الحلقة ـ 12 ـ |
الحارث: لا.. لا.. لن أخبرك.. |
مزنه: أهو خبر سيء يا عماه؟ |
الحارث: لو كان سيئاً ما رأيتني في هذه الحال.. |
مزنه: إذن لم تحاول أن تخفيه.. |
الحارث: أريد ثمناً له.. |
مزنه: إن كنت أستطيعه دفعته وخالتي تكفلني.. |
الحارث: أتكفلينها يا سماوة.. |
سماوة: أجل.. أجل.. قل يا رجل فقد شغلت بالنا.. |
الحارث: لبيك اللَّهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. |
(وتصرخ مزنه بفرحة قائلة): |
مزنه: الحمد لله ومع عبد الرحمن.. |
الحارث: ومع عبد الرحمن.. |
مزنه: حمداً لك يا إلهي وشكراً وماذا عن الشيماء.. |
الحارث: والشيماء وعاصم.. |
مزنه: يا إلهي إن الدنيا لا تسع أفراحي.. |
سماوة: ولا أفراحي أنا يا بنيتي.. |
الحارث: أين الثمن يا مزنه أنسيته في زحمة الفرحة.. |
مزنه: خالتي هي الكفيلة وستدفعه أليس كذلك.. |
سماوة: بلى.. بلى.. ولو كانت حياتي.. |
مزنه: سلمت حياتك يا خالتي.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مالك يقول): |
مالك: أين الناس هنا من هناك.. |
عمير: أمة محمد إلى خير يا مالك.. |
مالك: إن شاء الله.. ولكن.. |
عمير: ولكن ماذا؟ |
مالك: اختلاف كبير في الأخلاق والعادات يا عمير.. |
عمير: كل ذلك من اختلاف البيئات.. |
مالك: ولكن العادات العربية هنالك أكثر أصالة وعمقاً.. |
عمير: ربما لأنهم لم يتأثروا بالمدينة الرومية ولا اختلطوا بهم كما اختلط العرب بهم هنا.. |
مالك: لقد أفسد الروم كثيراً من تلك السجايا والخصال التي نفتخر بها ومسخوها وشوهوها.. |
عمير: أجل.. هذه ويلات ومخلفات الاستعباد الرومي الذي رزح العرب تحت نيره مئات السنين.. |
مالك: الحمد لله الذي لم يدنس الاستعباد الروسي أو الفارسي جزيرتنا فبقيت عاداتنا وتقاليدنا صافية خالية من كل الشوائب والعادات المستوردة.. |
عمير: وستبقى بإذن الله إلى يوم الدين.. ما دمنا متمسكين بكتاب الله المجيد وسنة نبيه محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم.. |
مالك: اللَّهم ثبتنا على الإيمان وأجرنا من الزيغ والطغيان.. |
(أجراس الدواب نسمع بعدها صوت الحارث يقول): |
الحارث: هل هذه هي طريق القوافل إلى المدينة ومكة يا عبد الرحمن؟ |
عبد الرحمن: لا يا حارث.. طريق القوافل إلى المدينة ومكة غير هذه الطريق ولكن.. |
الحارث: ولكن ماذا؟ |
عبد الرحمن: أراد والدي أن نمر بحمص لتروها ولتأخذ والدتي نائلة التي قررت هي الأخرى أن تذهب للحج.. |
الحارث: يا لها فرصة ذهبية يتيحها والدك لنا لنرى فيها حمص.. |
عبد الرحمن: وسوف ترون أيضاً دمشق ونحن في طريقنا إلى المدينة.. |
الحارث: ودمشق أيضاً.. |
عبد الرحمن: أجل.. أجل.. أنتم تعرفون العراق فيجب أن تعرفوا بلاد الشام منابت العنب والزيتون والرمان.. |
الحارث: جزى الله والدك عنا خير الجزاء.. أين تركت ثعلبة يا عبد الرحمن.. |
عبد الرحمن: إنه في مؤخرة القافلة مع عاصم وسماوة والشيماء ومزنه إنه معجب بعاصم.. |
الحارث: لقد أفعمت صدري سروراً وحبوراً يا عبد الرحمن.. وأحسن الله إلى أبيك كما أحسن إلي حين اختار لابنتي هذا الزوج الصالح.. |
عبد الرحمن: ولا تنسى خالي مالك يا حارث فهو الذي نبّه والدي إلى ابنتك الشيماء.. |
الحارث: ولكن كيف عرف مالك عن ابنتي الشيماء.. |
عبد الرحمن: من والدتي نائلة التي كانت تمتدحها وتثني عليها وقد نقل ذلك لوالدي ورجاه أن يخطبها إلى عاصم.. |
الحارث: لعلّي أعرف لأول مرة كل هذه الأمور.. |
عبد الرحمن: وإنها لأمور سارة والحمد لله.. |
الحارث: الحمد لله.. الحمد لله.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت سماوة تقول): |
سماوة: الطريق عامرة إلى حمص بالأديرة يا مزنه.. |
مزنه: بلى يا خالتي بلى.. وهذا برهان ساطع على سماحة الدين الإسلامي إذ ترك للنصارى مزاولة طقوسهم الدينية بكل حرية.. |
سماوة: إنها حرية لا يحلمون بها لو كان حكامهم من غير المسلمين.. |
مزنه: عسى أنهم يقدرون للإسلام وأهله هذا الصنيع.. |
سماوة: والله ما أدري يا بنيتي فربما تكون للروم أصابع بين رهبان هذه الأديرة وقساوستها.. |
مزنه: ولكن الله سيتم نوره ولو كره الكافرون.. وسيظهر هذا الدين على الدين كله ولو كره المشركون.. |
سماوة: إن شاء الله.. إن شاء الله.. |
مزنه: أرى والدي وعاصم والشيماء قد سبقونا إلى مقدمة القافلة.. |
سماوة: ربما اشتاقوا إلى الحديث مع الحارث وعبد الرحمن وأنت.. |
مزنه: أنا ماذا يا خالتي.. |
سماوة: ألست مشتاقة لتنتظمي معهم.. |
مزنه: وأنت يا خالتي ألست كذلك.. |
سماوة: بلى.. بلى.. فكلنا في الهوى سوا.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت عمير وهو يخطب في الناس ويقول): |
عمير: ((أيها الناس.. لا يزال الإسلام منيعاً ما اشتد السلطان وليست شدة السلطان قتلاً بالسيف أو ضرباً بالسيوط ولكن قضاء بالحق وأخذ بالعدل)). |
أصوات: الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. |
مالك: أسمعت ما يقول أبوك يا عبد الرحمن؟ |
عبد الرحمن: بلى يا خالي بلى.. |
مالك: لقد صدق عمر بن الخطاب حين قال عنه.. |
عبد الرحمن: ماذا قال أمير المؤمنين عن أبي يا خالي؟ |
مالك: قال: ((وددت أن لي رجالاً مثل عمير بن سعد أستعين بهم على أعمال المسلمين.. |
عبد الرحمن: الله أكبر.. إني لفخور بأبي يا خالي وابتهل إلى الله تعالى أن يقدرني على رسم خطاه.. |
مالك: إنني أدعو الله لك.. أدعوه لك.. إن والدك شديد الإخلاص لدينه لا يسكت عمن يريده بضرر أو شر حتى لو كان أقرب المقربين إليه وأكثر الناس فضلاً عليه.. |
عبد الرحمن: وهذا سر نجاحه في جميع أعماله.. |
مالك: أجل يا ولدي.. أجل.. أين ثعلبة والحارث وعاصم يا عبد الرحمن؟ |
مالك: والنساء أين هن؟ |
عبد الرحمن: في المكان المخصص لهن من المسجد.. |
مالك: أكانت الرحلة ممتعة.. |
عبد الرحمن: ممتعة ونافعة جداً.. |
مالك: كيف؟ |
عبد الرحمن: مناظر الطريق الخلابة كانت متعة لنا جميعاً.. |
مالك: والنفع من أين؟ |
عبد الرحمن: كان ثعلبة والد مزنه يشكو من ألم في سلسلة ظهره حتى أنه بعد أن أزمع على السفر كاد يعدل بسببه.. |
مالك: وبعد.. |
عبد الرحمن: وقد لازمته في المرحلة الأولى من الطريق لأني كنت أخشى أن يسقط عن ظهر راحلته إذا ما جاءته نوبة الألم ولكن.. |
مالك: ولكن ماذا؟ |
عبد الرحمن: مضت المراحل كلها وكأنه لم يشك من قبل بعلة في ظهره.. |
مالك: الحمد لله.. الحمد لله.. إنها بركة الحج إلى بيت الله العتيق.. وإنها لمنفعة من المنافع التي ذكرها الله تعالى حين قال: |
(ليشهدوا منافع لهم). |
عبد الرحمن: أجل يا خالي.. أجل.. اللَّهم يسر حجنا وتقبله منا يا رب العالمين.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت سماوة تقول): |
سماوة: عمك عمير.. هائل.. هائل يا مزنه.. إن إعجابي به يزداد كل يوم.. |
مزنه: أما رأيت كم هو إعجاب الناس به اليوم.. |
سماوة: لقد صدق عمر بن الخطاب حين قال: ((عمير نسيج وحده)).. أجل إنه فريد في نوعه بين الولاة.. |
مزنه: يقيني إنه سينجح في ولايته على حمص كما نجح في غيرها.. |
سماوة: هذا لا يخامرني شك فيه أبداً.. أبداً يا مزنه.. |
مزنه: وليتك رأيت عمي الحارث وأبي وهما يتحدثان بإعجاب وفخر وفرحة ما بعدها بخطبة عمي عمير اليوم.. |
سماوة: صدقت.. لقد عمت الفرحة جميع سكان حمص وبينت لهم بجلاء أن عمير إداري حازم بالإضافة إلى أنه قائد ماهر.. |
مزنه: بلى.. بلى.. وأبي فرحته فرحتان يا خالتي.. |
سماوة: كيف يا بنيتي كيف.. |
مزنه: لقد زال الألم الذي كان يشكو منه في ظهره وكان يخشى أن يعاوده بعد أن أخلد إلى الراحة في حمص.. |
سماوة: الحمد لله والله أنها فرحة لا تعد لها فرحة.. فأنا كنت أخشى أن يعاوده مرضه فلا يستطيع السفر معنا.. |
مزنه: إذن فمتى السفر إلى بيت الله الحرام.. |
سماوة: بانتظار قرار والدك والحارث.. |
مزنه: أين هما الآن.. أترى ما يزالان حيث تركتهما.. |
سماوة: لا أدري يا بنيتي.. |
(وترى مزنه الحارث وثعلبة قادمين فتقول): |
مزنه: خالتي.. انظري والدي ثعلبة وعمي الحارث قادمان إلينا.. |
سماوة: وأرى عبد الرحمن وعاصم والشيماء في أثرهما.. |
مزنه: ألا تسألينهما عن موعد السفر؟ |
سماوة: سافعل.. |
(يدخلان فتقول مزنه): |
مزنه: يا مرحبا.. يا مرحبا.. |
سماوة: ما وراءك يا حارث؟ |
الحارث: لبيك اللَّهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. |
مزنه: إذن فسنسير إلى الحج.. |
الحارث: غداً بإذن الله.. بإذن الله.. |
الجميع: لبيك اللَّهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. |
|