شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 11 ـ
(عواء الذئاب الذي لا يلبث أن يختفي لنسمع بعده صوت سماوة تقول):
سماوة: أصحيح ما تقول يا حارث؟
الحارث: أجل يا سماوة.. أجل..
سماوة: ولكنه لم يبق طويلاً بيننا..
الحارث: ومع ذلك فقد عمر بلادنا بالمساجد وأشاع الطمأنينة والاستقرار فيها..
سماوة: لقد أحزنتني يا حارث أحزنتني والله..
الحارث: وحزني لا يقل عن حزنك.. فالراعي الصالح لا يوجد في كل وقت..
سماوة: وعمير حقاً الراعي الصالح والإداري الحازم والحاكم العادل..
الحارث: والحكيم.. الكريم، المتواضع.. لا تأخذه في الحق لومة لائم ولا يخشى أحداً إلا الله..
سماوة: صدقت يا حارث.. وهذه الخصال والفضائل هي سر نجاحه في كل مهمة أنيطت.. ألا ليتنا نعرف من سيخلفه..
الحارث: لم يعين أمير المؤمنين عمر بن الخطاب من يخلف عمير بن سعد الأنصاري في ولاية الجزيرة..
سماوة: ومتى سيرحل عمير؟
الحارث: قريباً..
سماوة: يا لحسن حظ أهالي حمص بوال كعمير..
الحارث: صدقت فعمير نسيج وحده كما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب..
سماوة: وماذا عن عاصم وعبد الرحمن؟
الحارث: سيبقيان هنا ريثما يعين الوالي الجديد ثم يلحقان بعمير في حمص..
سماوة: إذن فسنحرم من الشيماء ومزنه يا حارث..
الحارث: هذه سنة الكون يا سماوة وهذه هي القسمة والنصيب على كل حال ستكون فرصة لنا لنرى مدينة حمص حين نذهب إليهما..
سماوة: هذا إذا بقيا فيها وما أظنهما سيبقيان فيها فالمد الإسلامي يزحف شرقاً وغرباً في سرعة مذهلة..
الحارث: أجل.. أجل.. وقد تكون مزنه في إفريقية والشيماء في خراسان.. من يدري..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مالك يقول):
مالك: الناس في الجزيرة جد حزينين على نقلك إلى حمص يا عمير..
عمير: إنني جندي من جنود هذا الدين.. والجندي معرّض للنقل من جهة إلى أخرى في كل حين.. وإني أشكر أهل الجزيرة على محبتهم مقدراً لهم تعاونهم الصادق معي خلال فترة ولايتي..
مالك: وقد علمت أن ثعلبة والد مزنه في طريقه إلينا لتوديعك..
عمير: إنه لا ينقصه شيء من الكمال.. إنه يفعل خيراً بمجيئه إلينا فإني جد مشتاق وابنته لا شك كذلك..
مالك: هل استأذنك الحارث في سفره للحج هذا العام..؟
عمير: بلى.. بلى.. وقد أذنت ورجوته أن يدعو الله لي في تلك الرحاب الطاهرة..
مالك: وماذا عن مزنه؟
عمير: مزنه ما بها؟
مالك: ألم تستأذنك في السفر للحج مع زوجها عبد الرحمن؟
عمير: بلى.. بلى.. لقد نسيت ذلك في زحمة متطلبات الجديد.. ولكن..
مالك: ولكن ماذا؟
عمير: أخشى أن تجد بعض الأمور فلا أحد بجانبي عبد الرحمن أو عاصم..
مالك: أتقصد أنك لم تسمح بعد لعبد الرحمن أو عاصم بالسفر للحج..
عمير: لا لم أسمح لهما بعد.. فإني ما زلت أدرس الأمر..
مالك: أزعلتني يا عمير.. فقد كانت مزنه والشيماء تنتظران أن تذهبا مع سماوة وزوجها الحارث..
عمير: إنني لم أمنعهما من الحج ولكني أردت أن أعطي لنفسي بعض الوقت للتفكير في الأمر فقد أسمح للشيماء بأن ترافق أباها وأمها من دون زوجها..
مالك: ولكنها لن تسعد بحجها إلا مع زوجها.. ومزنه..
عمير: مزنه ربما قرر والدها عند مجيئه السفر للحج وعندها سأسمح لها بالسفر معه من دون عبد الرحمن..
مالك: ولكنها هي الأخرى لن تسعد بحجها من دون زوجها..
عمير: على كل حال سأفكر.. سأفكر..
مالك: والله لا أدري كيف استطعت أن تقول لا لمزنه وأنا أعلم منزلتها في نفسك..
عمير: صدقت فإنها يعلم الله في منزلة ابنتي ولكن في سبيل العمل يجب أن يضغط المرء على أعصابه ويضعها في ماء بارد..
مالك: لله أنت فإنك فريد في نوعك..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت سماوة تقول):
سماوة: هل وفق عبد الرحمن أو أنت في الحصول على إذن من عمك عمير..
مزنه: لا يا خالتي فإنه قد أجل الموافقة حتى يفكر في الأمر كعادته في كل أمر لا يجهر برأيه فيه إلا بعد دراسة وتمحيص..
سماوة: ولكن موضوعك ليس معركة حربية حتى يخطط لها ويستعرض جوانبها وأبعادها ومفاجآتها..
مزنه: كل شيء عنده صغر أو كبر، قل أو عظم له وزنه ومعاييره ويجب أن يحسب له حسابه..
سماوة: الدقة في كل شيء لا شك مستحسنة ولا بد وأن عند عمك عمير من المعلومات ما حمله على أرجاء البت في أمر سفرك..
مزنه: وسفر الشيماء..
سماوة: لقد أجاز للشيماء السفر معنا إذا سمح زوجها لها ولكن..
مزنه: ولكن ماذا؟
سماوة: الشيماء لا تريد أن تسافر للحج إلا مع زوجها.. وقد يسمح لك عمك عمير بالسفر مع أبيك إن كانت عنده رغبة في الحج..
مزنه: ولكني أنا مثل الشيماء لا أريد السفر إلا مع زوجي..
سماوة: بورك لكما في أزواجكما.. إن موقفك وموقف الشيماء لم يسرني ويسر الحارث..
مزنه: وسوف يسر أبي إذا ما علم به.. والآن..
سماوة: والآن ماذا؟
مزنه: متى قررتما السفر؟
سماوة: بعد مجيء والدك لأنه لا يعقل أن نسافر في الوقت الذي يزمع فيه زيارة عانات..
مزنه: وعسى أن يغير عمي رأيه في الوقت الذي تقرران فيه السفر..
سماوة: من يدري يا بنيتي فلكل أجل كتاب..
(يدخل الحارث والموسيقى مصاحبة وعندما يرى مزنه يقول):
الحارث: أنت هنا يا مزنه..
مزنه: نعم يا عماه..
الحارث: أين تركت الشيماء؟
مزنه: تركتها عند عمتي نائلة والدة عبد الرحمن التي أصبحت لا تطيق بعد الشيماء عنها..
سماوة: إنها سيدة نبيلة فيها من أخلاق زوجها عمير ومزاياه النادرة الشيء الكثير..
الحارث: حقاً يا سماوة لقد سمعت ذلك من كل من عرفوها.. قولي يا مزنه..
مزنه: نعم يا عماه..
الحارث: أين عبد الرحمن..
مزنه: مع عاصم يشرفان على الترتيبات اللازمة للحملة التي ستصحب عمي عمير في طريقه إلى حمص..
الحارث: ولكن عمك عمير لن يحتاج إلى كثير من الجند فحمص ثكنة جنود كما علمت..
مزنه: صحيح غير أنه من الضروري أن تصحب عمي على الأقل سرية من الجنود من قبيل الاحتياط للطوارىء..
الحارث: وعبد الرحمن وعاصم سيبقيان معنا حتى يجيء الوالي الجديد للجزيرة..
مزنه: بلى.. بلى..
سماوة: لن يأتينا والٍ كعمير..
الحارث: صدقت يا سماوة.. إنه نقلة من الجزيرة خسارة لا تعوّض..
سماوة: وثعلبة متى ينتظر وصوله يا حارث..
الحارث: لعلّه خلال اليومين القادمين لأنه يعلم أن عميراً على وشك مغادرة الجزيرة إلى حمص..
مزنه: أرجو ألا يطول تأخره فإني أخشى المفاجآت..
سماوة: مفاجآت..
مزنه: بلى يا خالتي..
الحارث: كفانا الله شر المفاجآت..
مزنه: اللَّهم آمين.. أقول المفاجآت لأنه قد يأتي أمر من أمير المؤمنين بأن تتحرك قواتنا إلى جهة ما.. فنحن في حالة حرب كما تعلمون..
سماوة: أجل.. أجل.. والحروب مليئة بالمفاجآت..
الحارث: لقد أتيت لأخبركما بشيء غريب..
مزنه وسماوة: ما هو؟
الحارث: أتذكران اليهوديان اللذان شوهدا يتجران في ضواحي قرية (هيت)..
مزنه: بلى.. بلى..
سماوة: ماذا جرى لهما..
الحارث: تبين أنهما جاسوسان كانا مرسلين في مهمة إلى بلاد الروم..
مزنه: ليس ذلك بغريب على اليهود.. فالجاسوسية، واللصوصية، والدس والكيد والتآمر كلها طبائع غريزية فيهم.. هات يا عماه كيف اكتُشف أمرهما؟
الحارث: كان عمير قد وضعهما تحت رقابة شديدة.. وعندما عرفا بأمر الرقابة وخافا الافتضاح قررا الهرب..
سماوة: وبعد..
الحارث: فخرجا واتخذا طريقهما إلى بلاد الروم من المخاضات التي تكثر على ضفاف نهر الفرات..
مزنه: نعم.. نعم.. وبعد..
الحارث: وفي إحدى هذه المخاضات هاجمهما سرب من الذئاب فقضي عليهما..
سماوة: إلى جهنم وبئس القرار..
مزنه: ولكن كيف تبين أنهما جاسوسان..
الحارث: من رسالة وجدت في ملابس أحدهما بعد أن أكلتهما الذئاب..
سماوة: لا شك أن عميراً عنده علم بذلك..
الحارث: بلى.. بلى.. وهو الذي أخبرني عما جرى لليهوديين كما أخبرني أيضاً..
مزنه: ماذا أخبرك أيضاً يا عماه؟
 
طباعة

تعليق

 القراءات :660  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 11 من 45
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج