شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 8 ـ
مزنة: أماه!! أماه!! عجلي.. عجلي.. فأنا بأنتظارك..
سلمى: ما بك يا مزنة؟..
مزنة: لا شيء يا أماه.. ولكن هذا أوان جلستنا كل يوم للحديث عن أمجاد الجزيرة..
سلمى: حسناً.. إلى أين وصلنا بقصة الأمس؟..
مزنة: إلى المنذر.. يريد الهرب بالزورق من الحصن..
(نقلة صوتية بدون موسيقى)..
المنذر: حسناً.. سننتظر إيابك على أحر من الجمر يا حنظلة.. أحذر الروم يا حنظلة.. إنهم لا أمان لهم..
حنظلة: شكراً لمولاي سأفعل..
سلافة: هل أبقى بالقرب منك يا حنظلة؟.. فربما احتجت إلي وأنت تعلم منزلتي من قائد الحرس..
حنظلة: لا عليك يا سلافة.. شكراً.. سأتدبر أمري.. اذهبوا الآن قبل أن تحدث أية مفاجأة ساعدني أنت وهند على حمل قيصر إلى الأريكة القريبة قبل أن تذهبا.
((ويحملون قيصر.. ويضعونه على الأريكة ويذهبون)) (خبط باب)..
لقد حان يا قيصر تنفيذ القسم الأهم من هذه المهمة.. أجل.. سأعطيه دواء ينعشه..
(صوت انسكاب الدواء ثم صوت حشرجة وتنفس مخنوق)..
قيصر: أين أنا.. أين أنا.. ما هذا الصداع الذي يحطم رأسي؟..
حنظلة: أنت هنا في قصرك..
قيصر: وأنت ما الذي أتى بك إلى هنا؟..
حنظلة: رئيس حرسك يا مولاي.. فقد كنت معه ساعة وقوعك على الأرض.
قيصر: وملك غسان.. أين هو الآن؟.. لقد كان هنا.. هل فر؟..
حنظلة: حاول الفرار.. ولكن حرسك قبضوا عليه واحتجزوه..
قيصر: وأين قائد الحرس؟ أدعه حالاً..
حنظلة: سأفعل يا مولاي.. إنما الآن يجب أن تخلد إلى السكينة فقد أصبت بنوبة حادة وحياتك في خطر أن أتيت بأية حركة..
قيصر: هل لديك دواء لهذه الحال؟..
حنظلة: نعم.. نعم.. أهدأ قليلاً..
قيصر: إنني أثق بك وقد كان عمي يحبك ويقدر مواهبك..
(يخرج حنظلة قارورة علاج من صدره ويفرغ ما بها في قدح ماء ثم يقول لقيصر):
حنظلة: أشرب هنيئاً مريئاً يا مولاي فسترتاح بعد قليل..
(نسمع صدى صوت قيصر وهو يحتسي الدواء.. وحنظلة يتابع كلامه فيه الشفاء يا مولاي)..
قيصر: أدع قائد الحرس إلي..
حنظلة: سأفعل حالما أطمئن على راحتك..
قيصر: وأين هي الراحة يا حنظلة وكل من حولي جواسيس وحاقدون..
حنظلة: ومم يخاف قيصر؟..
قيصر: إنهم يؤهلون هرقل للعرش في أنطاكية والبطريرك هنالك يسهر على تربيته وإعداده.
حنظلة: هذه الأفكار تزيد في قلقك وتعبك فاطرحها جانباً..
قيصر: إنني أفضل طيباريوس على هرقل الفتى الصغير..
حنظلة: في مقدور قيصر أن يرسل هرقل إلى الصحراء..
قيصر: ومن يضمن أن لا يطلق ملك غسان سراحه خاصة وأنا لست على اتفاق معه..
حنظلة: لعلّك ذهبت بعيداً في مخاشنة المنذر وهو سيد قومه كما تعلم..
قيصر: كلا.. كلا..
(يشعر قيصر بألم شديد في معدته فيقول):
ألم شديد يا حنظلة… ألم شديد يا حنظلة..
حنظلة: إنه عارض بسيط لا يلبث أن يزول.
(صوت حشرجة)..
قيصر: إلي.. إلي.. أيها الحرس!! أين أنتم؟..
حنظلة: إنهم في سبات عميق يا مولاي..
قيصر: حتى أنت يا حنظلة..
حنظلة: نعم.. نعم.. وأنا أيضاً.. لقد انتظرت هذه الساعة منذ زمن بعيد.. إنني هنا لأنتقم لأمرىء القيس من قيصر الروم..
قيصر: سوف تنال جزاءك يا خائن..
حنظلة: (يهقهقه) إذا عشت يا قيصر.. هيا.. ناد خميسك العرمرم ليدفع عنك بلاء هذا البدوي الضعيف. لقد مات قيصر وطويت راياته وسكنت طبوله فلم تعد تهدر في أجواذ الفضاء.
قيصر: (بصوت ضعيف).. كلا.. كلا..
حنظلة: لقد خمدت الأضواء في عيون شعبك ولن تقع إلا على الذل والهزيمة بعد اليوم.. لقد أفل نجم قيصر وهوى مجده فلن تقوم له بعد اليوم قائمة.
(يحاول قيصر الكلام فلا يستطيع ويجاهد للوقوف فيقع على الأرض مغشياً عليه..) ونسمع صوت وقوعه على الأرض.. يقف حنظلة على رأسه ويقول..)..
سيعتقد الناس أن قيصرة قد مات إثر نوبة قلبية.. وغداً سيتقاتل الذئاب على الفريسة.. على النفوذ.. على الأطماع.. على الهزيمة.. وسترتفع رايات غسان عالياً.. وداعاً يا قيصر فقد لا نلتقي بعد اليوم..
(يسرع حنظلة في الخروج.. ويصحو قيصر بعد خروجه صحوة الموت فيقوم ويطوح في مشيته ويصرخ بصوت مبحوح غير مفهوم.. وما أن يصل إلى الباب حتى يقع على الباب.. ويسمع صوت وقوعه نسمع أصوات لغط وهرج ثم صوت انفتاح الباب.. وصوت يقول)..
الصوت: أدركوا قيصر! أيها الحرس!.. دقوا طبول الخطر واحرسوا أبواب القيصر ومداخله ومخارجه.
(يسمع أصوات كل ذلك مصحوبة بموسيقى.. ثم يسمع نفس الصوت يقول):
لقد مات قيصر!! وامصيبتاه!!
صوت ثانٍ: أدع الإمبراطور..
صوت ثالث: أدع طيباريوس..
(تعلو الموسيقى على أصوات الناس وتنتهي عنيفة حادة)..
المنذر: لقد تأخر حنظلة وإني لقلق عليه..
هند: هوّن عليك يا مولاي.. إن حنظلة خبير بمسالك الطريق إليك..
سلافة: لكأني ألمح شبحاً قادماً عن بعد..
رئيس البحارة: عسى أن يكون هو..
هند: لا تخف عليه يا رئيس البحارة.. إنه يعرف الطريق بالشبر..
المنذر: أرجو له السلامة..
سلافة: إنه هو.. إنه هو.. لم يخدعني ناظري..
(يصل حنظلة فيخاطبه المنذر قائلاً)..
المنذر: مرحباً بك أيها البطل.. لقد ساورنا القلق عليك يا حنظلة..
حنظلة: سأقص على مولاي أسباب تأخري فيما بعد.. والآن فلنتلمس طريقنا إلى النجاة فقد هلك قيصر..
المنذر: إلى أين نتجه يا حنظلة؟..
حنظلة: إن رئيس البحارة يعرف وجهتنا يا مولاي..
(يتحرك القارب.. صوت المجاذيف تضرب وجه البحر)..
سلافه: السماء صافية والنجوم متلألئة والريح رخاء..
المنذر: حبذا الغناء.. يا عذراء.. لو كنا على مسيرنا أمناء.. أليس كذلك؟..
(موسيقى)..
رئيس البحارة: أرجو القلوع.. فقد وصلنا.. وأنت يا جابر أحرص على مقدمة القارب أن ترتطم بالصخور..
(تسمع أصوات نزولهم من القارب وصوت يقول):
الصوت: من الراكب الليل؟
حنظلة: قيس..
الصوت: أدخلوا مرحباً بكم..
(يدخلون)..
المنذر: أنت هنا يا عمر بن الحارث.. متى كان وصولك؟..
عمرو: منذ هنيهة يا مولاي..
المنذر: وهل عرفت بموت قيصر؟..
عمرو: وصلت القسطنطينية اليوم.. وكنت في طريقي إليك في القصر.. وقبل وصولي إليه لاحظت حركة غير عادية حوله فتوقفت عن مسيري وأرهفت بسمعي إلى أحاديث المشائين فإذا بهم يتهامسون في حذر وخشية بموت قيصر وفرار المنذر.. فقلت إذا صح ذلك فإن وجهتك لن تكون إلا إلى هذا المكان..
المنذر: كان الفضل لهؤلاء الأبطال في نجاتي.. هل لك يا حنظلة أن تترصد أنباء الحدث الذي خلفناه وراءنا؟
حنظلة: لقد بعثت وأنا في طريقي إليكم بمن يتنسم الأخبار..
المنذر: لا بد من الحذر.. فهنالك من كان يعلم بمقابلتي لقيصر.
حنظلة: كن مطمئناً يا مولاي.. فلست بجاهل الظروف الحرجة التي تحيط بنا.. فضع ثقتك برجالك إنهم يسهرون على حياتك الغالية ويعملون على تأمين عودتك إلى الوطن..
المنذر: يجب أن نسرع على العودة قبل أن يصحو القوم من اثر الصدمة التي أصابتهم بموت قيصر..
حنظلة: سيعود رسلنا عما قليل يا مولاي وسنرسم خطتنا على ضوء ما يقولون..
عمرو: لنتدارس طريق الفرار.. حتى إذا ما جاء رسلك عدلنا في خطتنا أو التزمناها..
المنذر: إن ما يقوله عمرو هو الصواب يا حنظلة..
حنظلة: حسناً ما تقول يا مولاي..
المنذر: طريق البحر غير مأمون لأن للروم أسطولاً ساهراً يقظان ولا مجال لأحد منا للهرب أن قبضوا عليه.. أما طريق البر فمجاله واسع..
عمرو: أنا معك يا سيدي… ولا شك أن حنظلة يقرنا على ذلك..
حنظلة: إن طريق البحر ليس في خطتي أبداً والبر كما رأى مولاي المنذر آمن وأيسر إنما..
المنذر: (مقاطعاً.. إنما ماذا؟..)..
حنظلة: طرق البر ثلاثة:
طريق الساحل طويل وآهل بالسكان وأخشى علينا من العيون..
والطريق الوسطى تعج بمراكز الجند وخاصة في هذه الأيام لأنها ستستعد لاستقبال (هرقل) في طريقه إلى القسطنطينية عندما يصله نبأ وفاة قيصر..
المنذر: وطيباريوس.. أيقبل بذلك؟..
حنظلة: رجال الدين وعلى رأسهم بطريرك انطاكية مع هرقل والجيش يؤيد هرقل وطيباريوس شخصية ضعيفة هزيلة مكروهة من الجميع.
عمرو: إذن فكيف الخلاص مما نحن فيه؟..
حنظلة: ليس - في رأيي - سوى أن نسلك الطريق الشرقية ومع أنها أطول الطريقين إلا أنها آمن ذلك لأن مخافر الجنود بها قليلة والجبال كثيرة والقرى متباعدة وسكانها يكرهون الروم ولذلك لا خطر علينا منهم حتى لو عرفونا..
المنذر: لقد سلمناك القيادة..
حنظلة: وإني لأرجو أن أكون عند ثقتكم بي يا مولاي..
(يدخل أحد حراس الدار ومعه رجل يرتدي زي الروم)..
المنذر: من هذا الفتى يا حنظلة؟..
حنظلة: إنه العين التي أرسلناها.. هات ما عندك يا صفوان؟..
صفوان: إن القوم في هرج ومرج وفوضى ما عرفت القسطنطينية مثيلاً لها من قبل.. والآراء متضاربة حول المرشح للعرش.. ولم أسمع أي حديث عن فرار مولاي المنذر..
المنذر: هذه فرصتنا الذهبية يا حنظلة فمتى نرحل؟..
حنظلة: الآن يا مولاي..
المنذر: وكيف؟..
حنظلة: سنقسم أنفسنا إلى ثلاث فصائل للتضليل.. فصيل فيه مولاي والأمير عمرو وأنا وهند وثلاثة من نخبة رجالنا الأشداء. وفصيل يرافقه المكارة والأمتعة وسيسير في طريق غير طريقنا والفصيل الثالث يكون همزة الوصل بيننا جميعاً.. فلا يضل أحد منا طريقه.
المنذر: ومن سيسير غور الطريق أمامنا لينبهنا إلى الأخطار التي ربما نتعرض لها؟..
حنظلة: سيسبق كل فصيل اثنان من رجالنا بمثابة كشافة وعيون لنا..
المنذر: جميل جداً.. بورك فيك..
حنظلة: والآن استميح مولاي الخروج لتنفيذ الترتيبات التي اتفقنا عليها.. وسأترك هنداً وسلافة مع مولاي لتهيئا أمتعة مولاي وحاجاته..
المنذر: حسناً.. نحن بانتظارك على أحر من الجمر..
هند: (وهما تجهزان أمتعة السفر) هذه أول مرة نفترق فيها عن بعض يا سلافة..
سلافة: وأرجو أن تجمعنا الحرية يا هند..
هند: ما أشد شوقي إلى بلادي يا سلافة..
سلافة: وأنا مثلك يا هند.. إنني لا أعرف ما جرى لأهلي بعد أن بطش الروم بهم في وادي اليتم وأخذوني في جملة السبايا..
هند: وأنا أيضاً لا أدري مصير أهلي حينما غزا الروم دومة الجندل وكنت في عديد السبايا.
(يدخل حنظلة قائلاً)..
حنظلة: هل يأمر مولاي بالرحيل؟..
المنذر: نعم.. إننا على أتم الاستعداد..
حنظلة: هيا على بركة الله..
(تصدح موسيقى القافلة)..
سلمى: لقد غالبني النعاس يا مزنة.. وعيناك أنت ساهرتان.. كالمصباح..
مزنة: إنني مستعدة للسهر حتى الصباح لسماع بقية القصة..
سلمى: (ضاحكة) غداً إن شاء الله.. غداً إن شاء الله..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :746  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 8 من 69
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج