شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ترجمة حياة عبد الرحمن رفه
ولد عبد الرحمن بالمدينة المنورة ووالده سليمان رفه العطار المشهور في زمانه، ولقب الرفه هو الرفاء حيث كان ماهراً في رفي السجاجيد وما أشبهها، واشترى المذكور أرضاً خارج باب قباء مستطيلة بمبلغ بسيط وكان يبيع منها مخازن بسندات عادية ولما توفي أوصى ولده عبد الرحمن المذكور وهو أكبر إخوانه الثلاثة بأن كل من أبرز سنداً مختوماً بختمه بشراء مخازن منه فعليهم أن يفرغوا له؛ فكان عبد الرحمن يعمل بوصاية أبيه وأعلن ذلك مراراً وتكراراً وأخيراً بقي لهم من الأرض المذكورة فأصبحوا يبيعونه بالسعر الحاضر للمخزن الواحد وفتح الله للأخوة رزقاً كبيراً من هذه الأراضي. ويزعم عبد الرحمن أنه شاعر بالطبيعة وأنه ألف ما يربو على ألوف الأبيات من قصائد وغيرها، وكنا طلبنا منه موافاتنا بقسم من شعره لإثباته في مقدمة ترجمته ويظهر أنه نسي أو تناسى الطلب وكنت كذلك طلبت منه برسمين صغيرين فلم يبعثهما لي، وعلى كل فهو عصامي ذو مروءة وشهامة وكريم الأخلاق والذوق. هذه إحدى قصائده المرموقة عثرنا عليها بجريدة المدينة وهي وصف للمدينة المنورة ومدح الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم:
يا خير أرض من البسيطة قد سمت
مجداً وفضلاً ثابتاً وعلاء
وحوت وما حوت الرذيلة إنما
حوت الرسول وصحبه النجباء
وحوت إماماً لم يزل محرابه
نوراً يشع وحكمة وسناء
كم من ربات قد حكت آثارها
مسكاً يفوح يعطر الأرجاء
كم من رياض تضوعت أرجاؤه
صوت السماء يبلغ الأنباء
يدعو إلى دين الإله وشرعه
سمحاء تُدْعَى عزة وإباء
حملت بمشعل دعوة قدسية
من غير أجر رمته وثناء
ورضيت بالرحمن رباً واحداً
يهب الجزيل ولم يثب من راء
وبنيت مجداً شيدت أركانه
أيدي شباب لم يزل بناء
وبعثت ألوية الجهاد لأمة
كفرت فصارت أعبداً وإماءَ
هبّي فلمّي شتاتاً قد طوى
مجد الجدود معربدٌ قد ساء
وعدونا في أرض الجدود نزعننا
كف وأخرى لم تزل حمراء
قد خضبتها بالدماء عداوة
وشعّت ثراها أدمعاً ودماء
القدس ولى وهو منا قطعة
يدعو ولكن لم يجد أصداء
يرجو ويشكو منصفاً في عالم
جحد الحقوق وناصر الغرباء
يا خير أرض قد كفانا ذلةً
وكفى العروبة فرقة وجفاء
هبي فنادي أمة حنفية
لم تبغ إلا عزيمة ومضاء
لم تبغ إلا قائداً ومعلماً
يهب الحياة وينصر الضعفاء
وله أبيات يقول فيها:
أتراك ليلى قد نسيت لقاءنا
في روضة مخضلة الأغصان
ولياليا مرت بنا في موكب
تنشا ومنها فرحة الجذلان
والبدر يحدو سيرنا بضيائه
فنرى الوجود وجودنا في آن
ونرى السماء فما نرى من كوكب
إلا كواكب صدرك الظمآن
فأمد كفي نحوه فتردها
أنفاس صدر ناهد نشوان
عبثت به خمر الشباب ونشوةٌ
قادت فؤادي نحوه بعنان
كل الكؤوس شربتها لكنها
من كف ذات تَفَيءٌ وحنان
وعلو شأنه في الوجود ومحتد
هيهات يبلغ شأؤه ذو شان
قالوا فلان قد سلاك وما دروا
أن السلو تنكر الخلان
هيهات يسلو من أبى وجدانه
وأبت عليه كرامة الإنسان
ذاتَ الصبابة وحرةً في خدرها
عز الأباة على مدى الأزمان
ليلاي لا تخلي العذول يصدني
فالعاذلون مصائد الشيطان
ليلاي لا تخلي الوشاة تخيفني
فلقد علمتِ مكانهم ومكاني
ليلاي إني قد عرفتك حرة
تأبين وصل ملطخ الأردان
فأنا أنا ذاك الذي عاصرته
حلو الفؤاد وواثق بجناني
فلديَّ منك كما لديك مودة
وعهود حر صادق الأَيمان
تاللهّ ثم اللهِ ليلى ما التوى
جيدي لغيرك لحظة في شان
تالله ليلى واليمين معظم
ما خنت عهدك أو رجعتُ لثاني
أو قلت قد هرم الزمان وأنت في
وجه الزمان مثيرة الأحزان
ليلاي لا يكبو الجواد بساخط
لم يغشَ يوماً ساحة الميدان
ليلاي ذكرى ما فقدت بخاطري
هيهات يمحو ظلها الحلوان
ليلاي إن ألوى الزمان عنانه
وعدا عليك بمخلبٍ وبنان
فلسوف يلقي بالمراء مصافحـ
ـك من لمْ تزل في حرمة وأمان
من لم تزل ضراتها من خلفها
يمشين خلف قناعها المنصان
صانته من عبث الشباب وطيشه
وأبت تكون عباءة الأدران
ليلاي يا كل الوجود ومن لها
يرنو الوجود بناظر هتّان
ما زلت في وجه الزمان مضيئة
وعليك من نور السما نوران
تهفو القلوب إذا ذكرت لعاشق
أغراه منك تلطف الوجدان
أغراه تاريخ كتبت حروفه
بالنور نور عقيدة ويماني
فلديك ألفيت الكرامة كلها
ولديك عشت موطد الأركان
ولديك تأبى أن تُطأطأَ هامتي
لمنافق ومذبذب ومهان
ليلاي عاصرت الزمان جميعه
وشهدت فيه تقلب الحدثان
وشهدت معركة الحياة قوية
وحملت فيها راية الأيمان
فخرجت ناصعة الجبين أبيّة
لقنت كل مغامر خوّان
ولبست درعاً كان عزمك صاغه
ليكون درع وقاية وأمان
وصنعت للأجيال قادة أمة
لم ينس فضل نضالها الملوان
أرضعتهم ثدي الإبا فتمرّدوا
لا يركعون لقوة الطغيان
قولي لمن نسي الجهاد ولم يزل
تعميه عنك خبيئة الأضغان
انظر تجدني في الكتاب لكن ترى
ما في الكتاب هدية الرحمان
واستنشق الأرواح عند هبوبها
يحلو الرواح براحة الأبدان
فلسوف تهديك الشذا من عطرها
عطر العذارى باهظ الأثمان
أنا في سمائه كم بدا متألقاً
نور الأمين وحكمة القرآن
أنا من أنا فلتسألوا تاريخكم
سيقول إني أكرم الأوطان
أنا واحة في هضبها وجبالها
هبط الأمين بأعظم التبيان
أنا جنة في خلدها ورياضها
من الحبيب بأطهر الأكفان
ولرب مقترف ذنوباً خالها
قد أوقفته على شفا النيران
جاء الغداة لروضة في ظلها
رفع الأكف لساحة الديان
ومضى يناجي ربه متضرعاً
بالدمع دمع المثقل الحيران
فارتد ملء فؤاده آماله
بالعفو عفو الواحد المنان
أنا من صنعت لذا الورى تاريخه
وكتبته بفصاحة وبيان
وملأت أسماع الدنا قرآنه
فانقاد نحو ندائه الرنان
أنا من أقامت دولة أركانها
هذا الكتاب وسنة الديّان
وبنت بناءً شامخاً في ظله
عاش الورى في غبطة وأمان
أنا من طبعت على الزمان ببصمة
ستظل فوق جبينه عنوان
ونظمت عقد فضائل في جيده
ونسجت حلة مجده ببناني
أنا من صنعت من الشباب جحافلا
نزلت بكسرى عن سما الأيوان
وبقيصر الروم العظيم وجيشه
في الشام بين مفاوز وجنان
فارتد يلعق من دماء جراحه
خلفَ الحدود محالف الأحزان
ينعى بلاداً لم يعد أبناؤها
يمشون خلف مواكب الصلبان
ويمد للأفق البعيد بطرفه
فيرى السيوف على ذرى لبنان
ويرى الصواهل فوقها فرسانها
كالأُسْدِ تزأر زأرة الحردان
تبغي الجهاد وفي الجهاد فخارها
حيث الجهاد بصارم وسنان
وعزيمة لا تنثني في موقف
فيه السيوف منابر الشجعان
أنا يا أُهَيْلي لا أخال مناقبي
يطغى عليها جائر النسيان
هذه القصيدة بالأصل قيلت في الأستاذ الخطيب رحمه الله وقد نشرت في المدينة أو بعد أن شطرتها نشرت في المدينة والمنهل وقد دار حولها جدل كبير.
لمع اللجين وسال ذوب العسجد
وسط الصباح على الظلام الأسود
فانجاب عن صبح الحقيقة ليله
هي خلسة لاحت فدونك وازدد
والليل حولك والنهار فسلهما
عمَّا استقلا من عتيٍّ معتد
وعن الحقيقة حيث لاحا سلهما
هل يحفلان برائح أو مغتد
فاستسق قبل نضوب كأسك خمرها
من ماء مزن لم يكن من موعد
واشرب إذا لاح المشيب بفاحم
لم يبق غير صبابة وكأن قد
يا صاحب الحانوت حسبك ضجعة
في ظل دنيا قد غدا كالمرود
هاتِ الكؤوس لكي نطيب بشربها
وأجب نداء الطائر المتغرد
واسمع صرير الباب صاح مرحبا
بالقادمين لنهلة من مورد
وانظر لمعتصر المدامة يحتفي
بالشرب من مثنى لديه وموحد
يتهافتون عليه قبل رحيلهم
مثل الفراش على ضياء الموقد
فقم الغداة لكي ترى أحمالهم
فالقوم سفر والركاب بمرصد
عجباً لصرختك التي أرسلتها
كان الصدى من رجعها المتردد
فدع الصراخ فإنه من حيرة
بالأمس تصعق في الفضاء الأربد
متحفز قلق الوساد لنيّة
كشفت حقيقة ناقم متعند
متطلع يبغي المسير بقفرة
قذف تشق على القوي الأيّد
كم نأمة من وادع متمهل
نال الوصال ولم يكن بمزود
تيه الحياة فكم لها من همسة
أزرت بصبحٍ ساخط متبلّد
هيهات ليس الناس في أجداثهم
إلا حطاماً من هياكل معبد
صنفان صنف في الجحيم وآخر
تبرا يسيل من الحفائر في غد
والروح إن خمدت مضت وكأنها
برق تناثر في الفضاء الأبعدِ
تنساب في روض الحياة مضيئةً
ضوء الزبالة في السراج الموقد
ولَشدَّ ما استوحيت من أسرارها
لمًا استقرت في زوايا الموصد
غرتك أطياف المنى في طفرة
فتمردت بك شرة المتمرد
من أمر ربك لست تعلم أمرها
في كل حال لم تنل بالمرصد
هيهات ذاك وما أراك بمدرك
أن تدنو من ملكوتها أو تبعد
كيف التفتّ وجدت حولك ظلمة
بغرور نفسك لم تفز بالمنفد
فغدوت فيها حائراً متخبطاً
فصببت سخطك كالآتيِّ المزبد
فذر التعمق لست تسبر غوره
كالبحر عز على السبوح الجيد
واترك خفيا لست تدرك كنهه
ولو استعنت بكل رأي محصد
كم مغلق هتكته لمحة ناظر
وإشارة من عالم لم تفند
ومجاهل قد أدْركت في خطرة
عرضت وفلّ عزيمة المتعمد
فاحطط رحالك بين وادٍ ممرع
وإذا ارتحلت فلا تكن بالمبعد
فهناك روض لم يدم في حالة
لبس الربيع وبين جدب الفدفد
وانزل فثمّ لديك من عطفيهما
أمل الرضاء وفرحة المتوجد
لا شيء تخشى فالديار يزينها
ملهى الخليج ووحدة المتعبد
فإذا بلغت فليس ثمت يُختشى
ذل المسود ولاعتو السيد
صدق العراء فما يروعك عنده
إلا حصاتك فلتكن كالجلمد
وإذا افتقدت الجلنار حسبته
خجلان ذابل من غرور الهدهد
والنرجس المصفرّ في أكمامه
جذلان يضحك من صباح الجدجد
فانثر على الأكمات من أكمامه
ورداً يفوح بعطره المتبدد
وانظم لآلئك التي أفردتها
نذر الحليَّ على صدور الخرد
وانشر عميم شذاه في أطرافها
واسكب عصارة دمعك المتمرد
واترك مطاولة العظيم تأدباً
واربأ بسيب يديه عن كز اليد
ودع القلائد في السماء لقبةٍ
دكناء عزت عن مطاولة الردي
وانظر إليها وهي في لألائها
زرقاء كم في جوفها من فرقد
تلك كما انكفأ الأناء تصوبت
منه الحقيقة لم تحد عن مقصد
حتى إذا بلغ النهاية بعثرت
منه النجوم كلؤلؤ متبدد
ولئن أظلّك فهو مثلك آية
تفنى ويفنى في بقاء السرمد
قد خُط بالأمر الذي قد شاءه
في اللوح من صنع اليدين مسدّد
تلك الرواية والمؤلف مخرج
من لوحة الدهر العظيم الأوحد
فانظر بعقلك فهو فيها ماثل
وملقن وممثل في المشهد
سقياً لموقف ساعة رأد الضحى
والشمس تبدو في الفضا المصعد
والليل يعثر في مروط عتوّه
والروض بين يديَّ مصقول ند
وقفت هنالك بانة وكأنها
وقفت لتزكي جمرة المتسهد
هيفاء تلعب بالعقول لأنها
حسناء تومىء بالغصون الميّد
وانساب نحو الكرم من خلل الثرى
ظمآن بات على اللظى المتوقد
يغشاه من علقت به أوهامه
عرق يحوم عليه كالدنف الصدي
يدنو ليسرق منه واكف قطره
فاذاد في فهلهوة لم تصعد
ويمد كفًّا قد تلاشى ظلها
لمسوّفٍ تحت اللحود موسد
تتدفق الأجيال يزحم بعضها
في بقعة عادت فروع أصولها للمحتد
متناكرين وقد يلاوم بعضهم
بعضاً عليه فلا يقر بمرقد
تنقضّ مطبقة فينكص مرغماً
حيث التراب نهاية المتمرد
فتراه مذ فقد السعادة حائراً
في القاع يهبط في الظلام السرمد
فسل المعالم أين شط قطينها
ولأي دار قد مضى أو فدفد
واسألها من بعد النوى عن حالها
وهل استراح من النكال الأنكد
وسل النسيم فإن سمعت تنهداً
من ذي فؤاد حائر متهدد
وشجاك من ذكرى الأحبة موقف
في الحي منه عشية فتنهد
هي أنةٌ فامنُنْ عليه بمثلها
واحذر فديتك أنة المتبلد
واذكر لدى أطلاله من قد مضى
فلقد تكون علالة من مسعد
وتفرقوا بطن الوهاد لحادث
هل بعد لوعةٍ بيتكم من موعد
ملتم عن الإبريق بعد وفائكم
وبُعيد عهد قد مضى للمنجد
أنضبتموه فعفتموه ولم يكن
عكر الشراب ولم يكن بملدد
وسكبتموه على التراب فهل غدا
من حق واردكم عقوق المورد
قد كان يطربكم ويطفىء وجدكم
ساق يطوف ولم يكن بالأوغد
ويظل يسعى وسط نادي أنسكم
بالراح بعد الراح غير مصرد
فتفقدوا أنساءكم فلعلّكم
لا تفقدون سوى الذي لم يفقد
وتحسسوا خلل الديار لعلَّكم
تجدون بعض السؤر للمتزود
* * *
يا ريم ما هذا الجفا أتظنني
مما يقول عواذل انساكا
أهواك للخلق الرفيع وعفةٍ
جعلتك عندي في الوداد ملاكا
دعني أذكرك الليالي فقبلها
وعلى العقيق وكيف كان لقاكا
هل كنت إلا ناثراً لك أدمعي
والدمع يجريه الجفا لولاكا
لولاك ما عشت المعذب بالوفا
ولكنت دوماً ناصباً أشراكا
وغدوت في دنيا الهوى متقلباً
لكن نفسي لم تزل تهواكا
يا ريم حسبك لا تكن متجنياً
إن الجناية لم تكن برضاكا
أغراك عذال المودة بيننا
بئس العذول وما به أغراكا
بل بئس واشٍ قد وشى ما بيننا
ومشى بكل دنيئة تشناكا
قل لي بربك هل بدت لك زلة
مني فتقضي عندها بجفاكا
أم رحت تنسى ما مضى من عهدنا
وليالي (قربان) الذي رباكا
كم زورة لك زرتَّها متخطياً
كل الصعاب ولم تخف رقباكا
قد كنتَ إن جن الظلام وجدتني
أرعى النجوم وساعة ألقاكا
وأرى سويعات الفراق كأنها
دهر طويل يا لها إذ ذاكا
فتقول حسبك إنني لك صاحب
خل وفيٌّ لم يَمِلْ لسواكا
وتؤكد العهد الذي أعطيتني
عهداً يؤكده الوفا بوفاكا
فعلام ملتَ إلى الجفا وأنا الذي
ما كنت يوماً جاحداً لنداكا
ما زال في وادي العقيق مآثر
تندى بطيب لقائنا ورضاكا
أغدو إليه وفي جفوني لهفة
لترى ملاعب حبنا وصباكا
حتى إذا لاحت رباه نثرتها
دمعاً غزيراً حارقاً كلظاكا
وأقبل الربوات حيث وطئتَها
ومشت على أكنافها قدماكا
* * *
تالله أنك قد ملأت مسامعي
دراً عليه قد انطوت أحشائي
زدني فزدني ثم زدني ولتكن
منك الزيادة شافياً للداء
أمحمد الشرقين يا ظئر التي
جلت الظلام بنورها الوضاء
يا من إذا نثر الحديث حسبته
درًّا تساقط من بساط ذكاء
وإذا حكاه منظماً من سمطه
خِلت النجوم عقوده بجلاء
واذكر بأني قد وعدتك صادقاً
أني الوفيُّ لدرة العلماء
ثم الصلاة على النبي وآله
ما لاح بدر في سماء علاء
فأجابني ـ رحمه الله ـ فوراً
شنفت آذان الورى بلآلىء
فانعم فإنك سيد الأدباء
فأجبته فوراً
ماذا الذي قد قلته يا سيدي
هل كان منك مجرد الأطراء
أم هي الحقيقة قد أردت بيانها
فجعلتني متكرماً من جملة الأدباء
فأجابني أيضاً فوراَ
كلا ولكن الذي أهديتني
در ثمين من أجلّ عطاء
فلقد نظمتُ قصيدة قد خلتها
هبطت إليك بكوكب الزهراء
فتألف العقد الذي أهديتني
ليظل عندي درة الشعراء
فأجبته فوراً
حسبي فتلك شهادة من عالم
فذٍّ أديب من بني العرباء
ملك البيان ولم يزل تبيانه
نوراً يشعّ على بني الغبراء
شعر الشباب
شعر الشباب حماسة وإباء
وكذا انطلاقة ملهم ووفاء
فتراه في أفق النضال مجلجلاً
كالرعد حين تثيره الأنواء
وتراه في دنيا السلام مقدِّراً
صنع الرجال يصوغه الإغراء
يحدو الفضيلة رافعاً أعلامها
وإذا تحدى كان فيه مضاء
صور من الأمجاد في آياته
وعليه إن عز اللقاء لقاء
يتأبط التاريخ رائد مُجده
وعليه يبني ما بنى الآباء
لله جيل أدركته حوادث
ما ذل فيها أنفُه الأَباء
يرنو إليها في سكون هادر
كالبحر تبعث موجه الهوجاء
فدم الشباب ركيزة في نظمه
ودم الشباب الملهم البناء
لم يرض يوماً أن يكون معاولاً
للهدم حيث يريده السخفاء
أو يرض يوماً أن يكون وسيلة
يغضي لديها طرفه ويساء
فانظم إذا شئت القريض موقداً
شعراً يكون لصوته أصداء
شعراً ينادي حيهلا بفتوة
ما ذلَّ يوماً أنفَها الأغضاء
شعراً إذا حمي الوطيس وجدته
ناراً يكون وقودَها الجبناء
أو كان سلماً كان نوراً يجتلى
يسعى وينشر ضوءه الأمناء
من كل من حمل الرسالة مؤمناً
أن الحقوق وديعة وأداء
فدعِ التملق لا تكن متزلفاً
بالشعر ويحك فالحياة حياء
فالشعر طوق في الرقاب إذا غدا
شعراً ينظم عقده الأجراء
من كل من باع الضمير وما رعى
حقاً عليه فلا رعاه ولاء
يا صاح حسبك أن تكون مقايضاً
بالشعر قوماً كلهم أكفاء
يترفعون عن السفاسف لا يرى
فيهم أجير أهبل وغباء
فلك التحية ما حييت وإنها
مني إليك صداقة وأخاء
طبيعة الغادات غدر
ألا يا هند هل أحظى بعطف
كما لو كنت أيام الشباب
وأيام الفتوة ملء نفسي
ومهدي حضن ليلى والرباب
وأيام الأماني مشرقات
وكأس من حنان الغيد رابي
وأيام الهوى في عنفوان
من الوجد الملح إلى التصابي
فلم أهجر وكنت بكن براً
عطوفاً عند نأي واقتراب
وكنت إذا أتيت الحي قالت
فتاة الحي أهلاً في رحابي
ومرحى للذي قد جاء يبغي
وصال الغيد مع رشف الرضاب
فأغدو بينكن ولي أمانٍ
عراضٌ بين مدٍّ واجتذاب
أخاف لطول عهد أن تراني
فتاتي قد سلخت من الشباب
فأرسلها دموعاً محرقات
على الوجنات تجري في انسكاب
فيهدأ خاطري وتعود نفسي
إلى همس رقيق في عتاب
ألم نوليك وصلاً دون هجرٍ
ولم نتركك تشقى بالعذاب
كذا قد كنت يا ليلى فمالي
أرى هنداً تصدّ عن الجواب
وتضرب صدرها بالكف خوفاً
من الرقباء من خلف الحجاب
وكانت قبل لم تعبأ بشيء
إذا ما لحت من فوق الروابي
وتنهض إذ تراني في ذراها
تحييني بقبلات العتاب
فقالت وهي تنظر نحو وجهي
إلى شيب يلوح كما السراب
يلوح لناظر ما كان يرنو
لغير فتوتي بين الصحاب
رعاك الله قد ولّى زمان
وعهد كنت مصقول الأهاب
وكنت لكل غانية منارا
يضىء ظلامها دون احتجاب
فلولا عطفك الماضى لقلنا
هواك الدهر عنها كالكتاب
فلم يا صاح دهرك إن تجنى
ولا تعتب على صد الرباب
فتلك طبيعة الغادات غدر
إذا ما الشّيب مال على الشباب
 
طباعة

تعليق

 القراءات :921  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 78 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج