مَا لي تُعاوِدُوني الصَّبابةُ والهَوى |
فَأَهِيمُ في سِحْرِ العيُونِ وَأَغْرَقُ |
حَتى إِذَا حَنَّ الفؤَادُ.. لِخَلْوَةٍ |
تَنتابُني الذّكرى وَقلبي يخْفِقُ |
مَا مِثْلُها في الغيدِ عنَّ لناظِري |
فلحاظها تُسْبِى الفؤَادَ.. وَتُرْشِقُ |
قَالتْ تُعاتبني طويتَ.. محبتِي |
وتركتني ظَمْأى وَدَمعي.. يُهْرَقُ |
فأجبتها. كَلاَّ فَلَسْتُ بهَاجِرٍ |
سحرَ الجَمالِ فإنني أَتَشَوَّقُ |
لَكنَّما الأحساسُ فِيَّ.. مُعَطَّلٌ |
جَمُّ الخوَاطِرِ والرُؤَى. تَتَفَرَّقُ |
مَا عُدْتُ احتملُ البعادَ وَلا النوى |
ولكم وَدِدْتُ بأَنَّني لا أَعْلَقُ |
خَلتِ الدِّيَارُ فلا رؤىً لِحَبيبةٍ |
تُزْجِي نَدِيَّ الحبِّ عطراً يَعْبَقُ |
وَتُثِيرُ فيَّ لَواعجاً مدْفونَةً |
بالهمْس بالأَشوَاقِ حباً يَنْطِقُ |
فَأَهيمُ في صَمْتِ المحَبَّة سَاهماً |
وتَرِيشُني سَهْمُ الدَّواعج تَرْمِقُ |
لاَ تحسَبي أَنِّي نَسيتُ فَأنْتِ لي |
عُصْفُورَةُ الماضِي الهَنِيِّ تُحلِقُ |
وَتجوبُ في ليلِ الرَّبيع فرَاشَةً |
تَشْتَارُ منْ غِدْقِ الأَزاهر تَلْعَقُ |
يَا عنْدَلِي.. الفَتَّانَ إِني مُولهٌ |
وَنظامُ أمنيتي إِليكِ مُنسَّقُ |
هل تَذْكُرِينَ حَدِيثَنَا في خَلْوةٍ |
والطيرُ تشدُو حَولنا.. وتصفقُ |
تُهْدِي إِلى الرَّوْضِ الجَميلِ تَحيَّةً |
مِن شدْوهَا الحَالي النديِّ تَرَقْرَقُ |
تَنْثو عبيرَ الحبَّ في كَفِّ الدُّنَا |
وتثير أَحْلامي ـ بليلٍ ـ يَغْسِقُ |
فَأَنامُ ملىءَ الجَفْن مفتوناً بهَا |
وَأَرَى مُنَى الأحْلام ـ حَوْلِي تُشْرِقُ |
تلْكُمْ لعمرِي الأمسياتُ قضيتُها |
في خافقيَّ.. الحبُّ شِعْراً ينطقُ |
فعلام أَنساكِ وقد كُنْتِ الهَوى |
كالزَّهر في الصُّبح النديِّ تَفَتَّقُ |
أَنتِ أَمانيَّ التي ـ أَفْنَيْتُهَا |
أستافُ رَيَّاهَا عبيراً يُنْشَقُ |
أَنتِ التي عَلَّمْتِني سِرًّا الهَوى |
وأسَرتِ أحْلامِي فَمنْ ذَا يَعْتِقُ |
وَبَعَثْتِ فيَّ الدفءَ في شَرْخِ الصِّبَا |
فمضيتُ في بحر الغَرام أُحَدِّقُ |
ألْهُو مع الطيرِ الجميلِ بِغنوَةٍ |
في مِزْهَر الأَحْلامٍ لحناً يَدْفِقُ |
يَا نَجْوَةَ الأحساسِ يَا نَبْعَ الهَوى |
في دَاعِجَيْكِ القلبُ رغماً ـ يُسْرَقُ |
في بحركِ الطَامِي شراعُ سفينِتي |
أَخْشَى تُحطمها الرِّياحُ.. فَتَغْرَقٌ |
سَأعيشُ للذكرى بكُلِّ خليَّةٍ |
فَلَنِعْمَتِ الذكرى بِحُلْمٍ يُورِقُ |
وَأَهيمُ في صمتٍ ـ لعلي أَجْتني |
من روضةِ الأحبابِ وعداً يصْدُقُ |
فسفينةُ الأحلام ما زالتْ إلى |
شَوْقٍ لِمْرسَى شاطئَيْكِ تَتَوَّقُ |
رُحْمَاكِ إِن نَكَأَ التذكُّرُ مَاضياً |
حَاولتُ أُخْفِيهِ بقلبٍ ـ يَخْفِقُ |