شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الفرسان الثلاثة
الكونت دي مونت كريستو
الراوي: قصتنا هذه الأمسية ((الكونت دي مونت كريستو)) لسيد القصاصين الفرنسيين ((ألكسندر دوماس)) الأب وهي قصة واقعية وليست من نسج الخيال كما أثبتت الدراسات الحديثة لهذه القصة.. اقتبسها دوماس من محاضر البوليس وأدخل عليها تعديلات جعلها تحفة أدبية طريفة.
الراوي: ونحن في عرضنا لهذه القصة نحاول الجمع بين ما كتب دوماس وما جاء في محاضر البوليس وفي نهاية القصة نعتمد على ما دوّن في سجلات البوليس.
ولد ألكسندر دوماس في 24 يوليو 1802م من أم زنجية أصلها من جزيرة ((سان دومنجو)) في البحر الكاريبي وتوفي في 5 ديسمبر 1870م.
ألّف ألكسندر دوماس الأب حوالى (360) قصة ورواية ولعلّ أشهر رواياته هي (الفرسان الثلاثة) ورائعة هذه الأمسية - الكونت دي مونت كريستو - التي وضعها في أواخر سنة 1843م.
الراوي: في سنة 1807م كان يعيش في باريس صانع أحذية يدعى ((فرانسوا بيكو)) وكان بيكو على وشك أن يتزوج من الفتاة الحسناء ((مرجريت فيجوروا)) التي كانت تملك ثروة تقدر بمائة ألف فرنك ولكنه - لسوء حظه - كان له في حبه مزاحم عنيد هو ((ماتيو لوبيان)) صاحب قهوة مجاورة له، وكان لوبيان هذا أرملاً فعزم على اتخاذ ((مرجريت)) زوجة له... وكان لا بد له من التخلص من ((بيكو)) للوصول إلى هذه الغاية. فأرسل إلى مدير البوليس في عهد نابليون بلاغاً غفلاً من الإمضاء يتهم فيه غريمه بأنه يتآمر على سلامة الدولة. وقبل الزواج بيومين اختطف البوليس ((بيكو)) المسكين ولم يعد أحد يسمع عنه شيئاً منذ ذلك الوقت.
ودخل بيكو السجن.. وفي السجن تعرف إلى راهب يدعى ((فارينا)) فتوثقت عرى الصداقة بين السجينين وكان هذا الراهب ينتمي إلى أسرة غنية.. وقد أدخل إلى السجن بتهمة سياسية، وتنكر له أقاربه فنقم عليهم وحينما مرض في السجن وأحس بدنو أجله استدعى صديقه ((بيكو)) إليه واسر إليه قائلاً:
الراهب فارينا: يا صديقي ((بيكو))!! لقد بقيت خفقة في سراج حياتي سيلفظها عما قليل.. وإني.. وأنا أودع أيامي أبوح إليك بهذا السر.
فرانسو بيكو: قل يا صديقي فسرك في أمان.
الراهب: يوجد كنز مخبؤ في جزيرة صغيرة على الساحل الشمالي الغربي لفرنسا، هذه خريطته.. فامض إليه فما فيه يقدر بثلاثة عشر مليون فرنك.. فأنعم به يا صديقي وترحم علي وصلِّ من أجلي..
الراوي: ثم فاضت روح الراهب إلى بارئها.. وهرب ((فرانسوا بيكو)) من سجنه وحصل على الكنز الثمين فكان أول عمل قام به هو النزوح إلى الريف الفرنسي وتغيير اسمه من ((فرانسوا بيكو)) إلى - جوزيف لوشير - وبعد أن تم له ذلك عاد إلى باريس وقد تحجر قلبه وأصبح أقسى من الصخر، ولم يبق في صدره غير رغبة واحدة هي الانتقام. وغير عاطفة واحدة هي حب ((مرجريت فيجورو)) ذلك الحب الذي لا يفنى ولا يموت - ولكن شيئاً واحداً كان يحز في نفسه.. إنه يجهل الأسباب التي من أجلها قبض عليه وسجن ويجهل أيضاً من الذي دس عليه وأوقعه في تلك الورطة.. بيد أنه صمم على أن يمزق الستار عن ذلك السر بفضل المال الكثير الذي يملكه فتنكر وعاد إلى باريس إلى الحي الذي عاش فيه.. وعاشت فيه حبه الأول ((مرجريت)).. فلم يعرفه أحد ولكنه عرف الجميع فراح يسأل ويستقصي الأخبار.. ورأى في الزقاق الذي كان يعيش فيه زبالاً فحياه ودار بينهما الحديث التالي:
لوشير: بونجور..
الزبال: بونجور مسيو. هل من خدمة..؟
لوشير: أتعرف منزل ((فرانسوا بيكو))؟.
الزبال: لقد سمعت أنه سجن ومات في سجنه وأن مسيو ((لوبيان)) تزوج من خطيبته مرجريت..
لوشير: شكراً.. شكراً..
الراوي: وانصرف ((لوشير)) بعد أن نفح الزبال بضعة فرنكات وشرع يمسك بطرف الخيط الذي أعطاه إياه الزبال.. واستطاع في فترة وجيزة أن يعلم أن ((لوبيان)) هو الذي وشى به ليتزوج الفتاة التي كان يحبها وأنه رزق منها بولدين وأصبح غنياً وملاكاً وأن رجلاً يدعى ((الوث)) يعرف كل شيء عن المأساة التي حلَّت به.
فشد ((لوشير)) الرحال إلى حيث يقيم ((الوث)) عسى أن يطلعه على ما حدث بالتفصيل وليأخذ ثمناً لمعلوماته ما يشاء.. أليس ((لوشير)) من كبار الأغنياء.. ألا يسعى للانتقام بقوة المال.. فتنكر في زيّ كاهن وقصد إلى منزل ((الوث)) وقصّ عليه ما يلي:
لوشير: كنت كاهناً في سجن ((فينستريل)) فعرفت هناك رجلاً يدعى ((فرانسوا بيكو)) وقد أقسم لي أنه بريء من التهم التي حكم عليه من أجلها.. ثم مات المسكين وهو يردد لي اسمك.. ويؤكد لي أنك رجل طيب، نزيه وصادق وأنك ستساعدني على معرفة أولئك الذين وشوا به وكانوا سبب شقائه وغرضي الوحيد أن أعرف أسماءهم فأكتبها في ورقة وأحمل الورقة إلى مدافن السجن وأضعها في التابوت مع رفات صديقك ((فرانسوا بيكو)) عملاً بوصيته الأخيرة..
الراوي: وانطلت الحيلة على ((الوث)) فراح يثني على صديقه ((فرانسوا بيكو)) ويعدد مناقبه ومآثره.. وواصل ((لوشير)) حديثه قائلا:
لوشير: لقد أعطاني ((بيكو)) قبل موته قطعة من الماس تساوي خمسين ألف فرنك على اقل تقدير وأوصاني أن أضع هذه الجوهرة الثمينة بين يديك هدية وتذكاراً منه مقابل الخدمة التي ستقدمها لي بإعطائي أسماء أعدائه.
الراوي: وأخرج لوشير من جيبه الماسة الوهاجة، فما أن رآها ((الوث)) حتى انطلق لسانه من عقاله فقال:
الوث: مسكين ((بيكو)) أسمع إن الذي دبر المكيدة كلها هو ((لوبيان)) لأنه كان يريد انتزاع ((مرجريت)) من ((بيكو)) لقد عرض علي أن أشترك معه في ذلك فرفضت لأنني كنت أحب ((بيكو)).
لوشير: ومن اشترك معه إذن؟
الوث: ((جرفيه شوبار)) خادم البقال.
لوشير: ومن أيضاً..؟
الوث: سولاري بائع القبعات. (وسأل لوشير - ومن أيضاً؟)..
الوث: لم يشترك في الدسيسة غير هؤلاء الثلاثة.. أين الماسة يا حضرة الكاهن؟
الراوي: ودفع ((لوشير)) الماسة إلى ((الوث)) بعد أن حصل منه على ما يريد وقفل راجعـاً إلـى باريس، أما ((الوث)) فباع الماسة إلى تاجر مجوهرات بملبغ (65) ألف فرنك قبض منها (55) ألف فرنك واشترى بالباقي منزلاً جميلاً في الريف.. على أنه عندما علم أن تاجر المجوهرات باع الماسة بمائة وسبعة آلاف فرنك ثار ثائره وأسرع إليه يطالبه بمبلغ آخر فرفض التاجر وقامت مشاحنة بين الاثنين استل على أثرها ((الوث)) خنجره وأغمده في صدر التاجر وهرب خارج فرنسا.. أما لوشير.. فقد انطلق يبحث عن الشركاء الثلاثة للانتقام منهم واحداً بعد الآخر.
وفي صباح ذات يوم دخلت إلى قهوة لوبيان كونتيسة عجوز ومعها ((لوشير)) فاستقبلهما ((لوبيان)) بكل احترام وبعد أن تناولت القهوة استدعت (لوبيان) وقالت له:
الكونتيسة: مسيو ((لوبيان)) لقد ربيت هذا الشاب حتى كبر، والآن يطلب مني في إلحاح فتح مقهى.. وقد رأيت قبل تلبية طلبه أن يتمرن في مقهى محترم كمقهاك.. فهل تقبل ذلك مسيو ((لوبيان؟)).
لوبيان: بكل سرور يا سيدتي الكونتيسة.
الكونتيسة: شكراً مسيو لوبيان.. سأدفع لك (200) فرنك أسبوعياً مقابل تمرينه. أرجوك العناية به.
لوبيان: مرسي.. مرسي.. سيدتي الكونتيسة.. إنه سيعامل المعاملة اللائقة به.
الكونتيسة: أورفوار.. أورفوار..
الراوي: وانتظم ((لوشير)) أو ((بيكو)) عمله كخادم في المقهى وأظهر من النشاط والإخلاص ما جعله موضع ثقة ((لوبيان)) وجاءت مرجريت فيجور زوجة ((لوبيان)) وحب ((بيكو)) الأول إلى المقهى ذات مساء فتلقاها ((لوشير)) وما أن رأته حتى تسمرت في مكانها وهي تقول:
مرجريت: رباه! إنه هو! يا إلهي!! هل أنا في حلم؟
الراوي: وأقترب منها ((لوشير)) وسألها في أدب واحترام:
لوشير: سيدتي هل من خدمة أقوم بها..؟ إن المسيو لوبيان غير موجود الآن.
مرجريت: أأنت.. أأنت.. لا.. لا.. من أنت؟
لوشير: إنني ((لوشير)) يا سيدتي خادم المقهى الجديد.. أراك مضطربة يا سيدتي.. هل تشكين من شيء؟
مرجريت: لا.. لا شيء.. إنما وجدتك تشبه شخصاً عزيزاً علي جداً سجن ظلماً وعدواناً.. ومات في سجنه..
لوشير: إنك تبكينه يا سيدتي.. هل هو عزيز بهذا القدر عليك؟
مرجريت: لقد كان أغلى من نفسي علي.
لوشير: ولكنك تزوجت من سيدي ((لوبيان)).
مرجريت: نعم: تزوجت ((لوبيان)) بعد أن تأكدت من موت (فرانسوا بيكو) كي أستر شرفي وعرضي..
لوشير: يا للنبل! يا للشرف.
الراوي: وجاء شوبار وسولاري شركاء ((لوبيان)) في الجريمة للسلام على ((مرجريت)) فانصرف ((لوشير)) إلى مزاولة عمله وقلبه يتفطر حسرة وأسى.. لقد كادت دموع ((مرجريت)) تفضح أمره وتكتشف سره ولكن قوة الحقد وشهوة الانتقام المتأصلة في نفسه حالت دون ذلك وكان شوبار وسولاري يقضيان السهرة كل ليلة في قهوة صديقهما ((لوبيان)) يلعبان ((الدومينو)) وكانت عينا ((لوشير)) تراقبهما في دقة وحذر تترصدان الفرصة للانتقام.
وبعد إغلاق المقهى تبعهما ((لوشير)) عن بعد حتى إذا ما تفرقا كل إلى منزله لحق ((لوشير)) ((بشوبار)) وفي إحدى الأزقة المظلمة أمسك به وقال له:
لوشير: شوبار.. أتذكر (فرانسوا بيكو)..
شوبار: من أنت؟ أأنت فرانسوا بيكو.. لقد قيل إنك مت في سجنك..
لوشير: لقد بعثت حياً لأنتقم منك أيها الخائن اللئيم.
شوبار: سامحني يا فرانسوا.. لقد غشني لوبيان.. وخدعني.. أرحمني أنا مظلوم.. مظلوم..
لوشير: لا أبقاني الله إن أبقيتك.. خذ..
شوبار: آه.. آه.. آه.. قتلتني لا رحمك الله..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :839  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 12 من 65
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الثالث - النثر - مع الحياة ومنها: 2005]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج