في حمى عدلِهِ وظلِ لوائِهْ |
أشرقَ العيدُ وازدهى بِلِقائهْ |
ولى بابِهِ نَروحُ ونَغدو |
زُمَراً شاقَهَا ائتلافُ ضِيائهْ |
موكبٌ إثرَ موكبٍ ووفودٌ |
يعلمُ اللهُ أنَّها في هَنَائهْ |
تشكرُ اللهَ ما تَرى من هُدوءٍ |
وأمانٍ يميسُ في خُيَلائِهْ |
أمةٌ لم تزلْ على الخَيرِ تَمضي |
جمعَ اللهُ شَملَهَا بفِنَائهْ |
أقلبتْ كالربابِ تُهدي إليه |
في تَحيَّاتِها عَظيمَ ولائهْ |
وتوفِّيهُ بعضَ ما هو أسدى |
في هُدى دينِهِ وفي إعْلائهْ |
أيُّها الطَائِعُ الأبرُّ تَقبَّلْ |
صَادقَ الشُّكرِ واغتبطْ بنمائِهْ |
جلَّ مَنْ أنت عبدُهُ وتَعالى |
فلقد فُقتَ خلقَهُ باجتبائهْ |
* * * |
قمتَ تدعو إلى المَكارِمِ فَرداً |
في زمانٍ يَمورُ في غُلَوَائهْ |
بين صَرعى تغلغلَ البغيُ فيهم |
ونُدامى تَوغلوا في احتسائهْ |
أثقلتهم قيودُهُمْ وتَمطى |
بِهمُ الجَّهلُ مُطبقاً بِمرائهْ |
وسقاهُم من الرَّدى كلَّ كأسٍ |
يغرقُ اليمُّ في قرارةِ مائهْ |
* * * |
فِرقٌ فَرَّقَ الشِقاقُ عَصاها |
وتلظَّتْ على سعيرِ شَقائهْ |
واستبدتْ بها النَّوائبُ حتى |
كادَ يقضي كِيانُها من عَيائهْ |
عاثَ فيها الضلالُ قَرناً فَقرناً |
ومشى فوقَها على أشلائِه |
واعتَراها السقامُ في كلِّ حي |
هاضَ من روحِهِ ومن أعضائِهْ |
بين غزوٍ وغارةٍ واستلابٍ |
وانتهاكٍ يصبُّ سَوطَ بلائِهْ |
وتِراتٍ ومُنكَرِاتٍ وعَسْفٍ |
وغُرورٍ يَروغُ.. في سُفهائهْ |
والطواغيتُ حَولَها في عُتُوّ |
كلُّهُم عَاكفٌ على كِبريائهْ |
وهي ما بينَهم مُشاعٌ ونهبٌ |
مُطبَقٌ طرْفُها على أقذَائِهْ |
* * * |
ذلك الشعبُ يومَ كان جُذاذاً |
يصمُدُ الهَولُ في طريقِ نَجائِهْ |
ظُلُماتٌ تَراكمتْ فوقَ بعضٍ |
أغطشتْ ليلَها على أرجَائهْ |
* * * |
وقضى اللهُ أنْ يعودَ فيحَيا |
بين أجداثِهِ وبعدَ فَنائهْ |
فرعى فيه ناشئاً عَبقرياً |
أنجزَ اللهُ وعدَهُ في اهتدائهْ |
صالحٌ كالليثِ في العَرينِ فأشجى |
كلَّ مُسترسلٍ إلى أهوائهْ |
وانتضى السيفَ ما له من سَبيلٍ |
غيرَ شرعِ الإلهِ واستجلائِهْ |
واقتدى بالرَّسولِ قَولاً وفِعلاً |
في تَصاريفِهِ وفي إجرائهْ |
ودعَى الناسَ للعبادةِ حَقاً |
وهو في قلةٍ على أنضَائِهْ |
فرمتْه السهامُ من كُلِّ صَوْبٍ |
أنَّه اشتطَّ واعتدى في انتخائهْ |
شأنَ من كذَّبوا الرِّسالةَ ممن |
جَعَلَ اللهُ محوَهُم من قَضائهْ |
ثم ما زالَ في الجِّهادِ مُغيرا |
مُستعيناً باللهِ في أعدائِهْ |
غيرَ هائبٍ ولا مُستكينٍ |
في فُتوحاتِه وفي أعبائِهْ |
فاستقادتْ له الأزِمَّةُ كُرهاً |
في صِعابٍ تذلَّلت بِمضَائِهْ |
بعدَ أن خاضَ في المَنايا بُحوراً |
أمينَ منها الخيالُ في أجوائِهْ |
يَفرَقُ المرءُ أن تكون رُؤاه |
في كَراه فكيف في أحشائِهْ |
هي في "نهضةِ الجزيرةِ" بعثٌ |
شيَّدتْ صرحَها بفيضِ دِمائِهْ |
واستوتْ بعده على قدميْها |
تنشُدُ المجدَ في عُلوِّ سمائهْ |
* * * |
ذلكم شأنُه ولستُ بَمُحصنٍ |
فَسلوا الفَرقدينِ عن أنْبائهْ |
هو في شعبِهِ حريصٌ عليه |
حِرصَه أنْ ينالَ حُسنَ جَزائهْ |
مُستمداً معونةَ اللهِ فيما |
هو يعنِيهِ من دَواعي ارتقائهْ |
وهو في حُكمهِ رفيقٌ رحيمٌ |
أتعبَ المُحتدينَ من نُظرائهْ |
وهو في دِينِهِ شديدٌ قويٌّ |
يُؤثِرُ العَاملينَ مِن "عُلمائهْ" |
دأبُهُ في الحديثِ ما هو يَروى |
عن "نبيِّ الهُدى" وعن "خُلفائِهْ" |
* * * |
فإذا ما ازدهى الملوكُ بتاجٍ |
فهو يَزهو بَربِّهِ ورِضَائِهْ |
"أيها المسلمونَ" مَرحى وماذا |
يبلغُ الشعرُ إنْ شدا في احتفائهْ |
أنتُم اليومَ في الحِجازِ شهودٌ |
عن مَدى أمنِه وسرِ رَخائهْ |
"بلدٌ طيبٌ" و"بيتٌ حَرامٌ" |
زادَه اللهُ رِفعةً ببنائهْ |
في طمانينةٍ كحُلوا الأماني |
ضاعفَ العَدلُ حُسنَها بِصفَائهْ |
بينما الأرضُ كلُّها في جَحيمٍ |
يسقطُ الطيرُ من شَظايا اصطلائِهْ |
والمُحيطاتُ حَولَها مُشفقاتٍ |
من أبابِيلِهِ ومن حَصبائهْ |
* * * |
يا بَني العُربِ حَسبُكُم من فَخَارٍ |
مَظهرُ المُلكِ بعد طُولِ عَفائهْ |
حسبُكُم فيه "عاهلٌ" تتراءى |
في أساريرِهِ رَموزُ وفَائهْ |
حسبُكم أنَّه مَدى نصفِ قرنٍ |
ضمَّ أشتاتَكُم بفرطِ عَنائهْ |
وسَواءٌ عليه من هُو مِنكم |
بين أوطانِهِ وفي أحنائِهْ |
هدفٌ واحدٌ عليه تَفانى |
وهو في قلبِه مَناطَ رَجائِهْ |
أنْ تعودوا لوحيِكُم فتسودوا |
رغمَ حُسَّادِكُم على أصدائِهْ |
بردى والفُراتُ والنيلُ شعبٌ |
نحن منه الجُّذورُ من آبائهْ |
نتبارى جميعُنا في اعتزازٍ |
بشُعورٍ يُضيء من كُهربائهْ |
ليسَ مِنَّا الدَّعيُّ في الحُبِّ أو مَنْ |
راحَ يَدعو لفُرقةٍ بافترائهْ |
كُلُّنا في الحَياةِ جسمٌ ولكنْ |
جَعلَ اللهُ بُرءَنا في اتِّقائهْ |
وطنٌ واحدٌ وربٌ غَفورٌ |
جَلَّ عن نِدِّهِ وعن شُركائِهْ |
فاحذروا المُلحدينَ من كُلِّ صلٍ |
ينفُثُ السُمَّ في رُقى بغضائهْ |
كُلَّمَا حاولَ الخَديعةَ زوراً |
فضحَ اللهُ سِرَّهُ في رِيَائهْ |
وعليكم كما عَلينا حُقوقٌ |
هي في الدِّين عَصمةٌ من ورائهْ |
ما لنا مَوئِلٌ سوى اللهِ مَهما |
جَحِدَ الجَّاحِدُونَ من نَعمائِهْ |
فله الحَمدُ ما أفاضَ "ثبيرٌ" |
أو مشى مُحرِمٌ بسَفحِ "حِرائهْ" |
ولتكُنْ أمةٌ تَسيرُ وِفَاقا |
في هدى شرعِها وفي استِهدائهْ |
نعبُدُ الله مُخلصينَ بقلبٍ |
يَعبدُ الله خِيفةً من بَلائهْ |
لا نُرَجِّي ولا نَخافُ سِواهُ |
كيفما كان أمرُنا في انتهائه |
ونُوالي في دينِهِ ونُعادي |
كُلَّ ذي بِدعةٍ على استهزَائهْ |
ونُؤدي حقَّ النَّصيحةِ فَرضاً |
كُلَّما اكتظَّ موقفٌ لأدائهْ |
نتقي اللهَ ما استطعنَا ونَمضي |
نَحوَ غَاياتِنا على أضوائهْ |
* * * |
بدأَ الدِّينُ في الأنامِ غَريباً |
ثم قدْ عَادَ مثلَهُ في ابتدائِهْ |
وهو يشكو من غُربتَيْهِ فطُوبى |
للأُلى يُصلِحُون من غربائهْ |
* * * |
فهلمُّوا إلى التَّنَاصُرِ فيه |
وتَواصَوْا بروحِهِ وذمائهْ |
واعلموا أنَّنا جميعاً بخيرٍ |
ما انتهجنا سَبيلَنا في سَوائهْ |
إنَّمَا هذه الحياةُ غرورٌ |
والبصيرُ البصيرُ في أخطائهْ |
أهي جِسرٌ لكُلِّ عادٍ وداعٍ |
ثم يطوي غَداةَ كشفِ غِطائهْ |
يَومَ لا ينفعُ المُفرِّطَ "مالٌ" |
أو (بنوه) وما احتوى في اقْتِنائهْ |
غيرَ ما جاءَه بقلبٍ سليمٍ |
راضَه طائعاً على استعصائهْ |
* * * |
ومن النَّاسِ من يَموتُ ويحيا |
في هَوى نفسِهِ وفي إغرائهْ |
هَمُّهُ أن يعيشَ ما عاشَ دَهرا |
في مَلذَّاتِهِ وفي أهوائِهِ |
مُستحِثاً من سَيْرِهِ وهو يَدري |
أنَّه صائرٌ مصيرَ سوائهْ |
فاذكروا اللهَ في مَشاعرِ قُدسٍ |
طالما استشرقتْ إلى "أنبيائهْ" |
واستقيموا على الطريقةِ تُسقوا |
غَدَقاً ينسخُ الصَّدى برَوائهْ |
ودَعوا الإِثمَ واعبدوا اللهَ حَقاً |
واستعينُوه وحدَهُ في دُعائهْ |
إنما المؤمنونَ إخوةٌ فاستجيبوا |
دَاعيَ اللهِ واخضعوا لِنِدائهْ |
وأقيموا حُدودَه وأنيبوا |
وذَروا المُستريبَ في عَشوائهْ |
* * * |
إنَّ "عبدَ العزيزِ" أحنى عَليكم |
مِنه في آلهِ وفي خُلطائهْ |
يبذُلُ النُّصحَ ما استفاضَ ويُصغي |
دونَ ما حاجبٍ إلى نُصَحائهْ |
ولقد أرغدَ الرعيةَ جُوداً |
فهي مغمورةٌ بمُزنِ سَخائهْ |
كلُّ دارٍ وأسرةٍ وقريبٍ |
وبعيدٍ يُصيبُ من آلائهْ |
وله الفَضلُ بكرةً وعشياً |
في قَويِّ شَعبِهِ وفي ضُعفائهْ |
كُلُّهمْ عندَهُ سَواءٌ وأهلٌ |
لِندى كَفِّهِ وفيضِ عَطائِهْ |
* * * |
تلك في الحقِّ أنعمٌ ليس تُحصى |
هي للهِ عِندنَا مِن حِبائهْ |
جعلتْنا مُطوَّقينَ أُسارى |
نتبارى على بِساطِ ثَنائهْ |
(وإذا لم يَكُنْ من العَجزِ بُدٌّ) |
في مدى شُكرِهِ ففي إعفائهْ |
حفِظَ اللهُ "للعروبةِ" فيه |
صقرَ أمجادٍ وفي أبنائهْ |
وتولاَّه مُحرِماً ومُحلاً |
كُلَّما طَافَ أو سعى في ابتغائهْ |
ورعى فيه الشريعةَ رُكناً |
يَستظِلُّ التُّقاةُ في أفيائِهْ |
وليعشْ مَصدراً لكُلِّ سُعودٍ |
ما دعا مخلصٌ بِطُولِ بَقَائهْ |