الحلقة ـ 1 ـ |
هوجان: أحسنت يا (كارنيجي) برحيلك من اسكتلندا إلى الولايات المتحدة. |
كارنيجي: أوه كم تعذبت حتى أقنعت والد (أندرو) أن يبيع متاعنا القليل في دنفرلاين باسكتلندا ويسافر على سفينة المهاجرين إلى أميركا. |
هوجان: وأخيراً استجاب لك يا أختاه... |
كارنيجي: أجل.. أجل.. لقد قضينا سنوات عجافا بعد أن زاحمت مصانع النسيج التي تدار بالبخار مصانع النسيج اليدوي. |
هوجان: حقاً فإنتاج مصانع النسيج بالبخار يزيد عدة مرات على إنتاج النول اليدوي. |
كارنيجي: ثم إن لنا هنا بالولايات المتحدة أقرباء كانوا جد رحماء بنا فقد استطاع زوجي بمساعدتهم أن يقتني نولاً ويشرع في نسيج أغطية ملونة للمناضد. |
هوجان: نعم.. نعم.. لقد رأيت مستر كارنيجي يبيعها متجولاً من منزل إلى آخر ولعمري أن هذا العمل خير له من عمله في اسكتلندا... |
كارنيجي: بكل تأكيد.. بكل تأكيد كما أننا وجدنا عملاً لأندرو في أحد مغازل القطن بأجر قدره خمسة شلنات في كل أسبوع... |
هوجان: شيء أحسن من لا شيء. |
كارنيجي: العمل مهما يكن ضئيلاً خير من الفراغ الذي قد يقود إلى الفساد... |
هوجان: صدقت صدقت... وأنت يا أختاه.. ألم تجدي عملاً بعد؟... |
كارنيجي: يكفيني شغل المنزل يا هوجان غير أني أفكر... |
هوجان: تفكرين بماذا؟؟ |
كارنيجي: في عمل إضافي فعندي في المساء فراغ لا يقل عن ثلاث ساعات... |
هوجان: وماذا فكرت في إشغاله... |
كارنيجي: أردت أن أستطع رأيك فأنت خبير بأهل بنسلفانيا لقد رحلت إليها قبلنا... |
هوجان: دعيني أفكر وسأخبرك... |
كارنيجي: أرجو ألا يطول تفكيرك فدخلنا ضئيل كما ترى وأندرو في سن يحتاج معه إلى غذاء كامل وإلا تعرض للأمراض... |
هوجان: حقاً.. حقاً.. سأتصل بك قريباً وقريباً جداً.. والآن استأذنك... |
كارنيجي: مع السلامة... |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت أندرو يقول:) |
أندرو: ماذا تقول يا جورج؟ |
جورج: إنه عمل في مصنع لبكرات الغزل... |
أندرو: ما هو الأجر؟ |
جورج: سبعة شلنات في الأسبوع... |
أندرو: أي بزيادة شلنين.. عما آخذه حالياً... |
جورج: أجل.. أجل.. ولكن... |
أندرو: ولكن ماذا؟؟ |
جورج: عليك أن تبقى واقفاً طول النهار في قبو مظلم قذر.. |
أندرو: يا الهي.. وبعد.. |
جورج: ومع آلة بخارية لا تني عن الطنين وعليك أن تغذيها بالوقود وتحرص على أن يكون الضغط في مرجلها كافياً لتسييرها... |
أندور: وماذا بعد يا جورج؟ |
جورج: والبكرات التي يتم صنعها... |
أندرو: ماذا عنها؟؟ |
جورج: سترسل إليك لتغمسها في قدر كبيرة بها شحم تفوح منه رائحة تتقزز منها النفس... |
أندرو: هل تستأهل زيادة الشلنين الصبر على هذا العمل الشاق المضني... |
جورج: تقدير ذلك يرجع إليك يا أندرو... |
أندرو: صحيح... صحيح... شكراً.. دعني أفكر.. |
جورج: ومتى تعطني الجواب... |
أندرو: غداً... بكل تأكيد... |
جورج: شكراً وإلى اللقاء.. |
أندرو: إلى اللقاء... |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت سوزي تقول:) |
سوزي: أبي.. أبي.. |
جيمس: ماذا تريدين يا سوزي... |
سوزي: لا أدري كيف تستطيع القراءة والروائح القذرة تفوح من مصنع بكرات الغزل المقابل لدارنا... |
جيمس: لقد تعودت ذلك يا بنيتي... |
سوزي: ولكني لا أستطيع تحمل هذه الروائح العفنة أنها تصيب رأسي بصداع شديد.. |
جيمس: وهذا ما يحملك على الذهاب إلى خالتك (نورما) للنوم عندها وتتركينني وحدي... |
سوزي: ولكني لا أقدر أن أتحمل يا أبي... |
جيمس: أنت بعيدة عن المصنع ولا تستطيعين التحمل فكيف بالذين يعملون فيه طوال النهار... |
سوزي: إني لأشفق على العاملين فيه ولاسيما ذلك الفتى الذي يخرج منه عند المساء وكأنه شبح من الأشباح شكله مخيف... مخيف جداً يا أبي... |
جيمس: إنها لقمة العيش يا سوزي كم ندفع في سبيلها من ثمن... |
سوزي: ليتك تجد لهذا الفتى عملاً في غير هذا المصنع حتى ارتاح من رؤيته في ذلك المنظر الرهيب... |
جيمس: لو فرضنا أنني عملت على إيجاد عمل لهذا الفتى فسيأتي غيره يا سوزي.. |
سوزي: أجل.. أجل.. ما العمل يا أبي.. ما العمل؟ |
جيمس: نرحل من أجلك يا سوزي... |
سوزي: ولكن لي رجاء.. |
جيمس: ما هو؟؟ |
سوزي: أن تسعى لدى أصحابك من التجار لإيجاد عمل لذلك الفتى وإنقاذه مما هو فيه.. إنه يائس يا أبي... يائس... |
جيمس: أتشفقين عليه إلى هذا الحد؟؟ |
سوزي: والله ما أدري يا أبي ما السبب لعل منظره المرعب المخيف هو السبب... |
جيمس: لعل ذلك أو لعله علة أخرى... |
سوزي: أتعدني يا أبي؟؟ |
جيمس: أعدك يا بنيتي وأنا أعدك بأن أفتش على منزل خيراً من هذا الذي نسكنه... |
سوزي: اتفقنا... |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت أندرو يقول:) |
أندرو: مامي... |
كارنيجي: ما وراءك يا أندرو... |
أندرو: لقد جاء اليوم إلى المصنع رجل اسمه جيمس أندرسن يسأل عني.. |
كارنيجي: أعرفت السبب في سؤاله يا بني... |
أندرو: لقد أخبرني صاحب المصنع أنه سأله عن اسمي واسم عائلتي وأين أسكن.. |
كارنيجي: العله من رجال المباحث... |
أندرو: لا يا مامي.. إنه ضابط من رتبة كبيرة.. كان رجل أعمال متقاعد ويملك مجموعة نفيسة من الكتب.. |
كارنيجي: وبعد يا أندرو؟ |
أندرو: لقد أعلن عن رغبته في إقراض كتبه إلى أي نفر من فتيان مدينة بتسبرج ممن يحرصون على قراءتها... |
كارنيجي: واحسرتاه يا بني.. هل لدينا وقت للقراءة.. |
أندرو: ولكني أريد أن أقرأ يا مامي وأنمي معلوماتي... |
كارنيجي: على كل حال خرجنا عن صلب الموضوع.. قل ماذا عن سؤال الضابط؟ |
أندرو: لقد أعطاه صاحب المصنع اسمي واسم والدي ومكان سكني... لعله يريد أن يجد لي عملاً يا أمي.. |
كارنيجي: من يدري قد يكون هذا وقد يكون سؤاله عن شيء آخر.. على كل حال نحن بانتظار خالك وسنسأله عنه. |
أندرو: حسناً يا أبي فقد يكون عند خالي الخبر اليقين... |
يقرع الجرس فتقول كارنيجي: |
كارنيجي: إنه خالك يا أندرو قم وافتح له... |
أندرو: حاضر.. حاضر.. |
(يدخل هوجان وهو يقول): |
هوجان: طاب مساؤكما... |
أندرو: ومساؤك يا خالي... |
كارنيجي: مرحباً بك هوجان. |
هوجان: كيف العمل يا أندرو..؟ |
أندرو: ليس كما أشتهي يا خالي وأني أفكر جدياً في عمل آخر... |
كارنيجي: حقاً يا هوجان فإن أندرو مشمئز من عمله الحالي ومن القذارة التي يعيش فيها... فهل لك أن تساعده؟ |
هوجان: لقد جئت الليلة خصيصاً لأنقل إليك بشرى عمل جديد. |
(ويصرخ أندرو قائلاً): |
أندرو: ما هي طبيعة العمل وفي أي مكان يا خالي..؟ |
هوجان: قبل أن أقول لكم ما هو العمل أود أن أنوه بجهود شخصية في سبيل إيجاد هذا العمل. |
أندرو: من هو يا خالي.. |
هوجان: المستر جيمس أندرسن الضابط ورجل الأعمال المتقاعد... |
أندرو: المستر جيمس أندرسن... |
هوجان: أتعرفه يا أندرو؟.. |
أندرو: لم أتشرف بمعرفته ولكني علمت أنه جاء قبل يومين إلى المصنع الذي اشتغل فيه وسأل عن اسمي واسم والدي وأين أسكن... |
هوجان: لم يقل لي ذلك مستر أندرسن.. |
كارنيجي: قل لنا ما هو مجهوده في سبيل إيجاد عمل لأندرو... |
هوجان: كنا معاً عند مستر بروكس مدير المكتب البرقي بالمدينة فشكا إلينا من أن الساعي الوحيد لديه لم يعد وحده قادراً على حمل الرسائل البرقية المتزايدة العدد... |
أندرو: وبعد يا خالي... |
هوجان: فما كان من جيمس أندرسن إلا أن قال إنه إذا أراد ساعياً آخر فإنه يعرف الشخص المناسب لذلك العمل. |
كارنيجي: وبعد يا هوجان... |
هوجان: ولما سأله مدير المكتب البرقي عن الساعي المناسب أجاب بأنه أندرو ابن أخت هذا وأشار إلي وكانت مفاجأة مذهلة ولكني عدت إلى نفسي وشكرته... |
كارنيجي: وماذا كان رد مدير المكتب البرقي؟ |
هوجان: قال أرسل غداً ابن أختك يا هوجان لنرى مبلغ استعداده فشكرته وكررت شكري للمستر أندرسن وها أنذا أسرع لأزف البشرى... |
كارنيجي: يا الهي شكراً لك ثم شكراً للرجل الطيب الذي كنا ظننا به السوء... |
أندرو: إلا أنا يا مامي فقد كنت أرجو من ورائه الخير... |
كارنيجي: الشيء الذي يحيرني يا هوجان هو... |
هوجان: هو ماذا؟؟ |
كارنيجي: ما الذي جلب انتباه مستر اندرسن إلى أندرو؟؟ |
هوجان: إن مستر أندرسن يسكن مع ابنته في دار مقابلة للمصنع الذي يشتغل به أندرو ولا بد أنه رآه في تلك الحالة المزرية فأشفق عليه... |
كارنيجي: ليس بعيداً يا هوجان ولكن... |
هوجان: ولكن ماذا؟ |
كارنيجي: هل تسكن مع المستر أندرسن زوجته؟؟ |
هوجان: لقد ماتت منذ سنوات... |
كارنيجي: مسكين... |
أندرو: وابنته يا خالي أهي من سني أم أكبر مني.... |
هوجان: ولم هذا السؤال يا شيطان؟؟ |
أندرو: العلم بالشيء ولا الجهل به... |
هوجان: أنها في مثل عمرك وربما أصغر منك قليلاً.. |
أندرو: شكراً والآن متى تريدني اذهب لمقابلة مدير المكتب البرقي يا خالي... |
هوجان: غداً صباحاً سآتي إلى هنا حوالي الساعة التاسعة وسنذهب معاً فارتد أحسن ملابسك واحفظ بعض عبارات المجاملة يا بني... |
أندرو: أرجو أن أكون عند حسن الظن يا خالي... |
كارنيجي: سوف أرسل أندرو بالحلة التي يرتديها أيام الآحاد... |
هوجان: حظاً سعيداً يا بني وإلى اللقاء... |
كارنيجي: إلى اللقاء... |
أندرو: مع السلامة يا خالي وإلى اللقاء... |
نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت سوزي تقول: |
سوزي: تأخرت يا أبي عن عادتك.. حتى شغلت بالي... |
جيمس: كنت مع مدير المكتب البرقي لمدينتنا... |
سوزي: وحديثه لا شك شيق حتى أنساك العودة التي في الوقت العادي... |
جيمس: لا شك أن حديثه كان شيقاً ولاسيما... |
سوزي: ولاسيما ماذا؟ |
جيمس: وفقت معه في المهمة التي كلفتني بها يا بنيتي... |
سوزي: أتعني إيجاد عمل لأندرو... |
جيمس: أجل يا بنيتي... |
سوزي: أنك هائل يا أبي... هائل.. دعني أقبلك... |
يدق جرس الباب فتقول سوزي: |
سوزي: يا الهي من الطارق؟؟ |
جيمس: سأرى من هو؟؟ |
(ويفتح الباب وإذا به وجهاً بوجه مع جورج فيقول مندهشاً): |
جيمس: أنت وفي هذه الساعة المتأخرة من الليل؟؟ |
|