شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحَلْقَةُ السَّادِسَةُ والخَمْسُونَ
حضر الشيخ والفتى سويًّا وقد التقيا مصادفة في الطريق وتجاذبا أطراف الحديث وما أن أخذ كل منهما مكانه حتى بدأ الشيخ في شرح درسه الجديد قائلاً لتلميذه لا بد أنك تعرف أن هناك أفعالاً تعمل عمل كان أي ترفع المبتدأ وتنصب الخبر فهل تستطيع ذكرها؟
أُخِذَ الفتى بالسؤال المفاجىء وابتلع ريقه ثم قال أجل أجل أستاذي الشيخ أذكر منها.. أفعال المقاربة والرجاء والشروع.. قال الشيخ هي بعينها لا غيرها.. فسيكون درسنا اليوم عن هذه الأفعال.. ولا بد من تقسيمها إلى ثلاثة أقسام حسب معناها:
فالأول.. أفعال المقاربة.. ومعناها قرب وقوع الحدث ومن هذه الأفعال ـ كاد ـ أوشك ـ كَرُب ـ فتقول مثلاً ـ كاد الظلام ـ يخيم على المدينة ـ أو كادت السماء أن تمطر هذا المساء ـ ونقول كُرُبَ الصيف يقبل أو كرب الحر أن يشتد.. وأوشك العنب أن ينضج وإذا تأملت هذه الأفعال تلاحظ أن خبر كل منها فعل مضارع ـ قليل الاقتران بـ ـ أن ـ مع فعلي ـ كاد وكرب ـ وواجب الاقتران بها مع فعل ـ أوشك ـ رفع الفتى إصبعه مشيراً بطرح سؤال عاجل عنَّ له. لاحظ الشيخ إصبع الفتى مرفوعة فأذن له بطرح سؤاله قال الفتى.. عفواً أستاذي الشيخ حبذا لو أفضلت عليَّ بإعراب مفصل للجملة الآتية..
أوشك الشتاء أن ينتهيَ ـ قال الشيخ ـ أوشك فعل ماضي ناقص مبني على الفتح الظاهر في آخره.. الشتاء اسم أوشك مرفوع بالضمة الظاهرة في آخره.. أن ـ حرف مصدري ونصب مبني على السكون لا محل له من الإعراب.. ينتهي ـ فعل مضارع منصوب بالفتحة الظاهرة في آخره.. والفاعل ضمير مختفٍ فيه جوازاً تقديره هو.. والمصدر المؤول من ـ أن ينتهيَّ ـ في محل نصب خبر فعل أوشك الناقص. تابع الفتى إعراب أستاذه الشيخ بدقة وإمعان ثم رفع إصبعه مستأذناً بطرح سؤال آخر.. أذن له الشيخ بطرح سؤاله قال الفتى وكيف تعرب الجملة الآتية ـ أوشك أن يَنْحَسِرَ القمرُ؟
ارتاح الشيخ جدًّا لسؤال الفتى وقال له ما شاء الله عليك يا بني فسؤالك هذا مشرق وذكي جدًّا.. فارتسمت على محيا الفتى ابتسامة مشرقة ثم قال الشيخ ـ أوشك ـ في مثالك هذا.. فعل ماضي تام ـ والمصدر المؤول بعده في محل رفع فاعل له كأنك تقول أوشك انحسار القمر.. راح الفتى يسجل هذه اللفتة من أستاذه ثم أخذ الشيخ يكمل الدرس قائلاً:
أما القسم الثاني من هذه الأفعال فهو ما يفيد الرجاء.. ومعناه رجاء وقوع الحدث ومن أفعاله ـ عسى ـ حرى ـ إخلولق ـ فنقول مثلاً ـ عسى الله أن يصلح الأمر ـ وحرى الحق أن يظهر ـ وإخلولق الظلام أن ينقشع.. فنلاحظ أن عسى وحرى ـ كثير الاقتران بأن..
وأما القسم الأخير من هذه الأفعال فهو ـ أفعال الشروع ومعناها البدء في الحدث.. أي الشروع فيه ومن هذه الأفعال ـ شرع ـ أنشأ.. أخذ ـ طفق ـ جعل ـ علق ـ قام ـ أقبل.. هبَّ.. وقد تأتي هذه الأفعال تامة كما جاء في فعل أوشك في القسم الأول فتكتفي بـ فاعل لها إذ أنها لا تعني الشروع والبدء في الحدث. فنقول مثلاً في مجيئها ناقصة:
شرع البرق يخطف الأبصار ـ أنشأ الطالب يذاكر دروسه ـ أخذ المهندس يبني حديقة المنزل ـ طفق العنب ينضج ـ جعل الضباب يتساقط على وجه الصباح ـ علق الأمر ينتهي بين المتخاصمين ـ قام الديك يصيح في الفجر ـ أقبل الربيع يغني للحياة ـ هبَّ العمال يعزقون الأرض.. نلاحظ أن أفعال الشروع تفيد معنى البدء في الحدث ويأتي خبرها فعلاً مضارعاً مجرداً من ـ أن ـ المصدرية وجوباً.
ومن أمثلة مجيء هذه الأفعال تامة قولنا:
1 ـ أنشأ البناء منزلاً.
2 ـ أخذ المسكين طعاماً.
3 ـ جعل النجار الخشب صندوقاً.
4 ـ علق الطائر على الشجرة.
5 ـ قام محمد من النوم.
سأل الشيخ فتاه هل لديه ما يسأل عنه؟ قال الفتى شكراً جزيلاً أستاذي الشيخ على شرحك الوافي. ثم نظر الشيخ إلى ساعته فوجد الوقت متأخراً فقال لفتاه يبدو أننا نكتفي بهذا القدر من الشرح هذا المساء على أمل العودة إلى شرح درس جديد في مساء الغد إن شاء الله ـ وودع كل منهما صاحبه.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :902  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 59 من 76
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.