شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 39 ـ
عكرمة: ويل لهؤلاء يا صفوان الذين لم يتمكن الإسلام من قلوبهم يبشروننا بهزيمة المسلمين هزيمة لا يجبرونها أبداً وما علموا أن هذا ليس لهم ولا بيدهم بل الأمر بيد الله ليس إلى محمد منه شيء أن دل عليه اليوم فإن له العاقبة غداً..
صفوان: أجل يا عكرمة لم أدخل بعد في دين ولكني لا أحب لقرشي الهزيمة مهما يكن بيني وبينه من عداوة أو بغضاء..
عكرمة: لعلّهم يظنون أن العُربَ ستعود إلى دين آبائها إن قتل محمد وتفرق أصحابه ولكن مطمئن أن المسلمين بوغتوا بهجوم ثقيف وهوازن فانكفأوا ولكنهم سيعودون. اسمع يا صفوان.. اسمع هذا صوت العباس بن عبد المطلب ينادي..
صفوان: أجل يا عكرمة إنه صوته.. إنه يقول: يا للمهاجرين الذينبايعوا تحت الشجرة ويا للأنصار الذين آووا رسول الله..
عكرمة: يا له من صوت يشق أجواء السماء. اسمع يا صفوان اسمع هاهم المهاجرون والنصار يقولون ..
أصوات: لبيك يا رسول الله. لبيك يا رسول.. أبشر نحن معك.. ابشر نحن معك..
عكرمة: انظر يا صفوان. انظر إن المسلمين يهاجمون بضراوة وبريق سيوفهم كأنه الشهب..
أصوات: الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. نسمع كر الخيل وفرها وسقوط وأنات الجرحى ثم صوت سهيل بن عمرو يقول):
سهيل:هاهم الأعراب من ثقيف وهوازن يولون الأدبار وسيوف المسلمين تحسهم..
أصوات: الله أكبر.. الله أكبر.. لبيك يا رسول الله.. لبيك يا رسول الله نحن معك.. نحن معك والله معنا.. والله معنا..
عكرمة: من سهيل بن عمرو.. أين كنت يا أبا جندل؟.
سهيل:كنت أقاتل كما تقاتلون..
عكرمة: تدافع عن هذا الدين وأنت لما تدخل فيه بعد؟..
سهيل:أليس صاحب هذا الدين منا نحن القرشيين؟..
عكرمة: بلى يا سهيل بلى..
سهيل:إذن فأنا أنصر أخي ظالماً أو مظلوماً..
عكرمة: انظر إلى هذه الأنصارية أم سليم حازمة وسطها ببرد لها وفي حزامها خنجر تقتل به من يدنو منها من المشركين..
سهيل:صه يا عكرمة إنها تقول محمد. بأبي أنت وأمي يا رسول الله اقتل بهذا الخنجر هؤلاء الذين انهزموا عنك فإنهم لذلك أهل..
صفوان: ويقول الذين في قلوبهم مرض. انهزم المسلمون.. وهزيمتهم لا يردها إلى البحر. كيف يهزم قوم فيهم مثل أم سليم الأنصارية.
عكرمة: لا والله يا صفوان.. لا والله..
سهيل:لقد انهزم المسلمون بادىء ذي بدء لأن مقدمة المسلمين كانت تنتظم شباباً من أهل مكة ومن الغوغاء ومن الذين لم يتمرسوا القتال بعد فلما حصدتهم نبال ثقيف وهوازن ولوا الأدبار وتبعهم من كان خلفهم..
صفوان: ولكنهم عندما سمعوا صوت العباس بن عبد المطلب عادوا يا أبا جندل وأقبلوا وكأنهم الإبل إذا حنت على أولادها..
صوت صادر من مكان بعيد: لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا.. صدق الله العظيم (سورة التوبة: 25 - 26)..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت عباد يقول):
عباد: كنت على حق في تخوفك يا بن مسلمة من الطلقاء. فقد كانوا سبباً في هزيمتنا النكراء في بداية معركة حنين..
محمد بن مسلمة: كادت تكون كارثة يا عباد لولا أن تداركنا الله برحمته ولطفه ارتداد وانهزام ما رأيت مثيلاً له..
عباد: لقد اختار قواد ثقيف وهوازن المكان المناسب للقتال وكان توقيتهم بارعاً لولا الله..
محمد بن مسلمة: وكدنا نخسر قائداً وبطلاً هو..
عباد: هو من يا بن مسلمة..
محمد بن مسلمة: هو خالد بن الوليد..
عباد: صدقت. لقد تحمل مع بني سليم ثقل المعركة في بدايتها فخفف من حدة الهزيمة وأصيب بجراح أثقلته ولكني رأيت رسول الله صلَّى الله عليه وسلم بعد أن انهزم المشركون يمشي بين المسلمين ويقول. من يدلني على رجل خالد بن الوليد..
محمد بن مسلمة: ما أعظمك وأرحمك يا رسول الله..
عباد: فدل رسول الله على مكانه فوجد خالداً قد أسند إلى مؤخرة الرجل لأنه مثقل بالجراحة فتفل صلى الله عليه وسلم في جراحاته فبرأ لوقته.
محمد بن مسلمة: الحمد لله يا عباد على نصره المبين وعلى سلامة خالد بن الوليد..
عباد: هيا بنا يا بن مسلمة نسير بجانب رسول الله صلَّى الله عليه وسلم فإني أراه يمشي ومعه صفوان بن أمية.
محمد بن مسلمة: لقد غمره صلَّى الله عليه وسلم بغنائم هوازن بحنين. أعطاه مائة من الإبل ثم مائة ثم مائة..
عباد: وما أراه قد شبع.. إنه تاجر يا بن مسلمة لا يشبعه شيء..
محمد بن مسلمة: هاهو رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يرمق صفوان بن أمية وهو يرى شعباً مملوء نعماً وشاء فيقول له بما معناه. أيعجبك هذا الشعيب وما فيه يا أبا وهب؟..
صفوان: نعم يا بن عبد الله.. ما رأيت عيني ولا بصرت أمرع منه ولا أحسن مما فيه من نعم وشاء..
عباد: وها هو صلَّى الله عليه وسلم يقول لصفوان بما معناه.. هو لك يا صفوان بما فيه..
محمد بن مسلمة: إن صفوان يكاد يطير من الفرح.. أنظرها هاهو يتقدم من رسول الله صلَّى عليه وسلم بقدم ثابتة ووجه متهلل بالبشر وهو يقول):
صفوان: يا محمد.. إن الملوك لا تطيب نفوسها بمثل هذا.. ما طابت نفس أحد بمثل هذا إلا نفس نبي أشهد أن لا إله إلا الله واشهد أنك عبده ورسوله..
أصوات: الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت عكرمة يقول):
عكرمة: وأخيراً أسلم صفوان بن أمية يا أم حكيم..
أم حكيم: أأسلم عدو رسول الله الألد..
عكرمة: أجل وقبل انتهاء مدة الخيار..
أم حكيم: لا شك أن أموراً هامة وقعت حتى عجلت بإسلام صفوان بن أمية.
عكرمة: لقد سمعت صفوان يقول بعد إسلامه: كان النبي صلَّى الله عليه وسلم أبغض الخلق إلي فما زال يعطيني حتى صار أحب الخلق إلي..
أم حكيم: لقد عرف صلَّى الله وسلم كيف يتألف قلوب أعدائه. قل لي ماذا تم مع سهيل بن عمرو..
عكرمة: سهيل بن عمرو أعلن إسلامه عندما كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلم بالجعرانة. وقد علمت من حديثه إنه كان قد أسلم من قبل ولكنه كان يخفي إسلامه..
أم حكيم: كدت أموت رعباً وفزعاً عليك يا عكرمة يوم معركة حنين..
عكرمة: لماذا يا أم حكيم؟..
أم حكيم: لقد فاضت مكة بإشاعات الهزيمة. وقتل محمد وكنت موقنة أنك سوف تكون في طليعة المدافعين عن رسول الله وأنك لقيت مصرعك معه..
عكرمة: في الحقيقة كانت معركة رهيبة يا أم حكيم أحكم قادة ثقيف وهوازن في خطتها وكادت تكون نصراً مؤزراً لهم على المسلمين.. ولكن..
أم حكيم: ولكن ماذا يا عكرمة..
عكرمة: ولكن ثبات رسول الله وقوة جأشه وجنانه قلب موازين المعركة من هزيمة ساحقة إلى نصر مبين تصوري لم يثبت بجانب رسول الله إلا عدد قليل جداً من الصحابة وانهزم الباقون وفيهم ممن خاضوا عدة معارك معه من قبل.
أم حكيم: أمر عجيب يا عكرمة أن ينهزم رجال خاضوا مع النبي صلَّى الله عليه وسلم معارك عديدة من قبل وثبتوا وكانوا من المجلين فيها..
عكرمة: شباب القرشيين وغوغاؤهم كانوا هم السبب في الهزيمة أول الأمر.. لقد ظنوا أن المعركة مع ثقيف وهوازن نزهة في أحد بساتين مكة أو الطائف.
أم حكيم: استهانتهم بهؤلاء الأعراب وغرورهم لعبا دوراً هاماً فيما جرى على ما أظن يا عكرمة..
عكرمة: لا شك أن استهتار وغرور شباب قريش لهؤلاء الأعراب له أثر كبير في النكسة الأولى للمعركة ولكن ذلك لم يكن وحده السبب.
أم حكيم: إذن ما هو يا عكرمة..
عكرمة: شباب قريش دخلوا المعركة ولما يتسلحوا بعد بالإيمان ولم يتمرسوا بعد أساليب الحرب والطعان بالإضافة إلى الاستهتار والغرور كانت كلها مجتمعة سبباً في البداية السيئة للمعركة..
أم حكيم: أجل الإيمان يا عكرمة وانبعاثه في قلوب المؤمنين التي غلفها الغرور حين شعرت بكثرتها وشجاعة النبي التي لا مثيل لها أحالت نصر ثقيف وهوازن إلى هزيمة ساحقة..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت عباد بن بشر يقول):
عباد: يا لقوة الإسلام وأثره يا بن مسلمة على هؤلاء الطلقاء. لقد سما بهم إلى آفاق بعيدة مع التضحية والعبادة والطهر وصقل مواهبهم وأضاف إليها وضعها جميعاً في خدمة الخير والحق والدين..
محمد بن مسلمة: هذا عكرمة بن عدو الله ورسوله أبي جهل أصبح إذا نشر المصحف غشي عليه ويقول هو كلام ربي. هو كلام ربي..
عباد: أجل يا بن مسلمة تحول المشرك اللدود إلى مؤمن أو أب لا تكف عيناه عن البكاء من خشية الله..
محمد بن مسلمة: وأولاده أبي لهب عم النبي صلَّى الله عليه وسلم..
عباد: أتعني عتبة ومعتب يا بن مسلمة..
محمد بن مسلمة: بلى يا عباد بلى..
عباد: ماذا عنهما؟..
محمد بن مسلمة: شهدا مع النبي صلَّى الله عليه وسلم معارك حنين والطائف ولازماً يوم حنين وقد قلعت عين معتب في ذلك اليوم..
عباد: طاقات عجيبة فجرها الإسلام.. وأخرجها من أصدافها فإذا هي لآليء تبهر الأنظار والعقول..
محمد بن مسلمة: ما دمت يا عباد بذكر هذه الطاقات العجيبة فهل لك أن تحدثني عن شيبة بن عثمان بن طلحة..
عباد: حدثني شيبة عن سبب إسلامه: فقال: لما كان عام الفتح ودخل رسول الله عليه وسلم مكة تظاهرت بالإسلام..
محمد بن مسلمة: ويحه يا عباد..
عباد: ثم سار النبي إلى حرب هوازن فسار شيبة مع قريش إلى حنين وهو ينوي أن يصيب من رسول الله صلَّى الله عليه وسلم غرة فيقتله ويثأر لقتلاه يوم بدر وأُحد..
محمد بن مسلمة: قبحه الله.. ما أفظع ما كان عاقداً العزم عليه..
عباد: قال شيبة: فلما اختلط الناس يوم حنين اثر هزيمة المسلمين ونزل صلَّى الله عليه وسلم عن بغلته أصلت السيف دنوت منه ورفعت سيفي أريد قتله فإذا بشواظ من نار يكاد يحرقني ويعمي بصري حتى اضطرني إلى وضع يدي على عيني من شدة أواره..
محمد بن مسلمة: إن رب محمد مانعه وبعد..
عباد: قال شيبة فالتفت إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم وتبسم وعرف الذي أريد فناداني يا شيبة فدنوت منه فمسح صدري ثم قال: اللَّهم أعذه من الشيطان..
محمد بن مسلمة: يا إلهي ما أروع الموقف وأعظمه وبعد..
عباد: قال شيبة: فوالله لهو الساعة أصبح أحب إلي من سمعي وبصري واذهب الله ما كان في صدري من غل وحقد عليه..
محمد بن مسلمة: سبحان الله.. سبحان الله.. سبحان مغير الأحوال..
عباد: ثم قال صلَّى الله عليه وسلم لشيبة إذن فقاتل فتقدم شيبة أمام رسول الله يضرب بسيفه وهو يقول والله أعلم إني أحب أن آتي رسول الله بنفسي وبكل شيء ولو كان أبي حياً ولقيته تلك الساعة لقتلته في سبيل رسول الله صلَّى الله عليه وسلم.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :797  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 39 من 58
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الرابع - النثر - مقالات منوعة في الفكر والمجتمع: 2005]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج