الحلقة ـ 88 ـ |
أصوات تكبير... الله أكبر.. الله أكبر.. |
ربيعة: أيها الناس اسمعوا قولي هذا واعقلوه.. تعلمن أن كل مسلم أخ مسلم.. وأن المسلمين أخوة فلا يحل لأمرىء من أخيه إلا ما اعطاه عن طيب نفس منه فلا تظلمن أنفسكم.. اللهم هل بلغت؟؟؟ |
(وهنا أجاب الناس من كل صوب). |
نعم... نعم... نعم.. |
ربيعة: (وعندها قال ربيعة مردداً قول النبي صلى الله عليه وسلم). |
اللهم فاشهد.. اللهم فاشهد.. اللهم فاشهد.. |
(نقلة صوتية).. |
علقمة: إنها خطبة جامعة شاملة. |
زيد: بل قل جمعت فأوعت، وبينت وفصلت. |
جابر: إنها تشريع كامل، وهدي مبين جاء به الرسول الأمين. لقد جاءت بجميع مناسك الحج وشعائره. |
(نسمع وقع حوافر الخيل وصهيلها ورغاء الإبل وهمهمة وغمغمة مبهمة ثم صوت علقمة يقول): |
علقمة: لدي يا قوم خبر مزعج...؟؟؟؟ |
زيد: ما هو يا علقمة؟؟ |
علقمة: شاهدت أبا بكر يبكي هذا اليوم.. |
زيد: وما علمت من بكائه يا زيد؟؟ |
علقمة: شوهد أبو بكر يبكي بعدما سمع من نزول الآية الكريمة.. |
زيد: وما هي هذه الآية الكريمة؟؟؟ |
علقمة: بسم الله الرحمن الرحيم. الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً (المائدة: 5). |
جابر: لعله تراءى له من قوله تعالى الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ. أن الرسالة النبوية قد استكملت وأن الرسول صلى الله عليه وسلم.. |
(يتقطع صوته ويجهش بالبكاء فيقولون له): |
علقمة وزيد: حتى أنت يا جابر ماذا أصابك حتى أجهشت بالبكاء....؟ |
جابر: بصوت متقطع - أن هذه الآية على ما أظن- نذير بدنو أجل الرسول والتحاقه بالرفيق الأعلى.. |
زيد: إن بعض الظن إثم يا جابر.. |
علقمة: اذن لماذا كان يبكي أبو بكر؟ ألم يكن تصور ما تصوره جابر؟ |
زيد: دعوة من تصوراتكم وتخريجاتكم المزعجة.. وخلونا ننعم بمتعة الحج وما انعم الله به علينا فيها ونتصور ما سيثيبنا على أدائنا هذه الفريضة.. وعوذوا بالله من هذه الخيالات المزعجة. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى). |
أم ياسر: الحمد لله الذي أكرمنا بالحج إلى بيته العتيق.. ويسر لنا السبيل إليه.. |
أم سالم: إنها نعمة يا أختاه لا تعد لها نعمة.. |
أم ياسر: وأية نعمة يا أم سالم لقد كانت حجة تامة كاملة.. |
أم سالم: أنسيت ما حفلت به خطبة هذه الحجة؟؟؟ |
أم ياسر: كيف أنسى.. وإن أنسى لا أنسى تبيانه صلى الله عليه وسلم لحقوق المرأة ومكانتها ومنزلتها بالنسبة للرجل.. |
أم سالم: لقد أنصف الإسلام المرأة.. ووضعها في المكان الذي يجب أن توضع.. كرمها.. ورفع من شأنها.. وفصل ما لها وعليها.. |
أم ياسر: نعم يا أختاه.. لقد أعلى الإسلام منزلة المرأة بعد أن كانت توأد خشية الإملاق وخوف العار.. |
أم سالم: الحمد الله على نعمة الإسلام يا ام ياسر.. |
أم ياسر: الحمد لله.. الحمد لله.. |
(نقلة صوتية مصحوبة بموسيقى تمثل العودة ثم صوت علقمة يقول): |
علقمة: ها نحن نصل والله الحمد سالمين إلى ذي الحليفة وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالمبيت لأنه كره أن يدخل المدينة ليلاً.. |
زيد: نعم الرأي.. إن هذه الجموع الغفيرة لو دخلت المدينة ليلا لفاضت بها وغصت ولحدثت إصابات كثيرة من شدة الزحام في طرقات المدينة في الليل البهيم.. |
جابر: صحيح ما تقوله يا زيد.. ثم إن دخولنا ليلاً يفوت على الذين الحج متعة منظر العائدين ويحرم الوافدين من القبائل المجاورة لمدينة استجلاء طلعة النبي الامين صلى الله عليه وسلم.. |
علقمة: إنني كلما طفت بين القبائل التي حجت معنا هذا العام رأيت بينهم الكثيرين ممن امتشقوا الحسام في وجه هذا الدين وكانوا ألد أعدائه فاذا هم بين عشية وضحاها يصبحون المدافعين المنافحين عنه بالنفس والنفيس. |
زيد: وهذا سر عظمة هذا الدين وإنه تنزل من لدن حكيم حميد. |
جابر: في رأيي جلال هذا الدين وعظمته تتجلى في الذين اعتنقوه عن بعد وناصروه ونصروه، وأوذوا في سبيله ومنهم كمن كلفه ذلك حياته.. |
زيد: إنك تتكلم حقا يا جابر.. إننا شاهدنا النبي صلى الله عليه وسلم وسمعناه وتحدثنا معه واقتنعنا برسالته فأكرمنا الله وهدانا على يديه.. أما أولئك الذين آمنوا بهذا الدين ولم يروا رسوله فهم في رأيي أكرم منا منزلة وأعلى شأنها. |
جابر: لعل في مقدمة هؤلاء فروة بن عمرو الجذامي عامل الروم على معان في شمال الحجاز. |
زيد: وكيف هداه الله إلى الإسلام. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى). |
سلمى: أراك يا أبتاه ساهماً واجماً منذ أعاد المسلمون من وقعة مؤتة ولا أدري ما بك انبئني وسري عني ما تعتمل به نفسي من وساوس وهواجس. |
فروة: بنيتي سلمى.. لقد أكبرت هؤلاء المسلمين الذين قدموا من أواسط جزيرة العرب وجنوبها بعضهم راكب وجلهم ماشي.. قليل منهم منتعل وأكثرهم حفاة أما رأيتهم حين مروا بنا في معان وأقاموا بها ليلتين.. |
سلمى: بلى يا أبتاه.. أذكر ذلك ولا أنساه.. |
فروة: لقد قطعوا الصحارى والقفار.. ليالي وأياما ثم تسلقوا جبال مؤاب ليلاقوا ببسالة وشجاعة نادرة جحافل الروم الجرارة في سهل مؤتة وهم قلة لا تكاد تبلغ الثلاثة آلاف بينما أربى جيش الروم على المائة الف.. |
سلمى: صحيح يا أبتاه. إنها شجاعة خارقة تفوق ما قرأناه عن الشجعان والفرسان في أساطير اليونان والرومان.. |
فروة: لقد ساءت نفسي يا بنيتي ما هو سر هذه الجرأة.. وهذا الاقدام العجيب.. ما هو الحافز..؟ ما هو السر؟ |
سلمى: ما هو يا أبتاه.. ما هو؟ |
فروة: إنه الإيمان.. إنها قوة العقيدة وصدقها.. جمعت كلمة العرب ووحدة صفوفهم ووجهتهم إلى عبادة إله واحد ورب واحد لا شريك بعد أن كانت كل قبيلة تعبد صنما أو أصناما تضر ولا تنفع.. |
سلمى: ومن هو هذا الذي وحد هذه القبائل المتنافرة التي كانت تعيش على الفتك والسلب والغزو والنهب حتى أصبحنا ونحن عرب مثلهم نكاد نتبرأ من عروبتنا ومن الأفعال الهمجية والوحشية التي كان يقوم بها اخواننا في الجزيرة. |
فروة: صدقت يا بنيتي.. فلطالما سمعت الروم يعيروننا ويلمزوننا لأنا عرب نمت بصلة الدم والعرق إلى عرب الجزيرة.. أجل.. |
سلمى: أجل يا ابتاه.. ولكنك لم تقل لي من وحد هذه القبائل ولم شتاتها وبدد فرقتها؟ |
فروة: إنه محمد بن عبد الله الفتى القرشي. |
سلمى: سمعت عنه يا أبتاه عندما كنت في الشام عند عمي ولكني سمعت شيئاً لا يسر عنه؟ |
فروة: ماذا سمعت عنه؟؟ |
سلمى: لقد كان الروم وصنائعهم يقولون عن محمد إنه ساحر.. مجنون.. يدّعي علم الغيب.. |
فروة: متحمسات لقد كذبوا يا بنيتي وافتروا على هذا النبي الكريم.. |
سلمى: أراك تدافع عن هذا الدين وعن رسوله.. أدخلت فيه يا أبتاه.. |
فروة: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.. |
سلمى: ومنذ متى يا أبتاه دخلت في هذا الدين الجديد...؟ |
فروة: منذ جاء المسلمون إلى قتال الروم في مؤتة.. ولكني كتمته: أما اليوم فلا سبيل إلى الكتمان وسأبعث برسول إلى محمد بن عبد الله يعلنه بإسلامي. |
سلمى: أما تخشى الروم وأنت والياً من ولاتهم ولاسيما وأنت تعلم أن الروم حاقدون عليك منذ عرفوا بمساعدتك للمسلمين يوم مؤتة عند انسحابهم.. |
فروة: اعلم ذلك يا بنيتي ولكنني لن أخشى إلا الله بعد اليوم. وأنت يا سلمى ألا تريدين أن تدخلي فيما دخل فيه أبوك؟؟ |
سلمى: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله. |
فروة: بورك فيك يا بنيتي.. الحمد لله الذي هداك إلى الإسلام.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى).. |
جابر: ووفد رسول الله فروة بن عمرو الجذامي على رسول الله يخبره بإسلامه فأهدر صلى الله عليه وسلم بغلة بيضاء يقال لها (فضة) وحمارا يقال له (يعفور) وفرساً يقال له (الظرب) وثياباً وقباء مرصعة بالذهب. |
علقمة: إنه يستاهل من رسول الله كل هذا التقدير.. |
زيد: بلى والله يا جابر.. إنه جدير.. لقد علمت ممن حضروا وقعة مؤتة الشيء الكثير الذي قدمه فروة للمسلمين في قتالهم وفي انسحابهم. |
علقمة: ولكن ماذا جرى لفروة عندما علم الروم بإسلامه وهو وَالٍ من ولاتهم. |
(نقلة صوتية).. |
جورجيوس: هل جئتم بهذا العربي الذي فضّل الولاء لمحمد العربي على الولاء لقيصر الرومان. |
أرطبون: أتعني فروة بن عمرو الجذامي أيها الحاكم البجل؟ |
جورجيوس: نعم... نعم... |
أرطبون: لقد أحضرنا مع ابنته مكبلين بالسلاسل والحديد.. |
جورجيوس: إليّ بهما.. |
أرطبون: أمرك مولاي.. |
جورجيوس: عجيب حال مدعي النبوة في الجزيرة.. إن اتباعه يزيدون ويتكاثرون بسرعة على مدى الأيام.. إني أراهم نذر شر مستطير لهذه الامبراطورية.. |
أرطبون: ستبيدهم سيوف الروم إن جازوا حدودنا.. |
جورجيوس: ((ضاحكا)) ساخراً أراك متفائلاً جداً يا أرطبون. إنك شاب لم تعجبك الحياة. |
الحارس: بالباب العربي وابنته.. |
جورجيوس: ادخلهما حالاً.. |
الحارس: أمر مولاي.. |
((يدخل فروة وابنته.. نسمع صوت السلاسل والقيود))
|
جورجيوس: أيها العربي القذر.. |
فروة: اسحب كلمتك يا جورجيوس، وإلاّ جزيت السيئة بسيئة مثلها.. |
جورجيوس: (لاتباعه) عجيب أمر هؤلاء العرب.. إنهم يثأرون لكرامتهم ولو كانوا في أحرج الظروف.. |
فروة: لقد نطقت بالصواب أيها الحاكم.. والآن ماذا تريد مني بعد أن تنازلت لك عن الولاية.. اتركني وشأني.. |
جورجيوس: يا فروة.. ارجع عن دين محمد ونحن نعيدك إلى ولايتك ونزيد من منزلتك ومكافأتك. |
فروة: لا أفارق دين محمد صلى الله عليه وسلم فانك تعلم أن عيسى عليه الصلاة والسلام قد بشّر بنبوة محمد |
جورجيوس: ألا تخشى الموت.. |
فروة: (يضحك) أأرهب الموت. أأكره الشهادة يا جورجيوس في سبيل الله في سبيل دين محمد.. مرحباً بالموت في هذا السبيل. |
جورجيوس: ولمن تترك ابنتك من بعدك...؟ |
فروة: اتركها لله ورسوله.. |
سلمى: أيها الحاكم.. إن مصيري مرتبط بمصير أبي فان أردتم قتله فاقتلوني قبله فليس حبه للاستشهاد بأعظم من حبي له.. |
جورجيوس: (يصرخ غاضباً) ويحكما.. قبحتما.. لقد نفذ صبري خذوهما واجلدوهما ثم اصلبوهما.. |
فروة: مرحباً بالشهادة في سبيل الإسلام.. هيا بنا أيها الجنود إليها.. هيا.. هيا.. |
جورجيوس: (صارخا بصوت عال) خذوهما ولا تأخذكما فيهما أية رحمة. |
(نسمع أصوات السلاسل والقيود أثناء خروجهما ثم صوت فروة يقول): |
فروة: |
بلغ سراة المسلمين بأنني |
سلم لربى أعظمى ومقامي |
|
قولي معي يا بنيتي: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله. |
فروة وسلمى: ((يقولان معاً)) أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله. |
|