الحلقة ـ 19 ـ |
(نسمع الحوار التالي بين زهرة ولميس وموسيقى خفيفة مصاحبة): |
لميس: سمعت من قريبات لي بيثرب أنك تعرفين يا زهرة قصة إسلام معاذ بن جبل.. |
زهرة: بلى يا لميس بلى.. |
لميس: قصيها علي فإني جد متشوقة لسماعها.. |
زهرة: تعلمين أن النبي صلَّى الله عليه وسلم أرسل مصعب بن عمير إلى أهل يثرب ليقرئهم القرآن ويعلمهم الإسلام ويفقهم في الدين. |
لميس: أجل واعلم أن مصعب نزل على أبي أمامة أسعد بن زرارة وأن داره كانت أشبه بدار ابن أبي الأرقم بمكة.. |
زهرة: حسناً، وفي يوم من الأيام اجتمع سعد بن معاذ وأسيد بن حضير وهما سيدا قومهما من بني عبد الأشهل وكلاهما مشرك على دين قومه فلما سمعا بمصعب بن عمير قال سعد بن معاذ لأسيد: |
زهرة: ماذا قال؟ |
زهرة: لا أبالك يا أسيد.. انطلق إلى هذا الرجل الذي قد نزل دارنا ليسفه ضعفاءنا فازجره وأنهه عن أن يأتي دارنا فلولا مكانة اسعد ابن خالتي لكفيتك شره.. فذهب أسيد. |
لميس: ومعه حربه طبعاً ولما رآه أسعد ماذا قال لمصعب؟ |
زهرة: هذا أسيد سيد قومه قد جاءك فاصدق الله فيه. فطلب إليه مصعب أن يجلس ليكلمه فرفض ووقف يشتمها ويسبها فقال له مصعب: أو تجلس يا أخي فتسمع فإن رضيت أمراً قبلته وإن كرهته تركنا ما تكره فقال أسيد: انصفت.. |
لميس: بالطبع قرأ عليه مصعب بعض آيات من القرآن الكريم ودعاء للإسلام.. |
زهرة: كأنك معهما.. فما هو إلا أن أشرق وجهه وأضاءت نفسه ودخل الإسلام ثم قال: إن ورائي رجلاً أن اتبعكما لم يتخلف عن دعوتكما أحد من قومه وسأرسله إليكما. إنه سعد بن معاذ.. |
لميس: وهل ذهب سعد؟ |
زهرة: ذهبت إلى أسعد بعد أن حدثه أسيد أن هناك من يريدون الغدر بابن خالتك اسعد.. فهرع سعد فوجد الرجلين اسعد ومصعب جالسين مطمئنين فعرف الحيلة من أسيد وأنه أراد أن يجعله يسمع منهما.. |
لميس: حيلة بارعة فماذا فعل سعد؟ |
زهرة: وقف يسبهما كما فعل أسيد بعد أن قدمه أسعد بن زرارة إلى مصعب الذي قال له مثلما قال للأسيد.. فجلس وتلا عليه مصعب بعضاً من القرآن ودعاء للإسلام فتهلل وجهه وتسرب الإسلام إلى قلبه فدخل فيه.. |
لميس: وهذا السبب في أنه لن يبق من بني عبد الأشهل ولا دار من دور الأنصار إلاّ وفيها رجال ونساء مسلمون.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت عوف تقول): |
عوف: وهكذا انطلق سعد بن معاذ يدعو للإسلام وكان من جملة الثلاثة والسبعين رجلاً وامرأتين من الأوس والخزرج وكاد يقع في أيدي القرشيين الذين عرفوا ببيعة العقبة الثانية.. |
جابر: ولما علم سعد بما جرى لسعد بن عبادة من القرشيين من ضرب ولكم حتى خلصه جبير بن مطعم بن عدي القرشي آلى على نفسه أن يساعد الفارين بدينهم من غدر المشركين لهم بمكة.. |
عوف: حكايات غريبة تروى عن سوء معاملة القرشيين واضطهادهم لهم.. |
جابر: أريد أن أروى لك قصة المرأة التي ذاقت الأمرين من تعذيب القرشيين لها ولأبنها.. |
عوف: هات.. |
جابر: أسلمت امرأة من قريش لا أذكر اسمها كانت تكنى باسم ولدها وحاولت الهجرة إلى يثرب فعلم بأمرها قوم من قريش ففرقوا بينها وبين زوجها.. |
عوف: يا للقسوة.. وبعد.. |
جابر: وتمادوا في الغلظة والقسوة حتى تجاذبوا ولدها كل جماعة تجذبه من ناحية حتى انفصل ذراعه.. |
عوف: يا للوحشية.. يا للهمجية ومن هؤلاء الوحوش؟ |
جابر: قوم يقال إنهم من بني المغيرة بن عبدا لله من رهط تلك المرأة.. تتبعوا المرأة وزوجها الفارين بدينهم وتركوه هو وأخذوا المرأة ثم حبسوها عندهم.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت لميس تقول): |
لميس: قصة المرأة القرشية وخلع ذراع ابنها في النزاع بين أهلها وأهل زوجها لم يبق بيت في يثرب إلا وسمعها وحزن عليها.. |
زهرة: أجل يا لميس.. وظلت سجينة لمدة عام لا ترى الحرية إلا حينما تخرج لقضاء حاجتها فتبكى بكاءً مراً.. |
لميس: ألم يقم أحد معها من النسوة اللاتي كن يذهبن مثلها لقضاء الحاجة.. |
زهرة: بلى يا لميس بلى.. وقد حاولوا الشفاعة لها ولكن قلوب أقاربها كانت أقسى من الصخر.. |
لميس: مسكينة وماذا جرى لوليدها؟ |
زهرة: عوفي من خلع ذراعه وذهب جماعة من النسوة اللائي شاهدها على هذه الحال إلى أزواجهم وتوسلوا إليهم أن يشفعوا لها عند بني عمها.. فرحموها.. |
لميس: وافرجوا بالطبع عنها.. فهل وصلت إلى يثرب.. |
زهرة: بلى.. بلى.. وقصة هجرتها إلى يثرب بعد الإفراج عنها طريفة أيضاً.. |
لميس: بالله إلاّ ما رويتها؟ |
زهرة: ركبت بعيرها وأخذت وليدها في حجرها وانطلقت صوب بلدنا.. وظلت تسير وحيدة هي ووليدها لا رفيق لها إلا إيمانها ولا عزاء لها إلا رغبتها في إدراك زوجها سالمة بدينها.. |
لميس: إذا زوجها هاجر عندما أمسكوا بها وسجنوها.. مسكينة أين إخلاصها من إخلاص زوجها.. |
زهرة: لم يكن بوسعه أن يفعل إلا أن يفر بدينه.. وهكذا هاجرت ولما وصلت إلى ((التنعيم)) مر بها رجل اسمه عثمان بن طلحة بن أبي طلحة.. فقال لها: إلى أين؟ |
لميس: بالطبع قالت أريد زوجي بيثرب.. |
زهرة: فقال لها: أو ما معك أحد؟ فأجابت لا: والله.. إلاّ الله وبنى هذا.. فقال لها والله لا أتركك حتى تصلين إلى زوجك سالمة إن شاء الله.. |
لميس: يا له من رجل مسلم حقاً.. |
زهرة: وانطلق عثمان يأخذ بخطام بعيرها يقطع القفار والصحاري وظل معها حتى بلغت يثرب وكان زوجها يقيم في قرية بني عمرو بن عوف بقباء فأخذها إليه وقال لها: زوجك في هذه القرية فأدخليها على بركة الله ثم انصرف راجعاً إلى مكة.. |
لميس: لله هو.. لا شك أجره عند الله عظيم.. |
المذيع: ما اسم المرأة علماً بأنها كانت تكنى باسم وليدها؟ |
|