الحلقة ـ 9 ـ |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت غمغمة وهمهمة يكشفها صوت صفوان بن أمية وهو يقول): |
صفوان: كنت يا أبا سفيان بالندوة هذا النهار على غير عادتك.. فما الذي كان يشغل بالك؟ |
أبو سفيان: أحوالنا يا صفوان بعد ارتدادنا من الخندق أراها تسير من سيء إلى أسوأ فنجم محمد يعلو ونجمنا يأفل مما ينذر بسوء المنقلب.. |
صفوان: محمد له يا أبا سفيان هدف يسعى للوصول إليه، وعقيدة يحاول أن يمد رواقها على الجزيرة العربية بل والدنيا بأسرها إن أمكنه ذلك.. أما نحن القرشيين فقل ما هي أهدافنا؟ |
أبو سفيان: صدقت يا صفوان بن أمية صدقت.. فنحن نمسي كما نصبح ونصبح كما نمسي.. |
صفوان: لولا أن أخشى أن أغضبك لقلت.. |
أبو سفيان: قل لا عليك.. |
صفوان: نحن قطيع غنم شاه راعية.. وطفقت السباع تتخطفه.. |
أبو سفيان: لعلَّك مصيب إلى حد ما يا صفوان.. ولكن.. |
صفوان: ولكن ماذا؟ |
أبو سفيان: أنتم يا وجوه قريش وسادتها يقع عليكم اللوم كما يقع علي.. |
صفوان: كيف يا أبا سفيان كيف؟ وقد أسلمناك الزمام تتحكم فينا سيداً مطلقاً لا ترد له كلمة.. |
أبو سفيان: ولكنكم لم تعينوني ولم تشاركوني الحكم بل انصرف كل واحد إلى تجارته ولهوه وشربه، وتركتموني أتخبط ذات اليمين وذات الشمال كالراعي الذي ضل قطيعه كما قلت فراح يدور في حلقة مفرغة.. |
صفوان: لم لا تدعونا يا أبا سفيان.. لم لا تثير فينا الشعور بالمسؤولية بالخطر الذي يتهدد مصيرنا.. خطر سيطرة محمد ودين محمد.. |
أبو سفيان: ربما يكون معك بعض الحق.. فكل واحد من أصحاب محمد شريك معه في المسؤولية ينصح ويشير وينتقد ويعترض ورائده الحفاظ على دينه وعلى نبيه.. |
صفوان: سؤال يشغل بالي يا أبا سفيان.. |
أبو سفيان: ما هو يا صفوان؟ |
صفوان: هل أصحاب محمد أناس جبلوا من غير طيننا، أو وفدوا من بلاد غير بلادنا.. أن أصحاب محمد منا ومن دمنا ولحمنا فلماذا كل هذا الاختلاف بيننا.. هم يسيرون قدماً للأمام ونحن كما ترى.. |
أبو سفيان: أصحاب محمد يسيرون مستضئين بنور العقيدة.. ونحن نسير في ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها.. |
صفوان: إذن فأنت ترى أن محمداً سيسود وعقيدته ستنتشر.. |
أبو سفيان: بلى يا صفوان.. بلى.. ما لم يحدث ما لم يكن في الحسبان.. كأن يقتل محمد في إحدى غزواته أو يغتال من قبل أحد.. |
صفوان: إن كنت تظن يا أبا سفيان أن أحداً ممن حول محمد يقوم بهذه المهمة فهذا مستحيل فاصحاب محمد يكادون يعبدونه.. |
أبو سفيان: يا قوم ألا أحد يغدر بمحمد فإنه يمشي في الأسواق من دون حراسة وكأنه أحد أفراد سكان يثرب.. |
صفوان: إياك يا أبا سفيان وركوب هذا المركب الخشن بل والتفكير فيه.. إني أنصحك واستأذنك.. عم مساءاً.. |
أبو سفيان: عم مساءاً يا صفوان.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها طرقاً على الباب فيذهب أبو سفيان لفتح الباب وقبل فتحه يسأل): |
من الطارق في هذا الليل البهيم؟ |
الأعرابي: صديق يا أبا سفيان.. |
أبو سفيان: انتسب يا هذا.. |
الأعرابي: ولم كل هذه الحيطة يا أبا سفيان.. لقد جئتك في الأمر الذي كنت تتحدث فيه هذا الصباح.. |
أبو سفيان: أدخل.. |
الأعرابي: يا أبا سفيان كنت تتكلم اليوم عمن يغدر بمحمد وقد وجدت أجمع الرجال قلباً وأشدهم بطشاً وأسرعهم جرياً فإن أنت قويتني خرجت إليه حتى اغتاله فمعي خنجر مثل خافية النسر فأقتله ثم آخذ في عير فأسير وأسبق القوم عدواً فإنِّي هادٍ بالطرق.. |
أبو سفيان: أنت واللات والعزى صاحبنا وأهل لثقتنا.. قم يا أعرابي وهذه نفقة طريقك ثم أطو أمرك.. |
(الأعرابي وهو يسأل أحد الناس).. |
الأعرابي: عم صباحاً يا أخا العرب.. ما اسمك؟ |
جابر: جابر ماذا تريد؟ |
الأعرابي: أين يجلس محمد؟ |
جابر: وماذا تريد منه؟ |
الأعرابي: السلام عليه.. |
جابر: إنه في مسجد بني الأشهل.. هيا بنا.. وسأسبقك إليه فالحق بي. |
الأعرابي: إذاك محمد يا جابر؟ |
جابر: بلى.. إنه هو.. إنه يرانا.. عجل تجدني أمامك.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت أحد حراس النبي صلَّى الله عليه وسلم يقول لجابر): |
الحارس: اسمع جابر.. إن رسول الله صلَّى عليه وسلم حين شاهد ذلك الأعرابي معك قال ما معناه: إن هذا الأعرابي يريد غدراً بي والله حائل بينه وبين ما يريد.. |
جابر: ماذا تريدني أن أفعل يا أخي.. |
الحارس: إذا جاء هذا الأعرابي وانحنى ليسلم فسأمسك بطرف إزاره فإن كان يحمل أي سلاح فسيسقط منه وعندها التقط أنت السلاح بسرعة خشية أن يسرع الأعرابي باستعماله واترك لي إياه فسألقنه درساً لن ينساه.. |
جابر: وصل الأعرابي أنه ينحني ليسلم.. |
الحارس: أرصده جيداً يا جابر.. |
جابر: خنجر يا عدو.. إنه بيدي يا رسول الله هل أغمده في صدره.. |
الأعرابي: خنقتني يا هذا.. خلوا دمي.. اتركوني.. |
الحارس: سأخنقك يا عدو الله حتى تصعد روحك.. |
جابر: اضغط على عنقه بقوة.. |
الحارس: صه يا جابر.. إن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يقول للأعرابي: أصدقني ما أنت؟ |
الأعرابي: هل آمنك إذا صدقتك.. |
الحارس: ويجيبه الرسول صلَّى الله عليه وسلم: بنعم.. |
الأعرابي: خل عني يا هذا فقد كدت تزهق روحي.. سأقول لمحمد ما اتفق عليه معي أبو سفيان أولاً: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد إنك رسول الله والله يا محمد ما كنت أخاف الرجال فما هو الآن رأتيك فذهب عقلي وضعفت نفسي إنك محفوظ وأنك على حق وأن حزب أبي سفيان من حزب الشيطان.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها أصواتاً تعلو وتنخفض): |
صوت: يقال إن أبا سفيان وراء هذه المؤامرة.. |
صوت: ليت رسول الله يأمرنا باغتياله فهو البادىء والباغي وعليه تدور الدوائر.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت سلمة يقول): |
سلمة: هل أذن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم باغتيال أبي سفيان رداً على فعلته الشنعاء يا جابر؟ |
جابر: لا يا سلمة ولكنه أوعز إلى أحد الصحابة بأن يقوم بأية أعمال في مكة وفي مقر دار أبي سفيان يقصد إفهامه أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم قادر إن شاء أن يرد له الصاع صاعين والكيل كيلين.. هذا من جهة ومن جهة أخرى إشاعة الخوف والبلبلة بين سكان مكة لكي يعرفوا أن يد محمد بوسعها أن تصل إلى أي مكان.. |
المذيع: ومن هو الصحابي الذي أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يقوم بهذه المهمة؟ |
|