صدحَ البشيرُ فأبت رغم الحسد |
جذلان توفق في جلال السؤودِ |
ورويت من حري القلب أوامها |
فاستعذبتْ بلقاك بردُ الموردِ |
ما إن حللتَ (بطيبةَ) حتى سقى |
(أم القرى) صوبُ الغمامِ المرعدِ |
برَّ الكريمُ بوعدِه فتحققتْ |
آياتُه من يُمْنِك المتجددِ |
آمنتُ أنّ الله خصكَ بالرضا |
ورعاك اذ أولاك صدقَ الموعدِ |
وإذا أراد اللهُ نُصرةَ عبدِه |
فُتِحتْ له أغلاقُ كلِّ موصدِ |
وجّهتَ همَّك في مصالحِ أمةٍ |
لولاك أمستْ في المقيم المقعدِ |
ما زلتَ تدأبُ منذ وُليت زمامُها |
أن تمتطيَ هامَ السماكِ الأبعدِ |
أدنيتَ قاصيها ورُضتَ جموحَها |
وكشفت عنها جنحَ جهلٍ أسود |
فترسمتْ طرقَ الفخار وأقدمتْ |
نحو المعالي كالأتيَِّ المزبد |
وَدَوَتْ بذكرك في الديارِ محافلٌ |
لمّا ظفرتَ وكنتَ خيَّر مسودِ |
كم وقفةٍ لك (في الجزيرةِ) فرجت |
عنها الخطوب وخار فيها المعتدي |
ولرُبّ يوم قد تجهّمَ وجهُه |
أصميتَ مهجتَه بسهمٍ مقصدِ |
قاسي عدوُّك فيه خيبةَ سعيهِ |
وجلوتَ غامضَ سرهِ بمهندِ |
ولقد نظرتُ إلى فعالِك حقبةً |
فإذا بها نِعْمَ السبيلِ لمقتدي |
تتقاصرُ الآجالُ دون مرامِها |
ويكلُّ عنها كلُّ قرمٍ أصيدِ |
ذلّتْ لديك الحدثاتُ وطأطأتْ |
أعناقُها فأخذتَ منها باليد |
ولوتْ عنانَ عنادِها وتعثرتْ |
فقطعتَ دابرَها برأي محصد |
(قد شاءَ ربُّك أن تكونَ موفقاً) |
فغدوتَ تهزأُ بالصروفِ الرُّصد |
وأهبتَ بالعربِ الأباةِ فغادرتْ |
ترفَ الحياةِ إلى متون الجرد |
أحييتَ فيهم ميتَ كلِّ فضيلةٍ |
وحصدتَ منهم كلَّ رأسٍ مفسدِ |
وأذعتَ بين ربوعِهم سُنَن الهدى |
فمشوا على نهج النبيِّ الأرشدِ |
وحبوتَهم بالأعطياتِ فرائحَ |
بالمكرماتِ لربعهِ أو مقتدي |
فعنتْ لهم شمُّ الأماني عنوةً |
وتدثروا بنسيجٍ ذوبِ المسجدِ |
مرحى فقد نزعتْ بكم شمسُ العلا |
وطلعتْ في أم القرى كالفرقدِ |
وغدتْ تفيضُ بها السماحةُ والندى |
وتصوغُ شكراً (للمليكِ المنجدِ) |
أيانَ يجري الطرفُ في جنباتِها |
تبدو بحلةْ سندسٍ وزمردِ |
حكّمتَ فيهم شرعةً محمودةً |
ودفعتَ عنهم شرعةَ المتمردِ |
ظللتهم أفياءَ عزك فانتشوا |
وشُدْتَ بفضلِكَ ساجماتِ الأملدِ |
واستشعروا روحَ الحياةِ وما سرتْ |
لولا اعتزامُك يا كريمَ المحتدِ |
ماذا أرتلُ من مآثرك التي |
أُولى فضائلها صلاحُ (المسجدِ) |
وحدتَ فيه صلاة كلِّ جماعةٍ |
وأذعتَ فيه هَدْي دينِ (محمدِ) |
وعمرتَه وأقمتَ في أرجائِه |
ظِللاً تقي حرَ الهجيرِ الموقدِ |
وأشدت فيه مسايلاً مورودةً |
فهي (السقايةُ) في جوارِ الأسعدِ |
زانت جوانبَه نجومُ الكهربا |
فتلألأتْ كالكواكبِ المتوقدِ |
ونسجت ثوبَ البيتِ حولَ رواقِه |
فأضفتَ طارف مجده المتجددِ |
وإذا أتيتَ إلى البلادِ وجدتَها |
يجلو محاسنَها لطيفُ المشهدِ |
نالتْ بـ(فيصل) ما أضاء جبينُها |
وسمتْ تفاخرُ كلَّ صرحٍ موجدِ |
وتناسقتْ فيها معابرُ سبلِها |
فحكت برونقِها صقال الأجردِ |
وأرى الصناعةَ والزراعةَ أخصبتْ |
والعلم يبسطُ راحتيْه لمجتدي |
عمّتْ ثقافتُه العقولَ وحسبُنا |
تلكَ المدارسُ عُزَّزتْ (بالمعهدِ) |
وهناك في أرض الكنانةِ (بعثةٌ) |
تَرْعَى رياضُ رقيَّها المتجسدِ |
أما الحجيجُ فقد بذلتَ لأجلهِ |
غالي النضارِ فصار أسمى مقصدِ |
أنى يحلُ تحفُه حسناتُكم |
ويبيتُ يمرحُ في نعيمٍ أرغدِ |
يجدُ المياهَ تدفقتْ فوراتُها |
في كلَّ حيٍ بالطريقِ وفدْفَدِ |
وينامُ ملء جفونه عن مالهِ |
مما استتب من الأمانِ الأوكدِ |
يقضي الفريضة بالسكينةِ هادئاً |
ويعود يلهجُ بالثناءِِ المنشدِ |
ثغري به عرض الفلا سيارة |
تطوى السهولُ وكلَّ حَزْنٍ جامدِ |
أمستْ يموجُ بها (الحجازُ: وصنوُه) |
وتنافستْ فغدتْ بأجر أزهد |
هذا لعمر الله بعضُ صنيعكم |
هيهاتَ بحصره بيان مقصد |
راقبتموا تقوى الإله فحاطكم |
ودنتْ لكم شوس الأماني المرد |
فخذوا بناصرِ يعرب وكفاتها |
فلأنتَ جامع شملِها المتبددِ |
وتتبعوا أثرَ الشعوب وواصلوا |
جهدَ القلوبِ إلى السبيلِ الأمهدِ |
(عبدَالعزيزِ) فدتْك نفسي إنها |
قد أخلصتْ فترنمت ْبتوجدِ |
فاليوم أنشر من حديثك بردةً |
تخفى بحليتها عروسُ الأبردِ |
واليكها عربية وشيّتُها |
كالدرَّ بسطعُ في نحورِ الخردِ |
جاشتْ فأبدتْ من خلالك نبذةً |
كالند تعبقُ من قرارةِ (أحمد) |
لا زلتَ تسمو في معارج عزة |
تغشى ببهجتها عيون الرمد |
وتظلُ دهراً في (سعود, خالد) |
رغم العداةِ وكلّ قلبٍ محردِ |
ثم الصلاة على النبي وآله |
والتابعين لهديه المتمهدِ |
ما رنّحتْ ريحُ الصبا غصن النقا |
وأضاء نور من جباه السجد |