الحلقة ـ 1 ـ |
ملكشاه: لقد سألت عنك فقيل لي إنك عند ترك خاتون.. فهل أنت مستعدة؟ |
بركوزار: مستعدة لأي شيء يا سيدي السلطان؟ |
ملكشاه: ألم يخبرك أنو شتكين؟ |
بركوزار: لم أره طوال اليوم يا سيدي لأني كنت في صحبة السلطانة ترك خاتون.. |
خاتون: ألم نتفق يا ابنة العم بأن لا تخاطبيني باسم السلطانة في مجالسنا الخاصة ولا بأس أمام الناس فإني أتقبل ذلك منك وأنا غير مرتاحة.. |
ملكشاه: إنها على حق يا بركوزار فأنت ابنة عمها وأقرب الناس إليها.. |
بركوزار: ما دامت هذه رغبتكما فلا مفر لي من القبول.. والآن.. |
ملكشاه: والآن ماذا؟ |
بركوزار: ما هو الشيء الذي طلبت مني أن أستعد له.. |
ملكشاه: قيادة فرق الممرضات في حملتنا هذه.. زوجك قائد الفرسان وأنت رئيسة الممرضات.. |
بركوزار: إنه شرف عظيم لي طالما تقت إليه لقد كنت أتحدث إلى ابنة العم ترك خاتون بشأنه قبل مجيئك.. |
ملكشاه: وكنت تتمنين تحقيقه.. |
بركوزار: بل وادعوا الله في سري بأن يحققه.. |
ملكشاه: وها هو يستجيب دعاءك.. |
خاتون: وأنا يا ملكشاه.. |
ملكشاه: أنت ماذا؟ |
خاتون: نسيتماني من نيل شرف الجهاد في سبيل الله.. |
ملكشاه: أجادة فيما تقولين؟ |
خاتون: كل الجد وخاصة بعدما سمعت من تعبينك لبركوزار رئيسة الممرضات.. |
ملكشاه: إذن فاستعدي أنت أيضاً لتكوني مساعدة لها.. |
بركوزار: بل رئيسة لي أيها السلطان؟ |
خاتون: إنك أعلم مني والله تعالي يقول: هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ. المهم هو الدعاء إليه تعالى بأن ينصرنا على أعداء هذا الدين.. |
ملكشاه: اللَّهم آمين.. اللَّهم آمين.. والآن أترككما تستعدان للسفر الذي سيكون خلال الأيام القريبة القادمة.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت سعد الدين يقول): |
سعد الدين: ما هي أخبار الحملة يا نظام الملك؟ |
نظام الملك: لقد تمت والحمد لله جميع الاستعدادات والتجهيزات لها.. |
سعد الدين: وضعاف الإيمان من الحكام هل وثقتم من عدم تعاونهم مع أعدائكم.. |
نظام الملك: عملنا ما يمكن عمله للإبقاء على ولائهم بالترغيب وبالترهيب وربنا يعيننا عليهم.. |
سعد الدين: هؤلاء الحكام وإن كانوا من الضعف بحيث لا يستطيعون الصمود أمام قوات السلطان إلا أن المثل يقول: ((الذبابة لا تقتل ولكنها تخبث النفس)).. |
نظام الملك: هذا صحيح ولكن.. |
سعد الدين: ولكن ماذا؟ |
نظام الملك: ضعاف الإيمان من الحكام لا يخيفونني بقدر فرق الباطنية الذين يتظاهرون بأنهم معك ثم لا يلبثون أن يطعنوك من الخلف.. |
سعد الدين: صدقت يا نظام الملك.. فقد تمرسوا فنون الاغتيال والإجرام.. ثم.. |
نظام الملك: ثم ماذا؟ |
سعد الدين: إنهم لا يرهبون الموت بل يتقدمون إليه بكل شجاعة وبسالة.. |
نظام الملك: ليت هذه الشجاعة وتلك البسالة يقدمونها في سبيل إعلاء الإسلام لا أقتل أهل الإسلام والقادة المصلحين منهم.. |
سعد الدين: إن بلاءهم على الإسلام أكثر من بلاء أهل الكفر والإلحاد.. وفي رأيي يجب محاولتهم قبل محاربة الكفار والمشركين.. |
نظام الملك: إنك تقول حقاً يا سعد الدين وسوف أكرس ما تبقى من عمري لمحاربتهم والقضاء عليهم.. |
سعد الدين: أمدك الله بعونه وتأييده.. قل لي.. |
نظام الملك: تفضل.. |
سعد الدين: متى ستشرع الحملة مسيرتها.. |
نظام الملك: خلال الأيام القريبة القادمة إن شاء الله.. |
سعد الدين: سمعت أن السلطان ملكشاه سيأخذ معه زوجته ترك خاتون.. |
نظام الملك: تقصد تركان خاتون.. أجل يا سعد الدين.. |
سعد الدين: وإنه عين ابنة عمها بركوزار رئيسة للمرضات.. |
نظام الملك: بركوزار زوجة انوشتكين.. |
سعد الدين: بلى.. بلى.. |
نظام الملك: نعم وإنها لعمري أهل لهذا التعيين فعندها الكثير من العلم والمعرفة بهذه الأمور.. |
سعد الدين: يقولون إن بركوزار طبيبة.. |
نظام الملك: لعلّها طبيبة في التمريض والولادة.. |
سعد الدين: إذن فقد أحسن السلطان الاختيار.. |
نظام الملك: وأنت يا سعد الدين هل انتهيت من تجهيز نفسك لهذه الحملة.. |
سعد الدين: إنني يا نظام الملك شاكي السلاح دائماً وأبداً.. |
نظام الملك: ولكنك ستكون بعيداً عني حين نبدأ المعركة.. |
سعد الدين: إنني بعيد عنك قريب منك.. |
نظام الملك: كيف؟ |
سعد الدين: بعيد عنك لأني أقود فرق الرماة.. وقريب منك لأنك نزيل قلبي وساكن عيني أراك حيثما أتلفَّت وأحس بوجودك كلما تحركت.. |
نظام الملك: شكراً أيها الصديق الحميم وأنك يعلم الله مني كما ذكرت.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت ((سنج)) يقول): |
سنج: تتواتر الأخبار يا (تتش) عن حشود كبيرة للمسلمين.. |
تتش: المسلمون دائماً يحشدون جيوشهم ولكن.. |
سنج: ولكن ماذا؟ |
تتش: أين وجهة هذه الجيوش.. |
سنج: لا أدري بالضبط غير أن الشائعات تقول إنها صوب الشرق.. |
تتش: صوب الشرق.. |
سنج: هكذا تردد الشائعات.. |
تتش: ولم لا تكون للغرب أو الشمال.. |
سنج: الشمال لا أظن بعد انتصار السلطان ألب أرسلان في موقعة (ملاذ كرد) انتهى أمل الروم.. |
تتش: والغرب.. والفاطميون يزاحمون السلاجقة ويحاولون السيطرة على بغداد ووضع الخليفة العباسي تحت كنفهم كما يفعل السلاجقة.. |
سنج: هذا تفسير معقول للحشود الإسلامية غير أن قلبي يحدثني أن ملكشاه يحشد جيوشه لغزونا.. |
تتش: لا أظنه يجرؤ وهو يعرف بأسنا ثم.. |
سنج: ثم ماذا؟ |
تتش: نحن الأتراك أقرباؤه فهل تراه يريد أن يضرب أقرباءه.. |
سنج: لم لا.. |
تتش: لم لا.. تقول لم لا.. إنني أستبعد أن يقوم ملكشاه بعمل كهذا.. |
سنج: في سبيل الإسلام يحارب المسلم أخاه بل وأباه غير المسلم.. |
تتش: هذا كلام معقول فنحن حقاً أقرباء ملكشاه ولكننا غير مسلمين ولا يستبعد أن يبدأ بحربنا.. |
سنج: إذن بدأت تميل إلى رأيي يا تتش.. |
تتش: بل وأكاد أميل بالكلية إلى رأيك ولكن ما العمل؟ |
سنج: ما العمل؟ تقول.. وهل هنالك من سبيل غير الحرب.. |
تتش: ولكن لسنا في قوة ملكشاه يا سنج.. |
سنج: أنتم الأتراك لستم في قوته ربما ولكننا نحن الصينيين أقوى وأكثر عدداً.. |
تتش: لعلّك على حق فيما تقول فأنتم أكثر عدداً وبلادكم شاسعة واسعة تتيه الجيوش مهما كثرت في جبالها وسهولها ووهادها أما نحن.. |
سنج: أما أنتم؟ |
تتش: أما نحن فبلادنا معروفة لكثير من قواد جيوش ملكشاه بل ربما من بينهم من لا يزال أهله يعيشون بيننا.. |
سنج: إذن فماذا تراك ستفعل يا تتش.. |
تتش: سأستشير كبار قومي وعلى ضوء ما يشيرون أقرر.. |
سنج: أما أنا فقد قررت سلفاً الحرب.. ولا شيء غير الحرب.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى حربية نسمع بعدها صوت تركان خاتون تقول): |
خاتون: يا إلهي هانحن نصل إلى بلادنا الأصلية يا بركوزار بلاد آبائنا وأجدادنا.. |
آه ما أجملها من بلاد.. |
بركوزار: نعم هي جميلة ولكن البلاد التي نعيش فيها أجمل.. |
خاتون: كيف يا بركوزار كيف؟ |
بركوزار: بلادنا التي نعيش فيها الآن قد جملها الله تعالى وزينها بنور الإسلام أما هذه البلاد فما تزال تعيش في دياجور الشرك والإلحاد.. |
خاتون: صدقت يا بنت العم صدقت.. |
بركوزار: وسوف تكون هذه البلاد جميلة عندما تسمعين على مآذنها تتردد كلمة الله أكبر.. الله أكبر.. |
خاتون: آه.. متى أسمع هذه الكلمة متى يا إلهي.. |
بركوزار: سوف يحقق الله على يد ملكشاه ذلك يا تركان فتعلو كلمة الله بهذه البلاد وهذا هو هدف حملته.. |
خاتون: ولكنني.. |
بركوزار: ولكنك ماذا؟ |
خاتون: أخشى أن يركب أهلها الشيطان فيقاتلون في سبيل الشيطان.. |
بركوزار: ربما يا تركان ولكننا حتى الآن لم نصادف مقاومة تذكر والخطر كل الخطر هو.. |
خاتون: هو من أي شيء؟ |
بركوزار: من الفرق المنحرفة كالباطنية والحشاشين والإسماعيلية وغيرهم من الفرق الضالة.. |
خاتون:ولكننا بالتعاون مع الغزنويين قد قضينا على كثير من أوكارهم في أعالي بلاد فارس وفي شمال الهند.. |
بركوزار: ولكنهم ما يزالون يخيفون قادتنا ورؤساءنا بالطريقة التي ابتدعوها ((طريقة الاغتيال)).. |
خاتون: لعنهم الله يا بنت العم.. كم من شخصية مسلمة ذهبت ضحية غدرهم ودسهم وتآمرهم.. |
بركوزار: إن هذه الحركات إذا لم يقضِ عليها في مهدها فستكون كالسوس ينخر في جسم المسلمين حتى يهلكهم.. |
خاتون: ولقد زاد من أوارهم وحقدهم تشجيع الفاطميين واستغلالهم لهم في قضاء مآربهم.. |
بركوزار: تعني أنهم سوف ينقضون على الفاطميين فمن أعان ظالماً سلط عليه حتى يكون هلاكه على يديه.. |
خاتون: دعينا يا بنت العم من حديثهم وتعالي نفكر في طريقة نساعد بها جيشنا الظافر في تحقيق رسالته.. |
بركوزار: ماذا تقصدين وما هي الخطة التي لديك؟ |
خاتون: نقوم بالدعوة للإسلام بين النساء اللاتي تجمعنا بهن ظروف المرور ببلادهن أو ترويضهن أو وقوعهن أسرى.. |
بركوزار: إنها فكرة جميلة.. رائعة هائلة يا تركان.. فالمرأة قد تقوم بالدعوة للإسلام بشكل لا يقل عن الرجل إن لم يفقه.. |
خاتون: ونحن جئنا مع هذه الحملة مجاهدات والدعوة في سبيل الله في رأيي نوع من الجهاد.. |
بركوزار: إنني معك.. هلمي من الآن نطوف بأحياء هذه المدينة التي نحن فيها وندعو للإسلام بين نسائها خلال الفترة التي يمكث فيها جيشنا.. |
خاتون: وبعض هذه الفترة كافية للقيام بنشاط واسع.. |
بركوزار: هيا بنا ليعلم الرجال إن النساء لسن أقل نشاطاً ولا اجتهاداً في سبيل الدعوة لدين الله.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت سعد الدين يقول): |
سعد الدين: الحمد لله يا نظام الملك الحمد لله.. الأمور تسير على ما يرام والهدف من الحملة يتحقق كلما احتللنا بلداً من بلاد الأتراك.. |
نظام الملك: شيء عجيب يا سعد الدين.. إن الإسلام ينتشر بين هذه الشعوب بشكل هائل.. |
سعد الدين: سماحة الإسلام وبساطته هي السبب في كل ما ترى يا نظام الملك.. |
نظام الملك: إن ملكشاه يا سعد الدين ميمون الطلعة.. لقد جند حملته هذه لنصرة دين الله والدعوة إليه وهاهو يجني ثمار ما نذر نفسه.. |
سعد الدين: وهذا هو سر نجاحه.. لقد نذر نفسه لإعلاء كلمة الله فأيده الله بنصره (ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز). |
نظام الملك: والشيء المهم في هذه الحملة هو تلاقي الكثيرين من جنودها بأقرباء لهم في هذه الديار.. |
سعد الدين: ولا شك أن ذلك قد سهل وساعد على انتشار الإسلام بينهم.. |
نظام الملك: صدقت يا سعد الدين صدقت.. |
سعد الدين: وسوف يعم الإسلام هذه البلاد في رأيي إذا ما دخل رئيسهم وزعيمهم الأكبر (تتش) فيه فهل من أخبار عنه.. |
نظام الملك: لا يا سعد الدين ولكن عدم مقاومته لجيوشنا الزاحفة وارتضاؤه بالانسحاب يبعث على الارتياب.. |
سعد الدين: ارتيابك في محله ولكن.. |
نظام الملك: ولكن ماذا؟ |
سعد الدين: هل عند (تتش) من الجيوش ما يستطيع به صد جيوشنا والفتك بها في المكان الذي يريده؟ |
نظام الملك: لا أظن إلا إذا استعان بملك الصين.. |
سعد الدين: أتراه يفعل.. |
نظام الملك: ذلك ما ستظهره الأيام القريبة القادمة.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت أنوشتكين يقول): |
أنوشتكين: رسول من خاقان الأتراك يا ملكشاه.. |
ملكشاه: أدخله في الحال وكن معه.. وأدع نظام الملك فوراً.. |
|