| أجبني هل للشعبِ عن غفلةٍ عُذرُ |
| ومِن حَولِهِ الأرجاءُ تَصخَبُ والبحرُ |
| وهل للونى عن مَطلبِ المجد والمنى |
| منادَحُ إلا ما يَضيقُ به الصَّدرُ |
| وهل للشبابِ الطَّامحينَ إلى العُلى |
| مَناهجُ إلا (الفِعلُ) لا النَّظمُ والنَّثرُ |
| وهل رضيتْ آباؤنا الصيدُ في الوَغى |
| بموقِفِنا أم جَنَّهُمْ دونَنَا سِترُ |
| وهل هادنتْ أكبادُنا كُلَّ صَيحةٍ |
| تَدوَّى بها (التاريخُ) أم أنَّنا صَخرُ |
| كُفيتَ فلا تَعجَلْ بردٍّ فرُبَّمَا |
| تكلفتَ شيئاً في تَصَوُّرِهِ عُسرُ |
| ودعْ عنك أعباءَ الحياةِ وعدِّها |
| إلى اللهوِ واغزِلْ ما استبدَّ بك الهَجر |
| فما أنت إلا فَقعَةُ القاعِ إذ غَدتْ |
| تُزاوِرُ عنها العينُ إذ يَأَرَجُ الزَّهرُ |
| وماذا عسى أن يَبلُغَ الوصفُ من ضَنىً |
| تَردَّتْ به الأرواحُ وانتَحَرَ الصَّبرُ |
| * * * |
| أتبهَرُكَ الدُّنيا اختراعاً وقوةً |
| وما حازَ منها البيضُ والسودُ والصُّفرُ |
| وتَخلِبُكَ النهضاتُ في كُلِّ أمةٍ |
| كأنَّك منها ظلمةً ما لها فَجرُ |
| وأنت الذي أجدادُكَ الغُرُّ قد بنوا |
| صروحَ المَعَالي وهي من قَبلِهِمْ قَفْرُ |
| هُمْ (الفاتحونَ) المُهتدونَ ومن بِهِمْ |
| تهلَّلَ وجهُ الأرضِ وانتطقَ الفَخْرُ |
| فذرني أبكي مَجدَهُمْ وتُراثَهُمْ |
| فقد عاثَ فيه الذئبُ والضبعُ والصَّقْرُ |
| ولا تُلحني إمَّا حسبتُك هَامداً |
| فلستُ على حالٍ ينهنِهُك الزَّجرُ |
| خلوتُ بنفسي ساعةً فوقَ شاهقٍ |
| أُقلِّبُ طرفاً سالَ من دَمعِهِ القَطرُ |
| وأرسلتُه مِثلَ الشِّهابِ إذا انتضى |
| وبين ضُلوعي زفرةٌ دونَها الجَمرُ |
| أُساوِمُ قلبي أن يَمُدَّ براعتي |
| ببعضِ الشَّجَا مما يُغصُّ بِهِ النَّحرُ |
| ورُضْتُ به ما بين جَنبيَّ (مُضْغَةً) |
| إذا صَلحَتْ لم يُخشَ من مُؤمِنٍ مَكرُ |
| فلبَّتْ نِدائي واستمعتُ لِوحيِهَا |
| كما خَشَعَ (الصِّديقُ) يُتلى لَهُ الذِّكرُ |
| فما هي إلا آيةٌ ثم نَجوةٌ |
| علمتُ بها أنَّ المَعاصي هي الخُسْرُ |
| وأنَّ بَلاء المرءِ عجزٌ وعُطلةٌ |
| وجَهلٌ وتسويقٌ يضيعُ به العُمْرُ |
| وأنَّ مِنَ الأخلاقِ ما هو مِحنةٌ |
| لمن لمْ يوقَّ السُّوءَ أو أَنَّها ذُخرُ |
| وأنَّ ضَلالَ السَّعي لا وِزرَ بعدَهُ |
| وأن اتِّباعَ اللهِ في شَرعِهِ نَصرُ |
| وأنَّ المَعالي أن تُنالَ تَمنِّياً |
| ولكنَّهُ الإِقدامُ والعلِمُ والوَفْرُ |
| وأنَّ بِلادي لم تَزَلْ في نُهوضِهَا |
| يقهقِرُها ألفٌ ويحبو بها عَشرُ |
| إذا استأهلتْ يوماً لِما فيه خيرُها |
| تردد حيناً بين آنائِهِ الدَّهرُ |
| أَيطرِفُنا ما تَغربُ الشمسُ خلفَهُ |
| فنوناً كما يبدو بمرآتِهِ السِّحرُ |
| ونبقى حَيارَى واجمينَ كأننا |
| عصافيرُ طيرٍ حَولَ أوكارِها نَسرُ |
| * * * |
| كفى كسلاً فلنَستَبِقْ كُلَّ غَايةٍ |
| مصانٌ بها الإِسلامُ والأملُ النضرُ |
| وما هي إلا يَقْظَةٌ وانتفاضةٌ |
| يعودُ بها المَاضي ويَزهى بها العَصرُ |
| لننشُدَ فيها صَادقينَ شِعارَنَا |
| (لنا الصدرُ دونَ العالمينَ أو القَبرُ) |
| ونهتفُ من أعماقِنَا وقلوبنا |
| ألا كلَّ شيءٍ ما خلا ديننا نُكرُ |
| ونسبِقُ في مِيدانِ كُلِّ صَناعةٍ |
| إليها تَناهى العِلمُ أو بَلَغَ الفِكرُ |
| ونعلمُ ما يُخشى مع الجهل شرُّهُ |
| ونأمنُ مِنْ فنٍ به يُؤخذُ الغِرُ |
| ومن جاهدَ الأهواءَ في كُلِّ مُنكَرٍ |
| ولاذَ إلى المَعروفِ لم يَعْيِهِ أَمرُ |
| ومن كان يرجو اللهَ فهو ومَا نوى |
| وكُلُّ سبيلٍ غيرَ شِرعَتِهِ وَعرُ |
| هو اللهُ لا تَخفى على اللهِ هَجسَةً |
| سَواءٌ لديه السرُّ في الخَلقِ والجهرُ |
| وهيهات أن تَبقى على النَّاسِ نعمةٌ |
| إذا لم يُعِذْهَا الحَمدُ للهِ والشُّكرُ |
| وما الحَمدُ إلا طاعةٌ ودعاوةٌ |
| إلى مِلةِ (التوحيدِ) فهي لنا الأَزرُ |
| ولسنا نُبالي بعدَ مَرضاةِ ربِّنا |
| أأطبقتِ الآفاقُ أم أَزِفَ الحَشرُ |
| فتلكَ سَبيلي في الحياةِ فإن يكنْ |
| إِلى مِثلِهَا سعيٌ فقد آذنَ النَّشرُ |