شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
جمهورية مالاجاسي (1) (مدغشقر)
أولاً ـ لمحة جغرافية تاريخية:
تبلغ مساحة جزيرة مدغشقر (228,000) مئتين وثمانية وعشرين ألف ميل مربع وعدد سكانها سبعة ملايين. وعاصمتها تناناريف وعملتها الفرنك الملاجاسي والدولار المريكي الواحد يساوي (227,7) مئتين وسبعة وعشرين وسبعة من عشرة من الفرنك الملاجاسي. وتقع جزيرة مالاجاسي على الساحل الجنوبي الشرقي من إفريقية ويفصلها عنها مضيق موزمبيق البالغ عرضه (240) مئتان وأربعون ميلاً. وحلول الجزيرة (980) تسعمائة وثمانون ميلاً وعرضها (360) ثلاثمائة وستون ميلاً.
وقد دخلت مالاجاسي تحت الحماية الفرنسية في عام 1885 وأصبحت مستعمرة فرنسية في عام 1896 وظلت كذلك حتى نالت استقلالها في 26 يونيو 1660 وأصبحت عضواً في هيئة الأمم المتحدة وفي الكومنولث الفرنسي.
ويشتغل 90% من أهالي مالاجاسي في الزراعة ومن أهم حاصلاتها الزراعية ((الفانيليا)) إذ تنتج منها نصف محصول العالم والأرز والذرة والحبوب والقهوة والتبغ وقصب السكر والكاكاو وأهم المعادن فيها الأحجار الكريمة واليورانيوم والفوسفات والذهب. وهي غنية بثروتها من الماشية ففيها حوالى عشر ملايين رأس من الماشية.
ثانياً ـ المسلمون في مالاجاسي (مدغشقر):
يذكر المؤرخ الفرنسي غابريال فوان عضو الجمعية الآسيوية في باريس وأحد معتمدي الوزير المقيم من قبل فرنسا في مدغشقر في كتابه ((المسلمون في مدغشقر وجزائر القمر)). إن الإسلام دخل إلى السواحل الشمالية الغربية والجنوبية الشرقية من مدغشقر بواسطة العرب أو المسلمين الذين كانوا يتكلمون العربية ويستدل على ذلك من الكلمات العربية الكثيرة التي يجدها الإنسان في لغة سكان مدغشقر.
ومضى العالم الفرنسي فران فيقول: لا شك أن العرب الذين كانوا في الساحل الشرقي من افريقية منذ القرن السابع للميلاد ونشروا دعوة الإسلام فيه قد نزلوا في بلدة ماجونقا وماتيتا نانا من مدغشقر.
ويرى المرحوم الأمير شكيب أرسلان أن العرب نزلوا بجزيرة مدغشقر منذ القرن الثاني والثالث للهجرة وأن تلك الحكايات التي يروونها دائماً من أن مسلمي مدغشقر أصلهم من مكة هي من جملة الافتخار بالأصل العربي. ولم يكفهم أن يكونوا عرباً حتى جعلوا أنفسهم قرشيين بل من آل البيت. على أنه - كما يقول الأمير شكيب - لا يوجد مانع من أن يكون أناس من القرشيين أو من الطالبين قد وصلوا إلى هناك هرباً من سيوف الأمويين والعباسيين.
وقد اتفق المؤرخون على أن مدينة (ماتيتا نانا) هي البلدة الأولى التي نزلتها الجالية العربية والتي صارت عاصمة للقبائل المدغشقرية التي دخلت في الإسلام وما تزال إلى يومنا هذا المركز السياسي والأدبي للمسلمين المدغشقريين في الساحل الشرقي من الجزيرة وإنزال أعدادهم عربية وأيام الأسبوع عندهم عربية بتبديل بسيط في بعض صور التلفظ كانوا يجعلون الباء زاياً والثاء تاءً.
ويختم الأمير شكيب أرسلان كلامه قائلاً: فأما بقاء المسلمين في مدغشقر على ما هم عليه من الجهل لا يمتازون عن سائر أبناء وطنهم إلا قليلاً فله سببان: أحدهما شدة تمسك أهالي مدغشقر بعقائدهم القديمة بحيث أنه لا الإسلام ولا النصرانية أمكنهما قلع تلك العقائد من رؤوسهم تماماً، والسبب الثاني قصور المسلمين في مدغشقر كما في سائر الأقطار من جهة الأجهزة اللازمة للدعاية. ولو كانت لهم هناك مدارس ومكاتب وطرق منتشرة لكان الإسلام أرسخ وأنقى مما هو الآن في مدغشقر بدون شبهة.
وفي سنة 1820م وصلت إلى مدغشقر الإرساليات التبشيرية من لندن ومن الجزويت وراهبات مار يوسف وراهبات التبشير بالإنجيل والمبشرون النير ويجيبون والأميرليون والعازبون الفرنسيون وأخيراً مبشرو البروتستانت الفرنسيون.
وبالرغم من هذه الحملات النصرانية التبشيرية فلم يدخل في الدين المسيحي إلا مليون ونصف مليون من أصل السكان البالغ عددهم سبعة ملايين وذلك حسب الإحصاء الرسمي الذي نشرته حكومة مدغشقر حيث ذكرت عدد المسيحيين كما قلت وذكرت أن بقية السكان هم من المحمديين و(السرسن) أي المسلمين كما يطلق عليهم الغربيون وغيرهم ممن لا دين لهم وهو لا شك اعتراف ضمني من حكومة مدغشقر بأن أكثرية السكان هي من المسلمين. والذين لا دين لهم أضاعوا دينهم لأن صلاتهم بالمسلمين في جوارهم قد انقطعت فلم يأتهم أحد من الدعاة ولا من المبلغين أو المرشدين حتى تظل شعلة الإسلام مضيئة في قلوبهم. على أن المسلمين الذين وفدوا من الهند الصينية كجنود للمستعمرين الإفرنسيين وكذلك العرب المسلمون الذين وفدوا من اليمن ومن جزائر القمر كان لهم الفضل في انتعاش الروح الإسلامية من جديد في مدغشقر ولا سيما في الجهات الشرقية والشمالية منها.
ويبلغ عدد الشيعة الأثنا عشرية في مدغشقر (6000) ستة آلاف والإسماعيلية ثلاثة آلاف والبهرة خمسة آلاف، أما بقية المسلمين فهم سنيون وهم لا شك الأكثرية التي يجب أن تعتني بهم حتى لا تتسرب إليهم البدع والخرافات والتيارات الضالة.
ثالثاً ـ المساجد والمدارس في مدغشقر:
ومع القادمين كجنود للمستعمرين ومع القادمين في طلب الرزق من الآسيوين (الهنود والباكستانيون) والعرب واليمنيين، والقوميين من جزائر القمر أنشئت جوامع ومدارس في الجهات الشمالية والشرقية وفي الوسط من جزيرة مدغشقر. وبعض هذه الجوامع فخم وضخم ولا سيما مساجد الشيعة والبهرة والإسماعيلية والقوميين.
وقد زرت بعض المساجد في الجهة الشمالية والوسطى من جزيرة مدغشقر فوجدتها عامرة والحمد لله بالمصلين في جميع أوقات الصلاة ولا سيما أيام الجمعة.
أما المدارس فأكثرها من نوع الكتاتيب والطلبة الذين يدرسون بها لا يفهمون ما يقرأون من القرآن حتى السور القصار منه. والمشكلة هي نفس المشكلة التي ذكرتها من قبل عدم وجود مدرسين يتقنون اللغة العربية بالإضافة إلى اللغة الفرنسية التي هي لغة التخاطب، فالأهلون هناك لا يعرفون لغة أجنبية غير الفرنسية والإنجليزية لا تجد من يتكلمها إلا نادراً حتى بين الهنود والباكستانيين.
والجيل الصاعد من أبناء المسلمين الوافدين إلى هذه الجزيرة مهددون بضياع عقيدتهم كما شاعت عقيدة أسلافهم من قبلهم ولذلك فإن المسؤولية الملقاة على الدول الإسلامية وفي طليعتهم المملكة العربية السعودية خطيرة ومن الأهمية بمكان. فيجب تجنيد الدعاة وإرسال المدرسين من الذين يجيدون اللغة الفرنسية كما يجب إعطاء المنح الدراسية بسخاء وإنني لأعتقد جازماً أننا إن فعلنا ذلك وبسرعة فسوف نحافظ على الإسلام في هذه الجزيرة من جهة ونعيد بإذن الله الضائعين من المسلمين إلى حظيرة الإسلام من جهة أخرى فما أسرع ما يتهلل وجه الملاجاسيين (المدغشقري) فرحاً عندما تقول له أن أجدادك من المسلمين أو أن اسمك هذا اصله عربي أو إسلامي فقد جربت ذلك مع كثيرين في زيارتي هذه ورأيت الفرحة تشيع في الوجوه.
وفي رأئي أن فتح سفارة للمملكة العربية السعودية في مدغشقر سيعود إلى الإسلام في هذه الجزيرة وإلى الإسلام في جزائر القمر. وينيون ومويشس سابق مجده وعزته ورفعته.
وفي اجتماعي مع المسيو هنري. جي. رازا الإسلام فيندراتوفو (Hanri J. Fazafindratovo) المستشار الدبلوماسي لرئيس وزراء مالاجاسي (وهو الحاكم الفعلي للجزيرة الآن بعد حوادث الطلاب فيها) لمست منه رغبته في فتح اتصالات اقتصادية وثقافية مع المملكة العربية السعودية ثم ذكر كيف أنهم فعلاً بدؤوا في اتصالات مع العالم العربي بإرسال وزير خارجيتهم إلى مؤتمر تحرير إفريقية الذي عقد في الرباط فشجعته على ذلك وقلت له يجب أن تخرجوا من هذه العزلة التي تعيشونها وتتصلوا بالعالم الإسلامي وإني أؤكد لك أنكم ستجدون منهم الصدور الرحمة والتعاون المخلص الذي لا مطمح من ورائه. وقد وعدني بنقل ذلك إلى رئيس الوزراء، ثم سألني عن موعد عودتي فأخبرته به فأبدى أسفه ألا يكون في وداعي لأنه في ذلك التاريخ سيكون مع رئيس الوزراء في إحدى جولاته في مدغشقر. ومع ذلك فسيأمر بفتح صالون كبار الزوار بالمطار وسيوعز لمدير مطار تاناناريف ليكون في وداعي فشكرته.. وقد كان..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :6557  التعليقات :2
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 46 من 65
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ محمد عبد الرزاق القشعمي

الكاتب والمحقق والباحث والصحافي المعروف.