عرفتُ من ذاتِ نفسي غيرَ ما عرفوا |
فمن يلومُ إذا ما قمتُ أعترِفُ |
فما توهمتُ أني شاعرٌ أبداً |
فيمن شأونى وما كاللؤلؤ الصدف |
وجَدتُني بعضَ حينٍ في مُساجلةٍ |
مع اللِداتِ بهم أعدو ولا أقفُ |
قالوا لأنتَ أخو مروانَ
(2)
مُرتجزاً |
ولستَ أبا الخطابِ
(3)
إذ يَصِفُ |
وما زهيرُ ولا الأعشى ورهطهُمَا |
ولا جريرُ سوى الإلهام يَنقذِفُ |
كانت مجاملةً منهم أُخذتُ بها |
حتى حسبتُ بأني مثلُ ما وصفوا |
في فترةٍ مِنْ خُواءٍ طالما قنعتْ |
بكل ما هو سوءُ الكيلِ والحشفُ
(4)
|
وعشتُها غيرَ مغترٍ على مضضٍ |
بمابهِ يتنزى الكبتُ والأسفُ |
يضيقُ صدري بها مهما هي ارتجستْ |
قَوافِياً بِدمي الموَّارِ تنتزِفُ |
القلبُ ينضحُها والعينُ تَسفحُها |
والنقدُ يفضحُها والجدبُ يَلتقِفُ |
بها تقحمتُ في الميدانِ أعبرُهُ |
خَلواً وأسبرهُ من حيثُ أنتقفُ |
وللصِبا نزواتٌ لا يُنهنِهُهَا |
إلا الأَنَاةُ وإلا الصبرُ لا الزففُ |
وللطموحِ إذا افترَّتْ نواجِذُهُ |
ما للشموسِ بها الأدجانُ تنكشفُ |
في برزخٍ كان إِرهاصاً يُزاوِرُنا |
بِكُلِّ من حَلَّقوا من بعدُ أو هَتَفوا |
واللَّهُ يشهدُ أَنَّ المُلهمَينَ بهِ |
تلقاءنَا ادَّرعَوا بالحقِ وائتلفوا |
برغمِ ما عَاقَهم من كُلِّ جائحةٍ |
أدُّوا أماناتِهم فيمن هم الخَلَفُ |
خاضوا بحورَ القَوَافي وهي زاخرةٌ |
ما إن بها مأثمٌ يُخشى ولا جَنَفُ |
حتَّى أطلَّ علينا الفجرُ وانطلقتْ |
مواهبٌ في الشَّبابِ النَضْرِ تختلفُ |
هم (الطلائعُ) والأفواجُ موفِضةٌ |
وملءُ أبرادِها (التصميمُ) واللَّهفُ |
الصَّامدونَ وما يمشونَ في مَهَلٍ |
والصاعدونَ بما أوتوا وما ثُقِفوا |
فدًى لهمُ كلُّ مُزورِّ ومؤتفِكٍ |
ومن عساهُ عن الإِبداعِ ينصرفُ |
سُقياً ورعياً من كلِّ ذي قبسٍ |
بهِ ترنَّمتِ الآدابُ والطُّرفُ |
إنْ همْ قليلٌ فما أغلى الكثيرَ لهمْ |
وما تشِيلُ بِهِ الأوزانُ والكففُ |
* * * |
يا مَن بِهم نتوخى أنْ يكونَ لنا |
مُستقبَلٌ باهرٌ للشّعبِ يؤتَنَفُ |
إنَّ (الترُاثَ) بكمْ يحيا المواتُ بِهِ |
والحَرفُ تسطعُ منه الياءُ والألفُ |
(والضّادُ) وهي لِمن يزهو بها لُغةٌ |
هي الرّياحينُ الأشذاءُ تُكتنفُ |
هي المَثاني هي الآياتُ بينةٌ |
هي الجواهرُ وهي الدُّرُ والشَّنفُ |
يا يؤسَ من حاولوا استكراهها عَبَثاً |
بما بهِ استدرجوا للغي أو هرفُوا |
أنتم حُصونٌ لها من كُلِّ مجترىءٍ |
واللَّهُ حافِظُها ممَّنْ بها انحرفُوا |
وما بنا غيرَ أنْ نصطفَّ في نَسَقٍ |
حتى يَدينَ بها الغاوونَ والغُلفُ |
وما السِّياج سِواكم إن يلمَّ بها |
(كيدٌ) وأنتم لها الأكبادُ والشُّغُفُ |
إنّ التَّطورَ حقٌ في (مَصانِعِنَا) |
وفي (مَزارِعِنا) تنمو ونقتَطِفُ |
وفي (الدفاعِ) وفي (نسجِ الحديدِ) وفي |
جميعِ ما هو للإعدادِ ينصرفُ |
أما (عقائدُنا) أما خلائِقُنا |
فإنَّها الدّينُ دِينُ اللَّه والهَدفُ |
بها نموتُ ونحيا دونَ ما شططٍ |
ولا غلوٍ وفيها نحن نعتكفُ |
مُعوَّذينَ بتقوى اللَّه نعبدُهُ |
حقاً ومنه لنا التوفيقُ والنَّصَفُ |
لا نبتغي الشعرَ ضَحضاحاً ولا هَذراً |
ولا تهاويلَ فيها العقلُ ينجرِفُ |
ولا رموزاً وتهويماً وشعوذةً |
ولا شُذوذاً به التهريجُ يَجتدِفُ |
وإِنَّما هو مَا يَشدو الهِزارُ بِهِ |
حناً ويَملِكُنا الإعجابُ والدَّنفُ |
وما بِهِ نَصِلُ المَاضي بحاضِرِنا |
ولا يكدرُهُ بالوحلِ من ضَعفُوا |
وما يثيرُ بِنا الأشواقَ حافزةً |
إلى النُّهوض وما استهدى بهِ السَّلفُ |
أَما الهُراءُ وأما ما يقيءُ به |
فإنّه القرفُ نغثى منه والقَرَفُ |
إنّي أحيي بحمدِ اللَّهِ "جامعةً" |
"عبدُ العزيزِ" لها الإِشراقُ والشرفُ |
تمضي على ضوئهِ في ظِلِّ دعوتِه ِ |
بما به العلمُ والتاريخُ يعترفُ |
وأصطفي من معاني الشعر أروعَهَا |
بالشُّكرِ يُزجى لمن هُم ههنا عَزَفوا |
(عباقرٌ) وفحولٌ كُلُهم عَلَمٌ |
بهم أباهي ومنهم عشتُ أستلفُ |
(إنتاجُهم) كالرَّبيعِ الطَّلقِ نمنمةً |
به تباروا ولا دعوى ولا صلفُ |
وهم (مقاولنا) الأفذاذُ قد عُرفوا |
من أين تُؤكلُ لاستصلاحِنا الكتُفُ |
رقّتْ وراقتْ وقد شاقتْ خرائدُهم |
(عرائساً) لمن لُماها العذبَ نَرتشفُ |
فهاكموها على عِلاتها بُجراً |
تزورُ عنها الرياضُ الحوُّ والأنفُ |
ليستْ كما شئتها (دَلاً) ولا (خَفَرا) |
وإنما هي عِهنٌ حينَ يُنتدفُ |
رقرقتُها من (ذمائي) وهو في كبدٍ |
من السِّقامِ وفيها كنتُ أرتجفُ |
(تُقيةً) من ذوي الألبابِ أُكبِرُهُم |
في مُستواهُمْ و أقفوهُم وأغترفُ |
فما تخرجتُ إلاًّ من كِدا (وكُدي) |
بين السفوحِ ورجعٍ كلُّه خَزَفُ |
فإن رضيتمْ بها شَمطاءَ واهنةً |
مع التَّغابي ففضلٌ فيه أنتصفُ |
* * * |
ولتهنأ اللغةُ الفُصحى بمؤتمرٍ |
أحيا عُكاظاً في مكة سَرفُ |
هذا تَيَمَّنَ بالإسلامِ طالِعُهُ |
وذاك أزرى بِهِ ما كان يَقترِفُ |
وليحيى فينا (وزيرُ العلمِ)
(5)
مُغتبطاً |
بمنْ همُ اليومَ بالإحسانِ قد عُرِفوا |
ما مِثلُهُ في الهُدى إلاّ (أبُوتُهُ)
(6)
|
من حيثُ ما هُم دَعوا للَّهِ أو زحفوا |
ما زالَ منهم وفيهم بين أظهُرنا |
(جَهابذٌ) دُونَها الأقمارُ تنخسِفُ |
وليحفظِ اللَّهُ للإسلامِ (فَيصلَهُ) |
ما استقبلَ البيتَ أوّابٌ ومُزدَلِفُ |
* * * |