أَيُّها اللَّيْلُ هَلْ تُرَاكَ أَصَبْتَ |
حِيْنَ أَوْلَيْتَ مُهْجَتي ـ بالصِّرَاعِ؟ |
أَمْ تُرَى الحِقْدُ قَدْ أَثَارَ لَدَيْكَ |
نَعْرَةَ الصَّوْلِ في زَرِيِّ الطِّبَاعِِ؟ |
فَتَصَدَّيْتَ بالنِّبَالِ مُرِِيشَاً |
مَنْ يَرَى النُّورَ دُونَهُ في اتِّسَاعِ |
هَلْ تَجَاهَلْتَ عَزْمَتي وَصَلاَبي |
وَثَبَاتي وعِزَّتي وامْتِنَاعي؟ |
فِيْمَ تَمْضِي مُنَاوِئاً في تَجَافٍ |
وتَلاَحٍ ـ يَنِزُّ سُمَّ الأَفَاعِي؟ |
حَسْبُكَ اليَوْمَ أَنْ تَكونَ شَغُوفاً |
تَسْمَعُ الطَّيْرَ مُنْشِداً في التِّلاعِ |
وتَرَى الأَيْكَ حَالِماً يَتَثَنَّى |
يَغْمُرُ الكَوْنَ ـ بالجَمَالِ المُشَاعِ |
وتَرَى السُّحْبَ رَاكِضَاتٍ وَمَلأَى |
بالهَتُونِ المُفيءِ ـ عُشْبِ المَرَاعِي |
وَوُرُودَاً مُعَطَّرَاتٍ ـ تَمَلَّتْ |
بالنَّفَاحِ الرَّقيقِ رَطْبِ اليَنَاعِ |
لا تَرَى العَيْشَ في انْتِهَازٍ وغَبْنٍ |
يَنْهَشُ المَرْءَ كَإنْتِهَاشِ السِّبَاعِ |
أَوْ تَرَى العَيْشَ في جَفَاءٍ وقَهْرٍ |
يَغْلِبُ النَّفْسَ عَبْرَ نَزْوِ الجَشَاعِ |
تَرْسُمُ الحُبَّ للأَنَامٍِِ وتَجْفُو |
عَنْ شَنَارٍ وخِسَّةٍ وانْصِدَاعِ |
رَقِّقِّ الحِسَّ وأرْتَوِ من سَنَاهُ |
وأجْتَلِ الحُبَّ للرُّؤَى والسَّمَاعِ |
وتَمَلَّ من الوَفَاءِ طُيُوفاً |
تَنْبِضُ الدِّفْءَ سَامِياً عَنْ قَذَاعِ |
هَلْ تَكونُ الحَيَاةُ يَوماً قُنُوطاً |
أَوْ شُطُوطاً عَنْ الرُّؤَى والمَسَاعِي؟ |
كُلُّ مَا فِي الوُجُودِ نَفْحٌ جَميلٌ |
لَوْ نَزَعْنَا غَرِيزَةَ الأَطْمَاعِ؟ |
وأَنَا فِيْكَ لَسْتُ خَصْماً يُعَانِي |
غِرَّةَ الطَّيْشِ من سَفِيهٍ يَفَاعِ |
إِنَّما الشَّهْمُ لا يُبَالِي صَلاَهُ |
فَصَلَى الحُرِّ حَافِزٌ للدِّفَاعِ؟ |
سَوْفَ أَرْقَى بِخَافِقٍ يَتَسَامَى |
عَنْ بَوَارٍ وذِلَّةٍ وإرْتِدَاعِ |
وأَرَى الخَصْمَ دُمْيَةً من نَشازٍ |
كجَبَانٍ ـ يَفِرُّ عِنْدَ القِرَاعِ |
أَجْرَعُ الصَّابَ هَانِياً ثُمَّ أَرْعَى |
نَبْتَةَ الحُبِّ خَصْلَةً وأُرَاعي |
فَأَرَى الخيرَ كالشُّعَاعِ مُضِيئاً |
في نُفُوسٍ تَرَهَّلَتْ بالخِدَاعِ |
رُبَّ خَصْمٍ يَبِزُّ سُمًّا زُعَافاً |
صَارَ يَوماً لِخَصْمِهِ خَيْرَ دَاعِ! |
ونُفُوسٍ تَقُودُ لِلشَّرِّ يَوماً |
تَرْأَبُ الصَّدْعَ في غَدٍ وتُرَاعي ! |
فاجْتِرَارُ الأَحْقادِ يَنْزِفُ نُغْلاً |
ويَزِيدُ الشُّرُوخَ في الأَضْلاَعِ |
ويَعيقُ الحَيَاةَ عَبْرَ تَجَافٍ |
وابْتِسَامٍ مُحَنَّطٍ في اصْطِنَاعِ |
حَسْبُكَ اليَوْمَ يا مَسَاءً تَعَامَى |
مِنْ نَذَيرٍ مُعَجِّلٍ.. بالوَدَاعِ! |
فَأَنَا النَّسْرُ فَوْقَ هَامِ الأَمَانِي |
أَسْحَقُ الغَدْرَ لا أُبَالي انْدِفَاعي |
صائِلَ الخَطْوِ لا أُداجِي ريَاءً |
حين أَحْسُو مَرارَتي ـ والْتِيَاعَي |
وَبَدا النُّورُ كالفَنَارِ نَجَاةً |
عَبْرَ شَطٍّ مِنْ الهُدَى لِشِرَاعي |
يا جَحِيمَ الحَيَاةِ فِيمَ اقْتِحَامي |
أَلأَنَّ العَفَافَ صَوْتُ يَرَاعي؟ |
جِئْتَ تُلْقِي بِكَاهِلٍ مُسْتَبِدٍّ |
في انْتِشَاءٍ ـ لِغَلْبَتي وانْصِيَاعي؟ |
أَمْ لأَنَّ الوَفَاءَ قَدْ صَارَ نُكْرَاً |
فَازدَهَى الشَّرُّ في نَقِيِّ الطِّبَاعِ؟ |
إنَّما الحَقُّ في النِّيَاطِ شَفَافٌ |
حَالِمُ النَّبْضِ سَلْسَليُّ الشُّعَاعِ |
يَرْسُمُ الحُبَّ في الشِّغَافِ ويَزْكُو |
عَنْ حَيَاةٍ مَلِيئَةٍ ـ بالنِّزَاعِ |
أَيُّها اللَّيْلُ هَلْ تُرَاكَ صَبَأْتَ |
حين أَدْلَجْتَ مُوغِلاً في القِنَاعِ؟ |