شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
فتلك سبيلي في الحياةِ (1)
أجبني هل للشعبِ عن غفلةٍ عُذرُ
ومِن حَولِهِ الأرجاءُ تَصخَبُ والبحرُ
وهل للونى عن مَطلبِ المجد والمنى
منادَحُ إلا ما يَضيقُ به الصَّدرُ
وهل للشبابِ الطَّامحينَ إلى العُلى
مَناهجُ إلا (الفِعلُ) لا النَّظمُ والنَّثرُ
وهل رضيتْ آباؤنا الصيدُ في الوَغى
بموقِفِنا أم جَنَّهُمْ دونَنَا سِترُ
وهل هادنتْ أكبادُنا كُلَّ صَيحةٍ
تَدوَّى بها (التاريخُ) أم أنَّنا صَخرُ
كُفيتَ فلا تَعجَلْ بردٍّ فرُبَّمَا
تكلفتَ شيئاً في تَصَوُّرِهِ عُسرُ
ودعْ عنك أعباءَ الحياةِ وعدِّها
إلى اللهوِ واغزِلْ ما استبدَّ بك الهَجر
فما أنت إلا فَقعَةُ القاعِ إذ غَدتْ
تُزاوِرُ عنها العينُ إذ يَأَرَجُ الزَّهرُ
وماذا عسى أن يَبلُغَ الوصفُ من ضَنىً
تَردَّتْ به الأرواحُ وانتَحَرَ الصَّبرُ
* * *
أتبهَرُكَ الدُّنيا اختراعاً وقوةً
وما حازَ منها البيضُ والسودُ والصُّفرُ
وتَخلِبُكَ النهضاتُ في كُلِّ أمةٍ
كأنَّك منها ظلمةً ما لها فَجرُ
وأنت الذي أجدادُكَ الغُرُّ قد بنوا
صروحَ المَعَالي وهي من قَبلِهِمْ قَفْرُ
هُمْ (الفاتحونَ) المُهتدونَ ومن بِهِمْ
تهلَّلَ وجهُ الأرضِ وانتطقَ الفَخْرُ
فذرني أبكي مَجدَهُمْ وتُراثَهُمْ
فقد عاثَ فيه الذئبُ والضبعُ والصَّقْرُ
ولا تُلحني إمَّا حسبتُك هَامداً
فلستُ على حالٍ ينهنِهُك الزَّجرُ
خلوتُ بنفسي ساعةً فوقَ شاهقٍ
أُقلِّبُ طرفاً سالَ من دَمعِهِ القَطرُ
وأرسلتُه مِثلَ الشِّهابِ إذا انتضى
وبين ضُلوعي زفرةٌ دونَها الجَمرُ
أُساوِمُ قلبي أن يَمُدَّ براعتي
ببعضِ الشَّجَا مما يُغصُّ بِهِ النَّحرُ
ورُضْتُ به ما بين جَنبيَّ (مُضْغَةً)
إذا صَلحَتْ لم يُخشَ من مُؤمِنٍ مَكرُ
فلبَّتْ نِدائي واستمعتُ لِوحيِهَا
كما خَشَعَ (الصِّديقُ) يُتلى لَهُ الذِّكرُ
فما هي إلا آيةٌ ثم نَجوةٌ
علمتُ بها أنَّ المَعاصي هي الخُسْرُ
وأنَّ بَلاء المرءِ عجزٌ وعُطلةٌ
وجَهلٌ وتسويقٌ يضيعُ به العُمْرُ
وأنَّ مِنَ الأخلاقِ ما هو مِحنةٌ
لمن لمْ يوقَّ السُّوءَ أو أَنَّها ذُخرُ
وأنَّ ضَلالَ السَّعي لا وِزرَ بعدَهُ
وأن اتِّباعَ اللهِ في شَرعِهِ نَصرُ
وأنَّ المَعالي أن تُنالَ تَمنِّياً
ولكنَّهُ الإِقدامُ والعلِمُ والوَفْرُ
وأنَّ بِلادي لم تَزَلْ في نُهوضِهَا
يقهقِرُها ألفٌ ويحبو بها عَشرُ
إذا استأهلتْ يوماً لِما فيه خيرُها
تردد حيناً بين آنائِهِ الدَّهرُ
أَيطرِفُنا ما تَغربُ الشمسُ خلفَهُ
فنوناً كما يبدو بمرآتِهِ السِّحرُ
ونبقى حَيارَى واجمينَ كأننا
عصافيرُ طيرٍ حَولَ أوكارِها نَسرُ
* * *
كفى كسلاً فلنَستَبِقْ كُلَّ غَايةٍ
مصانٌ بها الإِسلامُ والأملُ النضرُ
وما هي إلا يَقْظَةٌ وانتفاضةٌ
يعودُ بها المَاضي ويَزهى بها العَصرُ
لننشُدَ فيها صَادقينَ شِعارَنَا
(لنا الصدرُ دونَ العالمينَ أو القَبرُ)
ونهتفُ من أعماقِنَا وقلوبنا
ألا كلَّ شيءٍ ما خلا ديننا نُكرُ
ونسبِقُ في مِيدانِ كُلِّ صَناعةٍ
إليها تَناهى العِلمُ أو بَلَغَ الفِكرُ
ونعلمُ ما يُخشى مع الجهل شرُّهُ
ونأمنُ مِنْ فنٍ به يُؤخذُ الغِرُ
ومن جاهدَ الأهواءَ في كُلِّ مُنكَرٍ
ولاذَ إلى المَعروفِ لم يَعْيِهِ أَمرُ
ومن كان يرجو اللهَ فهو ومَا نوى
وكُلُّ سبيلٍ غيرَ شِرعَتِهِ وَعرُ
هو اللهُ لا تَخفى على اللهِ هَجسَةً
سَواءٌ لديه السرُّ في الخَلقِ والجهرُ
وهيهات أن تَبقى على النَّاسِ نعمةٌ
إذا لم يُعِذْهَا الحَمدُ للهِ والشُّكرُ
وما الحَمدُ إلا طاعةٌ ودعاوةٌ
إلى مِلةِ (التوحيدِ) فهي لنا الأَزرُ
ولسنا نُبالي بعدَ مَرضاةِ ربِّنا
أأطبقتِ الآفاقُ أم أَزِفَ الحَشرُ
فتلكَ سَبيلي في الحياةِ فإن يكنْ
إِلى مِثلِهَا سعيٌ فقد آذنَ النَّشرُ
 
طباعة

تعليق

 القراءات :751  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 347 من 1070
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.