شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ترجمة حياة السيد أحمد العربي
ولد السيد أحمد العربي بالمدينة المنورة سنة 1323 هـ ووالده الشريف محمد العربى من الأشراف العلويين الذين ينتمي محمد العربي هو من المنتمين للأسرة المالكة في المغرب، نشأ السيد أحمد في كنف والده ولما بلغ السابعة أدخل للكتّاب وكنت بدوري زميلاً معه في مدرسة رباط الكشميري لدى شيخها ومكثت فيها قرابة سنة ثم انتقلنا لكتاب الشريف أحمد النصري وذهبت أنا لكتّاب الشيخ عبد العليم حتى حفظت القرآن وحفظ هو القرآن أيضاً وذلك سنة 1332هـ وكان والده اشترى داراً خارج باب المجيدي واشترى والدي داراً مجاورة لها ولقد بقينا متجاورين حتى وقعت الحرب سنة 1333هـ، وبدأ فخري باشا حاكم المدينة العسكري بإخلاء سكان المدينة للشام خوفاً من قطع سكة الحديد بسبب ثورة الشريف الحسين وبالفعل قام الشريف الحسين بثورته في شهر شعبان سنة 1334هـ فسافر السيد أحمد سنة 1334هـ مع والده لدمشق سافرت بدوري إلى دمشق وحيداً لأن والدي آثر أن يبقى بالمدينة ويصير على لأوائها لأنه عاهد الله على ذلك. وكان مع والد السيد أحمد عامله شيخنا عبد القادر الشلبي وأدخل السيد أحمد للمدرسة الابتدائية. ولم أتقابل معه حيث أني أصبت بمرض التيفوئيد الذي أصاب أكثر أهل المدينة ومات الكثيرون منهم إلا من رحمه الله. وشاء الله أن أشفى من هذا الداء وكان الترك قد انهزموا أمام الجيش البريطاني الذي طاردهم حتى دمشق فدخلها سنة 1336 هـ ولما حلت سنة 1337 هـ أذن لأهل المدينة بعد استيلاء الشريف الحسين على الحجاز بالرجوع للمدينة فرجعت مع أهلي، وأنتظمت في إحدى المدارس الأربعة وهي المدرسة الفيصلية التي أنشأها شيخنا الشلبي بأمر الشريف الحسين باسم أولاده الأربعة الأمراء علي وعبد الله وفيصل وزيد، وبعد رجوع السيد إلى دمشق دخل بدوره للمدرسة المذكورة الفيصلية، وزاملته بالمدرسة حين نلنا الشهادة التحضيرية ثم لما أفتتح الشلبي الصف الذي يضمنا بالصف الأول وكان زميلنا أسعد باشا من المدرسة الفيصلية هو وأخوه ونلنا أنا والسيد أحمد والسيد عثمان السيد الأصغر بالصف الرابع، وفي الصيف كنت أدرس معهم لدى شيخنا الشلبي بمدرسة الجواهرجي وكان معنا السيد عثمان وطاهر الطيب وأحمد عبيد وسعيد شلبي نتلقى درساً في النحو والصرف والبلاغة، ولدى فتح المدرسة الراقية ارجع إليها حتى أتممت الصف الثالث سنة 1341 هـ ثم سافرت بدوري للهند لمدرسة مظاهر العلوم العالمية سافر السيد أحمد مع الشيخ عمر حمدان لمصر وأنتظم في الأزهر برواق الحرمين، ورجعت من الهند سنة 1344 هـ بعد نيلي الشهادة العالمية للمدينة، ثم سافرت لمصر والتقيت هناك بصديقي السيد فكان هو والسيد ولي الدين أسعد ما زالا يدرسان في الأزهر حتى نالا الشهادة العالمية، وكنت التقي بهم يومياً وكان والده الشريف العربي معه في الرواق ومكثت سبعة أشهر بمصر بعد شرائي للمطبعة الصغيرة، وأتيت بها مع الكتب العلمية للمدينة، وتعينت مدرساً بمدرسة العلوم الشرعية، وعلمت فيما بعد أن السيد أحمد والسيد ولي الدين أسعد وغيرهم من السعوديين التحقوا بالبعثة السعودية الأولى وانتظم السيد أحمد في مدرسة دار العلوم حتى نال دبلومها العلمي، ورجع للمدينة مكللاً بالنجاح واحتفلنا به، وترأس الحفلة يومئذ الشيخ أمين فوده مدير المعارف حيث كان جاء زائراً للمدينة وقد ألقيت في الحفلة قصيدة ترحيبية:
آب الخليل المفدى
يسمو جلالاً ومجدَا
أهلاً به من نبيل
له المكارم تهدى
سربت مثل هلال
وعدت بدراً تبدَّى
وكل شهم كريم
يوليك شكراً وحمدا
من رام نيل المعالي
سعى إليها وجدَّا
بالجدّ نيل المعالي
ومن يرم نال جدّا
بالعلم ندرك شأواً
بالعلم ندرك قصدا
هيا رجال بلادي
نشمر اليوم زندا
الجهل قد عم فينا
حتى بغى وتعدّا
حيّا الإله ملكيي
عبد العزيز المفدى
من حاز مجداً وعزاً
والجود منه استمدّا
يا رب وفِّقه دوماً
وأولِه منك أيدَا
وبعد تخرجه من دار العلوم ورجوعه لمكة تعين مدرساً بالمعهد العلمي السعودي فأمضى فيه سنتين ثم سافر لجزيرة جاوا وعين مدرساً لمدرسة الإرشاد، وعمل فيها سنة ثم رجع للمدينة، ورغب والده أن يسكن السيد أحمد المدينة فتوظف بمدرسة العلوم الشرعية مدرساً للأدب العربي، فدرس بها بضعة شهور ثم طلب لإدارة مدرسة الأمراء بالرياض، فذهب إليها وأقام سنة أو بضع سنة وتعلم عليه بعض الأمراء أذكر منهم أبناء الملك عبد العزيز ـ وخاصة الأمير منصور والأمير سلطان ثم استجاز من الملك الرجوع لمكة حيث أن جو الرياض لم يلائمه فأذن له جلالته فرجع لمكة، فأنيطت إليه مدرسة البعثات وكان السيد طاهر الدباغ أنيطت إليه مديرية المعارف وتخرج على السيد أحمد كثير من شباب الجيل الماضي، ثم تعين مديراً للتعليم الابتدائي والثانوي ثم مديراً عاماً للأوقاف ثم مستشاراً للمعارف ثم أحيل عضواً دائماً ـ لمجلس الشورى وما زال يعمل فيه حتى اليوم. وقد أنجب السيد أحمد أولاداً ذكوراً وإناثاً وأكبر أولاده هو السيد محمد تخرج في كلية الشرطة بمصر ورجع لمكة وتعين قائداً للشرطة وولده الثاني نزار تخرج من كلية البترول ورجع وسافر للولايات المتحدة وعاد للوطن ـ وتعين مديراً لفرعها بالرياض وولده الثالث السيد هاشم تحصل على الماجستير في الإدارة والمحاسبة من الولايات المتحدة ورجع وتوظف بشركة البترول اليابانية بالخفجي وله من البنات ثلاث زوجهن من أزواج مرموقين ويعيش اليوم بمكة حيث ـ اختارها مقاماً له وقد أزوره ويزورني بالمدينة وأنا وإياه نخطو للثمانين من السنين ولم نكن نتصور أن نتفرق وكنا كما قال الشاعر:
وكنا كندماني جذيمة حقبةً
من الدهر حتى قيل لن يتصدعا
فلما تفرقنا كأني ومالكاً
لطول اجتماع لم نبت ليلة معا
وفقني الله وإياه لصالح الأعمال وختم لنا بخاتمه الإيمان بمنه تعالى وكرمه. ومن أجود شعره هذه القصيدة التي نظمها أيام طلبه العلم بالأزهر قال:
طال عهد النوى وعهد التأسي
عن بلاد غرامها ملء نفسي
وربوع فديتها بفؤادي
عشت فيها عهد المنى دون وكْسِ
ورياض كأنها من زهور
وطيور تزف موكب عرس
وكأن الورد ثوب عروس
عسجدي منمق بدمقسِ
وتخال النخيل والشمس تكسوه
بأضوائها منارة قسٍّ
وإذا ما التفت نحو الروابي
شمت سرباً من الظبا غير نكسِ
يا ربوعاً بالجزع حول قباء
والعوالي قربانكن بنفسي
كم لنا فيك ذكريات غوال
لم يشب سعدهن قط بنحسِ
مع رفاق غرٍّ سراة تساموا
لذرى يعرب وسادة فرس
نتساقى من البيان رحيقاً
أدباً تالداً وطرفة طرس
ولنا في مجالس الشاي ندوات
مجون وبعض جد وهلس
نشرب الشاي أخضراً يتحلى
في كؤوس كأنه ذوب شمس
جللته سحابة العنبر الزاكي
فأمسى أمنية المتحس
مع ندامى من كل أروع وضاح
المحيا يصغي له كل حسّي
في حمى طيبة المفداة جادتها
الغوادي بكل غيث مِلسِّ
هي دار الإيمان والسادة الأنصار
من خزرج كرام وأوسِ
هي داري ولست أسلو سواها
ما حييت وأن أوارى برمسي
كيف أسلو وذاك شأن بلاد
من رباها نما وأينع غرسي
زادها الله عزةً وازدهاراً
وحماها من كل ضر وبأسِ
ونظم هذه القصيدة العصماء تكريماً للكشاف العراقي لما قدم من العراق بطريق البر إلى المدينة ثم غادرها للحج لمكة المكرمة وذلك سنة 1352.
وفد العراق احتفاء
ومرحباً بالشباب
حللتموا دار عهد
ومعشر وصحاب
هذا الحجاز ونجد
سهوله والروابي
تهللا عن حبور
بكم وعن ترحاب
ما أروع اليوم يوم
ملء الحشا والشعاب
شعب يصافح شعباً
هو الشقيق المحابي
جيل يجدد عهداً
بالآل والأصحاب
يوم نودع عهداً
عهد السنين الصلاب
وها هو اليوم وافى
في أروع الأثواب
والفضل فضل المليكين
وُفّقَا للصواب
عبد العزيز المفدى
العاهل الغلاب
والشبل فيصل فخر الملوك
فخر الشباب
وقاهما الله للعرب
معقلاً غير نابِ
فإنما نحن عرب
سلائل الأعراب
دمُ العروبة يجري
في هذه الأصلاب
وسوف نبلغ يوماً
ما نرتجي من رغاب
وإنما المجد والسبق
واعتزاز الجناب
لمن يعدّ ليوث الشرى
وأسد الغاب
والساريات الغوادي
في اليم أو في السحاب
والمرسلات شواظاً
يدكّ شم الهضاب
والناهضات لهيباً
والزاحفات الغراب
أما المطايا العوادي
وسابحات العراب
ولامة السامريات
والقنا والعضاب
فتلك آثار عهدٍ
مضى لغير إياب
فحبذا القوة اليوم
عدة الغلاب
وحبذا قبس العلم
إنه غير خابِ
فإنما الأمل اليوم
في جهود الشباب
همو العتاد المرجّى
وعدة الأراب
فبارك الله هذا الشباب
رمز الرغاب
ووفق العرب طرا
في سعيهم للصواب
وأنشد هذه القصيدة لدى حفلة وداع الكشاف وبعد عودته من الحج وقد استحسنها الكشاف وكان فيهم عمداء كليات بغداد فاستعادوها مراراً بالتصفيق الحاد وهي:
وداعاً بني عمنا الأقربين
وفد العراق وفتيانها
نودعكم بقلوب تكن لكم
ودها ملء وجدانها
نودعكم بقلوب تحن إلى
الرافدين وقطانها
ونقرىء فيكم شباب العراق
تحايا الشباب لإخوانها
نحييكم باسم مهد العروبة
شيب البلاد وشبانها
تحية عاصمة الرافدين
يثرب معقل أيمانها
نحيي بها وفد دار السلام
مهد الحضارة ميدانها
نحيي بها فيكمو يعرباً
بعدنانها وبقحطانها
فأنتم طلائع يقظاتها
وفرسان وحدة أيمانها
تجشمتموا العقبات الصعاب
وجبتم مجاهل كثبانها
لشد أواصر بني يعرب
وتجديد سالف أزمانها
وتوطيد أقدام نهضاتها
وتشييد أبراج عمرانها
فمرحى لكم لبعوث النهوض
ورسل الحياة وعنوانها
أعدتم إلينا عهود العروبة
والراشدين وسلطانها
وعهد الخلافة في الرافدين
ومأمونها فرع هارونها
وعهد أمية في المشرقين
تصول وتزهو بتيجانها
ممالك كانت تشع الحياة
وتبعث أنوار عرفانها
فأوهى التفرق دولاتها
وصدع أركان بنيانها
وأودت بها عاصفات النزاع
وأودت بها ريح حدثانها
وشاء القضاء بأن نكتوي
وأن نصطلي حر نيرانها
ولأيا أراد القضاء بأن
يكفر عن عهد أشجانها
فأوحى إلى عقلاء العروبة
أن يجمعوا شمل أحَدانها
فكانت مساعي الملوك العظام
ليوث الجزيرة شجعانها
إمام العروبة عبد العزيز
فارسها وابن فرسانها
وفيصلها العلم المنطوى
وغازيه رمز فتيانها
وكانت مساعي شيوخ العروبة
تعضد أحراره شبانها
وها قد بدأنا نرى ثمرات الجهو
د الجسام وأغصانها
فإن اتصال بلاد الجزيرة
خير سبيل لعمرانها
وأن الخطوط تقوم مقام
وريد الحياة وشريانها
اجل قد أنسنا دبيب الحياة
وإيراق أعواد أفنانها
وقدماً علمنا بأن الحياة
ستدفق في أثر ركبانها
لأن حياة الشعوب اقتصاد
هو اليوم محور ميزانها
لأن السبيل إلى الاقتصاد
ويمن الحياة وإحسانها
هو العلم مفتاح باب الحياة
وأسُّ دعائم بنيانها
هو العلم ثروة أغنى الشعوب
ومنشأ قوّة سلطانها
وما الفقرُ بالمال لكنّه
بعزّ الرجالِ وأذهانها
وإنا إذا لم ننظم لنا
حياة ونحكم من شأنها
وندعم بالعلم والاقتصاد
سياج حماها وميدانها
أغارت علينا نسور الشعوب
وألقت علينا بغربانها
فحيهلا بجهود الشباب
لتوحيد آراب أوطانها
أأحفاد يعرب هذه المدينة
تقرئكم أيَ وجدانها
تحدثكم بجهود الرسالة
إبان تنزيل فرقانها
وتنبئكم بحياة الرسول
وتروي لكم بعض ألوانها
تذكركم بجهود الصحاب
وما كان من فعل إيمانها
وكيف نما الدين فيها وكيف
ترعرع ما بين جدرانها
وكيف توالت عليها النوائب
تترى سراعاً بحدثانها
وكيف هي اليوم تخطو وئيداً
إلى مجدها ولعمرانها
بفضل الإمام العظيم المفدى
مليك البلاد وربانها
فهذي المدينة سفر خلود
يجل التحدث عن شأنها
وهأنا ذا اليوم شاعرها
أردد أصداء وجدانها
فمن لي بالشاعر العبقري
فأسمعكم صوت حسانها
وأقضي حقوق وفاداتها
وأعرب عن قدر ضيفانها
إذا لم أكن ذلك العبقري
فحسبي ترجيع ألحانها
وقدني إعلان تكريمها
وقطني إسداء شكرانها
وللسيد أحمد العربي قصائد جمة نظمها وهو تلميذ وشاب وشيخ وله ديوان شعر حافل بالقصائد الحبيبة للنفس، فمن أراد يستزيد من شعره السهل الممتنع فليراجع ديوانه:
وأول شعره هي هذه الأبيات التي بعثها إليّ بالهند في عام سنة 1342 وكان يدرس بالأزهر:
أيها الخلّ في سبيل المعالي
ما نقاسيه من أسىً وكلالِ
ولعلَّ الزمان يسمح يوماً
بنعيم وغبطة ووصَالِ
إن قلبي مسلسل الوجد لكن
ليس بالمستحيل بل متوالِ
وحنيني إلى الحجاز حديثي
وهيامي لطيبة شاغل بالي
طال حزني فقصر الصبر عن حبي
وجفاني الكرى وطيف خيالي
بيد أن الظروف مختلفاتٌ
والليالي كما علمت الليالي
وكتبت له بدوري من الهند أشكو فراقه وأتشوق لطيبته الطيبة:
مهلاً وُقيت مصارع الأزمان
يا عمدة الخلان والإخوانِ
نشكو الفراق وروعه لمتيَّم
أضحى أسير الوجد والأشجانِ
أبداً يحن جوىً إلى الهند الذي
كم في الحشا أودى بوخز طعانِ
ولقد تأملت البريّة منشداً
فيهم بديع ودادك المنصانِ
فوجدت كل الصيد في جوف الفرا
ووجدت كل الناس في إنسانِ
أطال الله حياته وبلغه ما يرجوه ويتمناه آمين.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :840  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 76 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج