الحلقة ـ 70 ـ |
إحدى المسلمات: هيا يا أختاه.. هيا يا أختاه.. هذه الخيام المنصوبة والمهيأة لاستقبال الجرحى.. وها هن الأخوات اللواتي يسهمن معنا في الاسعاف.. وهذا ما لدينا من تجهيزات وعقاقير وأدوات.. |
ماريا: ما كنت أظن أن عندكم مثل هذا الاستعداد.. إن فكرة الروم أن العرب أمة متوحشة لا تعرف شيئا من أسباب الحضارة والمدنيه. |
إحدى المسلمات: لقد كنا نتخبط يا أختاه في ظلمات من الجهالة الروحية والمدنيه... حتى أكرمنا الله بالإسلام فخرجنا من الظلمات إلى النور.. |
ماريا: الحمد لله على نعمة الإسلام.. الحمد لله.. |
المؤذن: يا معشر المسلمين... يا معشر المسلمين... يا معشر المسلمين.. تهيأوا للجهاد في سبيل الله... كونوا على استعداد... كونوا على استعداد تام للدخول في المعركة عند أول اشارة من قائدكم زيد بن حارثة. |
(أصوات طبول... وأبواق.. واستنفار.. وصليل السيوف.. وصهيل خيل.. وقعقعة سلاح... ثم صوت زيد بن حارثة يقول): |
زيد: يا معشر المسلمين... لقد خرجتم من دياركم للجهاد في سبيل الله.. لنصرة الإسلام.. للدفاع عن دينكم وعقيدتكم.. وها هم الروم قد أجلبوا عليكم بخيلهم ورجلهم وقد وعد الله عباده الصابرين والمجاهدين بالجنة.. وسأكون في القلب وقطبة العذرى على الميمنة.. وعبادة الانصاري على الميسرة... يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.. |
(ثم يصرخ بأعلى صوته).. |
بسم الله الرحمن الرحيم.. إلى الأمام أيها المسلمون.. إلى الأمام أيها المجاهدون.. إلى الأمام.. اقدموا باسم الله. |
أصوات: الله أكبر... الله أكبر... الله أكبر... ثم أصوات سقوط قتلى وأنات جرحى وأصوات شعارات وكر وفر من الخيل والفرسان والتحام السيوف وصوت صليلها ثم صوت علقمة يقول): |
علقمة: لا حول ولا قوة الا بالله... قتل زيد بن حارثة... لقد تكاثر عليه الروم فتعاوروه برماحهم فاستشهد في سبيل الله.. ها هو جعفر بن أبي طالب يستلم الراية.. |
أصوات: الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. ثم صوت علقمة يقول: |
علقمة: وهذا جعفر بن أبي طالب يترجل عن فرسه الشقراء ويعقرها ثم يقاتل.. لا حول ولا قوة إلا بالله.. ها هم يقطعون يده اليمنى.. وها هو يمسك الراية بيده اليسرى ويصرخ.. |
جعفر: إلى الأمام أيها المسلمون.. دافعوا عن دينكم.. وجاهدوا في سبيل الله.. فإما ظهور.. وإمَّا شهادة.. |
علقمة: لا حول ولا قوة إلا بالله... ها هو علج من الروم يضرب جعفر بن أبي طالب فيقسمه نصفين وها هو عبد الله بن رواحة يستلم الراية.. ها هو يتقدم على فرسه وهو ينشد |
ابن رواحة: |
يا نفس الا تقتلي تموتي |
هذا حمام الموت قد صليت |
وما تمنيت فقد أعطيت |
أن تفعلي فعلها هديت |
|
علقمة: ها هو ابن رواحة يحمل على العلج الذي قتل جعفر بن أبي طالب فيصرعه وهو يقول: |
ابن رواحه: أتقتل علياً ابن أبي طالب أيها الكافر.. |
(الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر..) |
ماريا: إن جرحى المسلمون قليلون يا أختاه.. |
إحدى المسلمات: إنهم يطالبون الموت على الحياة.. ولذلك فإنهم يقاتلون حتى لو كانوا مثخنين بالجراح حتى يستشهدوا. |
ماريا: إنها قوة الإيمان يا أختاه.. نعم.. قوة الإيمان.. |
أصوات: (الله أكبر... الله أكبر.. الله أكبر.. ثم صوت علقمة يقول): |
علقمة: إنا لله وإنا إليه راجعون.. ها هو عبد الله بن رواحه يقتل بعد أن أبلي في المشركين بلاء حسناً.. رحمك الله يا عبد الله.. ها هو ثابت بن أرقم يتناول الراية وها هو عقبة بن عامر يصرخ في المسلمين.. |
عقبة بن عامر: يا معشر المسلمين.. يا معشر المسلمين.. يا معشر المسلمين.. لأن يقتل الإنسان مقبلاً خيراً من أن يقتل مدبراً.. إلى الأمام.. إلى الأمام. قاتلوا عن دينكم.. فوزوا بالشهادة في سبيل الله.. |
ثابت بن أرقم: يا خالد بن الوليد.. إن الموقف قد تأزم.. وإني ليست لي درارية بفنون القتال كما هي لك.. فخذ الراية يا خالد.. فلعل الله ينصر بك المسلمين.. |
خالد: إنك أحق مني بالقيادة يا بن أرقم.. فأنت ممن شهد بدراً.. |
ثابت بن أرقم: ولكن من يحسن قيادة المسلمين هو الأحق.. فخذ الراية وأقدم وأنقذ الموقف يا خالد فقد استعر القتل بين المسلمين وظهرت بوادر الانهزام في صفوفهم.. |
خالد: فليكن ما تريد يا ثابت.. |
ثابت: لا... فليكن ما أراد الله... |
المؤذن: يا معشر المسلمين.. يا معشر المسلمين. يا معشر المسلمين... لقد استلم الراية خالد بن الوليد.. وهو يطلب منكم الصمود في وجه العدو فاثبتوا ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون.. |
أصوات: الله أكبر... الله أكبر... الله أكبر.. |
علقمة: ها هي موجة من الحماس تظهر بين المسلمين عندما علموا بتسلم خالد للراية.. ها هو خالد يقاتل... وها هي تسعة أسياف تتكسر بين يديه من شدة ما قاتل... |
أصوات: الله أكبر... الله أكبر... الله أكبر.. |
علقمة: ها هو خالد يدخل تعديلات في صفوف المسلمين فيجعل الميمنة ميسرة والميسرة ميمنه.. وساقته مقدمته وهو في القلب.. |
(نقلة صوتية).. |
تيودور: ارطبون... ارطبون... |
أرطبون: سيدي القائد.. |
تيودور: هذا هو اليوم السابع والمسلمون يقاتلون بشدة والضحايا بيننا يكثرون... والمسلمون لا يهتمون بضحاياهم.. إنهم يسعون إلى الموت.. ما رأيت قوما يحبون الموت حب المسلمين للموت.. |
أرطبون: إنهم مدفوعون بقوة الدين الجديد الذي جاءهم به مدعى النبوة محمد.. إنه يبشر الذين يقتلون في ساحة المعركة بالجنة.. إنهم يقاتلون كما كان حواريو عيسى وأنصاره يستعذبون الموت في سبيل الدين.. |
تيودور: انظر... ها هم المسلمون... يغيرون طريقة قتالهم.. يلوح لي أن مدداً جديداً قد جاءهم.. انظر ها هم يداورون في نظام بديع.. وهجوم مركز.. إن رجالنا ينهزمون أمام سيوفهم. |
أرطبون: إنهم تعلموا هذه الخطه من جورجيوس قائد منطقة الكرك الذي أسلم والتحق بهم إنني سأحاول في معركة اليوم أن أقتله.. |
تيودور: لا أظن أن جورجيوس هو صاحب هذه الخطه.. لقد جاءت عيوننا تقول أن قائدا جديدا استلم زمام المعركة اسمه (خالد) والعرب الموجودون في جيشنا يقولون عنه إنه قائد محنك.. بارع في فنون الحرب والقتال.. |
أصوات: الله أكبر... الله أكبر.. الله اكبر.. |
علقمة: الله أكبر.. ها هو أول شهيد رومي يقتل في سبيل الله.. |
بشراك بالجنة يا جورجيوس.. بشراك بالجنة.. |
تيودور: ارطبون.. ارطبون... اسرع إلي.. |
أرطبون: أمرك أيها القائد؟ |
تيودور: إني أرى المسلمين يداورون ويحاورون وينسحبون انسحابا لا يدل على الانهزام بل لعلهم يريدون جرنا إلى مفاوز وأماكن بعيدة عن خطوط تمويننا ومن ثم يكرون علينا.. |
أرطبون: إن استنتاج سيدي القائد قد يكون في محله.. أن قائدهم خبير بفنون القتال.. والكر والفر.. والقتال حيث يريدون.. إنه يريد أن يفرض هو المعركة لا نحن الذين نفرضها عليه. |
تيودور: أما قلت لك يا أرطبون أنه قائد ماهر.. والآن ما رأيك..؟ |
أرطبون: أرى أن نتوقف عن ملاحقتهم فلسنا في حاجة إلى مزيد من الضحايا والمهم إننا أعطينا للمسلمين درساً لا ينسوه عن شجاعة الروم.. |
تيودور: والله ما أدري من المستفيد من وراء ذلك.. |
(نقلة صوتية مسبوقه بموسيقى حزينة).. |
زيد: أما سمعت بأخبار حملة مؤته؟ |
مسعود: لا يا زيد. |
زيد: لقد صعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر وعيناه تذرفان ثم قال: |
مسعود: وماذا قال؟ |
زيد: قال: أيها الناس.. باب خير.. باب خير باب خير أخبركم عن جيشكم هذا الغازي أنهم انطلقوا أفلقوا العدو فقتل زيد شهيداً فاستغفروا له ثم أخذ الراية جعفر فشد على القوم حتى قتل شهيدا فاستغفروا له ثم أخذها عبد الله بن رواحة وأثبت قدميه حتى قتل شهيدا فاستغفروا له ثم أخذ اللواء خالد بن الوليد ولم يكن من الأمراء وهو أمير نفسه ولكنه سيف من سيوف الله فآب بنصره..
|
|