الحلقة - 29 - |
انطوانيت: (تنادي) تاكسي.. تاكسي.. |
(نسمع صوت وقوف السيارى وصوت تحركها نسمع بعدها صوت ضحى تقول): |
ضحى: لا أدري يا ماما في جعبة عم بيومي من أخبار. إنه شخصية عجيبة لتسعى إليه الأخبار. |
انطوانيت: وماذا يكون عنده من أخبار هامة. هامة جداً. لعلّه يريد أن يجعلك تسرعين في العودة إلى الفندق حتى يخرج هو للفسحة وتحلين محله عند الست الكبيرة. |
ضحى: إذا صح ما تقولين فمعناه إنه حرمنا الاستمتاع بجمال البحر وهوائه صدقيني يا ماما لقد أفدت كثيراً فأعصابي هدأت ونفسي استراحت واطمأنت. ونشاطي بدأ يسترجع شتات قواه التي تبعثرت في ميدان الصراع مع الأيام. |
(نسمع ارتطام أمواج البحر وتكسرها على صخور الشاطىء ثم نسمع بعدها صوت انطوانيت تقول): |
انطوانيت: عندك يا تاكسي.. وصلنا.. |
ضحى: انظري. بيومي يا ماما إنه يقف على باب الفندق. لا شك أنه يحمل خبراً هاماً. |
انطوانيت: أرجو أن تكون أخباراً سارة يا رب.. |
ضحى: يا رب. يا رب.. |
(حين يراهما بيومي يسرع إليهما وهو يقول): |
بيومي: حمداً لله على السلامة. إن شاء الله تفسحتم واستمتعتم بمناظر البحر ونسيم البحر. |
انطوانيت: الحمد لله. كان كل شيء جميل ولكن اتصالنا بك هاتفياً شغلنا وجعلنا نسرع إليك كالمجانين. |
ضحى: ما هي هذه الأخبار الهامة؟ |
بيومي: أولاً طلبك بالهاتف شخص اسمه خالد؟ |
ضحى: خالد.. نعم.. |
بيومي: ولما قلت له إنه غير موجود سأل عن مدام انطوانيت فأجبته أيضاً غير موجودة قال بلغهما إني نجحت بتقدير جيد. |
ضحى: بشرك الله بالخير. |
انطوانيت: أنت تستأهل هدية على هذا الخبر.. |
بيومي: شكراً.. |
انطوانيت: وما هي بقية الأخبار؟ |
بيومي: قبض البوليس على رئيس العصابة الدولية وعلى نائبه بعد معركة دارت بينهما. |
ضحى: وهذا أيضاً خبر هام.. يا ماما.. أليس كذلك؟ |
انطوانيت: بلى.. بلى.. فليس هنالك نعمة مثل نعمة الأمن والاستقرار.. |
ضحى: وماذا بعد يا عم بيومي يا وكالة الأنباء.. |
بيومي: العفو يا مدموزيل.. |
ضحى: في الحقيقة أخبار تستحق أن يضحي في سبيلها بمتعة الجلوس على شاطىء البحر عند الغروب.. |
انطوانيت: بوسعك يا عم بيومي الاستمتاع هذه الليلة وسنقوم بدورك. |
بيومي: شكراً.. |
ضحى: قل لي يا عم بيومي ما هي أخبار ممرضة الست الكبيرة وهل هي قادمة غداً.. |
بيومي: وهذا خبر غير هام بالنسبة لي نسيت أن أقوله. نعم الممرضة ستصل بقطار الساعة الثالثة بعد الظهر.. |
ضحى: إذن فإمكاننا يا ماما العودة بقطار الساعة السادسة. |
انطوانيت: وهو كذلك.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت فتحي يقول): |
فتحي: هل أبرقت لضحى تخبرها بنجاحك أو هاتفتها؟ |
خالد: هاتفتها ولكني لم أجدها؟ |
فتحي: ألم تترك لها رسالة.. |
خالد: بلى تركت لها رسالة عند بيومي خادم الست الكبيرة.. |
فتحي: لا أشك أنه بلغها.. |
خالد: على كل حال المفروض أنها ستعود اليوم من اسكندرية.. |
فتحي: ما رأيك أن نذهب للبنسيون هذا المساء فقد تكون قد عادت مع المدام انطوانيت.. |
خالد: فلنؤجل الزيارة للغد لأن ضحى ومدام انطوانيت ستكونان متعبتين من السفر.. |
فتحي: هل السفر من الإسكندرية إلى القاهرة تعده رحلة متعبة. ثم إنهما سيرجعان بقطار الديزل وهو مربح كما تعرف. |
خالد: على كل حال معنا وقت للتفكير وتقرير ما يجب.. |
فتحي: أراك غير متحمس للزيارة يا خالد.. |
خالد: كيف عرفت.. |
فتحي: لأن طريقة إجابتك تدل على أنك غير مهتم بالأمر كما أن السرحان الذي أراك فيه تخفي شيئاً لعلّك بدأت تستعيد النقاش الذي جرى بينك وبين أختي عفاف.. |
خالد: في كلام أختك عفاف جوانب جديرة بالدراسة والتفكير.. |
فتحي: المثل يقول يا خالد اسع في جنازة ولا تسعى في زواجه. وأنا ألوم أختي لتدخلها في شيء من شؤونك الخاصة. |
خالد: أختك مدفوعة بواجبها تجاه ما بيني وبينك من أخوة وصداقة.. |
فتحي: هذا ما لا أشك فيه. ولكن. |
خالد: ولكن ماذا؟ |
فتحي: عفاف أختي والفتيات يغرن من بعضهن البعض ولا سيما إذا كان التزاحم على فتى في مثل جمالك وكمالك واصلك وفرعك. |
خالد: شكراً على هذا الإطراء وعلى أخلاقك الذي تجسد في هذه المصارحة. |
فتحي: تقول إن في نقاش أختي جوانب جديرة بالدراسة والتفكير فيما هي؟ |
خالد: أصل ضحى وأهلها وعشيرتها.. |
فتحي: الشاعر يقول: |
خالد: ماذا يقول؟ |
فتحي: |
كن ابن من شئت واكتسب أدبا |
يغنيك محموده عن النسب |
إن الفتى من يقول ها أنذا |
ليس الفتى من يقول كان أبي |
|
خالد: أما من حيث الأدب والخلق فضحى في منتهى الكمال أدباً وخلقاً. |
فتحي: إذن فمسألة الأصل والفرع مردودة.. |
خالد: ولكن قومي وعشيرتي يعلقون كثيراً على الأصل والفرع.. |
فتحي: إذن فوالدك هو الذي يجب أن يقرر. |
خالد: وهذا جانب من الجوانب التي أثارتها أختك.. |
فتحي: هل أبرقت لوالدك بنجاحك ورجائك حضور حفل التخرج. |
خالد: نعم أبرقت ولكن.. |
فتحي: ولكن ماذا؟ |
خالد: تدارسنا آراء أختك عفاف ولكننا نسينا في زحام العاطفة أن نذكر أن ضحى لم تجب بعد على طلبي يدها.. |
فتحي: إذن فنحن نتكلم على عصفور في الشجر.. |
خالد: بلى يا فتحي بلى حتى الآن لم تجبني مدام انطوانيت.. |
فتحي: وما دخل مدام انطوانيت في الموضوع؟ يا إلهي. لقد نسيت بينما أنا الذي أشار عليك بأن توسطها بصفتها المشرفة على ضحى أو ولية أمرها الموجهة لها. |
خالد: تفكيرك في امتحان آخر السنة لا شك هو الذي أنساك.. |
فتحي: ولم تتلق الرد بعد. |
خالد: نعم ولعلهما يبتان فيه في إجازتهما بالإسكندرية.. |
فتحي: إذن هيا بنا إلى البنسيون. فخير البر عاجله.. |
خالد: أتراهما عادتا من هناك.. |
فتحي: الساعة الآن التاسعة والنصف ويقيني أنهما وصلا قبل ساعة. هيا بنا.. |
خالد: هيا بنا.. |
(نسمع صوت محرك السيارة ثم نسمع فتحي يقول): |
فتحي: أنا عاتب عليك يا خالد؟ |
خالد: لماذا؟ |
فتحي: لأنك لم تهنيني.. |
خالد: أهنئك على ماذا؟ |
فتحي: على الغرام الجديد.. |
خالد: غرام جديد.. بمن.. أنا الذي يجب أن أعتب لأنك لم تقل لي عنه.. |
فتحي: غرام النونو بنت كاتب مدام انطوانيت بحضرتنا (يضحكان).. |
خالد: أنا لاحظت ذلك ولكني حملته على نوع من الاستلطاف لخفة دمك. |
فتحي: ولكن مدام انطوانيت كما يظهر تبارك ذلك وتحاول أن تنميه.. |
خالد: طيب وأنت ما هو رأيك.. |
فتحي: وبنت خالي يا حلو نسيت.. |
خالد: بنت خالك آية في الجمال.. |
فتحي: ثم لا تنسى فضل خالي علينا.. هو الذي ربانا وحنّ علينا بعد وفاة والدنا وما يزال ينفق علينا بسخاء. ثم.. |
خالد: ثم ماذا؟ |
فتحي: خالي ليس له خلف غير هذه البنت.. |
خالد: وأنت ما هو رأيك في ابنة خالك.. |
فتحي: أنا أحبها موت.. |
خالد: والغرام الصاروخي ما العمل فيه؟ |
فتحي: وصلنا.. |
فتحي: ربنا يوصلنا لمطلوبنا.. |
خالد: أرجو أن يكونا غير متعبين من السفر.. |
فتحي: أتركنا من استنتاجك المزعج هيا.. دق الجرس. أو اسمح لي أنا بأن أدقه. |
خالد: تفضل.. |
(يدق الجرس فتفح مدام انطوانيت وما أن تراهما حتى تقول وهي مسرورة): |
انطوانيت: يا مرحبا.. يا مرحبا.. ألف مبروك على النجاح يا مسيو خالد.. |
خالد: ألف شكر يا مدام.. |
فتحي: وأنا يا مدام لماذا لم تباركي لي.. |
انطوانيت: أنت لم تبشرنا بنجاحك. أما خالد فقد فعل. |
فتحي: خالد أنت تعرفين السبب؟ |
انطوانيت: وأنا عندي أيضاً من يهتم بأمر نجاحك.. |
خالد: صحيح المدام معها حق.. |
فتحي: حتى أنت يا بروتس.. |
(تنادي انطوانيت): |
انطوانيت: ضحى.. تعالي بسرعة.. مسيو خالد وفتحي هنا.. |
(تأتي ضحى مسرعة وهي تقول): |
ضحى: مساء الخير. تهانينا يا أستاذ خالد بالنجاح. وتهانينا أيضاً للأستاذ فتحي بالنجاح ولو أنه لم يبشّرنا. |
فتحي: الحق علي وأنا مستعد للعقاب.. |
انطوانيت: الجزاء أنا لازم أوقعه أليس كذلك؟ |
خالد: نعم يا مدام أنت والدة الجميع.. |
فتحي: وخالد ألا عقاب عليه؟ |
ضحى: ما هو الجرم الذي ارتكبه؟ |
فتحي: لأنه لم يذكر اسمي مع اسمه حين بلغك.. |
خالد: يا سيدي أنا مستعد لأية عقوبة أو جزاء بعد أن نعرف ما هو الجزاء الذي ستوقعه مدام انطوانيت عليك.. |
ضحى: يا الله يا ماما أصدري حكمك.. |
انطوانيت: قررت المحكمة تغريم كل من السيدة انطوانيت والآنسة ضحى متضامنتين متكافلتين بحفلة عشاء يحدد تاريخها المدعي فتحي والحكم غير قابل للاستئناف. |
فتحي: (صارخاً) فلتحيا العدالة. فلتحيا العدالة.. |
خالد: كيف يا مدام تقولين أن حكمك غير قابل للاستئناف. |
فتحي: هل نحن حقاً في محكمة يا خالد حتى ندخل في جدل المحامين. المهم المدام أصدرت هذا الحكم ونحن نشكرها عليه وسنعين تاريخ التنفيذ وزمانه. |
خالد: نسينا أن نسألك يا مدام وأنت يا مدموزيل ضحى كيف كان الجو في الإسكندرية.. |
ضحى: كان جميلاً وقد تمنينا لو كنتم وعفاف معنا.. |
فتحي: خيرها بغيرها كما يقول المثل.. |
خالد: ماذا تعني يا فتحي؟ كلامك دائماً ملغوم.. |
فتحي: الله يسامحك يا خالد على اتهامك هذا.. |
انطوانيت: الأستاذ خالد يعني يمكن نجتمع هناك بمناسبة زواجك.. |
فتحي: ولماذا لا يكون اجتماعنا هناك في غير هذه المناسبة.. |
انطوانيت: ما هي الحكاية. مثلاً في مصلاً. (يضحكون).. |
خالد: والآن نستأذن فأنتما لا شك متعبتان من السفر.. |
ضحى: بالعكس نحن سعيدتان برؤياكما ومبتهجتان بنجاحكما. ونكرر التهاني.. |
ضحى: شكراً.. شكراً.. |
انطوانيت: أستاذ خالد ممكن أكلمك على انفراد.. |
خالد: تفضلي.. |
ضحى: عسى ألا يضايقك هذا يا أستاذ فتحي.. |
فتحي: بالعكس فهو سرور لي بأن أكون معك. |
|