الحلقة ـ 14 ـ |
(موسيقى).. |
مزنة: وقفنا بالأمس موقفاً لم أحمده للنعمان.. لقد عرف داهية الفرس كيف يطلق لسان النعمان من عقاله.. |
سلمى: بورك فيك يا بنتي.. إني جد مسرورة من هذه الملاحظة.. نعم لقد كشف النعمان لملك الفرس أوراقه فزاد في وساوس كسرى ومخاوفه منه.. وسترين كيف أن تسرع النعمان ورعونته قد كلفته غالياً والمثل يقول: (في العجلة الندامة).. |
مزنة: هات يا أماه.. حدثيني.. |
سلمى: بعد خروج النعمان من مجلس كسرى.. عقد هذا مجلساً حضره مرزويه الوزير وقواد الجيش ودار بينهم الحديث التالي: |
(نقلة صوتية بدون موسيقى).. |
كسرى: ماذا ترون في أمر الملك النعمان بعد أن سمعتم حديثه.. |
مرزويه: الرأي لمولاي - أعز الله ملكه - فإما أن يعفو ويتناسى أو يبطش فيستبدل النعمان بعامل جديد.. |
كسرى: يبدو أن النعمان مطمئن إلى نجدة تأتيه من الجزيرة العربية.. وقد لاحظت أن جيران العرب قد تبدلت حالتهم وتغيرت معاملتهم لنا بعد أن تواترت الأنباء عن حدث جديد ينتظرونه.. |
مرزويه: الملك أعلم بحصافة أياس بن قبيصة ودهائه، فارم به إليهم يخضعهم ويضمن إخلاصهم.. |
كسرى: إذاً فإن تشير بخلع النعمان.. |
مرزويه: إذا رفض النعمان استعادة ودائعه التي تركها لدى هاني بن مسعود شيخ بني شيبان وتسليمها إلينا فالحزم أسلم.. |
كسرى: أبعدوا أنصار النعمان عنه وأرسلوهم مخفورين إلى الحيرة في حال رفض النعمان تسليمنا ودائعه لدى .. |
مرزويه: سمعاً وطاعة.. |
كسرى: لا بد من الاستماع إلى رأي قائد جيشنا عن وضعنا العسكري.. فماذا تقول يا هرمز؟.. |
هرمز: لنا من القوى حول الحيرة ما يكفي لكسر مقاومة المناذرة ولكن إذا بدت طلائع نجدة من الجزيرة العربية آتية لنصرتهم فالأمر يختلف.. |
كسرى: أرى ألا نهمل حساب هذه الناحية فعزز هرمز قواك على أرض العراق وانتظر أوامرنا.. قل لي يا هرمز ما عدد القوة المرابطة على أرض العراق..؟ |
هرمز: لمولاي فرقتان من الجنوب وسنعززهما بفرقة الفيلة وسرية من السريات.. |
كسرى: مرزويه.. طاول النعمان في مفاوضتك معه ريثما يتم هرمز استعداده للطوارىء ولا تنسى أن تحيط عملك بالكتمان الشديد.. |
مرزويه: سمعاً وطاعة.. |
كسرى: والآن فليذهب كل منك لأداء مهمته.. |
(نقلة صوتية).. |
زوج كسرى: أرى الأمور تنتقل من سيء إلى أسوأ يا جلنار.. |
جلنار: هل تسمحين يا سيدتي أن أقول رأيي بصراحة.. |
زوج كسرى: قولي فأنت وصيفتي الأمينة.. |
جلنار: إن مستشاري مولاي الملك يعوزهم الإخلاص والشجاعة الأدبية.. إنهم في رأي ببغاوات آدمية.. |
زوج كسرى: إني معك فيما تقولين فموضوع علاقتنا بالعرب يجب أن تعالج معالجة جذرية.. إننا ما زلنا نتبع سياسة البطش.. الغدر.. القتل.. إنها أسلحة لا قيمة لها.. |
جلنار: لماذا لا تصارحين مولاي الملك بذلك.. |
زوج كسرى: لقد بح صوتي وأنا أنصح كسرى.. والمرض الذي ابتليت به كان ناتجاً عن سهري الليالي الطويلة في شرفة غرفة نومي أستعرض ما نحن فيه ولا أحس في غمرة تفكيري بالبرد حتى تمكن من عظامي ومفاصلي.. ولولا هذا الطبيب العربي لكنت اليوم في عداد الهالكين.. |
جلنار: ألا تعيدين الكرة مع مولاي.. إن الظروف التي تجتازها مملكة فارس دقيقة وحرجة.. وعلاقة فارس بالعرب يجب أن تتطور مع المخاض الجديد الذي تتحدث عنه الأخبار.. |
زوج كسرى: سأفعل.. سأفعل.. |
(نقلة صوتية).. |
مرزويه: أردت أن أخفف عنك وطأة الوحدة بعد أن عاد وفدكم إلى الحيرة.. |
النعمان: أو عاد صحبي إلى الحيرة؟.. إذن ما مقامي في هذا القصر المنعزل؟.. لعلّكم تبيتون أمراً.. يا مرزويه.. |
مرزويه: لقد أمر كسرى بأن تبقى ضيفاً علينا وأمر بإعادة الوفد فقد يطول مقامك هنا يا سيدي.. |
النعمان: ما معنى هذا كله؟.. |
مرزويه: ما يزال في نفس كسرى أثراً مما علق بها من رواسب أمر الودائع التي أودعتها عند هاني بن مسعود.. |
النعمان: ولكن تلك عادة جرى عليها العرب في أمر سلامة أهلهم وولدهم.. |
مرزويه: وهنالك أيضاً السلاح الذي يجب أن يسلم إلينا فيصفو الجو من غيوم الحذر.. |
النعمان: ومن يضمن أن لا تنقض جيوشكم على الحيرة بعد أن تكون أيدينا قد فرغت من السلاح؟.. |
مرزويه: كن متعقلاً أيها السيد وجنب قومك شر معركة لست فيها كفؤ لكسرى.. |
النعمان: ولكن كسرى يفتح أذنيه لأياس بن قبيصة ولست تجهل مطامع أياس.. |
مرزويه: لقد أمر كسرى بالفصل القاطع في هذا الأمر فإما التسليم وإما.. |
النعمان: إن هذا يعني.. |
مرزويه: أجل إنه يعني كل شيء.. بما فيه حياتك.. |
النعمان: ولكن قومي لا يسكتون على غدركم إذا تماديتم في العدوان.. |
مرزويه: سنخضعهم بعد أن ننتهي من هذا الأمر معك.. |
النعمان: أراكم تذهبون بعيداً دون أن تتبصروا بعواقب الأمور.. هلا تذكرتم أن هرقل ينتظر الفرصة لينقض عليكم.. |
مرزويه: ما يزال طعم الهزيمة في فم قيصر، وسنقضي عليه إذا ما حاول العودة إلى التحرش بنا.. |
النعمان: ليس قيصر وحده في المعركة.. |
مرزويه: إن هذا يعني أن قومك سيكونون حلفاء لقيصر.. |
النعمان: لا تنسى يا سيدي أن العرب قد استيقظوا على مفاهيم جديدة للحرية.. وأنهم أصبحوا أكثر شوقاً إلى هذه الحرية من قبل، وهم لن يسكتوا على عدوان جديد تقومون به.. |
مرزويه: لقد أعددنا عدتنا لكل احتمال.. ولدينا من الجيوش ما يكفل لنا تأديب كل من تحدثه نفسه بالتمرد علينا.. |
النعمان: دعني أشاور قومي فلعلّي أجد مخرجاً.. |
مرزويه: دع المراوغة جانباً فقد نفد صبر كسرى، وأياس ينتظر أمرنا بالسفر إلى الحيرة.. |
النعمان: إذن نلتقي في ساحة القتال.. |
مرزويه: لن ندعك تفلت من أيدينا.. |
النعمان: أفهم من هذا أنكم.. |
مرزويه: أجل ولن تخرج حياً من هنا.. |
(يصفق مرزويه فيحضر قائد الحرس ومعه جنود).. |
مرزويه: أيها السادة لقد تلقيتم أوامر الملك وقد حان وقت تنفيذها فتفضلوا.. |
(يهجم الجنود على النعمان ويضربونه بسيوفهم).. |
النعمان: يصرخ يا للقدر الشائن.. يا للغدر الشائن.. |
مرزويه: قطعوه بسيوفكم.. قطعوه بسيوفكم.. |
(يشدد الجنود الحملة على النعمان فيقع جثة هامدة).. |
مرزويه: أحفروا له في مكان لا يعرفه أحد وألقوا بجثته فيها وأغرسوا فوق الحفر شجراً حتى تضيع معالم الأرض.. يحمل الجنود الجثة ويخرجون بها.. |
(خبطة موسيقية قوية).. |
مرزويه: قتلوه! قطعوه! إرباً إرباً.. يا للغدر! يا للخيانة! |
سلمى: كانت أبشع معاملة عرفها تاريخ أمة.. لقد كان الأكاسرة والقياصرة يعاملون عبيدهم وإماءهم أحسن مما كانوا يعاملون به ملوك العرب.. وستعرفين الأيام القليلة القادمة كيف حرر الإسلام العرب من هذه العبودية ومن أشياء كثيرة أخرى فإلى الغد إن شاء الله.. |
مزنة: إن شاء الله - تصبحين على خير يا أماه.. |
سلمى: تصبحين على خير بنتي.. |
|