شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 12 ـ
الحارث: لا.. لا.. لن أخبرك..
مزنه: أهو خبر سيء يا عماه؟
الحارث: لو كان سيئاً ما رأيتني في هذه الحال..
مزنه: إذن لم تحاول أن تخفيه..
الحارث: أريد ثمناً له..
مزنه: إن كنت أستطيعه دفعته وخالتي تكفلني..
الحارث: أتكفلينها يا سماوة..
سماوة: أجل.. أجل.. قل يا رجل فقد شغلت بالنا..
الحارث: لبيك اللَّهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك..
(وتصرخ مزنه بفرحة قائلة):
مزنه: الحمد لله ومع عبد الرحمن..
الحارث: ومع عبد الرحمن..
مزنه: حمداً لك يا إلهي وشكراً وماذا عن الشيماء..
الحارث: والشيماء وعاصم..
مزنه: يا إلهي إن الدنيا لا تسع أفراحي..
سماوة: ولا أفراحي أنا يا بنيتي..
الحارث: أين الثمن يا مزنه أنسيته في زحمة الفرحة..
مزنه: خالتي هي الكفيلة وستدفعه أليس كذلك..
سماوة: بلى.. بلى.. ولو كانت حياتي..
مزنه: سلمت حياتك يا خالتي..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مالك يقول):
مالك: أين الناس هنا من هناك..
عمير: أمة محمد إلى خير يا مالك..
مالك: إن شاء الله.. ولكن..
عمير: ولكن ماذا؟
مالك: اختلاف كبير في الأخلاق والعادات يا عمير..
عمير: كل ذلك من اختلاف البيئات..
مالك: ولكن العادات العربية هنالك أكثر أصالة وعمقاً..
عمير: ربما لأنهم لم يتأثروا بالمدينة الرومية ولا اختلطوا بهم كما اختلط العرب بهم هنا..
مالك: لقد أفسد الروم كثيراً من تلك السجايا والخصال التي نفتخر بها ومسخوها وشوهوها..
عمير: أجل.. هذه ويلات ومخلفات الاستعباد الرومي الذي رزح العرب تحت نيره مئات السنين..
مالك: الحمد لله الذي لم يدنس الاستعباد الروسي أو الفارسي جزيرتنا فبقيت عاداتنا وتقاليدنا صافية خالية من كل الشوائب والعادات المستوردة..
عمير: وستبقى بإذن الله إلى يوم الدين.. ما دمنا متمسكين بكتاب الله المجيد وسنة نبيه محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم..
مالك: اللَّهم ثبتنا على الإيمان وأجرنا من الزيغ والطغيان..
(أجراس الدواب نسمع بعدها صوت الحارث يقول):
الحارث: هل هذه هي طريق القوافل إلى المدينة ومكة يا عبد الرحمن؟
عبد الرحمن: لا يا حارث.. طريق القوافل إلى المدينة ومكة غير هذه الطريق ولكن..
الحارث: ولكن ماذا؟
عبد الرحمن: أراد والدي أن نمر بحمص لتروها ولتأخذ والدتي نائلة التي قررت هي الأخرى أن تذهب للحج..
الحارث: يا لها فرصة ذهبية يتيحها والدك لنا لنرى فيها حمص..
عبد الرحمن: وسوف ترون أيضاً دمشق ونحن في طريقنا إلى المدينة..
الحارث: ودمشق أيضاً..
عبد الرحمن: أجل.. أجل.. أنتم تعرفون العراق فيجب أن تعرفوا بلاد الشام منابت العنب والزيتون والرمان..
الحارث: جزى الله والدك عنا خير الجزاء.. أين تركت ثعلبة يا عبد الرحمن..
عبد الرحمن: إنه في مؤخرة القافلة مع عاصم وسماوة والشيماء ومزنه إنه معجب بعاصم..
الحارث: لقد أفعمت صدري سروراً وحبوراً يا عبد الرحمن.. وأحسن الله إلى أبيك كما أحسن إلي حين اختار لابنتي هذا الزوج الصالح..
عبد الرحمن: ولا تنسى خالي مالك يا حارث فهو الذي نبّه والدي إلى ابنتك الشيماء..
الحارث: ولكن كيف عرف مالك عن ابنتي الشيماء..
عبد الرحمن: من والدتي نائلة التي كانت تمتدحها وتثني عليها وقد نقل ذلك لوالدي ورجاه أن يخطبها إلى عاصم..
الحارث: لعلّي أعرف لأول مرة كل هذه الأمور..
عبد الرحمن: وإنها لأمور سارة والحمد لله..
الحارث: الحمد لله.. الحمد لله..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت سماوة تقول):
سماوة: الطريق عامرة إلى حمص بالأديرة يا مزنه..
مزنه: بلى يا خالتي بلى.. وهذا برهان ساطع على سماحة الدين الإسلامي إذ ترك للنصارى مزاولة طقوسهم الدينية بكل حرية..
سماوة: إنها حرية لا يحلمون بها لو كان حكامهم من غير المسلمين..
مزنه: عسى أنهم يقدرون للإسلام وأهله هذا الصنيع..
سماوة: والله ما أدري يا بنيتي فربما تكون للروم أصابع بين رهبان هذه الأديرة وقساوستها..
مزنه: ولكن الله سيتم نوره ولو كره الكافرون.. وسيظهر هذا الدين على الدين كله ولو كره المشركون..
سماوة: إن شاء الله.. إن شاء الله..
مزنه: أرى والدي وعاصم والشيماء قد سبقونا إلى مقدمة القافلة..
سماوة: ربما اشتاقوا إلى الحديث مع الحارث وعبد الرحمن وأنت..
مزنه: أنا ماذا يا خالتي..
سماوة: ألست مشتاقة لتنتظمي معهم..
مزنه: وأنت يا خالتي ألست كذلك..
سماوة: بلى.. بلى.. فكلنا في الهوى سوا..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت عمير وهو يخطب في الناس ويقول):
عمير: ((أيها الناس.. لا يزال الإسلام منيعاً ما اشتد السلطان وليست شدة السلطان قتلاً بالسيف أو ضرباً بالسيوط ولكن قضاء بالحق وأخذ بالعدل)).
أصوات: الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر..
مالك: أسمعت ما يقول أبوك يا عبد الرحمن؟
عبد الرحمن: بلى يا خالي بلى..
مالك: لقد صدق عمر بن الخطاب حين قال عنه..
عبد الرحمن: ماذا قال أمير المؤمنين عن أبي يا خالي؟
مالك: قال: ((وددت أن لي رجالاً مثل عمير بن سعد أستعين بهم على أعمال المسلمين..
عبد الرحمن: الله أكبر.. إني لفخور بأبي يا خالي وابتهل إلى الله تعالى أن يقدرني على رسم خطاه..
مالك: إنني أدعو الله لك.. أدعوه لك.. إن والدك شديد الإخلاص لدينه لا يسكت عمن يريده بضرر أو شر حتى لو كان أقرب المقربين إليه وأكثر الناس فضلاً عليه..
عبد الرحمن: وهذا سر نجاحه في جميع أعماله..
مالك: أجل يا ولدي.. أجل.. أين ثعلبة والحارث وعاصم يا عبد الرحمن؟
مالك: والنساء أين هن؟
عبد الرحمن: في المكان المخصص لهن من المسجد..
مالك: أكانت الرحلة ممتعة..
عبد الرحمن: ممتعة ونافعة جداً..
مالك: كيف؟
عبد الرحمن: مناظر الطريق الخلابة كانت متعة لنا جميعاً..
مالك: والنفع من أين؟
عبد الرحمن: كان ثعلبة والد مزنه يشكو من ألم في سلسلة ظهره حتى أنه بعد أن أزمع على السفر كاد يعدل بسببه..
مالك: وبعد..
عبد الرحمن: وقد لازمته في المرحلة الأولى من الطريق لأني كنت أخشى أن يسقط عن ظهر راحلته إذا ما جاءته نوبة الألم ولكن..
مالك: ولكن ماذا؟
عبد الرحمن: مضت المراحل كلها وكأنه لم يشك من قبل بعلة في ظهره..
مالك: الحمد لله.. الحمد لله.. إنها بركة الحج إلى بيت الله العتيق.. وإنها لمنفعة من المنافع التي ذكرها الله تعالى حين قال:
(ليشهدوا منافع لهم).
عبد الرحمن: أجل يا خالي.. أجل.. اللَّهم يسر حجنا وتقبله منا يا رب العالمين..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت سماوة تقول):
سماوة: عمك عمير.. هائل.. هائل يا مزنه.. إن إعجابي به يزداد كل يوم..
مزنه: أما رأيت كم هو إعجاب الناس به اليوم..
سماوة: لقد صدق عمر بن الخطاب حين قال: ((عمير نسيج وحده)).. أجل إنه فريد في نوعه بين الولاة..
مزنه: يقيني إنه سينجح في ولايته على حمص كما نجح في غيرها..
سماوة: هذا لا يخامرني شك فيه أبداً.. أبداً يا مزنه..
مزنه: وليتك رأيت عمي الحارث وأبي وهما يتحدثان بإعجاب وفخر وفرحة ما بعدها بخطبة عمي عمير اليوم..
سماوة: صدقت.. لقد عمت الفرحة جميع سكان حمص وبينت لهم بجلاء أن عمير إداري حازم بالإضافة إلى أنه قائد ماهر..
مزنه: بلى.. بلى.. وأبي فرحته فرحتان يا خالتي..
سماوة: كيف يا بنيتي كيف..
مزنه: لقد زال الألم الذي كان يشكو منه في ظهره وكان يخشى أن يعاوده بعد أن أخلد إلى الراحة في حمص..
سماوة: الحمد لله والله أنها فرحة لا تعد لها فرحة.. فأنا كنت أخشى أن يعاوده مرضه فلا يستطيع السفر معنا..
مزنه: إذن فمتى السفر إلى بيت الله الحرام..
سماوة: بانتظار قرار والدك والحارث..
مزنه: أين هما الآن.. أترى ما يزالان حيث تركتهما..
سماوة: لا أدري يا بنيتي..
(وترى مزنه الحارث وثعلبة قادمين فتقول):
مزنه: خالتي.. انظري والدي ثعلبة وعمي الحارث قادمان إلينا..
سماوة: وأرى عبد الرحمن وعاصم والشيماء في أثرهما..
مزنه: ألا تسألينهما عن موعد السفر؟
سماوة: سافعل..
(يدخلان فتقول مزنه):
مزنه: يا مرحبا.. يا مرحبا..
سماوة: ما وراءك يا حارث؟
الحارث: لبيك اللَّهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك..
مزنه: إذن فسنسير إلى الحج..
الحارث: غداً بإذن الله.. بإذن الله..
الجميع: لبيك اللَّهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :869  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 12 من 45
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

عبدالعزيز الرفاعي - صور ومواقف

[الجزء الأول: من المهد إلى اللحد: 1996]

سوانح وآراء

[في الأدب والأدباء: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج