نَعِمَتْ (بأوبِكَ) مكةٌ وبِطَاحُهَا |
واخضرَّ واديها وشحَّ شُحاحُها |
حَنَّتْ إليك فلو أطاقتْ مرتقًى |
لَسَمَتْ إليك بها الغَداةَ رياحُها |
أوليتَها مِنَناً تُقلِّدُ جيدَها |
بعقودِها وبها استدارَ وِشَاحُها |
أمَّنْتَ خَائِفَهَا وشِدتَ صُروحَها |
وبها استنارَ غُدُّوها ورواحُها |
وسلكتَ في إِرشادِهَا سُنَنَ الهُدى |
حتى استقامَ نجاحُها وفلاحُها |
ورفعتَ رايتَها وصُنتَ ربوعَهَا |
وحميتَ بيضتَهَا فتمَ صَلاحُها |
وحكمتَ بالشرعِ الحنيفِ فأصبحتْ |
ترتاعُ خوفاً بالحُدودِ وقاحُها |
وملكتَ حبَّاتِ القلوبِ تحبُّباً |
فلذات من رُؤياك طابَ صباحُها |
فمشى إليك كهولُهَا وشَبابُهَا |
وتضاعفتْ (بمليكِهَا) أفراحُها |
وتبلَّجتْ أجيادُ نوراً والصَّفَا |
مُذْ حَلَّ في (أُمَّ القُرى) وضَّاحُها |
ياصاحبَ التاجينِ
(2)
حَسبُك سُؤدداً |
أنْ يصطفيكَ لِيُربٍ نُصَّاحُهَا |
فاصعَدْ لِعرشِكَ يا مَليكُ مُؤيَداً |
طَوعاً لأمرِكَ صفحُها وصِفاحُها |
راعيتَ تقوى اللَّهِ فانجابتْ بها |
ظُلُمُ الحَوادثِ واستُهيضَ جناحُها |
وجريتَ بالسَننِ القويمِ فباركتْ |
أيدي الكريمِ مَشارباً تمتاحُها |
وبلغتَ شأواً في المشارقِ ردَّدتْ |
ذِكراهُ في غَربِ البلادِ فِصاحُها |
حققْ فديتُكَ (وحدةً عَربيةً) |
يجني فوائدَ عهدها طُمَّاحُها |
وصلِ المَساعي في سبيلِ حَياتِها |
حتى تَكَلَّلَ بالحضارةِ ساحُها |
وشدِ المعاهدَ والمصانعَ والصُّوى |
وأزحْ عَمًى قد طال منه رزاحُها |
(الشرقُ) صَاح والشعوبُ تَحفَّزتْ |
وازدادَ منها في الخُطوب إحاحُها |
وتلفتَ الغربُ الطَّموحُ فأبصرتْ |
عيناهُ أشباحاً سَرتْ أرواحهُا |
فَأَعِدْ لأكنَافِ الجزيرةِ عِزَّهَا |
أيامَ تجري بالسُّعودِ سناحُها |
وانهض بها نحو التَّقَدُّمِ والعُلى |
فعسى بِيُمنِكَ يجتلي مِصباحُها |
واشفِ الصُدورَ من الكُلومِ فإِنما |
زالتْ بطبِّكَ للنُّفوسِ جِراحُها |
يابنَ الأَئِمَةِ من ذؤابةِ (وائلٍ) |
وسليلَ أمجادٍ زكتْ أدواحُها |
دُمْ كيف شاءَ لك الإلهُ بنِعمَةٍ |
يبدو عليك مَدى الدُّهورِ سماحُها |