المسلمون في جمهورية إفريقية الوسطى |
حدودها: |
يحدها شمالاً جمهورية تشاد وشرقاً جمهورية السودان وجنوباً جمهورية الكونغو (ليوبولدفيل وبرازفيل)، وغرباً جمهورية الكمرون. وتبلغ مساحتها (238,000) ميل مربع وسكانها حسب إحصاء سنة 1960 (1,180,000) نسمة بينهم (6000) أوروبي. وعاصمتها (بانجوى). |
تاريخها: |
إذا أراد إنسان أن يرى شعباً يعيش 40% منه عيشة بدائية وكأن شمس القرن العشرين لم تشرق عليه فليذهب إلى جمهورية إفريقية الوسطى فالفلاحون فيها ما يزالون يستعملون المحاريث الزراعية التي كان يستعملها آباؤهم في القرون الوسطى. والدواب ما تزال وسائط النقل ووسائله الوحيدة ولها (استراحات) على الطرقات أو خانات كما لا توجد سكة حديد واحدة في طول البلاد وعرضها. |
وإذا درسنا لغات سكان هذه الجمهورية وأجناسهم نجد أن هذا الإقليم قد تعرض في الماضي إلى موجات هجرة متعاقبة. ومع أنه قامت في تشاد والسودان الإقليمين، المتاخمين لهذه الجمهورية، ممالك إسلامية دامت عدة قرون فإننا لا نجد أي سجل يدل على قيام مملكة إسلامية في هذه الجمهورية. وإذا كنا نجد اليوم أن 60% من سكان هذه الجمهورية مسلمون فتعزى مع ذلك إلى جهود الدعاة المسلمين في الماضي. |
كيف دخل الإسلام إلى هذه البلاد: |
لعلّ أعظم داعية بين الدعاة الذين وفدوا إلى المنطقة الوسطى من أراضي الزنوج كان المدعو محمد بن عبد الكريم بن ماغلِّي. وقد قدم هذا الداعية العظيم من شمالي إفريقية في القرن السادس عشر للميلاد فجاب أراضي الزنوج في إفريقية الوسطى وعمل على نشر الإسلام في هذه البقاع وامتدت ظلال الإسلام هناك أكثر فأكثر على أيدي الدعاة السنوسيين الذين قدموا من ليبيا وعلى ايدي أتباع المهدي الذين وفدوا من السودان. لقد كان هؤلاء حملة مشاعل الإسلام في جمهورية إفريقية الوسطى فأصبح المرء وهو يزور هذه البلاد يسمع الأذان أينما ذهب في أرجائها الواسعة. وإنك لا تجد مظهراً لمدينة القرن العشرين إلا في الأماكن التي تكون الأكثرية فيها للمسلمين أمَّا أماكن الوثنين فما تزال على الحال التي أسلفنا في القول عنها على أن حالة المسلمين في هذه الجمهورية تحتاج إلى رعاية وتوجيه ديني قويم فما تزال البدع والخرافات تسيطر على المسلمين فيها. |
الناحية السياسية: |
وهنالك مظهر في هذه الجمهورية العجيبة يوحي إليك بأنك تعيش في القرن العشرين ذلك هو نظام الحكم. فقد دخلت هذه البلاد تحت نير الاستعمار منذ (300) سنة وظلت ترزح تحت أغلاله حتى أعلن استقلالها في 13 أغسطس عام 1960، وأنتخب _دافيد داكو) رئيساً لهذه الجمهورية في 14 أغسطس 1960 وأصبحت عضواً في هيئة الأمم المتحدة في 20 سبتمبر 1960. |
وإن المرء ليحار حين يرى رؤساء بعض الجمهوريات الإفريقية التي استقلت حديثاً غير مسلمين ولكن هذه الحيرة ربما تتبدد إذا علمنا أن المستعمر حين غادر مكرها هذه الجمهوريات ترك فيها ما يسمى (بمسمار جحا). هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن الطبقة المثقفة في هذه الجمهوريات كانت من غير المسلمين لأن الاستعمار حين نصرَّها فتح لها المدارس التبشيرية فنالت من العلم ما تشاء بينما بقيت الطبقة المسلمة في ديجور مقصود من الجهل والفاقة. |
وكانت هذه البلاد - قبل دخول الفرنسيين إليها - تحكم حكماً إقطاعياً قبلياً. ولا يبتدىء تاريخ هذه الجمهورية السياسي إلا في مطلع عام 1889 عندما وطد المستعمرون الفرنسيون أقدامهم في (بانجوى) ثم أنشأوا في مستهل القرن العشرين (1900م) جهازاً إدارياً في منطقة من هذه الجمهورية عرفت باسم (بانجوى - شاري) وهما اسما نهرين في هذه المنطقة. وفي سنة 1906م اتحدت هذه البلاد مع تشاد فتكون المستعمرة التي عرفت آنئذ بمستعمرة (شاد أوبانجوى شاري). وفي سنة 1910م كوّن الفرنسيون مستعمرة إفريقية الاستوائية من مقاطعات جابون والكونغو الوسطى (المسماة اليوم جمهورية الكونغو)، وأوبانجوى شاري على أن الجهاز الإداري الذي أسس في أوبانجوى شاري عام 1910 ظل على ما هو عليه حتى سنة 1945. |
وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية بدأت الحركة السياسية فيما يسمى اليوم بجمهورية إفريقية الوسطى بقيادة الزعيم (بارتلمي بوغوندو)، الذي ألف في عام 1957 أول حكومة سياسية مسؤولة. وفي مستهل شهر ديسمبر من عام 1958 أطلق اسم جمهورية إفريقية الوسطى على هذه البلاد وصوت المجلس التأسيسي فيها على الانضمام إلى عضوية رابطة الشعوب الفرنسية الجديدة. وقد سن دستور لهذه الجمهورية في 9 يناير 1959 وفي 12 يوليو 1960 وقعت اتفاقيات تعاونية بين فرنسا وجمهورية إفريقية الوسطى على نقل السلطات القضائية من أيدي فرنسية إلى أيدي وطنية. |
وفي 13 أغسطس 1960 أعلن استقلال هذه الجمهورية وقبلت عضواً في هيئة الأمم المتحدة في 20 سبتمبر 1960 كما مر معنا. |
وكانت وسائل التعليم في هذه البلاد في عام 1958 غير مرضية إذ لم يكن فيها سوى (244) مدرسة ابتدائية بها حوالي (45,698) طالباً. أما التعليم الثانوي فلم يكن به سوى (836) طالباً وأمَّا التعليم العالي بما فيه التعليم الصناعي وتدريب المعلمين فقد انحصر في الجاليات المسيحية أو فيمن تنصروا من السكان الأصليين. وهذا سبب رئيسي لتسيدهم البلاد بعد زوال الاستعمار بالرغم من أنهم يمثلون الأقلية الضئيلة فيها. أما ليل الجهل المطبق فقد كان يغمر المسلمين بترتيب وتكتيك من المستعمرين حتى يحرمهم من التوظف في الدوائر الحكومية وبالتالي يجعلهم في معزل وجهل مطبق عما يدير لهم. |
تاريخها الطبيعي: |
تتكوّن بلاد هذه الجمهورية من عدة هضاب يتراوح ارتفاعها من 2000 - 2500 وفيها سهلان خصيبان. والنهران المهمان في هذه البلاد هما، نهر أوبانجي وهو من روافد نهر الكونغو والنهر الآخر هو نهر شاري. وجو هذه البلاد استوائي ويتميز بفصل الجفاف ويبتدىء من نوفمبر حتى يونيو وفصل الأمطار ويبتدىء من يونيو حتى نوفمبر. إذ تتعرض البلاد فيه لأمطار غزيرة. وهذا الجو الحار الرطب يساعد على نمو زراعة الخضروات. ولذلك تعتبر الزراعة أساساً في حاصلات هذه البلاد وثروتها فالأكثرية من السكان منهمكون في الزراعة وفي إنتاجها للاستهلال المحلي. وأهم الحاصلات الزراعية: الحبوب، والقطن والبن والفول السوداني. وقد بلغت حاصلاتها من الحبوب (37,606) طن في عام 1958. أما الحاصلات الأخرى وهي القطن والبن والفول السوداني فهي من الحاصلات المخصصة للتصدير. وقد بلغت حاصلات البن في عام 1958 (5600) طن وزراعة البن محصورة في أيدي الأوروبيين. أما زراعة الفول السوداني فبأيدي الوطنيين. |
|