شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
المسلمون في جزر الهند الغربية
تقع هذه الجزر بين أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية، وتؤلف ارخبيلاً طوله أكثر من ألف ميل. وتسمى هذه الجزر أحياناً جزر الأنتيل. وهي تمتد في شكل هلال من شبه جزيرة فلوريدا في الولايات المتحدة الأمريكية إلى جمهورية فنزويلا في أمريكا الجنوبية. ويضم خليج مكسيكو والبحر الكاريبي هذه الجزر التي تكاد تكون حداً طبيعياً فاصلاً ما بينهما وبين المحيط الأطلسي.
وتبلغ مساحة هذه الجزر أكثر من (91,000) ميل مربع. تستعمر بريطانيا منه ما تعادل مساحته (12,100) ميل مربع.
وإذا استثنينا جزر (البهاما) فإن هذه الجزر تنقسم إلى قسمين: الأول يسمى جزر الأنتيل الكبرى ويتألف من الجزر الكبيرة وهي: كوبا، جمايكا، هايتي والدومنيك وبورتوريكو، والثاني ويسمى جزر الأنتيل الصغرى ويضم الجزر الصغيرة: أرخبيل وندوارد وأرخبيل ليوارد وجزر: باريادوس، وترينيداد، توباجو.
سكان هذه الجزر:
تدل الحفريات والتنقيبات الأخيرة على أن هذه الجزر لم تسكن إلا في العصر الألفي قبل الميلاد وأن سكانها الأصليين من الهنود نزحوا إليها إمَّا من شبه جزيرة فلوريدا أو من فنزويلا وإن هذه الهجرة كانت بسبب الصيد البري والبحري. وكان هؤلاء المهاجرون الهنود يسمون (السبيني).
وفي مستهل العصر الأول للميلاد نزحت قبائل (أرواك) من فنزويلا واحتلت هذه الجزر وأبقت بأيدي قبائل (السبيني) رقعة ضيقة من الجزر الشمالية. وكانت قبائل (أرواك) أكثر تمدناً وحضارة من نبتهم إذا دخلوا الزراعة إلى هذه الجزر. وقد اقتضت حركة التوسع العمراني والزراعي أن يحتل (الأوراك) البقية الباقية من الجزر التي كانت بأيدي قبائل (السبيني) وأن يشردوا أهلها إلى الأماكن التي لا تصلح للزراعة ولا للعمران.
وفي عام 1500م وفدت موجة من الهنود من جيانا وفنزويلا تسمى بقبائل (الكاريب) فاحتلت جزر الأنتيل الصغرى وطردت قبائل (الأوراك) إلى جزر الأنتيل الكبرى. ولعلّ البحر الكاريبي سمي باسم هذه القبائل. وكانت قبائل (الكاريب) مشهورة بوحشيتها في الحرب إذ كانت تقتل الرجال وتأكل لحومهم ومن أفعال هذه القبيلة دخلت كلمة (أكل لحوم البشر) (كانيبالزم) إلى اللغة الإنجليزية. والغريب أن قبائل (الكاريب) يقتلون أعداءهم من الرجال ويتزوجون نساءهم. وهكذا فعلوا بقبائل (أرواك) ذبحوا رجالهم وأكلوهم، واستحيوا نساءهم وتزوجوهم. وقد استعمر خلفاء كريستوف كولومبوس الأماكن التي كانت تقطنها قبائل (السبيني) و(أوراك)، وتحاشوا احتلال الأجزاء التي كانت تسكنها قبائل (الكاريب) لخلوها من معدن الذهب ولأنه كان من الصعب إخضاعهم لشدة مراسهم وبأسهم.
وعندما احتل الأسبان هذه الجزر سخروا سكانها من الهنود واستغلوهم في أعمال المناجم والزراعة: فمنهم من قضى نحبه في العمل ومنهم من مات جوعاً، وآخرون كانوا ضحايا الأمراض التي أدخلها الأوروبيون إلى هذه الجزر وفي مقدمتها مرض الزهري (الفرنجي والسفلس) وفقد الباقون أرواحهم في محاولات فاشلة للتخلص من نير الأسبان.
وعندما ألغي نظام السخرة في سنة 1550م كانت قبائل (السبيني) قد أبيدت من بكرة أبيها، وأما قبائل (أوراك) فقد تبقى منها عدد محترم في جزيرتي كوبا وترينيدا انصهر في بوتقة السكان الأوروبيين، وأما قبائل (الكاريب) فقد ذهب عدد غير قليل منهم في الحروب التي نشبت بين المستعمرين أنفسهم من الأسبان والإنجليز والفرنسيين والهولنديين والدنماركيين. وعندما استخدم الأسبان العبيد في الزراعة والمناجم، هرب قسم من هؤلاء الزنوج إلى الأماكن الوعرة التي كانت تعيش فيها قبائل (الكاريب) واختلطوا بهم ونشأ من هذا الخليط شعب سمي (الكاريب الأسود) لا يزال يعيش حتى الآن في جمهورية الدومنيكان.
وقد حلّ هؤلاء الزنوج العبيد الذين استوردهم الأسبان محل الهنود المنقرضين، وعندما نادت الثورة الإفرنسية بإلغاء الرق وتحرير العبيد ثار هؤلاء على أسيادهم في جزيرة هايتي وأسسوا جمهورية زنجية في هذه الجزيرة سنة (1804م). وقد انتقلت هذه العدوى إلى الزنوج الموجودين في الجزر التي يحكمها البريطانيون الذين اضطروا إلى عتقهم وتحريرهم.
وعندما وجد المستعمرون البريطانيون أن مزارعهم جفت ومصانعهم توقفت بعد تحرير العبيد في منتصف القرن التاسع عشر، لجأوا إلى استيراد عمال غيرهم من الهند والصين ومن جزر الهند الشرقية وتوطينهم في جزيرة ترينيدا، وتوجو وبقية الجزر التي ما تزال ترزح تحت كابوس الاستعمار البريطاني. وما كاد القرن العشرون ينتصف حتى أصبحت أكثرية سكان جزيرتي ترينيدا وتوجو من هؤلاء الوافدين.
وقد حصل تزاوج بين الزنوج والأوروبيين في الجزر التي كانت تستعمرها أسبانيا وندر مثل ذلك في الجزر التي تستعمرها بريطانيا لتمسكها بسياسة التمييز العنصري.
وبمضي الزمن أصبح زمام التجارة والاقتصاد والسياسة بيد الزنوج والآسيويين في قرى ومدن جزر الهند الغربية التي يمثلون فيها الأكثرية، وقل أن يكون لهم ذلك في الجزر التي يسودها العنصر الأوروبي كجزيرتي كوبا وتورتوريكو.
وقد اكتشف كريستوف كولومبس هذه الجزر عام 1494 وسماها جزر الهند الغربية لأنه حتى وفاته لم يكن ليعرف أنه اكتشف قارة جديدة وإنما كان يعتقد أنه وصل إلى جزر رأي سكانها من الهنود الحمر فدخل في روعه أنها من جزر الهند، لأن اسم الهند كان له دوى هائل وصيت ذائع بالنظر لما بها من كنوز وخيرات، وحضارة وعمران، وسحر وجمال.. إنها بلاد البهار والعطور واللؤلؤ والحرير. وقد كان لما كتبه العرب المسلمون عن الهند أعظم الأثر على العقلية الغربية.
وقد حكم الأسبان هذه الجزر مدة (171) عام حتى غلبهم عليها الإنجليز والفرنسيون، والهولنديون في عام 1665م. وقد احتدم الصراع بين هؤلاء المستعمرين أنفسهم حتى أوائل القرن العشرين حين صفي الاستعمار في جزر الأنتيل الكبرى وهي: كوبا وهايتي والدومنيكان وبورتوريكو. وبعبارة أوضح زال الاستعمار الفرنسي والهولندي من هذه الجزر وبقي الاستعمار البريطاني مسيطراً على جزر الأنتيل الصغرى بالرغم من منحه لهذه الجزر استقلالاً داخلياً، تختلف درجاته باختلاف هذه الجزر وأهميتها.
ولكي يضمن الإنجليز بقاءهم في جزر الأنتيل الصغرى كونوا في عام 1065م اتحاداً من هذه الجزر استمر حتى حل في 31 مايو 1962م عندما انسحبت جزيرتا ترينيدا وتوباجو التي يقال أن التبغ أول ما عرف فيها ومنها عرفه العالم. أما الجزر الباقية فقد اتفقت على تكوين اتحاد فيما بينها أشبه بالاتحاد الأول ولكن على نطاق ضيق على أن يتم ذلك في عام 1964. وأكثر هذه الجزر الأخيرة كثافة في السكان بعد جزيرة ترينيدا هي جزيرة باربادوس، وأجمل جزيرة فيها هي جزيرة (جرينادا) التي قال عنها أحد الكتّاب الأوروبيين:
((هي كل ما يشتهي المرء، من يعيش فيها فكأنما عاش في الجنة)).
وطقس هذه الجزر استوائي، وسقوط الأمطار فيها يتراوح ما بين 43 بوصة و (200) بوصة وأهم حاصلاتها، السكر والعسل السود والقطن والبهارات والكاكاو والبندق والفحم الحجري والفواكه والماشية.
كيف دخل الإسلام إلى هذه الجزر:
مما لا شك فيه أن الإسلام دخل إلى هذه الجزر مع بحارة كريستوف كولومبوس المسلمين الذين كانوا أدلاء، ومرشديه والذين فضلوا الهجرة إلى المجهول ودخول بحر الظلمات وهو ما كان يطلقه العرب على المحيط المسمى حالياً بالمحيط الأطلسي.. أقول فضلوا ذلك على جحيم محاكم التفتيش التي نصبها فرديناند ملك قشتاله وزوجته الملكة المتعصبة ايزابلا حينما طردا العرب من الأندلس. ولقد دخل الإسلام سراً إلى هذه الأماكن ولم يكن هنالك مجال للبحارة المسلمين أن يبشروا به. ومعلوماتنا عن المسلمين في جزر الأنتيل الكبرى: كوبا وهايتي والدومنيكان وبورتوريكو تكاد تكون محدودة جداً وخاصة في المدة الأخيرة عندما دخلت الشيوعية إلى جزيرة كوبا، ولذلك سنقصر كلامنا عن المسلمين في جزر الأنتيل الصغرى وعلى الأخص في جزر: ترينيدا وتوباجو وباربادوس.
دخل الإسلام إلى هذه الجزر مع المسلمين الذين وفدوا إليها طلباً للرزق وكانوا كما أسلفنا من سكان جزر الهند الشرقية والصين والهند وأخيراً من السوريين واللبنانيين. وقد تمركز الإسلام بصورة واضحة في جزيرتي ترينيدا وتوباجو إذ بلغ عدد المسلمين فيها حوالي (136,000) ملم، وهم يسيطرون على أهم مرافق الحياة في هاتين الجزيرتين. وللمسلمين فيها مساجد ومدارس وكليات ومجلة اسمها (اسلاميك هرالد) أو التبشير الإسلامي تصدر مرة كل ثلاثة شهور ويرأس تحريرها الأستاذ زين الدين خان. ويتزعم المسلمين روحياً في هاتين الجزيرتين الحاج ركن الدين صاحب شيخ الإسلام. وتتبنى هذه المجلة الدعوة إلى توحيد المسلمين في البحر الكاريبي في منظمة تسمى منظمة المسلمين في البحر الكاريبي.
وقد حصلت ترينيدا على استقلالها في 31 أغسطس سنة 1962م وانضمت إليها جزيرة توباجو وأصبحت الجزيرتان من بعد الاستقلال عضواً في الكومنولث البريطاني. وعاصمة هاتين الجزيرتين هي بورت أف سبين أو ميناء أسبانيا.
ويقوم المسلمون في هاتين الجزيرتين بالدعوة إلى الدين الإسلامي في الجزر المجاورة كجزيرة باربادوس التي بلغ عدد المسلمين فيها (350) مسلماً حسب إحصاء عام 1963. وللجالية الإسلامية في جزيرة باربادوس مسجد جميل يتوسط مدينة (بريدجستون) عاصمة باربادوس.
وللدعاة في جزيرتي ترينيدا وتوبوجو نقابة تشرف على تنظيم الدعوة وعلى التدريس في المدارس وعلى الكتب الإسلامية التي تعرض للبيع كما تتولى جمع التبرعات لبناء المدارس والمساجد والمستشفيات. وهم ساعون في تأسيس مركز إسلامي للمسلمين في البحر الكاريبي. ويتولى رئاسة هذه النقابة الإسلامية الدكتور فضل الرحمن الأنصاري.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1880  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 62 من 65
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

يت الفنانين التشكيليين بجدة

الذي لعب دوراً في خارطة العمل الإبداعي، وشجع كثيراً من المواهب الفنية.