شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 75 ـ
(نقلة صوتية)..
علقمة: إلي يا زيد... إلي... إلي..
زيد: (ضاحكاً) احملك يا علقمة صار ثقيلاً حتى جئت تسترخصني أن أساعدك.
علقمة: (ضاحكاً هو الآخر)... قدم أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاع من حليمة السعديه كما قدم عبد الله بن أبي أمية المخزومي ابن عمته عاتكه بنت عبد المطلب.
زيد: أليس هو أخو أم سلمة زوج الرسول صلى الله عليه وسلم.
علقمة: نعم... ولكن النبي صلى الله عليه وسلم أعرض عنها لما كان يلقي من شدة الأذى والهجر منها قبل أن يهاجر إلى يثرب.. فلما علما قال أبو سفيان والله ليأذن لي أو لآخذن بيد أبتي هذا ولنذهبن في الأرض حتى نموت عطشا وجوعا... فرق لهما الرسول فدخلا عليه واسلما.
زيد: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ (آل عمران: 159).
علقمة: صدق الله العظيم.
زيد: أليس عبد الله بن أبي أمية المخزومي هو الذي قال للرسول صلى الله عليه وسلم بمكة: والله لا آمن بك حتى تتخذ سلما إلى السماء فتعرج فيه وأنا أنظر ثم تأتي بصك وأربعة من الملائكة يشهدون أن الله أرسلك.
علقمة: نعم هو يا زيد.. وفوق ذلك كان يهجو الرسول في شعره ويقذع في هجره.
زيد: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (القلم: 4).
علقمة: صدق الله العظيم.
(هرج ومرج وأصوات تعلو وتهبط ثم صوت زيد يقول):
زيد: هيا بنا يا علقمة ننظر ما هذه الجلبة وهذا الهرج والمرج..
علقمة: هيا بنا.. هيا بنا...
(تتضح الأصوات حين يقربان ثم نسمع صوت زيد يقول):
زيد: انظر يا علقمة.. ها هو العباس بن عبد المطلب... إن الناس يتكأكأون عليه.. انه في طريقه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.. لقد جاء في الوقت الذي وزع فيه الرسول الألوية والرايات على القبائل والمهاجرين والأنصار وجعل على الحرس عمر بن الخطاب الذي تراه الآن في صحبة العباس وهو يدخل به على النبي صلى الله عليه وسلم.
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى)..
أبو سفيان: من الراكب الليل؟
بديل: إنني بديل يا أبا سفيان أبو أبا حنظلة.. قل أيهما يحلو لك أن أقوله.
أبو سفيان: قل في هذه الليلة يا أبا حنظلة.
أبو سفيان: إنه حكيم بن حزام.. إلى أين تقصد يا بديل؟
بديل: إلى بني عمي النازلين بقرب مر الظهران.. وأنتما إلى أين؟؟
أبو سفيان: نستريح.. ونستطلع طريق القوافل فقد بلغنا أن هنالك تجمعا من بعض القبائل بقصد الاغارة على قوافلنا..
بديل: لقد ظننا أنكما تتجسسان أخبار محمد.
(نقلة صوتية).
علقمة: اصغ يا زيد.. إن العباس يقول لغلامه: واصباح قريش يا أبا رافع.. والله لئن دخل محمد مكة عنوة قبل أن يأتوه فيستأمنوه فإنه لهلاك لقريش إلى آخر الأبد.
زيد: ها هو يركب بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء.. تعال نقترب منه لنسمع ما يهمس به لغلامه.
علقمة: إن صدق ظني فانه ذاهب إلى قريش ليقنعهم بطلب الأمان من النبي صلى الله عليه وسلم.
زيد: أما سمعته وهو يهمس بمخاوفه إلى النبي صلى الله عليه وسلم إذا دهم جيشنا هذا مكة ماذا يحل بها وبأهلها..
علقمة: ولعلنا لم نسمعه وهو يرجو من النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون سفيره إلى قريش ليلقي في قلوب قريش الرعب فندخل مكة من غير أن تسفك دماء وتظل مكة حراما كما كانت وكما يجب أن تكون..
زيد: أخالك صادقاً في حدسك وإلا ما أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم بغلته البيضاء.
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى صاخبة ثم صوت أبي سفيان يقول):
أبو سفيان: ما رأيت كالليلة نيرانا فقط ولا عسكراً.
بديل: هذه والله يا أبا حنظلة خزاعة حمّستها الحرب..
أبو سفيان: (ضاحكاً بسخرية) خزامة أقل وأذل من أن تكون هذه نيرانها وعسكرها يا بديل..
(نقلة صوتية)..
العباس: يا أبا حنظلة.
أبو سفيان: من أبو الفضل.. مرحباً.. أي سعد ألقى بك إلي في هذه الساعة المباركة أتعرف لمن هذه النيران وهذا العسكر المجر..
العباس: ويحك يا أبا سفيان هذا رسول الله في الناس.. واصباح قريش إذا دخل مكة عنوة.
أبو سفيان: ما الحيلة... فداك أبي وأمي..
العباس: رد صاحبيك إلى مكة واركب خلفي والله لئن ظفر بك أحد من المسلمين ليضربن عنقك.
أبو سفيان: ولماذا يرجعان أن حكيم بن حزام رفيقي فليأت ولينل ما ينالني أما بديل..
بديل: (مقاطعاً)... أما أنا فذا هيبة إلى محمد رضيتم أم أبيتم..
(ضجيج وهرج ومرج ولغط وأصوات متناثرة نسمع بعضها يقول):
صوت: قبض على أبي سفيان بن حرب.
صوت: رأيت العباس بن عبد المطلب يركبه في عجز البغلة.
صوت: عدو الله أصبح في قبضتنا.
صوت: من... من...
صوت: أبو سفيان... أبو سفيان..
علقمة: يا زيد.. انظر ها هو العباس بن عبد المطلب يعود..
زيد: ومن الراكب خلفه.. اني لا أكاد أتميزه.. أقترب منه لعلك تعرفه.
علقمة: إنه عدو الله أبو سفيان بن حرب.. كما أني أرى اثنين آخرين مع الحراس هما. بديل بن ورقاء وحكيم بن حزام.
زيد: اسرع بنا إلى مقام النبي صلى الله عليه وسلم فإني أرى العباس يسرع بأبي سفيان إلى حيث يقيم الرسول.
زيد: أخشى أن يكون العباس قد أجار أبا سفيان
علقمة: انظر ها هو عمر بن الخطاب يدخل على النبي صلى الله عليه وسلم ويقول له:
هذا أبو سفيان عدو الله قد أمكن الله منه من غير عقد ولا عهد فدعني اضرب عنقه.
زيد: ولكن العباس بن عبد المطلب يقول: يا رسول الله اني قد أجرته ومن معه.
(نسمع لغطا وكلاما مبهما ثم صوت علقمة يقول):
علقمة: لقد احتدم الجدل بين العباس وعمر بن الخطاب وها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى الجدل حول مصير أبي سفيان فيقول لعمه العباس اذهب به يا عباس.. إلى رحلك فاذا أصبحت فائتني به.
(نسمع صوت المؤذن يؤذن لصلاة الصبح ثم صوت أبي سفيان يقول عندما شاهد المسلمين يبادرون إلى الوضوء):
أبو سفيان: ما هذا... ما للناس.. هل أمروا بشيء في؟
الغلام: لا ولكنهم قاموا إلى الصلاة.
أبو سفيان: ما رأيت كاليوم طاعة قوم جمعهم من ههنا وههنا ولا فارس ولا الروم بأطوع منهم لمحمد يا أبا رافع.. لقد أصبح محمد والله عظيم الملك.
أبو رافع: إنه ليس بملك ولكنها النبوة يا أبا سفيان..
أبو سفيان: صدقت... صدقت..
الغلام: يا أبا سفيان إن سيدي العباس يدعوك للذهاب معه لمقابلة النبي صلى الله عليه وسلم.
(نقلة صوتية)..
علقمة: ها هو أبو سفيان يذهب لمقابلة الرسول صلى الله عليه وسلم وقد علمت أن هنالك حشدا من كبار المسلمين سيشهدون هذه المقابلة هيا بنا.. نشهد معهم.
زيد: انظر يا علقمة ها هو الرسول صلى الله عليه وسلم يقول لأبي سفيان حين رآه:
ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله.
علقمة: ها هي أسارير أبي سفيان تتفتح بعد هذه المقابلة اللينة العذبة له من رسول الله صلى الله عليه وسلم وها هو يزايله تهيبه فاسمعه يقول:
أبو سفيان: بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأكرمك وأوصلك لقد ظننت أنه لو كان مع الله إلهاً غيره لأغني عني شيئاً.. لقد استنصرت إلهي واستنصرت إلهك فوالله ما لقيتك من مرة إلا نصرت علي فلو كان إلهي بحقٍ وإلهك مبطلاً لكنت غلبتك.
زيد: إن إجابة أبي سفيان رائعة يا علقمة.. إن صفح النبي صلى الله عليه وسلم عن عداوة أبي سفيان ومحاربته له قد أذكى قريحته فسالت ألفاظه كالسلسال العذب..
علقمة: صه.. ها هو النبي صلى الله عليه وسلم يقول له:
ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله..
زيد: أرى أبا سفيان تتحشرج الكلمات في حلقه حين سمع هذه العبارة.. انظر إنه بدأ يقول:
أبو سفيان (يتقطع) أما هذه ففي النفس منها شيء.
(نسمع همهمة شديدة بين الحاضرين وعلائم استنكار ثم صوت زيد يقول):
زيد: ها هو العباس يتلافى الموقف لئلا يبادر أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله قبل أن تضرب عنقك.
علقمة: انظر إن أبا سفيان يتطلع في وجوه المسلمين التي يتطاير الشرر من أعينها ويتطلع إلى الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم وهو في هدوء الحليم وأصالة الحكيم ثم ها هو يعتدل في جلسته فيقول:
أبو سفيان: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.
(نسمع أصوات التكبير... الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. ثم صوت زيد يقول):
زيد: ها هو أبو سفيان ينهض فيصافح النبي صلى الله عليه وسلم ويعلن إسلامه قائلاً:
أبو سفيان: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك عبده ورسوله.
(تتردد أصوات التكبير... الله أكبر... الله أكبر... الله أكبر.. الله أكبر.. )
علقمة: لقد زانت الفرحة وجوه المسلمين بعد أن كادوا يتميزون غيظاً.. ولولا حرمة الرسول الأعظم لقطعوا أبا سفيان أرباً أرباً.. انظر ها هو العباس بن عبد المطلب يقترب من النبي صلى الله عليه وسلم ثم يقول: يا رسول الله.. إن أبا سفيان رجل يحرص على السمعة والشرف فاجعل له شيئا يحفظ له كرامته وسمعته بين قومه بعد أن هداه الله إلى الإسلام.
زيد: وها هو الرسول صلى الله عليه وسلم يستجيب لطلب عمه فيقول: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1091  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 6 من 53
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الثالث - النثر - مع الحياة ومنها: 2005]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج