الله بقيت القاعدة بالأسرة المالكة قوية، لا تتخلى عن القاعدة ولا تنفصل القاعدة عنها.. في حوار كان شديداً علي.. وفي حضرة الأمير خالد بن عبد العزيز جلالة الملك الآن - سمعت هذه الكلمة من الأمير فيصل بن سعد بن عبد الرحمن.. قال: اسمع، إنا آل سعود حريصون كل الحرص على عقيدة التوحيد.. فلو لم يبق إلا طفل من أسرتنا لقاتل في سبيلها..
سمعت ذلك.. وبرغم ما لحقني من كرب في موضوع آخر أخذتني هزة من المسرة والترحيب..
فالأمر لدي هو أن تكون هذه الأرض على أساس من ماضيها مسلمة حق الإسلام.. داعية للإسلام.. لا تشذ عن ذلك ولا تخشى فيه لومة لائم.. فالإسلام قيمة هذه الأرض.. قيمة إنسانها.. بل وكما قلت: هو دينها كما هو وطنيتها.. دعونا من البترول.. لو لم يكن هذا الإسلام.. ولو لم يكن هذان المسجدان، لكانت الأرض اليانعة من أرضين هذه الدنيا أدعى للسكن فيها والاستقبال لها.. لكنها القبلة.. لكنه الإسلام ميّز هذه الأرض رغم الجفاف ورغم الصحاري.. بل إن هذه الصحاري أصبحت في مشاعر المسلم جنة بما فيها من معانٍ، لا بما عليها من مبانٍ.
ولكي أصل إلى السبب في هذه المقدمة أحب أن أذكر أهلي وقومي بالمرسوم الملكي الذي صدر يكلف الأمير سلطان بن عبد العزيز برئاسة الدعوة إلى الإسلام.. كأنما القمة أرادت أن تمسك بالقاعدة.. وكأنما هي الدعوة إلى القاعدة أن تكون المسلمة لنفسها والداعية إلى الإسلام بسعيها.
إنا سنكسب كثيراً بهؤلاء الدعاة يدعون إلى سبيل الله شعوباً مسلمة تبصر بأمر دينها.. وشعوباً غير مسلمة تدخل الإسلام.. دين الرحمة لتتخلص من طغيان الضلالة والكهانة والمذاهب الضالة.
لكن لا أريد أن يقتصر الأمر على الدعاة.. بل أقترح أن تنتشر الدعوة في كل بقعة من أرضنا بالمسجد يكون إمامه عالماً يدعو إلى الإسلام.. بالمسجد يبقى جامعة فلا يترك هكذا.. - فلدينا علماء كبار سواء كانوا السعوديين أو من الذين تفضلوا فأصبحوا أساتيذ في جامعاتنا.. حبذا لو أن أستاذ العلم المسلم في الجامعات يتفرغ ولو لدرس واحد في المسجد بعد المغرب، لا يقتصر ذلك على المسجدين، بل في كل المساجد.. العلماء كثيرون، فإذا ما تفرغوا لدرس واحد، كان ما ينشرونه من العلم المسلم بين الآباء هو بطريق غير مباشر تعليم للأبناء.. فآباؤنا الأميون الذين كانوا يحضرون دروس المسجد تعلمنا منهم الكثير، فأستاذ الجامعة حين يدرس بالمسجد هو بطريقة غير مباشرة يعطي الدرس لطلابه عن طريق آبائهم.. حين تعمر المساجد بالعلماء نستطيع أن نؤسس القاعدة لنشر الدعوة في كل بقعة من أرضنا لينتشر رجالها في كل بقعة من الأرضين..
وقد تولى هذه الأمانة سمو الأمير سلطان وهو حري أن يقوم بشأنها..
والله ولي التوفيق..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :577  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 85 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

زمن لصباح القلب

[( شعر ): 1998]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج