شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
بردى والفرات والنيل شعب (1)
في حمى عدلِهِ وظلِ لوائِهْ
أشرقَ العيدُ وازدهى بِلِقائهْ
ولى بابِهِ نَروحُ ونَغدو
زُمَراً شاقَهَا ائتلافُ ضِيائهْ
موكبٌ إثرَ موكبٍ ووفودٌ
يعلمُ اللهُ أنَّها في هَنَائهْ
تشكرُ اللهَ ما تَرى من هُدوءٍ
وأمانٍ يميسُ في خُيَلائِهْ
أمةٌ لم تزلْ على الخَيرِ تَمضي
جمعَ اللهُ شَملَهَا بفِنَائهْ
أقلبتْ كالربابِ تُهدي إليه
في تَحيَّاتِها عَظيمَ ولائهْ
وتوفِّيهُ بعضَ ما هو أسدى
في هُدى دينِهِ وفي إعْلائهْ
أيُّها الطَائِعُ الأبرُّ تَقبَّلْ
صَادقَ الشُّكرِ واغتبطْ بنمائِهْ
جلَّ مَنْ أنت عبدُهُ وتَعالى
فلقد فُقتَ خلقَهُ باجتبائهْ
* * *
قمتَ تدعو إلى المَكارِمِ فَرداً
في زمانٍ يَمورُ في غُلَوَائهْ
بين صَرعى تغلغلَ البغيُ فيهم
ونُدامى تَوغلوا في احتسائهْ
أثقلتهم قيودُهُمْ وتَمطى
بِهمُ الجَّهلُ مُطبقاً بِمرائهْ
وسقاهُم من الرَّدى كلَّ كأسٍ
يغرقُ اليمُّ في قرارةِ مائهْ
* * *
فِرقٌ فَرَّقَ الشِقاقُ عَصاها
وتلظَّتْ على سعيرِ شَقائهْ
واستبدتْ بها النَّوائبُ حتى
كادَ يقضي كِيانُها من عَيائهْ
عاثَ فيها الضلالُ قَرناً فَقرناً
ومشى فوقَها على أشلائِه
واعتَراها السقامُ في كلِّ حي
هاضَ من روحِهِ ومن أعضائِهْ
بين غزوٍ وغارةٍ واستلابٍ
وانتهاكٍ يصبُّ سَوطَ بلائِهْ
وتِراتٍ ومُنكَرِاتٍ وعَسْفٍ
وغُرورٍ يَروغُ.. في سُفهائهْ
والطواغيتُ حَولَها في عُتُوّ
كلُّهُم عَاكفٌ على كِبريائهْ
وهي ما بينَهم مُشاعٌ ونهبٌ
مُطبَقٌ طرْفُها على أقذَائِهْ
* * *
ذلك الشعبُ يومَ كان جُذاذاً
يصمُدُ الهَولُ في طريقِ نَجائِهْ
ظُلُماتٌ تَراكمتْ فوقَ بعضٍ
أغطشتْ ليلَها على أرجَائهْ
* * *
وقضى اللهُ أنْ يعودَ فيحَيا
بين أجداثِهِ وبعدَ فَنائهْ
فرعى فيه ناشئاً عَبقرياً
أنجزَ اللهُ وعدَهُ في اهتدائهْ
صالحٌ كالليثِ في العَرينِ فأشجى
كلَّ مُسترسلٍ إلى أهوائهْ
وانتضى السيفَ ما له من سَبيلٍ
غيرَ شرعِ الإلهِ واستجلائِهْ
واقتدى بالرَّسولِ قَولاً وفِعلاً
في تَصاريفِهِ وفي إجرائهْ
ودعَى الناسَ للعبادةِ حَقاً
وهو في قلةٍ على أنضَائِهْ
فرمتْه السهامُ من كُلِّ صَوْبٍ
أنَّه اشتطَّ واعتدى في انتخائهْ
شأنَ من كذَّبوا الرِّسالةَ ممن
جَعَلَ اللهُ محوَهُم من قَضائهْ
ثم ما زالَ في الجِّهادِ مُغيرا
مُستعيناً باللهِ في أعدائِهْ
غيرَ هائبٍ ولا مُستكينٍ
في فُتوحاتِه وفي أعبائِهْ
فاستقادتْ له الأزِمَّةُ كُرهاً
في صِعابٍ تذلَّلت بِمضَائِهْ
بعدَ أن خاضَ في المَنايا بُحوراً
أمينَ منها الخيالُ في أجوائِهْ
يَفرَقُ المرءُ أن تكون رُؤاه
في كَراه فكيف في أحشائِهْ
هي في "نهضةِ الجزيرةِ" بعثٌ
شيَّدتْ صرحَها بفيضِ دِمائِهْ
واستوتْ بعده على قدميْها
تنشُدُ المجدَ في عُلوِّ سمائهْ
* * *
ذلكم شأنُه ولستُ بَمُحصنٍ
فَسلوا الفَرقدينِ عن أنْبائهْ
هو في شعبِهِ حريصٌ عليه
حِرصَه أنْ ينالَ حُسنَ جَزائهْ
مُستمداً معونةَ اللهِ فيما
هو يعنِيهِ من دَواعي ارتقائهْ
وهو في حُكمهِ رفيقٌ رحيمٌ
أتعبَ المُحتدينَ من نُظرائهْ
وهو في دِينِهِ شديدٌ قويٌّ
يُؤثِرُ العَاملينَ مِن "عُلمائهْ"
دأبُهُ في الحديثِ ما هو يَروى
عن "نبيِّ الهُدى" وعن "خُلفائِهْ"
* * *
فإذا ما ازدهى الملوكُ بتاجٍ
فهو يَزهو بَربِّهِ ورِضَائِهْ
"أيها المسلمونَ" مَرحى وماذا
يبلغُ الشعرُ إنْ شدا في احتفائهْ
أنتُم اليومَ في الحِجازِ شهودٌ
عن مَدى أمنِه وسرِ رَخائهْ
"بلدٌ طيبٌ" و"بيتٌ حَرامٌ"
زادَه اللهُ رِفعةً ببنائهْ
في طمانينةٍ كحُلوا الأماني
ضاعفَ العَدلُ حُسنَها بِصفَائهْ
بينما الأرضُ كلُّها في جَحيمٍ
يسقطُ الطيرُ من شَظايا اصطلائِهْ
والمُحيطاتُ حَولَها مُشفقاتٍ
من أبابِيلِهِ ومن حَصبائهْ
* * *
يا بَني العُربِ حَسبُكُم من فَخَارٍ
مَظهرُ المُلكِ بعد طُولِ عَفائهْ
حسبُكُم فيه "عاهلٌ" تتراءى
في أساريرِهِ رَموزُ وفَائهْ
حسبُكم أنَّه مَدى نصفِ قرنٍ
ضمَّ أشتاتَكُم بفرطِ عَنائهْ
وسَواءٌ عليه من هُو مِنكم
بين أوطانِهِ وفي أحنائِهْ
هدفٌ واحدٌ عليه تَفانى
وهو في قلبِه مَناطَ رَجائِهْ
أنْ تعودوا لوحيِكُم فتسودوا
رغمَ حُسَّادِكُم على أصدائِهْ
بردى والفُراتُ والنيلُ شعبٌ
نحن منه الجُّذورُ من آبائهْ
نتبارى جميعُنا في اعتزازٍ
بشُعورٍ يُضيء من كُهربائهْ
ليسَ مِنَّا الدَّعيُّ في الحُبِّ أو مَنْ
راحَ يَدعو لفُرقةٍ بافترائهْ
كُلُّنا في الحَياةِ جسمٌ ولكنْ
جَعلَ اللهُ بُرءَنا في اتِّقائهْ
وطنٌ واحدٌ وربٌ غَفورٌ
جَلَّ عن نِدِّهِ وعن شُركائِهْ
فاحذروا المُلحدينَ من كُلِّ صلٍ
ينفُثُ السُمَّ في رُقى بغضائهْ
كُلَّمَا حاولَ الخَديعةَ زوراً
فضحَ اللهُ سِرَّهُ في رِيَائهْ
وعليكم كما عَلينا حُقوقٌ
هي في الدِّين عَصمةٌ من ورائهْ
ما لنا مَوئِلٌ سوى اللهِ مَهما
جَحِدَ الجَّاحِدُونَ من نَعمائِهْ
فله الحَمدُ ما أفاضَ "ثبيرٌ"
أو مشى مُحرِمٌ بسَفحِ "حِرائهْ"
ولتكُنْ أمةٌ تَسيرُ وِفَاقا
في هدى شرعِها وفي استِهدائهْ
نعبُدُ الله مُخلصينَ بقلبٍ
يَعبدُ الله خِيفةً من بَلائهْ
لا نُرَجِّي ولا نَخافُ سِواهُ
كيفما كان أمرُنا في انتهائه
ونُوالي في دينِهِ ونُعادي
كُلَّ ذي بِدعةٍ على استهزَائهْ
ونُؤدي حقَّ النَّصيحةِ فَرضاً
كُلَّما اكتظَّ موقفٌ لأدائهْ
نتقي اللهَ ما استطعنَا ونَمضي
نَحوَ غَاياتِنا على أضوائهْ
* * *
بدأَ الدِّينُ في الأنامِ غَريباً
ثم قدْ عَادَ مثلَهُ في ابتدائِهْ
وهو يشكو من غُربتَيْهِ فطُوبى
للأُلى يُصلِحُون من غربائهْ
* * *
فهلمُّوا إلى التَّنَاصُرِ فيه
وتَواصَوْا بروحِهِ وذمائهْ
واعلموا أنَّنا جميعاً بخيرٍ
ما انتهجنا سَبيلَنا في سَوائهْ
إنَّمَا هذه الحياةُ غرورٌ
والبصيرُ البصيرُ في أخطائهْ
أهي جِسرٌ لكُلِّ عادٍ وداعٍ
ثم يطوي غَداةَ كشفِ غِطائهْ
يَومَ لا ينفعُ المُفرِّطَ "مالٌ"
أو (بنوه) وما احتوى في اقْتِنائهْ
غيرَ ما جاءَه بقلبٍ سليمٍ
راضَه طائعاً على استعصائهْ
* * *
ومن النَّاسِ من يَموتُ ويحيا
في هَوى نفسِهِ وفي إغرائهْ
هَمُّهُ أن يعيشَ ما عاشَ دَهرا
في مَلذَّاتِهِ وفي أهوائِهِ
مُستحِثاً من سَيْرِهِ وهو يَدري
أنَّه صائرٌ مصيرَ سوائهْ
فاذكروا اللهَ في مَشاعرِ قُدسٍ
طالما استشرقتْ إلى "أنبيائهْ"
واستقيموا على الطريقةِ تُسقوا
غَدَقاً ينسخُ الصَّدى برَوائهْ
ودَعوا الإِثمَ واعبدوا اللهَ حَقاً
واستعينُوه وحدَهُ في دُعائهْ
إنما المؤمنونَ إخوةٌ فاستجيبوا
دَاعيَ اللهِ واخضعوا لِنِدائهْ
وأقيموا حُدودَه وأنيبوا
وذَروا المُستريبَ في عَشوائهْ
* * *
إنَّ "عبدَ العزيزِ" أحنى عَليكم
مِنه في آلهِ وفي خُلطائهْ
يبذُلُ النُّصحَ ما استفاضَ ويُصغي
دونَ ما حاجبٍ إلى نُصَحائهْ
ولقد أرغدَ الرعيةَ جُوداً
فهي مغمورةٌ بمُزنِ سَخائهْ
كلُّ دارٍ وأسرةٍ وقريبٍ
وبعيدٍ يُصيبُ من آلائهْ
وله الفَضلُ بكرةً وعشياً
في قَويِّ شَعبِهِ وفي ضُعفائهْ
كُلُّهمْ عندَهُ سَواءٌ وأهلٌ
لِندى كَفِّهِ وفيضِ عَطائِهْ
* * *
تلك في الحقِّ أنعمٌ ليس تُحصى
هي للهِ عِندنَا مِن حِبائهْ
جعلتْنا مُطوَّقينَ أُسارى
نتبارى على بِساطِ ثَنائهْ
(وإذا لم يَكُنْ من العَجزِ بُدٌّ)
في مدى شُكرِهِ ففي إعفائهْ
حفِظَ اللهُ "للعروبةِ" فيه
صقرَ أمجادٍ وفي أبنائهْ
وتولاَّه مُحرِماً ومُحلاً
كُلَّما طَافَ أو سعى في ابتغائهْ
ورعى فيه الشريعةَ رُكناً
يَستظِلُّ التُّقاةُ في أفيائِهْ
وليعشْ مَصدراً لكُلِّ سُعودٍ
ما دعا مخلصٌ بِطُولِ بَقَائهْ
 
طباعة

تعليق

 القراءات :447  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 42 من 1070
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.