الحلقة ـ 66 ـ |
(يستشيط كسرى غضباً ثم يخبط على منضدة أمامه ويصرخ).. |
كسرى: أنا الشاهنناه كسرى أنوشروان.. يخاطبني هذا الأعرابي بمثل هذا.. أخرج أيها الرسول.. عليك لعنة النار والمجوس.. هاتوا الرسالة لأمزقها.. هاتوها.. |
(نسمع صوت تمزيقه الرسالة ونسمع خروج عبد الله بن حذافة السهمي وركوبه فرسه وسيره.. ثم صوت كسرى يقول): |
كسرى: أكتب أيها الترجمان إلى عاملنا في اليمن بازان بأن يأتيني برأس هذا الذي خرج بالحجاز ويزعم أنه نبي وهدد بازان بالموت إن لم يفعل ما آمره به. |
الترجمان: أمرك يا مولاي. |
كسرى: يا حاجب. |
الحاجب: أمرك مولاي! |
كسرى: أرسل من يسأل إن كان حامل هذا الكتاب ما يزال ببابنا. |
(نسمع أصوات همهمة وغمغمة وهمسات بين الحاضرين نتبين منها صوتاً يخفت في إذن جاره).. |
الصوت: إن كسرى يريد أن يرهب العرب بهذه القضية المفتعلة إن رسالة محمد ليس فيها ما يثير كل ذلك. |
صوت آخر: إنه بهذه القضية يريد أن يخفف آثار هزائمه أمام قيصر الروم وبراعة السيف في الميدان.. |
صفوان: إنكم قدوتنا الصالحة يا عماه. |
خالد: بورك فيك يا بني وبورك لبني مخزوم في فارسها.. |
صفوان: والآن ماذا ترون أن نفعل في غياب أبي سفيان |
سهيل: إننا ملزومون بتنفيذ صلح الحديبية.. ولكن ذلك لا يمنعنا من أن نتخذ الحيطة لكل شيء.. وقريش غنية برجالها الصناديد وفتيانها الأشداء. |
صفوان: إذن يجب أن نستعد لأي طارىء وأن نهيء الخيام لتضرب في التلال المجاورة لمكة حتى نفرع إليها حين يأتي محمد.. وإن يكون رجالنا على أهمية القتال عندما تلوح أية بادرة للغدر من محمد. |
سهيل: هذا رأي سديد يا صفوان. |
صفوان: إذن تَوّل أنت يا سهيل تنفيذ التزاماتنا بصلح الحديبية.. |
(نقلة صوتية).. |
زيد: يا لفظاعة ما أقدم عليه كسرى.. لقد مزق رسالة النبي صلى الله عليه وسلم وطرد حاملها. |
سعد: ألم تكن حاضرا حين دعا الرسول صلى الله عليه وسلم على كسرى؟ |
زيد: لا.. وماذا قال؟ |
سعد: لقد كان الزحام حول الرسول شديدا حين عاد عبد الله بن حذافة السهمي من عند كسرى فلم أسمع بالضبط ما قال ولكن أذني وعت قوله صلى الله عليه وسلم: اللهم مزق ملكه كل ممزق. |
زيد: إن عداء كسرى للعرب فظيع جداً.. إن تاريخه وتاريخ آبائه حافل بصنوف الاضطهاد والتنكيل للعرب.. ولعل أفظعها هو حادث النعمان بن المنذر ملك الحيرة فقد غدر كسرى به وقتله شر قتلة. |
سعد: ستستجاب دعوة الرسول وستشهد الأيام القادمة تمزيق مملكة كسرى كل ممزق. |
زيد: أنظر ها هو علقمة مسرع إلينا.. |
سعد: إنه لا يسرع الخطى إلا إذا كانت جعبته عامرة بالأخبار. |
علقمة: السلام عليكما. |
زيد وسعد: وعليك السلام يا علقمة.. مالك تلهث؟ |
زيد: إنه يلهث قد ثقل جعبته بالأخبار. |
علقمة: (ضاحكاً معها) لقد جاء وفد من قبل بازان عامل كسرى على اليمن ومعهم رسالة منه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.. وبعد أن فض الرسالة أمر أن يؤخذ الوفد إلى دار الضيافة ويؤتى بهم صباح الغد ليحملوا جوابه على رسالة بازان. |
سعد: وماذا كان فحوى الرساله يا علقمة. |
علقمة: كانت تهديدا من كسرى نقله عامله بازان إلى النبي صلى الله عليه وسلم. |
زيد: أيظن كسرى إننا نخشى تهديده.. لقد غاب عنه أن قلوبنا تتفجر بقوة دافقة لا تنضب تلك هي قوة الايمان.. تلك هي حب الجهاد في سبيل الله. |
علقمة: أتدريان ماذا قال وفدا بازان للنبي صلى الله عليه وسلم. |
زيد: لا يا علقمة.. قل.. |
علقمة:
قال له: شاهنشاه كسرى بعث إلى عامله بازان باليمن بأن يبعث إليك من يأتي بك، وقد بعثنا بازان إليك فإن أبيت أهلكك وأهلك قومك وخرب بلادك. |
زيد: قاتلهم الله. قبح ما جاؤوا به أيظنون أن النبي صلى الله عليه وسلم ليس وراءه أحد.. |
سهد: إن خالقه سيحميه. |
زيد: ونحن المسلمين من ورائه بعد الله نغديه بأموالنا وأرواحنا. |
علقمة: هيا بنا ننظر بم يجب صلى الله عليه وسلم هذا الوغد.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى).. |
(همهمة وغمغمة وأصوات تدل على اجتماع ثم صوت زيد يقول): |
زيد: ها هم أفراد الوفد يغادرون مجلس الرسول صلى الله عليه وسلم. |
علقمة: لقد جئنا متأخرين.. هلما نسأل.. ها هو جابر يخرج من عند الرسول صلى الله عليه وسلم. هيا إليه نسأله. |
سعد: السلام عليك يا جابر |
جابر: وعليكم السلام. |
علقمة: أرى وفد بازان عامل كسرى يعود أدراجه فماذا تم معهم. |
جابر: لقد زودهم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى عامل كسرى جاء فيها ما معناه: إن ربي قد قتل ربكم فقد سلط على كسر ابنه فقتله في ليلة الثلاثاء لعشر مضين من جمادى الأولى. |
زيد: وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.. إنني على يقين تام بأن كسرى قد هلك فعلاً كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم. |
الجميع: صلى الله عليه وسلم.. وهل عند أحد منّا شك في ذلك. |
(نقلة صوتية وصوت يقول): |
الصوت: وفد من ثقيف يا صفوان. |
صفوان: يا مرحبا إلي بهم. |
غيلان: عموا صباحا يا معشر قريش. |
صفوان: عم صباحاً يا غيلان وأنتم يا وجوه ثقيف.. نزلتم أهلاً ووطئتم سهلاً.. |
غيلان: بورك فيك يا صفوان.. لقد جئنا ننشدكم هل عندكم علم بوفد بازان عامل كسرى على اليمين إلى محمد بن عبد الله. لقد مر بنا هذا الوفد قبل مدة يسأل عن مكان محمد فأرشدناهم إلى يثرب.. فهل جاءكم شيء عن مهمة هذا الوفد؟ |
صفوان: لا.. إننا نسمع بمرور هذا الوفد بالطائف لأول مرة منكم.. كل ما نعلمه أن محمداً أرسل رسلا إلى هرقل ملك الروم وكسرى ملك الفرس والنجاشي ملك الحبشه. |
غيلان: ألم تأتكم أنباء عما لاقته هذه الرسل؟ |
صفوان: لا… ولكني أميل إلى أنهم سيرجعون بردود سيئة من هرقل وكسرى.. أما النجاشي فميوله مع محمد وأصحابه منذ هجرتهم الأولى للحبشه كما تعلمون. |
غيلان: إن أمر محمد يستطير وقد أصبحنا لا نأمن من شده. |
صفوان: يا غيلان لو تتفق ثقيف وقريش على حرب محمد ستغير مجرى الحوادث ولن يفلت محمد من أيدينا وستكون نهايته حتميه لو يتحقق ذلك.. |
غيلان: إن الانتصارات التي يحققها محمد تلح في هذا الاتفاق وتدعو إليه ولكن أنتم الآن في هدنة مع محمد لعشر سنوات وأي اتفاق بيننا سيفسره محمد بأنه نقض للهدنة. |
صفوان: إننا مستعدون لنقض الهدنة إذا رأينا أن فيها الوسيلة للقضاء على محمد |
غيلان: نحن نرحب بأي تقارب يدفع عنا بلاء محمد. |
صفوان: سنتدارس هذا الرأي مع أبي سفيان عند عودته. |
غيلان: وثقيف ننتظر تزويدها بما يجد عندكم من أخبار محمد ووفود محمد.. عموا صباحاً. |
صفوان: عموا صباحا.. رافقتكم السلامة. |
(نقلة صوتية مسبوقه بموسيقى).. |
(في مجلس بازان عامل كسرى على اليمن). |
بازان: ادخلوا وفدنا القادم من عند محمد. |
رئيس الوفد: لك المجد والرفعة أيها الأمير |
بازان: بورك فيكم.. هاتوا ما عندكم من أخبار محمد |
رئيس الوفد: لقنيا رجلاً يتلألأ وجهه كالقمر ليلة البدر.. إذا تكلم انتثر الكلام من فيه كالدرر.. أعطي جوامع الكلام لا فضول فيما يقول ولا تقصير فيما يتحدث.. لين الجانب.. جم التواضع محبوباً من أصحابه إلى درجة العبادة.. رحب الصدر واسع الحلم.. يجلس بين أصحابه وكأنه واحد منهم لا فرق بينه وبينهم إلا بما أوتي من سمو الخصال… إذا تكلم أطرق جلساؤه وأنصتوا وكان على رؤوسهم الطير. |
بازان: إن هذه الصفات إن صدقت يا هذا صفات الأنبياء قل لي.. هل غضب حين قرأ التهديد. |
رئيس الوفد: لقد قابل التهديد بالهدوء ورحابة الصدر مع أن وجوه أصحابه كانت الغضب يتردد فيها… وقال لنا ارجعوا إلي غداً لأحملكم جوابي ثم أمر بإنزالنا في دار الضيافة. |
بازان: هات الرسالة. |
رئيس الوفد: تفضل يا سيدي. |
بازان: إن كان محمد نبياً حقاً فسيصدق ما أخبر به عن قتل كسرى. |
(الحاجب يعلن): |
الحاجب: رسول من عند شاهنشاه كسرى.. |
بازان: أدخله في الحال. |
(نسمع صوت دخوله ثم صوت بازان يقول).. |
هات ما عندك |
الرسول: رسالة من شاهنشاه كسرى شيرويه. |
بازان: يا أمير السر فض الرسالة واقرأها. |
أمير السر: (يقرأ) من شاهنشاه كسرى شيرويه إلى عاملنا المحترم بازان في اليمن.. أما بعد: فقد قتلت كسرى ولم أقتله إلا غضبا لفارس فإنه قتل أشرافهم وأنزل بفارس الهزائم المنكرة أمام الروم بمعاملته السيئة وسياسته الخرقاء فاذا جاءك كتابي هذا فخذ لي الطاعة ممن قبلك، وانظر الرجل الذي كان كسرى يكتب إليك فيه فلا تزعجه حتى يأتيك أمري فيه. |
بازان: هل قتل كسرى يوافق ليلة الثلاثاء لعشر مضين من شهر جمادي الأولى بالتقويم العربي.. أحسب ذلك يا أمير السر.. وقل لي. |
أحدهم: لم ذلك أيها الأمير؟ |
بازان: سترى.. سترى.. |
|