الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

عبد الملك بن مروان

"عن أبي فديك المدني قال: سمعت شيخاً يحدث عند دار كثر بن الصلت أن معاوية بن أبي سفيان جلس ذات يوم ومعه عمرو بن العاص فمر بهما (عبد الملك بن مروان) فقال معاوية: ما أدب هذا الفتى وأحسن مرؤته.. فقال عمر بن العاص: يا أمير المؤمنين أن هذا الفتى أخذ بخصال أربع وترك خصلاً ثلاثاً، أخذ بحسن الحديث إذا حدث، وحسن الاستماع إذا حدث، وحسن البشر إذا لقي، وخفة المؤونة إذا خولف، وترك من القول ما يعتذر منه وترك مخالطة اللئام من الناس، وترك من لا يوثق بعقله ولا مرؤته..".

قلت: ألا يجدر بكل فتى وشاب.. بل وكل كهل وشيخ أن يحفظ هذه الخصال المأخوذة بها - والمتروكة.. وأن يبشر بها في كلامه.. وأن يعمل بها في سيرته،، وهل لا نجد فيما وصانا به أسلافنا العظام ما يغنينا عن فلسفة الإغريق.. ووجودية الأطلانطيق.. ألا أن في كل كلمة من هذه القصة القصيرة أسراراً من علم النفس لم يدركها أهل القرن العشرين إلا بعد أن تعاقبت بهم الأجيال.. وضربت الأمثال.. ودفعت الأثمان.. وقد وصلت إلينا قبلهم من معين لا ينضب.. ومن أدب تغنت به المشارق والمغارب.. فلا تدع ذلك في بطون الصحائف.. ونعود إليه - منصهراً في بوتقات الخوالف.. ولنحافظ على تراثنا الثمين.. ولنتواصى به رغم أنوف المتحذلقين.. فإن المنبع الصافي.. وعلى الله قصد السبيل.