ألا حبذا "الحفلُ" البهيجُ المُنسَّقُ |
ويا حبذا هذا النسيمُ المرقرقُ |
أُعاودُ باسترواحِهِ "مَيعةَ الصِّبَا" |
وأحسَبُه أنفاسَها وهي تَعبَقُ |
وأرتشفُ (الصَّهباءَ) في غيرِ مأْثَمٍ |
(حديثاً) هو الخمرُ الحلالُ المعتَّقُ |
فهل لم أَزلْ (رغمَ السنينِ) محشماً |
وقد كدتُ أُذرى في صَداها وأُهَرقُ |
وهلا أَرى (الخمسينَ) ألقتْ بي العَصا |
من الشَّجنِ المكبوتِ، يطغى ويَعْمَقُ |
أَجل رُبَّما استحصدتُ، أُخفي كَنينتي |
وراءَ شِغافي، وهو يَبلى ويرتقُ |
تدفَّقَ (شلالاً) به العينُ تارةً |
وأُخرى بِه (القلبُ) المُحطَّمُ يُسحقُ |
ألا إِنَّ هذا (الشيبَ) فجأةَ مِنبَرٍ |
وليس هو العِهنُ الكثيفُ المُغرنَقُ |
وما في يدي (العرجون) إلا تَوكُأً |
إلى (شاهقٍ) فيه (الملاكمُ) يَشهقُ |
يقولُ (لِداتي) أَين أنت من (المَها) |
ومن (فَتَكَاتِ اللَّحظِ) وهو مؤرقُ |
أكُلُّ غَداةٍ أنت بالشعرِ هاتِفٌ |
وما لَكَ في (التشبيبِ) شدوٌ محلِّقُ |
عَداك (الهوى) أم لم يَهُزُّكَ سَانِحٌ |
ولا القدُّ مِياسٌ، ولا السهمُ يمرُقُ |
ولو أنَّهم لم يَظلِموا، أو لو انصفوا |
لكان لَهم خيراً بأن يَتَرفَّقُوا |
حَنانيْكَ واستغفرْ لَذنبِكَ (لائمي) |
فما الحبُّ إلاّ من (جناحيّ) يُطلقُ |
إذا ما اختلستُ الحُسنَ، أطرقتُ مُدنِفا |
وأوسعتُه (السَّلوى) بما هو أليقُ |
كأَني إذ أَلقاهُ نِضْوُ حَشاشةٍ |
وشِلوُ أديمٍ بالعَراءِ يُمزَّقُ |
تطيرُ شُعاعاً -بالتغزُّلِ- مُهجتي |
وإِن كنتُ فيهِ بالنُّهى، أتمنطقُ |
برغمَى ما يجتاحُني من (تَزمُّتٍ) |
وما هو (بالآواهِ) أحرى وأَخلَقُ |
وما في سِجليَّ صفحةٌ من غَضاضةٍ |
ولا أنا وحشيٌّ، لا أنا (أَحمقُ) |
ولكنَّها الدُّنيا - وذلك دأْبُها |
خِداعٌ ومَنْ لا يُحسنِ (العومَ) يَغْرَقُ |
ولو أنَّ (قلباً) قَدْ تَكشَّفَ (صَبوةً) |
لما كان إلاّ بين جنبيَّ يَخفِقُ |
أُكابِرُهُ -حتى كأني- جَلمدٌ |
وحتى لو أن الروحَ بالشَّجوِ تُزهقُ |
تُقيةَ أن أُرمى بأني (ماجنٌ) |
وأني مفتونٌ وأني (موثقُ) |
سقى اللَّهُ أيامَ الشبابِ، فإِنَّها |
رُؤاي التي أصفو لَها وأُرنّقُ |
(وإخوانَ صدقٍ) ما نسيتُ عُهودَهم |
بهمُ نتغنى في الدُّجى ونُصفِّقُ |
نعِمنا بهم -والدهرُ- فينانُ باسمٌ |
ونحنُ كما شِئنا نتيهُ ونعلَقُ |
كأنَّ هيَ ولَّت وافتقدْنا اصطباحَها |
ففيها - ومن (راووقِها) نتغبَّقُ |
أتاحَ لنا (الآشيُّ)
(2)
منها (عَلالةً) |
بها نتاجى بالوفاءِ - ونُغدِقُ |
على فننٍ للطيرِ فيه تجاوبٌ |
وللأَدبِ المزهوِّ فيه تَألُّقُ |
بكلِ حبيبٍ، لُوذَعيٍّ، مُهذبٍ |
به كلُّ (جيلٍ صالحٍ) يتخَلقُ |
أُعيذُهُمُ باللَّهِ - من كُلِّ حاسدٍ |
ومن كُلِّ من يَذرى، ومن يتملَّقُ |
وحَسبُك منهم في النَّواصي (محمدٌ) |
ومن هُم بأعلى (الرّقميينِ) تَسلَّقوا |
(عباقرةٌ) كانوا (طلائعَ نهضةٍ) |
بها نحن نَمضي في الرِّهانِ ونَسبِقُ |
ألا إنَّ في (ولاَّدةٍ) و(غرامِها) |
(مواقفُ) - ما أَنفكُّ فيها أُحملِقُ |
شفاني (ابنُ زيدون) بها و (عذولُه) |
بأعذبِ ما فيهِ (اللِّسانُ) يُنَمِّقُ |
وما كنتُ أدري في (حُسينٍ) سوى امرىءٍ |
تُلائمه (الفُتيا) بما هو معرقُ |
ولكنَّه فيها تقمَّص (جِلسةً) |
هي (الوشيُ) والدِّيباجُ أو هي زَنْبقُ |
لقد طافَ (بالفِردوسِ) وحياً خيَالُهُ |
فأَبدعَ - واستولى عليهِ التأنُّقُ |
سجيةُ (فنانٍ) كأَنَّ (يَراعَهُ) |
(رُفائيلَ) في (إِبداعِهِ) يتفرقُ |
تحيَّتُها كأساً روياً - كأنَّما |
يُباركني فيها (الرَّحيقُ) المُصفقُ |
ولا عيْبَ فيها غَيرَ أنَّ صفائَها |
هو (الطلُّ) أو (ماءُ السماءِ) المروَّقُ |
كذلكَ أعدو في الغُبار ِورائَه |
على وَهَنٍ، والشوطُ هَيهاتَ يُلحقُ |
ضمنتُ له فِيها (الخُلودَ) - وإنَّها |
(لمَلحمةٌ) فيها (الشعورُ) يُرفَّقُ |
على أني آنستُ في (الضادِ ضَجةً) |
بها الشِيبُ والشبانُ (لحْدٌ وخَندقُ) |
تدابرَ كلٌّ منهما في (اتجاهِه) |
وكلٌّ بما يدعو إليهِ (مُصدِّقُ) |
لكُلِّ (غدٍ) شأنٌ، للأمسِ (يومُه) |
وذاك هو (الإنسانُ) دِرعٌ مُحلَّقُ |
فما بالُ من ينعى على (الكهلِ) رجعةً |
وما هوَ إلا عصرُه حيثُ ينطِقُ |
حرامٌ علينا غيرَ ما هو سَمتُنا |
وما هو فينا الكائنُ المتَحققُ |
وما المجدُ أَن نَستَدبِرَ الأمسَ (طَفرَةً). |
ولكنَّما المجدُ (الطُّموحُ المُوفَّقُ) |