شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أنت المقيم ونحن الظاعنون هوى (1)
خُذِ (القلوبُ) فإن الوجدَ يُشجيها
والشوقَ يُرمِضُها والصبرَ يُعييها
واستبقِ في اللهِ أرمَاقاً مُوزَّعةً
يا ليتَ أنَّكَ تَدري بعضَ ما فيها
واعدِكْ كشأنِكَ يا مولاي في مُهجٍ
كأنَّها الطيرُ تهفو نحوَ حَاميها
إذا رأتْكَ تبارتْ في تَسابُقِها
تشدو وتَفْتَنُّ بُشرى في أغانِيها
وتملأُ الأفقَ أسراباً مُصفِّفَةً
عَبرَ الحدودِ مُخيلاتٍ أمانيها
كأنَّما هي من تحليقِها شرعٌ .
في خَفِقِهنَّ لك الأرياحُ تُزجيها
تحمَّلتْ من تباريحِ الهوى عِللا
أقلَّ ما كانَ منها فيك يُصليها
المكرُ والكيدُ والبُهتانُ يفجعُها
والنُّصحُ والحبُ والإخلاصُ يُنْجيها
قد أشهدتْ كلَّ نجمٍ في مَسابِحِهِ
على رِضاكَ وجَدَّتْ في تفانيها
فكيف تَملِكُ في يومِ الرَّحيلِ حِجىً
وفي بقائِك آمالٌ تُرجِّيها
وفي لقائِك نورٌ تستضيءُ به
مهما اطلعتَ تحامتْه دَياجِيها
* * *
فاسمعْ إذا شئتَ أصواتاً مُرتَّلةً
من الجوانحِ تسمو في مَعانِيها
لو أنَّها انطلقتْ من كهفِها انتظمتْ
عقودَ دُرّ تَهادى في قَوافِيها
ولو أباحتْ لها الألفاظُ جائشةً
لأفتنتْ وهي لمَّا يقضِ شَادِيها
كأنَّها الزهرُ طيباً والشذى سِحراً
أو أنَّها كلَّ ما تحوي مغانِيها
لولا الجلالُ الذي يغشاكَ من رَهَبٍ
إذن لغَاضَ إليك الشعبُ يُمليها
* * *
يا صاحب (التَّاج) إنّ العرشَ تحرِسُه
(ملائكٌ) تملأُ الدنيا غَواشِيها
تمثَّلتْ في شُعاعِ الشمسِ أجنحةً
دلها قَوادِمُ تَحدُوها خَوافِيها
وفوقَها خَالقُ الأكوانِ بارؤُها
ومِن نَواياك فيما شَاءَ تَنويها
* * *
حللتَ كُلَّ فؤادٍ باتَ من شَغَفٍ
يَهوى مَواطئ أقدامٍ تُقَفِّيها
فأنتَ راعٍ جَزاكَ اللهُ ما ادَّخرتْ
يَداكَ في أُمةٍ أصبحتَ رَاعيها
واللهِ لو قُدتَها للبحرِ خُضْتَ بِها
مُتونَه الزُّرقَ لا تَخشى أواذِيها
تَحنو عليها فما (الغيرى) بواحِدها
أشدُّ منك حَناناً إذ تُغذِّيها
وتستجيبُ لها في كُلِّ أمنيةٍ
حَاشا الذي هو عندَ اللهِ يُخزيها
فلو أهبتَ بها يوماً لتبلوها
أنْ تَبلغُ (القُطبَ) لامتدتْ عَواليها
وأنت قُرةُ عينِ الناسِ قاطبةً
يا قَاتَلَ اللهُ من يَشنَاكَ تَسفِيها
وأنت للعُربِ أمجادٌ مُخلَّدةٌ
لولا حُظوظُكَ لم تُشرِقْ مواضيها
وأنت للدِّينِ والإسلامِ مِعقَلُهُ
في بقعةٍ قدَّسَ الجبَّارُ (واديها)
تُقيمُ فيها حُدودَ اللهِ مُتّبِعاً
(نصَّ الكتابِ) وتُمضي شرعَ هَاديها
فاشترفتْ بكَ للتَّقوى حَواضرُها
وأذعنتْ لك بالنَّجوى بَوادِيها
فللذي وَعَدَ الرحمنُ طائعُها
وللذي أُوعِدَ الشيطانُ عَاصيها
* * *
أما (صنائعُكَ) اللاتي افتضلتَ بها
فإنَّما هي (يومُ الفصلِ) تُبقيها
تلقى بها الله في آثارِ نعمتِهِ
والشكرُ منك لِمن أعطاكَ يُنميها
فقلْ لِمن شَالَ فيما قد رَجحتَ به
تلك المَكارمَ لا ما كان تَمويهاً
(إنَّ العرانينَ تَلقاها مُحسَّدةً)
ولن تَرى للئامِ الخَلقِ تَنويهاً
إنَّ الذين بما شَيَّدتَ قد شَهدوا
لا يَجحدونَكَ مهما قيل تَشويهاً
قدْ أيقنوا بكَ أنَّ اللهَ أنقذَهُمْ
من المَخاوفِ - ماضِيها وآتيها
فأصبحوا ولهُمْ في الشُّكرِ ألسنةٌ
الجُودُ يُطلِقُهَا والعَدلُ في حَواشيها
فكم رأيتُ لها صُحْفاً مُنَشَّرةً
وكم سمعتُ ثناءً في نَواديها
* * *
آمنتُ باللهِ يا من أنتَ آيتُهُ
فكم له بِك من نَعماءَ يُسديهَا
تُنيرُ مُزدَحِمَ الأفلاكِ صَاعِدةً
على سَواءٍ وتَفرى من دَيَاجِيها
تاللهِ ما قلتُ إلاّ ما عَلِمتُ بِهِ
وما قصدتُ بِهِ زُلفى وتَشريها
لكِنَّما هو قولُ الحقِّ أُعلِنُه
وللضلالاتِ أشياعٌ تُبادِيها
تقطعتْ بهُم الأسبابُ فاقتحموا
إلى الجَّحيمِ وسِيموا في دَواهِيها
ومن تَكنْ سيرةُ المختارِ قُدوتَه
فإنَّ في جنةِ المَأوى جَوازِيها
* * *
حسبُ البلادِ وحسبُ الشعبِ من مِننٍ
هذا السلامُ الذي يَجلو ضَواحِيها
وحسبُنا مِنك إحساناً شملتَ بِهِ
منَابِتَ العُشبِ قاصِيها ودانيها
والأرضُ مائِجةٌ والنارُ جَائِحةٌ
والناسُ تُحشر رُعباً في مَخابِيها
* * *
أثابَك اللهُ عَمَّا أنت تَبذُلُهُ
بالعِزِّ والنَّصرِ آلاءً يُوالِيها
ما للدموعِ وقلبي سالَ من شَجَنٍ
بينِ المَاجِرِ - حَيرى في مَآقيها
أأنت أزمعتَ كلا إنَّها (قُربٌ)
لا أَحْسَبُ الخيرَ إلا في نَواصِيها
وكيف يُزمِعُ من كانتْ مَودَّتُه
في كلِّ قلبٍ إذا أغرتْه يُغرِيها
أنت المُقيمُ ونحن الظَّاعِنونَ هوىً
فما عليك لوِ استأنيتَ تَرفيها
* * *
إنا لنسألُ (ربَّ البيتِ) في ضَرَعٍ
وعالمَ الغيبِ إخلاصاً وتَنزيها
أن تستمدَّ بك الأيامُ بهجتَهَا
فيما يُحبُّ وأن تَهدي لياليها
وأن تَدومَ وتبقى في كلأَتِه
ما انساقتِ السُّحْبُ وانهلَّتْ غَوادِيها
 
طباعة

تعليق

 القراءات :392  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 38 من 1070
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.